صرخة قوية يتردد صداها في شوارع العراق ولبنان، تتمرد على المذهبية والطائفية التي تم شرعنتها في أُطُر سياسية.
صرخة مزعجة جداً لملوك الطوائف وأحجار رقعة شطرنج النظم الحاكمة وأحزابها الطائفية، وأكثر إزعاجاً لملوك رقعة الشطرنج المتربعين على رأس ما يسمى “النظام الدولي”.
النظام الدولي في صدمة من تلك الصرخة التي تنذر ببوادر انهيار مشروعه الطائفي والمذهبي في المنطقة.
وتزداد الصدمة بخروج تلك الصرخة من عقر دار نموذجين صنعهما النظام الدولي لشرعنة الطائفية والمذهبية، ووضعها في أُطُر سياسية ومجتمعية.
الغرب يدرك تمام الإدراك أن أول عمل لتأسيس دولة وبناء حضارة هو “بناء شبكة العلاقات الاجتماعية”، وأول عمل ممكن أن يهدم دولة ويقوض حضارة، هو “تفكيك شبكة العلاقات الاجتماعية”.
تفكيك شبكة العلاقات الاجتماعية وتمزيق نسيج المجتمع بتعميق الشقوق المذهبية والطائفية والدينية هو مشروع الغرب الذي يعمل عليه منذ عقود بخطة محكمة يطبقونها بكل جِدية.
وإذا نظرت إلى خارطة العالم العربي فستجد تعدد أشكال العبث بنسيج المجتمع باختلاف ظروف كل دولة، وحتى المجتمعات المتجانسة عرقياً ومذهبياً يخترعون لها تقسيماً علمانياً وإسلامياً وإرهابياً..
وأجهزة الإعلام تقوم بدور محوري في تنفيذ خطة التقسيم والتفكيك وبث الكراهية.
الخطة واضحة وضوح الشمس، والوعي بخطورتها وثمارها المرة بدأ يتنامى عند الكتلة الحية من الشعوب العربية، ومن مقتضيات الوعى بهذا المشروع الحذر من أن نكون أداة لتنفيذ خطة أعداء الأمة؛ فبعضنا يقع في فخ الخطاب العنصري والطائفي والمذهبي، ويطلِق أحكاماً عامة تَمَس قومية أو مذهباً أو ديناً بعينه استناداً إلى انحراف فصيل ينتمي لأي منهم، أو حتى استناداً لحزب أو لنظام سلطوي يدعي تمثيل أي منهم.
ترميم شبكة علاقاتنا الاجتماعية، والمساهمة في إعادة غزل نسيجنا المجتمعي؛ أضحى واجباً يقوم على عاتق كل من يستشعر مسؤوليته في ثَقْب باب النفق المظلم الذي نعيش فيه.