وجّه القائد الفلسطيني الأسير مروان البرغوثي، رسالة إلى الشارع الفلسطيني والفصائل الفلسطينية، على رأسها حركة “فتح”، تحدّث فيها عن معركة الأمعاء الخاوية التي دخلت يومها الثامن والعشرين وعن الذكرى التاسعة والستين للنكبة.
ونقل الرسالة محامي نادي الأسير الفلسطيني خضر شقيرات، بعد أن تمكن من زيارة البرغوثي في عزل معتقل “الجلمة” بعد منع المحامين من زيارته طيلة أيام الإضراب عن الطعام.
وفي ما يلي نص الرسالة التي وجهها البرغوثي:
“أنا ما هنت في زنزانتي ولا صغرت أكتافي.
أتوجه بتحية الاعتزاز والإكبار والإجلال لشعبنا الفلسطيني العظيم الذي هبّ في كل مكان لنصرة الأسرى في القدس والضفة وغزة وفي داخل الـ48 ومخيمات الشتات وبلاد اللجوء والمنافي والجاليات الفلسطينية.
كما أتوجّه بتحية الإكبار والتقدير والاعتزاز للشعوب العربية وكل أحزابها ونقاباتها وشبابها، وأحيي هذه الحركة الشعبية التضامنية في العالم العربي، وأتوجّه بالتحية للأصدقاء والأحرار في كل العالم الذين عبّروا عن تضامنهم معنا في معركة الحرية والكرامة لفلسطين، كما أتوجه بالتحية لشعبنا وللاجئين بشكل خاص في ذكرى 69 للنكبة والتطهير العرقي وأجدد موقفنا الثابت على التمسك بحق العودة المقدس للاجئي فلسطين إلى ديارهم التي هجروا منها في أبشع محاولة استئصال واستبدال لشعب جرت في هذا العصر.
وأدعو إلى التحام حركة إحياء النكبة وفعالياتها مع الحركة الشعبية للتضامن مع الأسرى وصولاً إلى تطوير هذه الحالة إلى عصيان مدني ووطني شامل تتزامن مع ذكرى مرور نصف قرن على الاستعمار “الإسرائيلي” الكولونيالي للأراضي العربية المحتلة عام 67.
ومن جهة أخرى، أتوجه بالتحية والاعتزاز والإكبار للأسرى الأبطال المضربين عن الطعام، فرسان الانتفاضات وأبطال المقاومة القابضون على الجمر في ملحمة الثبات والصبر “فما النصر إلا صبر ساعة”، فهم الذين يسطرون صفحة مشرقة ومشرفة جديدة في بطولات الحركة الأسيرة ونضالات شعبنا الفلسطيني من أجل الحرية والكرامة ويزرعون الأمل في الأجيال القادمة ويروونه من لحمهم ودمهم. وأعاهدهم وأعاهد شعبنا على مواصلة معركة الحرية والكرامة لفلسطين حتى تحقيق أهدافها، وأن لا شيء يكسر إرادة أسرى الحرية التي تنبع من إرادة شعبنا العظيم، وباسمهم أقول لشعبنا الفلسطيني: رهاننا عليكم ولكم نضحي وبكم ننتصر ولا شك لدينا أنكم دوماً تقابلون الوفاء بالوفاء. كما أطلق تحية إكبارٍ وإجلال لشهيد الحرية والكرامة سبأ عبيد، الذي التحق بركب شهداء فلسطين الأبطال الأطهر منا جميعاً، وإنني أستنكر بشدة الهجمة البشعة التي يتعرض لها الأسرى المضربون عن الطعام من أجل تحقيق مطالبهم الإنسانية العادلة، حيث تم التنكيل بهم ونقل المئات منهم وتعريضهم لمصاعب التنقل في البوسطات لـ18 ساعة في اليوم الواحد، ومنع زيارات المحامين، والزج بهم في زنازين العزل الانفرادي في ظل جسد متعب ومنهك، ولكني أؤكد لشعبنا أن كل محاولات الابتزاز الرخيصة والإجراءات القاسية المريرة، والشروط الوحشية التي نعيشها، لن تزيدنا إلا إصراراً وعزيمة وإيماناً بالنصر.
ومن جهة أخرى، أوجه نداء إلى الفصائل الفلسطينية، وفي مقدمتها حركة فتح وحماس، للمصالحة الوطنية وتجديد الحوار دعما لعقد مؤتمر وطني للحوار الشامل للوصول إلى وثيقة عهد وشراكة وللحفاظ على التمثيل الفلسطيني ومنع انهيار النظام السياسي الفلسطيني الذي يعيش حالة تآكل وضعف، وإلى تشكيل حكومة وحدة وطنية على الفور، بمشاركة الجميع، واستعادة الحياة الديمقراطية الفلسطينية وحالة التلاحم الوطني في مواجهة الاحتلال الاستعماري كما فعل الأسرى الذين قدموا وثيقة الأسرى وإضراب الحرية والكرامة كتجسيد لوحدة الصف والموقف.
كما أحذر من استئناف المفاوضات مجدداً على نفس القواعد السابقة التي أثبتت فشلها، فلن تكون هناك جدوى للمفاوضات إلا بالتزام “إسرائيل” الرسمي بإنهاء الاحتلال وفق جدول زمني محدد، والوقف الشامل للاستيطان والانسحاب إلى حدود 67، والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره، بما في ذلك إقامة دولة كاملة السيادة على حدود 67 وعاصمتها القدس الحبيبة، جوهر الصراع وأصل الحكاية، والاعتراف بحق اللاجئين بالعودة طبقاً للقرار 194 واشتراط الإفراج الشامل عن الأسرى والمعتقلين قبل أي استئناف للمفاوضات، ووقف جريمة الإهمال والتقصير بحقهم المستمر منذ ربع قرن من المفاوضات.
كما أهيب بشعبنا الفلسطيني، ونحن ما زلنا في مرحلة التحرر الوطني والانعتاق من الاحتلال والاستعمار، إطلاق أوسع حركة شعبية وحركة عصيان مدني ووطني شامل وإعادة الاعتبار لخطاب التحرر الوطني في الذكرى الخمسين على الاستعمار “الإسرائيلي”، ومع اقتراب الذكرى السبعين للنكبة. وأؤكد أخيراً أن معركة الحرية والكرامة هي جزء لا يتجزأ من الكفاح ضد الاحتلال ومن أجل إسقاط نظام الابارتهايد الظالم في فلسطين”.