يطوى محمد مرسي، أول رئيس مدني مصري منتخب ديمقراطياً والمحبوس انفراديًا منذ أكثر من أربع سنوات، عام 2017 بحكمين نهائيين بحقه وحديث عن تراجع صحته تظهره جلسات المحاكم وبيانات الأسرة وبلاغات محامين.
في عام 2017، وفق رصد “الأناضول”، صار مرسي بحكم القانون مصنفا كـ”إرهابي” لمدة ثلاث سنوات، فضلا عن معاقبته بالسجن 25 عاما، تضاف إلى 20 أخرى في حكم نهائي صدر عام 2016.
كما صدرت، خلال العام الجاري، ثلاثة أحكام أولية في محيط أسرته وعائلته.
حصل مرسي على زيارتين بمحبسه الانفرادي في عام 2017، لترتفع عدد الزيارات، بالزيارة الأولى عام 2014، إلى ثلاث إجمالاً منذ توقيفه في يوليو 2013، عقب الإطاحة به بعد عام من ولايته الرئاسية، في خطوة يرها مصريون “انقلاباً عسكرياً” ويعتبرها آخرون “ثورة دعمها الجيش”.
وبنهاية الشهر الجاري ينتظر مرسي حكماً أولياً، في قضية، وما تزال تعاد محاكمته في قضيتين أخريين.
وكما كان عام 2017 عامًا قضائياً مزدحماً بحق مرسي، صار أيضاً لافتاً فيه حديثه البارز عن تراجع صحته، مقابل قرار محكمة نادر بإحالته إلى مستشفى خاص لم ينفذ بعد.
ووسط هذا الزخم القضائي والتراجع الصحي، يواجه مرسي ثلاثة سيناريوهات محتملة في 2018، وفق حقوقي مصري توقع، في حديث للأناضول، استمرار مرسي محبوسا وعلاجه بمحبسه العام المقبل، مستبعدا خروجه إلى مستشفى خاص بشكل مستمر أو حصوله على عفو رئاسي.
ومرسي هو ثاني رئيس مصري يتم حبسه بعد الرئيس الأسبق، محمد حسني مبارك (1981-2011)، الذي أطاحت به ثورة شعبية.
وقضى مبارك أغلب فترة حبسه في مستشفى خاص، وخرج في مارس 2017، إثر تبرئته من قضايا، مع بقائه في منزله بالقاهرة.
ووفق رصد “الأناضول” استناداً لتصريحات وبيانات وتقارير رسمية، مر عام 2017 على مرسي كالتالي:
زيارتان ودعوى تمكين
حصل مرسي على زيارتين، في عام 2017 حتى الآن، أولهما في يونيو الماضي، من زوجته، نجلاء علي محمود، ونجلته الشيماء، ومحاميه عبد المنعم عبد المقصود، فضلاً عن زيارة ثانية للأخير في نوفمبر الماضي.
ومنذ توقيف مرسي وحبسه على ذمة قضايا لم يحصل سوى على ثلاث زيارات فقط، أولها في محبسه بسجن برج العرب (شمال)، في نوفمبر 2014 لهيئة دفاعه.
وحسب لائحة السجون المصرية، من حق أي سجين أن يتمتع بزيارة كل شهر ميلادي، وهو ما دعا أسرة مرسي، مطلع الشهر الجاري إلى تقديم دعوى إلى محكمة القضاء الإداري لتمكينها من زيارته بشكل منتظم.
تراجع صحي لافت
في عام 2017 كانت شكوى مرسي، المصاب بمرض السكري، من تضرر حالته الصحية في أحدى جلسات محاكمته في 23 نوفمبر الماضي، حين قال: “حالتي خطيرة وتتدهور يوم بعد يوم”، مشددا على أنه لا يدّعي المرض.
ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من السلطات المصرية، لكنها عادة ما تقول إنها تقدم الرعاية، لاسيما الصحية، لكل السجناء دون تمييز.
وبرزت أهم ملامح وضعه الصحي في 2017 كالتالي:
7 مايو2017:
قال مرسي، خلال جلسة محاكمة: إنه يريد أن يلتقي دفاعه، لأن هناك أشياءً تمس حياته.
7 يونيو 2017:
تعرض مرسي، وفق ما أعلن بجلسة محاكمة، لحالتي إغماء وغيبوبة سكر في محبسه، معلنا امتناعه عن تناول طعام سجنه، وتلاها بيوم تقديم بلاغ من هيئة دفاعه إلى النائب العام يحذر من تعرض حياة مرسي للخطر.
23 أغسطس 2017:
قالت أسرة مرسي، في بيان: إنها تطالب بنقله إلى مركز طبي خاص، على نفقته الشخصية لـ”تدهور صحته”.
19، 23 نوفمبر 2017:
أعلن مرسي، في جلستي محاكمة، أن حالته خطيرة وتتدهور يوما بعد آخر، وأنه لا يدعي المرض، ولن يتنازل عن حقه في الخضوع لكشف طبي.
وأضاف أنه يحتاج إلى تركيب دعامة في القناة الدمعية في عينه اليسرى، لعدم تمكنه من الرؤية بها جيدا.
ووافقت المحكمة على قرار نقله إلى مستشفى خاص، لكنه لم ينفذ حتى الآن.
حكمان نهائيان
خلال عام 2017 صدر بحق مرسي حكمان نهائيان، وهما:
21 مايو 2017:
أيدت محكمة النقض (أعلى محكمة للطعون بالبلاد)، بشكل نهائي، حكمًا صدر في أبريل 2016 بإدراج مرسي و26 آخرين، بينهم المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين (المنتمي إليها مرسي)، محمد بديع، على قائمة الإرهاب بالبلاد لمدة ثلاث سنوات، تطبيقا لقانون “الكيانات الإرهابية”.
16 سبتمبر 2017:
قبلت محكمة النقض طعن مرسي في القضية المعروفة إعلامياً بـ”التخابر مع قطر”، وخففت الحكم الصادر، في 18 يونيو 2016، من السجن 40 عاما إلى 25 عاما، في حكم نهائي، ما يرفع إجمالي إحكام السجن بحقه إلى 45 عاما.
وسبق في 22 أكتوبر 2016 أن صدر حكم نهائي بحق مرسي، وهو الأول وقتها، حيث أيدت محكمة النقص حكما بسجنه 20 عاما، في القضية المعروفة إعلاميا بـ”أحداث قصر الاتحادية” الرئاسي.
وخلال 2017، أعاد القضاء محاكمة مرسي في قضيتين ألغت محكمة النقض أحكامهما، الأولي بالإعدام في قضية “الهروب من السجون”، التي بدأت جلساتها في 26 فبراير 2017، والثانية هي “التخابر مع حماس”، الصادر فيها حكم بالسجن 25 عاما، وبدأت جلساتها في 6 أغسطس 2017.
ولم تصدر أحكام جديدة في القضيتين حتى الآن.
وينتظر مرسي حكماً أولياً في القضية المعروفة بـ”إهانة القضاء”، في جلسة 30 ديسمبر الجاري.
وخلال 2017، واجه مرسي دعاوى قضائية تطالب بسحب نياشين وأوسمة حصل عليها إبان عام حكمه.
وفي 27 فبراير الماضي، رفضت محكمة الأمور المستعجلة بالقاهرة دعوى تطالب بذلك، وأيدت محكمة مستأنف القاهرة أيضا، في 24 مايو، هذا الرفض.
ولم تقتصر الأحكام، في 2017، على مرسي فقط، إذ امتدت إلى أسرته وعائلته على النحو التالي:
25 فبراير 2017:
قضت محكمة مصرية بالسجن عاما بحق أكثر من 300 شخص، بينهم مرشد جماعة الإخوان، وأسامة نجل محمد مرسي، بدعوى “الإخلال بنظام جلسة المحكمة”، في القضية المعروفة إعلاميا باسم “فض اعتصام رابعة”، وهو حكم أولي قابل للطعن.
22 أكتوبر 2017:
قضت محكمة مصرية بحبس أسامة أيضا ثلاث سنوات، إثر إدانته بحيازة سلاح أبيض، في واقعة تعود إلى ديسمبر 2016، وهو أيضا حكم أولي قابل للطعن.
وهذا الحكم هو الثالث بحق أبناء مرسي، حيث كان الحكم الأول بحق ابنه الأصغر عبد الله، في 2 يوليو 2014، الذي أيدته محكمة النقض، في 2015، بالحبس عاماً، بتهمة حيازة مخدرات، وهي التهمة التي ينفيها عبد الله.
وامتدت الأحكام، في 2017، إلى محمد سعيد مرسي، نجل شقيق مرسي، ففي 2 نوفمبر الماضي، أيدت محكمة النقض عقوبة السجن بحقه هو واثنين آخرين خمس سنوات؛ إثر إدانتهم بأحداث عنف ينفونها في جامعة الزقازيق (شمال)، عام 2013.
3 سيناريوهات محتملة
في 2018 يواجه مرسي ثلاثة سيناريوهات محتملة، وهي: نقله إلى مستشفى حكومي أو خاص، لتدهور صحته في السجن الانفرادي المعزول فيه منذ ما يزد عن أربع سنوات، أو استمراره في السجن محبوسا على ذمة قضاياه وعلاجه في محبسه.
أما السيناريو الثالث، فهو خروج مرسي من السجن، ضمن تفاهمات، أبرزها العفو الرئاسي، مع حصوله في 2018 على أحكام نهائية تعطي السيسي، الذي كان وزيرا للدفاع حين الإطاحة به، الحق في العفو عنه، بحسب مصادر حقوقية.
ويرى عزت غنيم، مدير التنسيقية المصرية للحقوق والحريات (منظمة غير حكومية مقرها مصر)، في حديث لـ”الأناضول”، أن السيناريو الثاني هو المتوقع، في إشارة إلى استمرار حبس مرسي وعلاجه بمحبسه.
وعن احتمال نقله إلى مستشفى يعتبر غنيم أن هذا السيناريو مستبعد لأمور عديدة، بينها عدم حدوث ذلك في سنواته السابقة.
ويشدد على أن السيناريو الثالث (خروج مرسي من السجن ضمن تفاهمات) يحتاج مرونة أكبر وتفاهمات من كل الأطراف، وخاصة الإقليمية والدولية.
ويتمسك مرسي، الذي يُحبس ما بين سجن برج العرب (شمال) وطره جنوبي القاهرة، بأنه مازال “رئيسًا للجمهورية”، رغم تولي السيسي الرئاسة، في 8 يونيو 2014، إثر فوزه في أول انتخابات رئاسية عقب الإطاحة بمرسي.
ولصدور أحكام جنائية نهائية بحقه، لا يحق لمرسي الترشح في انتخابات الرئاسة، المقررة عام 2018، والتي يعد السيسي أبرز المرشحين المحتملين فيها للحصول على ولاية رئاسية ثانية مدتها أربع سنوات.