العمل الجماعي وأثره في مقاومة الفتور

في ميدان العبادة والعمل، يجد الإنسان نفسه في تقلبات؛ فهو حيناً في حالة مدٍّ فيها إقبال على الطاعات وانطلاق نحو العمل والإنجاز، وفي أحيان أخرى يمر بحالة جزر، فنجده متكاسلاً متثاقلاً، في حالة سكون وركود وتراجع عن المبادرة، يسوف ويؤجل، يماطل ويبرر.

هذه الحالة من الجزر والقعود عن أداء المهام هي حالة الفتور، وهي حالة نمر بها جميعاً لها أسبابها ومظاهرها وطرق علاجها.

وفي هذا المقال سنركز على العمل الجماعي وعلاقته بالفتور.

أولاً: تعريف الفتور:

الفتور لغة: مصدر فتر، يقال: فتر يفتر فتوراً؛ أي سكن بعد حدة ولان بعد شدة، واصطلاحاً: الكسل والتباطؤ والتراخي بعد الجد والنشاط والحيوية.

وهو الحالة التي ينخفض فيها شغف الإنسان بالعمل والمبادرة ويخلد فيها إلى الكسل والتسويف، وتقل عنده الرغبة في العمل والعبادة.

ثانياً: تعريف العمل الجماعي:

العمل الجماعي: توحيد رؤية مجموعة من الأفراد يتعاونون لتحقيق هدف أو أهداف محددة.

ومن خلال التعريف نلاحظ أن العمل الجماعي يقوم على أسس واضحة، وهي:

- وجود مجموعة وفريق.

- أهداف محددة وواضحة.

- تحمل للمسؤولية وتخطيط وتنظيم.

ثالثاً: دعوة الإسلام للعمل الجماعي:

الإسلام يهتم كثيراً بالجماعة، ويدعو أتباعه للتعاون والتكافل، ويمكن أن ندلل على ذلك من خلال النقاط التالية:

- كثير من الشرائع والعبادات في الإسلام تتم بشكل جماعي، إما أن تكون الجماعة فيها فرضاً أو سُنة، ومنها: الصلوات الخمس، وصلاة الجمعة، وصلاة العيدين، وصلاة الجنازة، وصيام رمضان، والحج.

- دعا الإسلام إلى التعاون ووحدة الصف وإجماع الأمة، وهذا كله يؤكد اهتمام الإسلام بهذا الجانب وحرصه عليه، قال تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة: 2).

- تزخر الأحاديث النبوية بكثير من الأحاديث التي تدل على أهمية الجماعة، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد وهو مع الاثنين أبعد، ومن أراد الجنة فليلزم الجماعة» (رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح)، وقال: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا» (متفق عليه)، وقال: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» (متفق عليه).

ولعل هناك من يسأل عن علاقة العمل الجماعي بالفتور؟

إن من يدقق في أحوال الناس وتقلبات الأنفس بين مد وجزر، يدرك أن العمل الجماعي يعتبر علاجاً فعالاً لمداواة حالة الفتور ومقاومة أمواجها العاتية والتقليل من حدتها، وذلك من عدة جوانب، لعل أبرزها:

1- يقوم على رؤية واضحة وأهداف محددة؛ ما يقلل فتور الفرد ويجعله مبادراً.

2- يساعد على تنظيم الوقت ويبعد عن التسويف والتكاسل.

3- فيه تخطيط وتنظيم وخارطة عمل واضحة، تبعد الأفراد عن التشتت.

4- تحديد المهام يجعل كل فرد يتحمل مسؤوليته ويبتعد عن التسويف.

5- يوفر مناخاً تحفيزياً وتنافسياً وتكاملياً يزيل الملل ويشجع على الاستمرار.

6- يخضع للتقييم والتقويم المستمر؛ ما يدفع الفرد لمتابعة أعماله وتحسين أدائه.

7- يحقق تراكم للخبرات العملية والإنجازات؛ ما يخلق بيئة محفزة للإبداع والجدية.

8- يتيح وجود قدوات من أصحاب الهمم العالية والخبرات الرفيعة؛ ما يلهم الفرد ويبعده عن الفتور.

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

جميع الأعداد

ملفات خاصة

مدونة