طالبت منظمات مصرية معنية برصد الانتهاكات وخاصة جريمة الإخفاء القسري، السلطات المصرية، اليوم السبت، بفتح تحقيق جدي وحقيقي في المتورطين في الجريمة بالبلاد، التي يرون أنها تتصدر قائمة المتورطين في الإخفاء القسري، فيما تنفي السلطات عادة تلك الاتهامات، مؤكدة أنها تشويه لسمعة مصر وفق ما ترى.
منظمة “كوميتي فور چستس” كشفت عن وصول عدد حالات الاختفاء القسري في مصر التي تم رصدها في الفترة الزمنية من أغسطس 2017م حتى أغسطس 2018م إلى 1989 حالة، فيما بلغت عدد الحالات التي تم رصد ظهورها بعد الاختفاء القسري 1830 حالة، ومازال البحث جارياً عن الباقي.
ووفق رصد وتوثيق فريق المنظمة الذي وصل “المجتمع” نسخة من تقريره، فإن عدد الحالات التي تم توثيقها من قبل فريقنا بلغ 318 حالة، فيما بلغت عدد الشكاوى التي قدمت إلى الآليات الدولية لمساعدة ضحايا الاختفاء القسري 141 شكوى، فيما لم يُحل بلاغ واحد من مئات البلاغات المقدمة من الضحايا أو ممثليهم إلى التحقيق الجدي.
وقالت المنظمة في بيانها بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة جريمة الاختفاء القسري: نذكر مجدداً بمعاناة المئات من ذوي الضحايا الذين مازالوا ينتظرون بقلق بالغ إجلاء مصير ذويهم المختفين قسرياً في الشرق الأوسط ودول شمال أفريقيا وخاصة مصر، وهو ما يتطلب مواجهة جادة من المسؤولين لمواجهه تلك الجريمة.
منظمة “كوميتي فور چستس” أكدت كذلك أن جريمة الاختفاء القسري في مصر على وجه التحديد ترتكب بشكل ممنهج وعملي من قبل السلطات المصرية بحق معارضيها بكافة تنوعاتهم الفكرية خاصة الشباب منهم، كما تشهد تربة خصبة للاستمرار والدوام بدعم واضح وموثق من السلطات الحاكمة التي لا تبذل أدنى جهد لوقفها أو العمل على انحسارها.
توثيق 1520 حالة
التقرير السنوي الثالث لحملة أوقفوا الاختفاء القسري في مصر وثق من جانبه وصول أعداد المختفين قسرياً في مصر منذ 30 يونيو 2013م إلى 1520 حالة، مؤكدة أن استمرار جريمة الاختفاء القسري بعد إعادة انتخاب الرئيس لفترة ثانية وتولي وزير الداخلية الجديد ينم عن إصرار السلطة على العصف بأبسط الضمانات الدستورية لحقوق الإنسان.
الحملة أوضحت في بيان لها اليوم أنها أصدرت عدة تقارير حول جريمة الاختفاء القسري في مصر شملت الفترات منذ 30 يونيو 2013 وحتى 1 أغسطس 2018م، بإجمالي 1520 حالة تعرضت للاختفاء القسري، تم رصدها وتوثيقها في 3 تقارير تم إصدارها، ففي التقرير الأول الذي شمل الفترة منذ 30 يونيو 2013 وحتى نهاية أغسطس 2016م تم رصد 912 حالة، والتقرير الثاني في الفترة منذ أغسطس 2016 وحتى أغسطس 2017 تم رصد 378 حالة، ومنذ أغسطس 2017 وحتى أغسطس 2018 تم رصد 230 حالة تعرضت للاختفاء القسري.
وأضافت أن مصر شهدت 230 حالة اختفاء قسري جديدة تم توثيقها بين 15 أغسطس 2017 و1 أغسطس 2018م، بينما رصدت الحملة حوالي 64 حالة أخرى ولكن لم تتمكن من توثيقها نتيجة صعوبات في التواصل مع أسر الضحايا أو بسبب تعطل العمل نتيجة مخاطر أمنية تعرض لها العمل الحقوقي بشكل متكرر في هذه الفترة وفق بيان المفوضية.
وقالت الحملة: إن أهم ما يميز حالات الاختفاء القسري في هذه الفترة هو استخدام هذه الجريمة ضد صحفيين و مدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء بما في ذلك من المجتمع المدني ومن ثم ظهورهم أمام نيابة أمن الدولة على ذمة قضايا ملفقة.
وأضافت أنه جرت العادة أن يتعرض ضحايا الاختفاء القسري للتعذيب وسوء المعاملة أثناء احتجازهم في مقار قطاع الأمن الوطني حسب شهادات الضحايا؛ وذلك لإرغامهم على الإدلاء بمعلومات أو الاعتراف بجرائم أو للتنكيل بهم ومن ثم إيداعهم في سجون وحبسهم احتياطياً لمدد مطولة كنوع من أنواع الاعتقال، فيما وثقت الحملة 8 حالات تعرضوا للاختفاء القسري أثناء تنفيذ إجراءات إخلاء سبيلهم.
وطالب الحملة بالإفصاح عن أماكن احتجاز المختفين قسرياً الواردة أسماؤهم بالتقرير وبتقارير المجلس القومي لحقوق الإنسان وتقارير حملة “أوقفوا الاختفاء القسري” والمنظمات الحقوقية المصرية والدولية، وتجريم الاختفاء القسري في قانون العقوبات المصري كجريمة لا تسقط بالتقادم ومعاقبتها بما يتلاءم مع جسامة هذا الانتهاك، وتعديل قانون العقوبات بحيث يتم اعتماد تعريف التعذيب الموجود في اتفاقية مناهضة التعذيب لسنة 1984م.
انتهاك مستمر
منظمة “السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان” (SPH) أعلنت من جانبها رصد 62 حالة اختفاء قسري، بداية يناير 2018م، فضلًا عن آلاف الحالات الأخرى التي صُنَّفت بالمُمنهجة، بداية من يوليو 2013م، مؤكدة أن الاختفاء القسري، يُعد انتهاكًا مستمرًا للحقوق الإنسانية، وخاصة لعائلات الضحايا التي لا تتحصل على معلوماتٍ بخصوص ذويها.
وطالبت المنظمة، بمناسبة هذا اليوم، السلطات المصرية بإجلاء مصيرهم، مؤكدة أن تلك الجريمة صُنفت في القانون الدولي كنوعٍ من أنواع الجرائم ضد الإنسانية، التي لا تسقط بالتقادم.