تجويع غزة أكبر جرائم التاريخ


القتل بالتجويع أفظع وأبشع وسائل القتل التي عرفها الإنسان عبر التاريخ، وذلك أن خروج الروح بالتجويع يستغرق أيامًا، وربما أسابيع يشاهد فيها الإنسان بدنه يضعف، وجسمه يذبل، وقواه تنهار رويدًا رويدًا، ويقترب من الموت ساعة بعد ساعة، في مشهد مرعب ومفزع لخروج الروح. بينما القتل بأي وسيلة أخرى ربما استغرق دقيقة من الزمان تزيد قليلًا أو تقل قليلًا، ولا يتحمل إنسان مهما كان قويًا مُعافًى خروج الروح بالتجويع أو التعطيش، وذلك لما يحويه من آلام رهيبة وعذابات فظيعة.

وأفظع من كل ذلك، وأبشع من كل ما سبق، أن يرى الإنسان روح أمه أو أبيه، أو صاحبته أو بنيه تخرج من أبدانهم بالتجويع أو بالتعطيش، فالقتل بالتجويع آلام جسام وأهوال ضخام، تعجز عن حملها الجبال. وقد تعجز روح الإنسان عن رؤية مشاهد الجوع الفظيعة القادمة من غزة، فتخرج روحه ألمًا وقهرًا وهمًا وحزنًا.

مجزرة المساعدات وقتل المجوَّعين.. حين يُذبح الإنسان على أكياس الطحين! |  Mugtama
مجزرة المساعدات وقتل المجوَّعين.. حين يُذبح الإنسان على أكياس الطحين! | Mugtama
في مشهدٍ مأساوي تهتزّ له الجبال وتقشعر له الأبدان...
mugtama.com
×

حصار المُجوَّعين المجروحين

منذ عقدين من الزمان، فرض الاحتلال الصهيوني حصارًا ظالمًا على قطاع غزة الصغير المتعب، ولم يسمح بالمرور إلا للفتات الذي يسمح فقط بالبقاء على قيد الحياة.

وفي أكتوبر 2023م أطبق المحتل الصهيوني الغاشم الحصار الظالم على قطاع غزة الجريح المسالم، ومنع عنهم كل مقومات الحياة الأساسية، فمنع عنهم الغذاء والدواء والماء والكهرباء، بل وقصف آبار المياه، وجعل الحياة في غزة جحيمًا لا يطاق ودربًا من المحال.

وتساقط الناس شهداء، المرضى والأصحاء على السواء، وضربهم الجوع بنابه، وافترسهم العطش بسنانه، وكل ذلك على مرأى ومسمع من الدنيا كلها، وأمام أعين العالم كله، والكل ساكت يتفرج، والمجاعة يشتد لهيبها وترتفع صرخاتها، والمُجوَّعون المجروحون قد انقطع أنينهم، وذهب ريحهم لشدة الهزال الذي ضرب أبدانهم.

ومع القتل بالتجويع، استمر القتل بالقصف والتدمير، وألقى المحتل الصهيوني أكثر من مائة ألف طن من المتفجرات على غزة الصغيرة الجريحة المحاصرة، وخلف المحتل الغاشم أكثر من مائتي ألف شهيد وجريح، بالإضافة إلى أكثر من خمسة عشر ألف مفقود، مما اضطر المحكمة الجنائية الدولية إلى إصدار مذكرة اعتقال بحق بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال، ويوآف جالانت وزير حرب الاحتلال بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب، وذلك في 21/11/2024م.

القوى الغربية متواطئة في جريمة الإبادة الجماعية في غزة |  Mugtama
القوى الغربية متواطئة في جريمة الإبادة الجماعية في غزة | Mugtama
يبدو أن مزاعم القوى الغربية حول الأسس الأخلاقية العالية قد تلاشت تماماً
mugtama.com
×

تجويع غزة ومؤتمر حل الدولتين

الحصار الظالم المتسبب في التجويع الذي يقتل الأبرياء في غزة، والتعطيش الذي يفتك بالمحاصرين في غزة، والقصف من البر والبحر والجو الذي يدمر وجه الحياة في القطاع المحاصر، كل ذلك يفرض على العالم المسارعة إلى رفع الحصار، والمبادرة إلى إنقاذ ما تبقى من سكان غزة قبل أن يفتك بهم التجويع والتعطيش والقصف والتدمير، وهذا هو واجب الوقت، وفرض اليوم، ولا شيء غير ذلك. لكن المجتمع الدولي الظالم، والداعم للمحتل الغاشم، راح يشغل الدنيا بما يُسمى حل الدولتين، والسبل القانونية، والأُطُر الشرعية لإقامة دولة فلسطينية، وترك العالم الواجب الأول على العالم بأسره وهو رفع الحصار ووقف العدوان.

فهذا مؤتمر فقد ظاهره الرحمة، وحوى باطنه العذاب، فظاهره خدعة مسرحية، ورواية تمثيلية، وكذبة بديهية، تزعم مساعدة الفلسطينيين لإقامة دولتهم، وباطنه وحقيقته دعم المحتل الصهيوني الظالم لتنفيذ خطته الجهنمية في تصفية القضية الفلسطينية، وتهجير الفلسطينيين من أرضهم، بل ومحوهم وإبادتهم من الوجود، من خلال الحصار والتجويع، والقصف والتدمير. فقد ترك المؤتمرون المتآمرون الجوع يطحن الفلسطينيين بأنيابه الشرسة، ومخالبه المفترسة التي لا تُبقي ولا تذر، وراحوا يتكلمون عن هجمات السابع من أكتوبر وعدم مشروعيتها، وعن نزع سلاح المقاومة، وعن تجريد الدولة الفلسطينية المقترحة من كل مقومات الدولة المستقلة ذات السيادة، ونسوا أو تناسوا أن نزع سلاح المقاومة لا يعني إلا شيئًا واحدًا، وهو الاستسلام دون قيد أو شرط للمحتل الظالم ليكمل جرائمه، ويستكمل إبادة الفلسطينيين ومحوهم من الوجود.

أوروبا وحلم
أوروبا وحلم "الدولة الفلسطينية" | Mugtama
ارتفع عدد الدولة الأوروبية التي أعلنت اعترافها بالدولة الفلسطينية
mugtama.com
×

الاعتراف بالدولة الفلسطينية

الاعتراف بالدولة الفلسطينية يجب أن يتم دون قيد أو شرط، وهو حق أصيل للفلسطينيين لا مِنة لأحد عليهم فيه، وقد رأينا المجتمع الدولي يسارع الخُطا إلى الاعتراف بدولة الاحتلال عقب إعلانها مباشرة في العام 1948م، وكانت اعترافات ناجزة مُنجزة دون قيد أو شرط، بالرغم من أنها دولة احتلال في تصنيف الأمم المتحدة.

فعلى العالم المسارعة إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية اعترافًا ناجزًا دون قيد أو شرط، لأنهم أصحاب الأرض، وأصحاب الحق المغتصب. أما ما يفعله المجتمع الدولي فهو محض أكاذيب، وقد خرج بالأمس كير ستارمر رئيس وزراء بريطانيا يعلن أنه سيعترف بالدولة الفلسطينية إذا لم يوقف الاحتلال الإبادة الجماعية التي يرتكبها بحق الفلسطينيين، وكلام ستارمر يحمل بين طياته استفزازًا لا مُنتهى له، ونفاقًا لا حد له، واستخفافًا لا ينتهي، لأنه في الوقت نفسه يمد دولة الاحتلال بالسلاح والمال وكل ألوان الدعم لتستكمل جرائمها في اغتصاب الأرض وسحق الفلسطينيين، ومحوهم من الوجود.

حرب التجويع في غزة! |  Mugtama
حرب التجويع في غزة! | Mugtama
جريمة العصر التي ترتكبها «إسرائيل» سيسجلها التاريخ كواحدة من أبشع الجرائم ضد الإنسان والأحياء في غزة، وسيسجل التاريخ أن الغالبية العظمى من دول العالم وخصوصًا العربية والإسلامية منها قد خذلت غزة
mugtama.com
×

اعتراف الاحتلال بالتجويع والإبادة الجماعية

يدعي الاحتلال أنه يحاصر غزة ويمنع عنها المساعدات الإنسانية لأن رجال المقاومة يسرقونها لأنفسهم، ويمنعون وصولها لسكان غزة!!

وهذا كذب مفضوح، وتزوير مكشوف، يدحضه الواقع، وتكذبه الحقائق، فلماذا يمنع الاحتلال الدواء؟ ولماذا يمنع دخول الأطباء؟ بل لماذا يمنع دخول حليب الأطفال؟ هل حليب الأطفال يمثل سلاحًا خطيرًا يهدد أمن الاحتلال؟

إن أطفال غزة يموتون جوعًا وعطشًا على مرأى ومسمع من الدنيا كلها، ولا أحد يحرك ساكنًا، والحقيقة الثابتة والمُعلَنة من هذا الحصار هي إبادة الفلسطينيين ومحوهم من الوجود.

ويؤكد هذا القول، ويثبت هذا الزعم بتسلئيل سموتريتش وزير مالية الاحتلال الصهيوني الذي قال بالنص: "لا يوجد فلسطينيون، لأنه لا يوجد شعب فلسطيني، ومن المبرر أخلاقيًا حجب المساعدات الإنسانية عن قطاع غزة، حتى لو أدى ذلك إلى موت اثنين مليون فلسطيني، أريد دولة يهودية تشمل الأردن ولبنان وبعض أجزاء من مصر وسوريا والعراق والمملكة العربية السعودية". فهل سمع العالم بعبارات عنصرية، أو اعترافات إجرامية أخبث وأقذر من هذا الاعتراف الصادر عن وزير في حكومة الاحتلال؟

وكانت هذه الاعترافات وأمثالها الكثير كفيلة بوضع الاحتلال الصهيوني ودولته على قوائم الإرهاب، لكن لم نرَ لذلك أثرًا في المجتمع الدولي، أو في الأمم المتحدة التي ترعى الإرهابي (الاحتلال الصهيوني) وتحارب الحضاري (المقاومة الفلسطينية).

وأخيرًا

هذا الحصار الظالم، وهذا التجويع القاتل، من هذا المحتل الغاشم، لا سبب له إلا فشل جيش الاحتلال في مواجهة رجال المقاومة الفلسطينية في ساحات القتال، فكان هذا ديدنه دائمًا، كلما قُتِل جنوده على يد المقاومة الباسلة، لم يجد إلا الأبرياء من المدنيين فأوسعهم قتلًا وتجويعًا، ولم يجد إلا البنية التحتية للقطاع المحاصر فنال منها هدمًا وتدميرًا، وهذه بشائر النصر للفئة المؤمنة الصابرة المحتسبة، وأمارات هزيمة للمحتل الباغي الظالم، ولكن لا تحرير بلا ثمن، ولا بد للحرية أن تُنتَزع بالقوة، فالحرية لا تُوهَب.

 

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة