الحركات الصهيونية الجديدة.. وجوه وأجندات (3)

«الأمر 9» حركة صهيونية تشارك في خنق وتجويع الفلسطينيين في غزة

د. خالد سعيد

23 نوفمبر 2025

84

مع بدء الحديث بقوة عن تجويع الفلسطينيين في غزة، وباستمرار الحرب على القطاع، بدأت تظهر حركات صهيونية جديدة، يقوم هدفها على وقف ومنع إرسال المساعدات الإنسانية والغذائية إلى غزة، بأي شكل، والدعوة الدائمة للتظاهر عند المعابر الحدودية بين القطاع والكيان الصهيوني لقطع الطريق أمام شاحنات المساعدات.

ورغم اعتبار هدفها الأساس إعادة الأسرى والرهائن، فإن حركة «الأمر 9» تعد واحدة من تلك الحركات الصهيونية حديثة العهد، إذ يمكن معها القول: إنها حجزت مكانًا بارزًا على الساحة السياسية «الإسرائيلية»، وذاع صيتها في المجتمع الدولي بسرعة بسبب تطرفها المتفاقم، مع الأخذ في الاعتبار أنها بدأت في العام 2024م فقط.

في 6 أغسطس الماضي، أكدت «القناة 14» العبرية، أن نشطاء حركة «الأمر 9» قاموا بمحاولة إغلاق معبر «أللنبي» أمام شاحنات المساعدات الإنسانية القادمة من الأردن إلى الداخل الصهيوني ومنها إلى قطاع غزة، وادعت القناة أن الجيش «الإسرائيلي» أُجبر على إغلاق المعبر بعد رفض أتباع الحركة دخول تلك الشاحنات، ما حدا به إلى اعتقال أحد نشطائها.

ورأت الحركة، آنذاك، أن الجيش «الإسرائيلي» قد غيَّر من أهدافه الممثلة في حماية الحدود وسكان البلاد، إلى حماية الغذاء لحركة «حماس»، والحفاظ على إمدادات الأكسجين للمنظمة الإرهابية القاتلة، مضيفة هذا اعتداء على عائلات الأسرى والمقاتلين ومواطني دولة «إسرائيل»، وهي التصريحات التي تتردد، دومًا، حينما يتم غلق أي معبر حدودي مع الكيان يقوم بمحاولة إدخال شاحنات المساعدات للفلسطينيين في غزة.

بداية تأسيس حركة «الأمر 9»

في مقابلة مع صحيفة «معاريف»، في 10 مارس 2024م، من أمام معبر كرم أبو سالم، أكد مؤسسا الحركة الزوجان «الإسرائيليان»، ريعوت، ويوسف بن حاييم، أنهما شكَّلا الحركة المتطرفة، في 11 يناير 2024م، بمبادرة شخصية منهما، وهما يعيشان في مستوطنة نتيفوت الواقعة جنوب «إسرائيل»، وقالا، آنذاك: إن فكرة الحركة قائمة على شعار لا مساعدات حتى يعود آخر المخطوفين.

وأكد الزوجان أنهما كانا من أوائل الصهاينة الذين تظاهروا أمام معبر كرم أبو سالم الواقع جنوب غزة، في 10 يناير 2024م، للمطالبة بوقف المساعدات الإنسانية ومنعها من الدخول إلى القطاع، ومنذ هذا التاريخ، وهما يقومان بحشد الصهاينة بكل ما أوتوا من قوة للوقوف أمام المعابر المتعددة والمختلفة لقطع الطريق على شاحنات المساعدات إلى غزة.

ورغم أن للزوجين 8 أبناء، فإن الزوج والزوج والأولاد جميعهم يتجولون معاً في كل نشاط للحركة، وتقول ريعوت بن حاييم للصحيفة العبرية، وهي تحمل رضيعها أو طفلها الثامن على كتفها: إن الهدف من تأسيس الحركة وقف شاحنات المساعدات الإنسانية إلى غزة، إضافة إلى العمل على إلغاء شرعية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وعودة الأسرى «الإسرائيليين» لدى «حماس»، وذلك بحسب الموقع الرسمي للحركة، أيضًا.

سبب تسمية حركة «الأمر 9»

وفي حوارهما مع «معاريف»، تبين أن اسم الحركة المتطرفة يعود إلى الأمر العسكري (رقم 9)، الخاص بالتجنيد الفوري لجنود الاحتياط بالجيش بحسب قانون خدمة الاحتياط، وحتى لا يختلط الأمر على الجميع، فقد أطلق يوسف، وريعوت بن حاييم اسم «الأمر 9»، من أجل ضم شريحة واسعة من الصهاينة، من بينهم جنود من الاحتياط بالجيش شاركوا في حرب الإبادة على الفلسطينيين في غزة.

وتضم الحركة اليمينية 15 ألف شخص، بحسب «معاريف»، غير أن أعضاءها يتوقعون أن عددهم في الواقع أكبر من ذلك، ويرون أن هناك من يدعم ويشارك في أعمال مرتبطة بالحركة منذ انطلاقها حوالي 300 ألف «إسرائيلي»، كما أن من بينهم بعض عائلات الأسرى المحتجزين لدى «حماس» في غزة، وهي العائلات التي تشترك، دومًا، في أي نشاطات تتعلق بغلق المعابر ومنع دخول المساعدات للقطاع، فضلاً عن مطالبتهم، بالقطع، إعادة ذويهم إلى منازلهم.

تحفيز الجيش الصهيوني على الاستمرار في إبادة الفلسطينيين بغزة

في أي مقابلة مع وسائل الإعلام العبرية، تؤكد أسرة حاييم (الزوجان «الإسرائيليان» ريعوت، ويوسف بن حاييم)، مؤسسة الحركة، أنهما نجحا لبعض الوقت في وقف دخول المساعدات إلى قطاع غزة، وأشارت إلى أن مؤيدي الحركة في تزايد مستمر، سواء من خلال الدعم الحقيقي عن طريق الحضور إلى مداخل المعابر الحدودية مع القطاع، أو بالدعم المعنوي عبر تحفيز الجيش الصهيوني على الاستمرار في إبادة الفلسطينيين بغزة، وهو ما قالته ريعوت، في مقابلة مع صحيفة ماقور ريشون العبرية، في 29 يناير 2024م.

من بين المواقف المهمة التي تركت الأثر الكبير لدى عائلة بن حاييم، ما نشره الموقع الإلكتروني الديني بحدري حريديم، في 14 يوليو الماضي، حينما هاجمت رعوت بن حاييم الجيش «الإسرائيلي»، واتهمت حكومة بنيامين نتنياهو بأنها شريكة في إعادة تأهيل الإرهاب، بزعم سماحها لتقديم المساعدات للفلسطينيين.

تصدي حركة «الأمر 9» الصهيونية لقوافل المساعدات الإنسانية

ودومًا، ما ترى الحركة اليمينية المتطرفة في قوافل المساعدات الإنسانية عملاً مشينًا من قبل الكيان الصهيوني، يجب التصدي له بكل قوة، حتى بأجسادهم، وكثيرًا ما تتناقل وسائل الإعلام العبرية صورًا لأعضاء ونشطاء الحركة وهم يفترشون الأرض وسط الطرق الرئيسة والسريعة اعتراضًا على هذه الشاحنات، التي تزعم أنها تمثل رئة وأوكسجين للمواطنين الفلسطينيين الذين يعانون من الجوع والعطش؛ ما يعني أن «الأمر 9» شريك حقيقي ورئيس في تجويع الفلسطينيين في غزة.

ونقل الموقع «بحدري حريديم» عن ريعوت، أننا سنواصل الحصار الفعلي في الأيام والليالي القادمة لمنع دخول الشاحنات، فهذا التزام أخلاقي، واجبنا تجاه الرهائن والمقاتلين، شاحنات المساعدات تصل إلى أيدي منظمة «حماس» الإرهابية، التي تستخدمها لترسيخ حكمها في قطاع غزة، يا حكومة «إسرائيل»، أوقفوا الظلم! على حد زعمها؛ وهي بالمناسبة جمل أو كلمات تكررها ريعوت، وزوجها يوسف، في أي لقاء أو مقابلة إعلامية.

ونتيجة لاعتداءات متكررة قامت بها الحركة على معبر كرم أبو سالم، أقام الجيش «الإسرائيلي» بعض الحواجز على الطرق المؤدية إلى المنطقة، واضطر إلى إعلان بعض الطرق مناطق عسكرية مغلقة، فضلاً عن قيام أتباع الحركة بإحراق شاحنتي مساعدات وأشعلوا النار فيهما قرب مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، وذلك في 13 مايو 2024م، وهي حادثة تعد واحدة من حوادث أخرى متكررة رصدتها وسائل الإعلام، فيما تجري مياه أخرى في النهر لم ترصدها هذه الوسائل.

وبعد هذا التاريخ بأربعة أيام، هاجم بعض أعضاء الحركة شاحنة تجارية، اعتقدوا أنها متوجهة لغزة وأضرموا النار فيها شرق مدينة رام الله وسط الضفة، حيث تداولت بعض وسائل الإعلام العبرية في التاريخ نفسه، مقاطع فيديو وصورًا تبين إحراق شاحنات مساعدات وإلقاء محتوياتها الإغاثية على الأرض.

فيما لم يقف نشاط الحركة عند هذا الحد، بل سبق وأغلق نشطاؤها مداخل مكاتب «الأونروا» في مدينة القدس الشرقية المحتلة، ومنعت الموظفين من الدخول أكثر من مرة، منها ما جرى في 20 مارس 2024م، وهو ما رصدته «القناة 14» العبرية، وتدعي الحركة اليمينية أن قيامها بمثل هذه الأعمال يعود إلى أن الوكالة الأممية ما تزال تمنح الأكسجين للفلسطينيين في غزة، وتمد في عمر حركة «حماس» في القطاع.

وترتبط «الأمر 9» بالأحزاب اليمينية المتطرفة، وعلى رأسها حزب الصهيونية الدينية الذي يتزعمه إيتمار بن غفير، حيث يشارك عضو الحزب تسفي سوكوت، في أغلب نشاطات الحركة، كما رأى في «القناة السابعة» العبرية، في 25 يوليو 2024م، أن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على الحركة تمثل، على حد زعمه، غباء وتدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية لـ«إسرائيل».

عقوبات دولية على حركة «الأمر 9»

من المعروف أن واشنطن فرضت عقوبات على الحركة في يونيو 2024م، بتهمة عرقلة القوافل ونهب وحرق الشاحنات التي تحاول إيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين الفلسطينيين في غزة، وهو ما حدا بعضو الكنيست إلى الدفاع عن الحركة، معتبرًا إياها تمثل نموذجًا جيدًا لحركات صهيونية تساند الجيش «الإسرائيلي» في مهمته الخاصة بإبادة الفلسطينيين في غزة.

رغم كونها حركة حديثة العهد في الكيان، فإن «الأمر 9» واحدة من الحركات الأكثر تطرفًا وإرهابًا وتزداد عنفًا بمرور الوقت، كما يرتفع عددها، أيضًا، بمرور الوقت، كما تحظى برعاية واهتمام كبيرين من حكومة نتنياهو الإرهابية، حيث يغض الطرف عن إرهابها وتطرفها، ويساعدها دوليًا، حينما يُفرض عليها أي عقوبات خارجية.


اقرأ أيضاً:

العنصرية الصهيونية ضد الفلسطينيين.. «لهافا» نموذجاً

«فتيان التلال» حركة يقودها شباب ويدعمها بن غفير ويلفظها العالم

 



الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

جميع الأعداد

ملفات خاصة

مدونة