أوراق نتنياهو.. مغامرات البقاء!

محمد القيق

12 يونيو 2025

221

تصرّ الحكومة «الإسرائيلية» على تصعيد عدوانها على غزة رغم الرفض الواسع من المجتمع الدولي.

في هذه الأثناء، لا تزال قوات الاحتلال تستخدم المجاعة والعطش سلاحًا في محاولة لتطبيع الوضع الداخلي الفلسطيني هناك، في انتهاك واضح للقانون الدولي، لا سيما مع الهزيمة الساحقة للجيش «الإسرائيلي» وفشله في تحقيق أهدافه في فرض اليوم التالي، وسحق «حماس»، وإعادة الأسرى «الإسرائيليين» إلى ديارهم.

انقلب الوضع على الأرض رأسًا على عقب، مما يطرح تساؤلًا كبيرًا حول مستقبل الحرب وسبل الحل.

استئناف الحرب على غزة وأوهام التصفية النهائية للقطاع |  Mugtama
استئناف الحرب على غزة وأوهام التصفية النهائية للقطاع | Mugtama
منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار في غزة؛ انقشع غبار...
mugtama.com
×

أزمة عميقة

يواجه نتنياهو مأزقًا كبيرًا الآن، فقد ظن أن غزة ستُهزم، وراهن على أن الأمر لن يستغرق سوى أسابيع من بدء الحرب.

حتى إن يوآف غالانت، وزير الدفاع «الإسرائيلي» آنذاك، صرّح بأن ديسمبر 2023م سيحمل معه نهايةً للوضع في غزة وعودة سكان المستوطنات المحيطة بها، لكن كل هذا فشل.

أصبح نتنياهو مجرم حرب، بحسب المحكمة الجنائية الدولية، إضافةً إلى ذلك، هناك عزلة واسعة لـ«إسرائيل»، سواءً في قضايا محكمة العدل الدولية أو في قطع العلاقات وسحب السفراء، وتوبيخ الدول، على أقل تقدير، بما فيها الدول الأوروبية، وهو أمرٌ خطير.

كما أن هناك قائمة ملاحقات قانونية لجنود وضباط «إسرائيليين» في عدة دول، وهناك مذكرة توقيف بحق نتنياهو وغالانت، ومؤخرًا سعى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلى إصدار مذكرة توقيف بحق بن غفير، وسموتريتش.

بين غزة وإمداد اليمن! |  Mugtama
بين غزة وإمداد اليمن! | Mugtama
أليست مفارقة تنتظم العجب، أن يتبدى إمداد اليمن قدي...
mugtama.com
×

لا تزال الجبهات المفتوحة، كاليمن، تُرهق «إسرائيل» يوميًا وتُفقدها قوة الردع، إذ تُقصف «تل أبيب» بشكل شبه يومي، ولا يزال البحر الأحمر مغلقًا بالإضافة إلى غليان الشعوب والتحولات الإقليمية، كلها عوامل تنعكس سلبًا على نتنياهو، حتى وإن تظاهر بالتعامل معها.

من جهة، يحاول نتنياهو ألا يُهزم، بل في الوقت نفسه الهروب من الإرهاق الذي يواجهه في غزة، وهذا أمرٌ يُقلقه ويدفعه للبحث عمن ينزله عن الشجرة، مثل دونالد ترمب.

من جهة أخرى، يُحاول تحقيق أحلامه بتوسيع «إسرائيل» على حساب الضفة الغربية والدول المجاورة، ليُصوّر نفسه بطلًا تاريخيًا كما بن غوريون الذي أسس «إسرائيل»، لكن سياساته الحالية لا تُجدي نفعًا.

لذلك، لديه أوراقٌ قليلةٌ ليستخدمها دون أن يُسبب انهيار ائتلافه وخسارة سمعته وعلاقاته مع الولايات المتحدة وبقية العالم.

«خطة الحسم».. عين على الضفة وعين على الائتلاف الحكومي |  Mugtama
«خطة الحسم».. عين على الضفة وعين على الائتلاف الحكومي | Mugtama
في ظل التصعيد الصهيوني المستمر في الضفة الغربية، ت...
mugtama.com
×

الأخطار

يحرص نتنياهو على الحفاظ على ائتلافه لإنقاذ مستقبله السياسي، لذا شجع الاستيطان في الضفة الغربية والقدس لبناء أرضيةٍ صلبةٍ لإمبراطوريته في مواجهة خصومه.

لهذا السبب، ظهر نتنياهو في شبكة الأنفاق أسفل بلدة سلوان، قرب المسجد الأقصى، في خطوة استفزازية تهدف إلى إيصال رسائل داخلية وخارجية، أرسل رسالة للمجتمع «الإسرائيلي» مفادها أن السيادة في القدس، فوقها وتحتها، تحت السيطرة «الإسرائيلية» الكاملة.

هذا يعني أنه يُشجع المستوطنين على تصعيد هجماتهم، وقبل ذلك اقتحم مدينة طولكرم لتعزيز سلطته.

علاوة على ذلك، يُعدّ هذا مؤشرًا مباشرًا على كيفية تعامل الحكومة «الإسرائيلية» مع المسجد الأقصى لتمهيد الطريق لبناء الهيكل، متجاهلةً القانون الدولي وحتى التفاهمات المتعلقة بالوصاية الأردنية.

في هذه الورقة، يتعامل نتنياهو مع ائتلافه على أساس الحفاظ على مصالحهم ومنع أي انهيار حكومي، ولذلك، أعطى المتطرفين في ائتلافه الضوء الأخضر لتنفيذ خطتهم، هذا سيعزله عن المجتمع الدولي، ولكنه سينقذ مستقبله مؤقتًا في «إسرائيل».

التسويف ورقة أخرى يستخدمها لمواصلة تضليل المجتمع الدولي بشأن عملية السلام، حيث يُثير نتنياهو مخاوف غياب شريك للسلام بتكراره الرواية الزائفة واتهام الفلسطينيين بالإرهاب، مُرسلاً رسالة واضحة للمجتمع الدولي مفادها أنه لا نهاية في الأفق أو حل سياسي مع الفلسطينيين، وأن مبادئ حكومته غير قابلة للتفاوض.

هذا يعني أن خطواته ستتصاعد لإلغاء الوجود والسيادة الفلسطينية، بهدف إقامة دولة المستوطنين في الضفة الغربية وتوحيد القدس، متجاهلاً في الوقت نفسه مبادرات السلام أو مقترحات الحل السياسي بحجة مناقشة التفاصيل لتشتيت الجهود وإنقاذ ائتلافه من الانهيار، إلا أن هذه الورقة قد نفدت على الساحة الدولية.

ورقة نتنياهو الثالثة هي الحرب الإقليمية لإعادة ترتيب أولوياته لتنفيذ مخططه لتوسيع «إسرائيل»، وتهجير الفلسطينيين، وتقسيم الدول المجاورة، لإعادة تشكيل المنطقة والقضاء على محور المقاومة، بما يخدم رغبته في نسيان صفعة السابع من أكتوبر.

لا تزال هذه الورقة حاضرة في ذهنه، مهما كانت العراقيل أو مواقف الاتحاد الأوروبي والدول العربية، وحتى الإدارة الأمريكية، لأنه يعتبرها وسيلة لتحقيق أهدافه، هذه الورقة خطيرة على مستقبل نتنياهو، بل وعلى «إسرائيل» أيضًا؛ لأنها مغامرة الوجودية والبقاء التي طالما حذرت منها أوساط أمنية وسياسية من غيبية النتائج التي قد تكون عكسية.

هذه الأوراق الثلاث ومساراتها، للأسف، تتجاهل الحل السياسي الشامل للفلسطينيين؛ ما يعني أن المنطقة ستبقى غير مستقرة تحت رحمة أهواء القادة «الإسرائيليين» وأحلامهم العنصرية.

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة