هناك حقيقة لا يخالفها إلا مكابر، وهي أن دول الهيمنة الغربية بقيادة أميركا، لن تسمح بوجود حكومة عربية أو إسلامية ما لم تنفذ أو ترضى بأمور ثلاثة وهي: المحافظة على استقرار إسرائيل وأمنها، إمداد دول الهيمنة بمصادر الطاقة التي تحتاجها
هناك حقيقة لا يخالفها إلا مكابر، وهي أن دول الهيمنة الغربية بقيادة أميركا، لن تسمح بوجود حكومة عربية أو إسلامية ما لم تنفذ أو ترضى بأمور ثلاثة وهي: المحافظة على استقرار إسرائيل وأمنها، إمداد دول الهيمنة بمصادر الطاقة التي تحتاجها بأبخس الأثمان مع ضمان تدفقها، محاربة أي جماعة أو تيار إسلامي يمكن أن يعيد الأمة الإسلامية إلى طريق عزتها وكرامتها.
لذلك نجد دول الهيمنة قد تدعم المسار الديموقراطي والانتخابات – حتى وإن كانت مزورة وغير نزيهة – إذا كانت ستأتي برئيس أو حكومة يحقق لها أهدافها الثلاثة.
وقد تكفر بالديموقراطية وتخطط لانقلابات وتدعمها إذا كانت وسيلة لإزاحة أي رئيس أو حكومة قد يعطل تلك الأهداف والمتطلبات.
صرح جون كيري وزير خارجية الولايات المتحدة قبل فترة بأن الانتخابات التي سيجريها الرئيس السوري بشار الأسد هي مهزلة وإهانة وتزوير.
ونحن نؤيده في ذلك، فثمن بقاء هذا المجرم في الحكم هو مئات الآلاف من الشهداء والجرحى والمعتقلين والمهجّرين، وما يجريه من انتخابات إنما هي صورة مشوهة لما يسمى بالديموقراطية، فأي انتخابات ودماء السوريين لا تزال تنزف، والبراميل المتفجرة التي تحمل معها الخوف والهلع والدمار والموت تهوي عليهم صباح مساء.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل الانتخابات التي أجراها السيسي في مصر على رئاسة الجمهورية هي الحرة والنزيهة؟
ألم تأت هذه الانتخابات بعد انقلاب كامل الأركان على رئيس شرعي اختاره الناس عبر انتخابات حرة ونزيهة؟ أليست هذه الانتخابات تجري وهناك الآلاف من الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى والمعتقلين؟
أين نزاهة الانتخابات وأكبر تيار سياسي تم تصنيف أعضائه كجماعة إرهابية، وتم قتل واعتقال قياداته وأفراده؟
ألم تجر الانتخابات وسط مقاطعة كبيرة من شرائح متعددة من أبناء الشعب المصري وفي مقدمهم أبناء التيار الإسلامي، عدا حزب النور المشارك في الانقلاب.
أين هي المنافسة الحقيقية، وهناك مرشح معلوم لدى الجميع بفوزه بهذه الانتخابات حتى قبل إجرائها؟
إذا فلماذا تقبل أميركا بهذه الانتخابات وتدعمها، في الوقت الذي تحارب فيه نتائج الانتخابات النزيهة التي تمت في ليبيا وتونس؟ وتعمل جاهدة على إفشال التجربة الديموقراطية في هذين البلدين؟
الجواب بلا شك معلوم وهي النقاط الثلاث التي أشرت إليها في مقدمة المقال.
إن دعم الغرب وفي مقدمهم أميركا لأي انتخابات أو رئيس جاء للحكم عن طريق تزوير الإرادة الحقيقية للشعوب لن يضفي عليه الشرعية وإن طال الزمن، فلقد دعمت أميركا «كرزاي» كرئيس منتخب في أفغانستان بعد احتلالها، لكن الشعب الأفغاني بل والأمة العربية والإسلامية كانت تنظر إليه كرمز للخيانة والعمالة، وظل الشعب الأفغاني يحارب حكومته العميلة إلى أن غادر السلطة، وهذا مصير كل رئيس تحاول الدول الغربية فرضه على الشعوب.
من المحزن أن نجد دعما مباشرا أو غير مباشر من بعض الدول العربية للانقلابات، ومحاربة واضحة لأي تجربة انتخابية ناجحة لأي قُطر عربي أو إسلامي، ونقول إن التاريخ يسجل، والشعوب لا تنسى من وقف معها أو ضدها، ومن دعم استقرارها أو حاول زعزعة أمنها.
***
رسالة :
يقول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه «من سلّ سيف البغي قُتِل فيه».