أثار قرار المحكمة الدستورية في رام الله بحل المجلس التشريعي والدعوة إلى انتخابات تشريعية في غضون ستة أشهر قادمة خلافاً في صفوف الفلسطينيين بعد إعلان رئيس السلطة محمود عباس في اجتماع لحركة “فتح”، أمس السبت، أنه سينفذ قرار المحكمة الدستورية، وأن المصالحة تعثرت بسبب تعنت حركة “حماس”.
وقال مُدير نادي الأسير الفلسطيني بالخليل أمجد النجار في تعليقه على هذا القرار: في سابقة سياسية قد تكون الأكثر خطورة على مستقبل القضية الفلسطينية، المحكمة الدستورية تقرر حل المجلس التشريعي الفلسطيني، في إطار قرار سياسي دون الخوض في تفاصيل شرعية المحكمة الدستورية التي اعتبرتها حركة “حماس” أنها انقلاب على الشرعية وعلى النظام الديمقراطي الفلسطيني بعد أن شكلها رئيس السلطة منتهي الولاية محمود عباس بقانون رقم (3 عام 2006).
وأضاف: تصدير الأزمات السياسية يأتي في سياق محاور ثلاث، أوردها في الآتي:
القرار ينسجم مع رؤية السلطة الفلسطينية التي تهدف لترسيخ الانقسام الفلسطيني، والبدء في فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، وبالتالي تُعد فرص عقد انتخابات حسب المدة القانونية التي ذكرتها المحكمة الدستورية وهي ستة أشهر غير مجدية.
وتابع قائلاً: القرار يأتي لإعادة خلط الأوراق من جديد فيما يتعلق بالموقف المصري، تجاه دخول أموال المنحة القطرية لغزة، بعد رفض رئيس السلطة دخول الأموال عبر قنوات غير رسمية، كذلك فرص نجاح حركة “حماس” في تعزيز علاقاتها الخارجية والتقدم في هذا الملف الأكثر صعوبة على واقع الحركة في السنوات الأخيرة بعد إدراجها ضمن لوائح الإرهاب الدولي.
ولفت النجار قائلاً: السلطة الفلسطينية بصدد إقامة كونفدرالية مع الأردن، ولن يتحقق ذلك دون الفصل التام بين قطاع غزة والضفة الغربية، وبالتالي من المرجح فشل عقد انتخابات رئاسية وتشريعية بعد المدة المقررة وفق القرار الصادر عن المحكمة الدستورية، الأمر الذي قد يعزز من فرص عقد انتخابات منفردة في الضفة الغربية، وهو مؤشر خطير لما يدور في فلك السياسة الفلسطينية، وبداية حقيقية لفصل الضفة الغربية عن قطاع غزة.
وقال: كما يبدو أن ما يُطرح الآن هو ربح صافٍ للاحتلال الإسرائيلي، وتقديم بدائل عن موضوع حل الدولة الفلسطينية وقضيتها العادلة، وقبول الرئيس عباس بالفكرة هو تخلٍّ واضح عن عدالة قضية فلسطين.
ويقول النائب عن محافظة الخليل نايف الرجوب: حل المجلس التشريعي هو هدم لآخر لبنة متبقية في جدار الشرعية الفلسطينية، بل هو آخر مسمار في نعش المصالحة الفلسطينية، أو قل هو ترسيخ الانفصال لشقي الوطن وهو التيه في أتون البحث عن الشرعية التي حكم عليها بالإعدام، وهو تكريس لسياسة الاستفراد وحكم الفرد الواحد الذي بات ممجوجاً في مجاهيل أفريقيا.
أو قل استحواذ اللاشرعي على كل ما هو شرعي، وهو الباب الأوسع للولوج في “صفقة القرن” المشؤومة.
بدوره، أكد النائب د. جمال الخضري من غزة أن المجلس التشريعي الفلسطيني سيد نفسه، والقانون الأساسي لم يعطِ صلاحية حل المجلس التشريعي لأي جهة مهما كانت، بل أكد في المادة (47 مكرر): “تنتهي مدة ولاية المجلس التشريعي القائم عند أداء المجلس الجديد المنتخب اليمين الدستورية”، وفِي المادة (113): “لا يجوز حل المجلس التشريعي حتى في حالة الطوارئ”.
بدورها، اعتبرت النائبة في المجلس التشريعي عن حركة “فتح” نجاة أبو بكر أن هذه التوصية ليست خطوة جديدة وتأتي ضمن تلميحات وسمفونية قديمة طوال السنوات الماضية، والذين يطلقون مثل هذه الآراء عليهم أن يقوموا بقراءة القانون الأساسي الذي لا يعطيهم حل التشريعي، حيث يبقى العضو إلى أن يأتي المجلس ويؤدي اليمين الدستورية.
ولم تستبعد النائبة في المجلس التشريعي أن يتم حل المجلس واستبدال دوره إلى المجلس المركزي التابع لمنظمة التحرير، مضيفة: إذا حلوا المجلس التشريعي فهم بذلك يفككون مرابط النظام السياسي وستكون هكذا خطوة ضد مصالحهم وعليهم أن يدركوا أن هذه الخطوة تتعارض مع القانون الأساسي، ولكن إن حصلت هذه الخطوة فنحن لا نعترف بها.
أما النائب د. حسن خريشة، النائب عن محافظة طولكرم وهو النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي، فقال: التوصيات التي خرجت لا يستطيع المجلس الثوري أن يقرها، خصوصاً وأن حركة فتح ليست ذات أغلبية في المجلس التشريعي.
وتابع: كيف لشخصيات بحجم روحي فتوح، رئيس المجلس السابق، الذي يعلم أن المجلس وعمله يبقى ممتداً حتى يؤدي أعضاء المجلس التشريعي الجديد اليمين الدستورية بعد إجراء انتخابات، أن يصمت على مثل هذه الخطوات ويوافق عليها، وأن نواب كتلة “حماس” إلى جانب التيار الإصلاحي المحسوبين على محمد دحلان يشكلون ثلثي المجلس وبإمكانهم اللجوء لخطوة عزل الرئيس من منصبه لو أرادوا ذلك، مشدداً على أن المجلس التشريعي يعني حل السلطة، ويعني أن منصب الرئيس سيكون هو الآخر في مهب الريح.
ولفت قائلاً: لا أعتقد أن هناك شخصاً يمتلك رؤية وبصيرة يقدم على خطوة حل المجلس التشريعي، وباعتقادي لن يطرح الأمر في المجلس المركزي للمنظمة، إلى جانب أن غياب قوى سياسية كالجبهتين الشعبية والديمقراطية سيجعل المجلس لا قيمة له، مؤكدًا على أن الأولى حالياً صدور مرسوم رئاسي بانتخابات شاملة تفرز قيادة جديدة.
وعلق الكاتب هاني المصري قائلاً: حل المجلس التشريعي من المحكمة غير الدستورية سيفاقم التدهور، والحديث عن الانتخابات ليس جدياً، لأن الانتخابات يجب أن تكون حرة ونزيهة وتحترم نتائجها، وهذا لا يمكن أن يكون بدون اتفاق وتوحيد المؤسسات.
فيما اعتبر الكاتب علاء الريماوي من رام الله: القضية ليست مجلساً تشريعياً، وقال: اليوم اتُّخذ قرار بفصل الضفة عن غزة نهائياً، وعدم الذهاب لمصالحة والمضي بوقف العلاقة مع “حماس” إلا من بوابة المواجهة، والقرار ليس مستقلاً.
وأضاف: القرار سيعمق إنجاح “صفقة القرن” بنسخة الأوطان الأربعة للفلسطيني داخل تحت الاحتلال ضفة رعاية أردنية غزة حكم مصري وشتات محروق بلا خيمة، كما أن القرار إضافة إلى تصليب إنجاز الاحتلال في كسب دول العالم ضد المقاومة كما حدث في الأمم المتحدة، والقرار يتدحرج للوصول إلى إعلان غزة إقليماً متمرداً يليه خطوات العقاب الأوسع.
وعن تداعيات القرار بحل التشريعي على نوعية نظام الحكم قال الريماوي: القرار يفر من قدر الله نحو استمرار التوريث الحزبي انقلاباً على أي محاولة لتصحيح الواقع الفلسطيني، فقد بتنا اليوم أمام واقع لا يسهل ترقيعه ولا إصلاحه في ظل حكم لا يدري أين يسير.