- أنا رجل وقع شجار بيني وبين امرأة من جيراني، وأقسمت على المرأة بالله عز وجل ألا تدخل بيتي، وقلت لأهلي: لا تكلموها، وفي يوم من الأيام دخلت المرأة بيتي وانكبت على رأسي وسلمت عليَّ، فما الحكم في القسم الذي أقسمته عليها؟
– هذه اليمين تسمى اليمين المنعقدة، فالأيمان في الشريعة ثلاثة أنواع: اليمين الغموس؛ وتلك هي التي يحلف المرء بها كاذباً عارفاً، كذب نفسه، فسميت اليمين الغموس؛ لأنها تغمس صاحبها في الإثم في الدنيا، وفي النار في الآخرة.
ويمين ثانية تسمى اليمين اللغو؛ وهي التي جاء بها القرآن: (لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (البقرة: 225)، كأن يقول الإنسان لصاحبه: تفضل فيقول: “لا والله”، فيقول: “لازم تتفضل”، ويدخل بعد أن قال: “لا والله”، فهذه تسمى “اليمين اللغو”؛ لأنه لا يقصد فيها الحلف تماماً.
واليمين الثالثة كالحالة التي معنا هي اليمين المنعقدة؛ (لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ) (المائدة: 89)، وهي الحلف على شيء في المستقبل، ألاَّ يفعل كذا، أو أن يفعل كذا، حلف ألا يدخن مثلاً، أو ألا يدخل دار فلان، فهذه يمين منعقدة.
الرجل الذي حلف ألا يكلم هذه المرأة، ثم دخلت وصالحته وقبَّلت رأسه وكلمها فعلاً، هذه اليمين في هذه الحالة يكون قد حنث بها، وعند الحنث تلزمه الكفارة، لا شيء يلزمه غير الكفارة، فقد قال تعالى: (وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (المائدة: 89).
فعلى الأخ السائل أن يطعم عشرة مساكين وجبتين مشبعتين أو ما قيمته ذلك، والله تعالى يتقبل منه إن شاء الله.
العدد (1882)، ص49 – 9 المحرم 1431ه – 26/12/2009م