“المجتمع”: هذا المقال كتبته سيدة تونسية هي ليلى العود، رئيسة تحرير موقع “الصدى” الإخباري التونسي، تعليقاً على خطاب ألقاه رئيس الجمهورية التونسية قايد السبسي في “عيد المرأة” عام 2017، طالب فيه بمساواة المرأة بالرجل في الميراث، ونشر المقال في أكثر من موقع حينذاك.
وقد كرر السبسي نفس الطلب في نفس اليوم “عيد المرأة” من هذا العام (2018)، و”المجتمع” تعيد نشر مقال ليلي العود بلا زيادة ولا نقصان.
المقال:
“كامرأة كنت أنتظر منك المساواة في تقسيم ثروات البلاد لا تبديل أحكام الله”.
كامرأة تونسية لا يعنيها ما يقال من السياسيين عن حقوق وحرية المرأة؛ لأن حقوقي مضمونة بالإسلام، وحريتي كفلها لي حتى في الاختيار بين الكفر والإيمان، وهو ما لا يفعله السياسيون الذين إن خطر لي أن أقول لهم: إني كافرة بسياستكم ولا تلزمني في شيء فسوف يقفون ضد هذه الحرية ولسان حالهم يقول: فمن شاء أن يكفر بما نقرر؛ فالسجون والتعذيب والإذلال في انتظاره.
فأنا كامرأة تونسية كنت أنتظر من خطاب رئيس البلاد الباجي قايد السبسي أمس الأحد 13 أغسطس 2017، بمناسبة ما يسمى “عيد المرأة” أن تفرح حرائر تونس بإعلانه تشريع المساواة في تقسيم ثروات البلاد لتنال المناطق المهمشة نصيبها في التنمية والعيش الكريم، فإذا به يغفل عن ذلك ويطالب بالمساواة التامة بين الجنسين في الميراث.
وأقول في هذا: لما طلب الكفار والمنافقون من الرسول صلى الله عليه وسلم تبديل أحكام القرآن قال وهو من هو: (مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ ۖ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ).
(وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ ۙ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَٰذَا أَوْ بَدِّلْهُ ۚ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ ۖ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ).
فالرسول صلى الله عليه وسلم يخاف من عذاب يوم عظيم إن بدل القرآن، ثم يأتي الباجي قائد السبسي وبكل بساطة يغير أحكام الله في الميراث ظناً منه أنه أرحم وأعدل من الله، ومحْدثاً بذلك فتنة في الأسر، ولا يخاف عذاب يوم عظيم في معصيته هذه.
فكم من أسرة ستشهد فتنة بين الأخت وأخيها بسبب تمسك الأخ بأحكام القرآن وأخذ نصيبه المفروض له من الله وتمسك الأخت الموالية لأنظمة تتطاول على أحكام الله بنصيب مثل نصيب أخيها في الميراث، فتنة ستؤدي إلى قطيعة الرحم أكثر فأكثر وحتى إلى الاقتتال بين الإخوة.
ثم لست أدري ما معنى المساواة مع الرجل في الميراث؟ فهل يريد الرئيس الباجي قائد السبسي حرمان المرأة من أن يكون لها إرث أكثر من الرجل في حالات، وأن يصبح الرجل وريثاً في حالات لم يكن يرث فيها وترث فيها المرأة؟ أهكذا تهان المرأة!
فالمرأة وإن فرض لها نصف نصيب الرجل في أربع حالات فقط فإنها ترث مثله في سبع حالات وأكثر منه في ست حالات، كما ترث في ثلاث حالات لا يرث فيها الرجل، فما معنى المساواة بين المرأة والرجل!
ثم ألم يقرأ الباجي قائد السبسي ومعه النساء الفرحات بتحريف القرآن العقاب الذي ينتظر من لا يطع أحكام الله المتعلقة بالميراث وذلك بقوله تعالى: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) النساء: 13) (وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ).
ثم ما أباحه السبسي في خطابه من زواج المسلمة بغير المسلم هو مخطط غربي بإعانة المنسلخين عن هويتهم والمتمردين على خالقهم في أوطاننا لتحريف القرآن أولاً ثم لقطع نسل المسلمين ثم لمزيد تدهور العلاقات بين أفراد الأسرة، وذلك عند رفض الآباء تزويج بناتهم بغير المسلم.
أقول في نهاية مقالي: إن المتطاولين على أحكام الله في عصرنا علاوة على جهلهم بأحكام الميراث، فإن أوضاع المرأة المادية التي سكتوا عنها لعقود ومازالوا يسكتون لا تهمهم، ومهما برروا تطاولهم هذا بمبررات مختلفة، فإن الحقيقة أنهم يتسابقون لإرضاء الغرب وفرض اتفاقيات لا تمت لهوية الشعب الإسلامية بصلة كاتفاقية “سيداو” التي رفعت على بنودها كل التحفظات في غفلة من الشعب بعد الثورة ويراد تطبيقها غصباً عن شعب مسلم مما سيزيد في تفكك الأسرة المسلمة وتناحر أفرادها.
وختاماً أقول للرئيس الباجي قايد السبسي: لا تنهِ حياتك وأنت تسعى لتبديل أحكام الله، وإني في انتظار إعلانك المساواة في تقسيم ثروات البلاد حتى يجد الرجال والنساء في تونس ما يرثون، هذه الثروات التي عادت بعد الثورة لمالكها الحقيقي وهو الشعب التونسي الذي وإن يسكت لعقود فإنه لما يثور فثورته تزلزل عروشاً.