لم يعد سوى سلاح المقاطعة الاقتصادية هو السلاح الموجع للكيان الصهيوني والمؤثر في اقتصاده، بعد ما قامت بعض الدول العربية بالاستسلام والدخول في نفق المفاوضات المظلم مع «إسرائيل» تحت الضغط الأمريكي.
وقد أثبت سلاح المقاطعة الاقتصادية لـ «إسرائيل» الذي بدأ منذ 45 عاماً جدواه الفعلية رغم عدم إحكامه، حيث إن تقريراً صدر عن اتحاد الغرف التجارية «الإسرائيلية» ونشر في السادس عشر من يونيو الماضي، أكد أن «إسرائيل» قد خسرت 45 مليار دولار من جراء المقاطعة الاقتصادية العربية لها خلال العقود الأربعة الماضية، لذلك فإن «إسرائيل» تطلب من حلفائها الغربيين وعلى رأسهم الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا بأن يمارسوا كل قوتهم بالضغط على الدول العربية حتى ترفع هذه المقاطعة، وقد تعهدت الولايات المتحدة بذلك الفعل وبدأت تمارس الضغوط القوية مع كل من ألمانيا وبريطانيا وفرنسا على الدول العربية والخليجية وتفتح أسواقها للشركات التي تتعامل معها بداية، منتظرة تسوية سياسية تفتح بعدها أسواقها مباشرة للبضائع «الإسرائيلية» حتى ينتعش اقتصاد «إسرائيل» ويدمر اقتصادنا وبنيتنا الاجتماعية والصحية والاقتصادية، وهذا هو الهدف الصهيوني الأول الآن، وليس أدل على ذلك ما يفعله اليهود الصهاينة بمصر واقتصادها منذ بدء ما يسمى بالتطبيع منذ أربعة عشر عاماً، وقد نشرنا على صفحات «المجتمع» خلال الأعداد الماضية تقارير وإحصاءات وافية عن تدمير البنية الاقتصادية والاجتماعية في مصر على أيدي اليهود بسبب التطبيع ورفع المقاطعة عنهم.
إن الخضوع للضغوط الأمريكية والغربية وتحقيق الآمال الصهيونية في مجال رفع المقاطعة أو تخفيفها سيكون الكارثة الكبرى التي تلحق ببلادنا وباقتصادنا، وستصبح «إسرائيل» هي القوة العسكرية والقوة الاقتصادية الأولى في المنطقة.
وإن تجرؤ أمريكا والدول الغربية في ممارسة ضغوطها على الدول العربية لرفع المقاطعة الاقتصادية عن «إسرائيل»، نابع بالدرجة الأولى من الموقف العربي الضعيف وعدم توحيد صفوفهم وكلمتهم أمام أعدائهم.
كيف للحكومات العربية بمسايرة «إسرائيل» ومهادنتها، وكتاب الله بين أيديهم فيه توجيهات الخالق جل وعلا؛ (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ..) (المائدة:82)، كما أن تاريخ اليهود وواقعهم الحاضر وأيديهم الملوثة بدمائنا خير شاهد على أنهم لا عهد لهم ولا ذمة، وأنهم يكيدون لنا بالليل والنهار.
لذلك، فإننا نناشد كل مسؤول في هذه الأمة حريص على دينه وعلى شعبه وعلى أمته أن يبذل قصارى جهده للتصدي لهذه الحملة الصهيونية الشرسة التي تطالبنا برمي آخر أسلحتنا وهو سلاح المقاطعة الاقتصادية لـ «إسرائيل» والشركات المتعاملة معها، وأن تسعى جميع الدول العربية لا سيما الدول الخليجية بتشديد قبضتها وعدم السماح أو التهاون في هذه القضية الخطيرة التي ستكون كارثة كبرى على المنطقة، ونطالب كذلك أعضاء مجلس الأمة الكويتي ألا يسمحوا للشركات المتعاونة مع «إسرائيل» أن تمد جسورها عبر بلادنا لتنشّط اقتصاد «إسرائيل» على حسابنا.. إنه السلاح الأخير فلا تلقوه، وقفوا وقفة قوية تكسبون فيها رضاء الله، وتسجلون هذا الموقف التاريخي القوي في مواجهة المطامع الصهيونية في بلادنا.
(..وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) (يوسف:21)
__________________________________________________
العدد (1057)، عام 1993م، ص9.