بالتزامن مع الذكرى السادسة لانقلاب 3 يوليو، التي تأتي بعد نحو أسبوعين من وفاة د. محمد مرسي، أول رئيس مصري مدني منتخب، الذي تثار اتهامات حول قتله بالإهمال الطبي، بدأ محامون دوليون بالتعاون مع قياديين بجماعة الإخوان المسلمين، ووزراء سابقين في حكومة مرسي تحركاً جديداً لمقاضاة عسكريين مصريين بتهمة القتل.
ونقلت صحيفة “المونيتور” الأمريكية عن قيادي إخواني أن الجماعة بصدد إطلاق حملة دوليّة موسّعة لاستهداف قانون تحصين قيادات الجيش الذي وافق عليه البرلمان الأسبوع الماضي، عبر فضح مساعي النظام للتغطية على الجرائم التي ارتكبها ضدّ الإخوان والجماعات الإسلاميّة منذ عام 2013م.
وقال: يعمل محامو الجماعة حالياً على إعداد ملف كامل سيتمّ ترويجه دوليّاً ضدّ القيادات العسكريّة في مصر أمام المحكمة الدولية والبرلمان الأوروبي والكونجرس الأمريكي وعدد من المنظمات الدولية لزيادة الضغط على النظام المصري، وهذه المرّة لن نطالب بالتحقيق مع النظام المصريّ، كما حدث في عام 2014، ولكن ستتمّ المطالبة بمقاضاة القيادات العسكريّة بشكل شخصي.
وتنصّ المادّة (53) من الدستور المصري على ما يلي: “المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريّات والواجبات العامّة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعيّ، أو الانتماء السياسيّ أو الجغرافيّ، أو لأيّ سبب آخر”، ومع هذا أصدرت السلطات المصرية قانوناً يحصن العسكريين، ويعطيهم امتيازات كبيرة على المصريين بغرض منع ملاحقة هؤلاء العسكريين بسبب قتلهم مئات المصريين عقب الانقلاب.
التحقيق في وفاة الرئيس مرسي
وسبق أن تقدم كل من وزير الاستثمار المصري الأسبق يحيى حامد، ووزير التخطيط والتعاون الدولي الأسبق عمرو دراج، بطلب رسمي لمكتب المفوض الأعلى لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة بسويسرا، للتحقيق في ملابسات “مقتل الرئيس مرسي”.
وقال حامد، ودراج، في بيان صحفي مشترك: إنهما خاطبا مكتب المفوض عبر مكتب محاماة دولي لطلب إجراء تحقيق دولي نزيه وشفاف في مقتل مرسي، وذلك لعدم ثقتهما في التقارير الرسمية المصرية التي تقول: إن الوفاة كانت بسبب أزمة قلبية أثناء جلسة المحاكمة.
وأشارا إلى وجود تقارير وشواهد على شبهة جنائية في وفاة الرئيس المصري الراحل، وأن الملابسات تؤكد استهداف النظام المصري لمرسي بشكل ممنهج ما تسبب في مقتله بشكل مباشر.
وقدم مكتب المحاماة خطاباً لمكتب المفوض جاء فيه أنه في مارس 2018 تم إنشاء لجنة مستقلة لمراجعة ظروف احتجاز مرسي، وترأسها النائب بمجلس العموم البريطاني كريسبن بلانت، إلى جانب أعضاء من مختلف الأحزاب وكبار المحامين، وأن اللجنة تم منعها من الوصول إلى مرسي في محبسه أو التواصل معه بشكل مباشر، إلا أنها عملت على مراجعة الأدلة وأجرت تقييماً طبياً لحالة مرسي وخلصت إلى أنه في خطر.
كيف تم تحصين العسكريين؟
في الذكري الخامسة للانقلاب العسكري 3 يوليو 2013، قام مجلس النواب بإصدار قانون عاجل يحصن به رئيس النظام المصري الحالي عبدالفتاح السيسي وكبار قادة الجيش من أي مساءلة قانونية عن الجرائم التي ارتكبوها من بداية الانقلاب وحتى يناير 2016 (الفترة التي شهدت أغلب عمليات القتل).
القانون الجديد الذي أقره مجلس نواب على عجل الثلاثاء 6 يوليو 2018 قبل بدء إجازته، سمي “قانون معاملة كبار قادة القوات المسلحة”، وتضمن 6 مواد تحصن جنرالات الجيش من جرائم القتل التي وقعت عقب الانقلاب سواء القتل الجماعي للمتظاهرين والمعتصمين، أو التعذيب.
وحصن القانون قادة الجيش بحصانات دبلوماسية لو سافروا خارج مصر بعدما بدأت منظمات حقوقية تطالب باحتجازهم ومحاكمتهم وهو ما فعلته بريطانيا وجنوب أفريقيا في أوقات سابقة، كما أعطاهم أفضلية المعاملة كوزراء حتى لو لم يتولوا منصب الوزير، ومن ثم الحصول على مزايا الجمع بين راتب وزير والمعاشات العسكرية أي الجمع بين الأموال التي حصدوها كعسكريين ومسؤولين بالمخالفة للقانون.
وسبق أن قدمت 4 دعاوى دولية ضد قادة الانقلاب بواسطة هيئة قانونية دولية بريطانية داعمة للشرعية في مصر والرئيس مرسي، تتهمهم فيها بارتكاب مجازر بحق متظاهرين مصريين، وقتل آلاف المصريين المعارضين.
وضمت القائمة الأولية بأسماء الملاحقين دولياً 7 من قادة المجلس العسكري الحاليين والسابقين، على رأسهم الفريق أول السيسي (الرئيس الحالي)، وزير الدفاع، وصدقي صبحي، وزير الدفاع السابق، إضافة إلى 7 من قادة وزارة الداخلية منهم وزير الداخلية السابق محمد إبراهيم، إضافة إلى مدير المخابرات المصرية والرئيس المؤقت ورئيس الوزراء ونوابه وعدد من الوزراء الحاليين.
وتضمنت صحيفة الاتهام التي قدمت للمحاكم الدولية تهماً تتعلق بالمسؤولية عن مجازر: الحرس الجمهوري، والنصب التذكاري (شرقي القاهرة)، وفض اعتصامي ميداني رابعة العدوية ونهضة مصر، وأحداث سيارة الترحيلات المتجهة إلى سجن أبو زعبل.. وغيرها.