“تأشيرة جهاز الأمن الوطني”.. باتت حلماً للمخلى سبيلهم في مصر سواء دون قيود أم بتدابير احترازية.
ووفق حقوقيين، فقد باتت تلك التأشيرة صاحبة القرار الأخير في إتمام الحرية للمعتقلين السياسيين بمصر الذين حصلوا على قرارات بإخلاء السبيل؛ وهو ما يتناقض مع استقلال القضاء والدستور.
تعطيل تعسفي
آخر الإدانات جاءت من الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، الإثنين 29 يوليو، ضد عدم تنفيذ وزارة الداخلية لأحكام القضاء، وإهدار القانون، باستمرار حبس 9 مواطنين رغم قرار المحكمة بإخلاء سبيلهم منذ 8 أيام، بتدابير احترازية، بدون سبب أو حجة قانونية، وتعريض بعضهم لإجراءات تعسفية.
المواطنون التسعة، هم: الناشط السياسي شريف الروبي، والمدون محمد أكسجين، والطالب محمد خالد محمد، والمدرسة منى محمود عبدالجواد، والصيدلي جمال عبدالفتاح، والطالب خالد بسيوني، والصيدلي أحمد محيي، والشاعر تامر خاطر، والناشط السياسي عبدالعزيز فضالي.
وأشارت الشبكة الحقوقية إلى أنه في العشرين من الشهر الجاري، قررت محكمة جنايات القاهرة استبدال التدابير الاحترازية بالحبس الاحتياطي، وهذه التدابير واردة في نص المادة (201) من قانون الإجراءات الجنائية، واستأنفت النيابة العامة القرار بجلسة 22 من الشهر نفسه، وكان قرار المحكمة تأييد قرار إخلاء السبيل الصادر في حق المواطنين التسعة، وذلك في القضية رقم (621) لسنة 2018، والقضية (1739) لسنة 2018.
وأوضحت أنه بالرغم من عدم وجود أي مانع قانوني لتعطيل تنفيذ القرار، فإنه قد مر ثمانية أيام، ولم يتم تنفيذه بعد، رغم نقل بعضهم إلى أقسام الشرطة استعداداً لإخلاء سبيلهم منذ عدة أيام، إلا أن العائق أمام خروجهم “انتظار إشارة الأمن الوطني”، وهو الأمر غير القانوني الذي يعطل القانون ويتجاوز أحكام القضاء.
وقالت الشبكة العربية: “يبدو أن للأمن الوطني الكلمة الفصل في خروج المتهم من عدمه وليس للقضاء، فقد ينتظر الشخص المخلى سبيله وصول إشارة الأمن الوطني أياماً، أسابيع، أو حتى شهوراً”.
وحملت الشبكة وزارة الداخلية المسؤولية عن إهدار سيادة القانون وقرارات القضاء، رغم الحالة الصحية المتدهورة لمعتقلي الرأي المحتجزين دون وجه حق في الأقسام والسجون، وطالبت النائب العام بالعمل على وقف ظاهرة الاستهتار بقرارات القضاء، عبر معاقبة المسؤولين بوزارة الداخلية الذين يهدرون القرار الصادر بإخلاء سبيلهم فوراً، حتى لا يصبح سلوكاً منهجياً يُسأل عنه “الداخلية” والنائب العام.
الإشارة فوق القانون
وبحسب تقرير موثق من الشبكة العربية لحقوق الإنسان حمل اسم “الإشارة فوق القانون”، فقد تكررت تلك الأزمة الحقوقية مع القضية المعروفة باسم “معتقلي مترو دار السلام،” ما بين عامي 2017 و2018 حيث انتظر 4 طلاب في القضية 3 شهور لوصول الإشارة الأمنية لتنفيذ إخلاء سبيلهم!
وبتاريخ 4 سبتمبر 2018، صدر قرار قضائي بإخلاء سبيل الصيدلي اليساري جمال عبدالفتاح بتدابير احترازية على ذمة القضية رقم (482) لسنة 2018، لكن قسم شرطة الهرم أهمل قرار النيابة وظل يحتجزه لمدة 5 أيام، حتى وافق الأمن الوطني على تنفيذ قرار إخلاء السبيل، وأرسل إشارة بذلك لقسم الهرم.
ورغم صدور قرار إخلاء سبيل الصحفية ميرفت الحسيني في 16 أكتوبر 2018 بتدابير احترازية، فقد تم احتجازها لمدة 15 يوماً في قسم شرطة كرداسة، بحجة انتظار إشارة الأمن الوطني لإطلاق سراحها، بالطبع بخلاف الشهور التي قضتها محبوسة احتياطياً على ذمة القضية رقم (441) لسنة 2018 حصر أمن دولة عليا.
واحتجز قسم شرطة الصف المحامي الحقوقي هيثم محمدين عقب صدور قرار إخلاء سبيله في القضية رقم (718) لسنة 2018 حصر أمن دولة لاتهامه بالاشتراك مع جماعة إرهابية في تحقيق أغراضها، والتحريض على التظاهر على خلفية الاحتجاجات التي شهدتها مصر اعتراضاً على قرار رفع أسعار تذاكر مترو الأنفاق لمدة 20 يوماً من تاريخ إخلاء سبيله في 10 أكتوبر 2018 حتى منّ عليه ضابط الأمن الوطني بالموافقة على تنفيذ قرار المحكمة، وذلك قبل أن يتم حبسه مجدداً باتهامات جديدة ما زالت قيد التحقيق.
وبحسب التقرير، فقد أكدت الشبكة أن تلك الممارسات لا تمت للقانون بصلة، وتعتبر بمثابة منح سلطات استثنائية لضباط الأمن الوطني فتصبح سلطة النيابة والقضاء كسلطة قضائية رهينة لسلطة الإشارة.
واستنكر التقرير التجاهل المتعمد للسلطات القضائية وتقاعسها عن القيام بدورها المنوط بها في الرقابة على الأقسام والسجون، وطالب بإصدار تشريعات تعاقب على جرائم التدخل في شؤون العدالة وعدم تنفيذ أحكام القضاء لا سيما قرارات إخلاء السبيل.