; الأسرة والمجتمع (1060) | مجلة المجتمع

العنوان الأسرة والمجتمع (1060)

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 03-أغسطس-1993

مشاهدات 16

نشر في العدد 1060

نشر في الصفحة 54

الثلاثاء 03-أغسطس-1993

للداعيات فقط

وقفة مع الضمير

نشرت مجلة «الوعي الإسلامي» في عددها السابع والعشرين بعد الثلاثمائة صورة مؤثرة لأحد أطفال المسلمين ممن يعانون المجاعة في أفريقيا. كم استوقفتني تلك الصورة التي تفجر في قلب المتأمل لها أسى دفينًا وتأنيبًا للضمير شديدًا.. أجل والله... كلما تأملنا أمثال تلك الصور استشعرنا مدى تقصيرنا تجاه إخوة لنا في الدين، انشغلنا عنهم بالماديات الكثيرة من حولنا وأصبح هم الواحدة منا تلبية مطالب الحياة العديدة!!

حين تتأمل الواحدة منا مثل تلك الصورة أو حين تسمع عن أخبار المجاعات في أفريقيا تبادر في لحظة حماس انفعالية إلى رمي دريهمات قليلة في أحد صناديق اللجان الخيرية هنا وهناك، ولكن في لحظة صدق وصراحة مع النفس تعالوا نعترف كم جلسنا طويلًا لنفكر ونخطط كم ننفق على هذه الحفلة، أو ذلك الجهاز أو تلك السفرة... إلخ. 

كم منا من غالب الحب الشديد للمادة وراح ينفق مما آتاه الله آناء الليل وأطراف النهار!! 

كم منا مثل ذلك الصحابي الذي جلس يومًا مع عمر بن الخطاب رضى الله عنه وقال له: أتمنى لو أن لي ملء هذه الغرفة ذهبًا أنفقه في سبيل الله!!

تعالوا لكي نواجه أنفسنا بصراحة ونسألها هل نحن فعلًا من المتصدقين والمتصدقات الذين تحدثت عنهم الآية الكريمة في سورة «الأحزاب» وسور القرآن الأخرى؟!

هل نغالب شهواتنا المادية نحو متع الحياة المادية الكثيرة ونحرم أنفسنا من أشياء وأشياء كي يتمتع بها غيرنا من المسلمين؟؟؟

هل نحب لغيرنا من فقراء المسلمين ما نحب لأنفسنا؟؟

إنني أسال الله تعالى أن يعينني وإياكم على مغالبة شهوات النفس وبذل المال ما أمكن لخدمة الإسلام ونصرة المسلمين.

سعاد الولايتي

المراهقة الهادئة

خالد أحمد الشنتوت – المدينة المنورة

يبرر الآباء والمدرسون انحرافات أبنائهم وتلاميذهم بالمراهقة، فنجم عن ذلك بيئة مساعدة للناشئة على الطيش والإهمال، فما هي المراهقة في حقيقتها؟

أولًا: المعنى الشائع للمراهقة:

يقول ستانللي هول: «المراهقة فترة عواصف وتوتر وشدة، تكتنفها الأزمات النفسية، وتسودها المعاناة والقلق والصراع (1) وبالغ بعض أدعياء علم النفس فوصفوها بأنها مرحلة جنون»، ويعتبر ستانللي هول جميع المراهقين مرضى ويحتاجون إلى المعالجة الطبية والنفسية (2).

ومع أن معظم علماء النفس والباحثين فيه لا يجمعون على ذلك التعريف السابق، إلا أنه صار مفهومًا شائعًا للمراهقة، وكأن بعض الناس يروجه ويشيعه بين الناس، حتى عم وانتشر وصار كأمر بدهي عند عامة الناس، وصار هذا الجنون والقلق مرحلة حتمية من مراحل نمو الفرد.

وأفضل نقد ونقض لهذا المفهوم المدمر ما يقوله علماء النفس عن المراهقة، ثم موقف التربية الإسلامية منها.

ثانيًا: المراهقة في علم النفس:

المراهقة مرحلة انتقال من الطفولة إلى الرشد (3) وهي مجموعة من التغيرات التي تحدث في نمو الفرد الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي (4).

والفعل العربي «راهق» يعني الاقتراب من الشيء، وراهق الغلام، اقترب من الرشد، وفي علم النفس تعني الاقتراب من النضج الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي، أما الأصل اللاتيني للكلمة فيرجع إلى كلمة «Adolescere» وتعني التدرج نحو النضج، فالمراهق لا يترك عالم الطفولة ويصبح راشدًا بين عشية وضحاها، ولكنه ينتقل تدريجيا (5). 

ويصرح علماء النفس بأن فترة المراهقة ليست مرحلة حتمية للقلق والاضطراب والعواصف، وقالت عنها «مارجريت مد»: «المراهقة مرحلة نمو عادي، وما دام هذا النمو يسير في مجراه الطبيعي لا يتعرض المراهق للأزمات» (6).

ثالثًا: المراهقة في التربية الإسلامية:

المراهقة عند المفكرين المسلمين فترة انتقالية تسبق البلوغ، وتنتهي عند البلوغ، فالبالغ راشد في معظم حقوقه وواجباته كما سنرى.

يقول الدكتور ماجد عرسان الكيلاني أستاذ التربية الإسلامية في جامعة أم القرى حاليًا: «ليست المراهقة ظاهرة حتمية في تطور العمر الزمني للإنسان، بأنها مشكلة يمكن تجنبها كليًا من حياة الفرد، والمراهقة مرض من أمراض المجتمع الرأسمالي، فالمراهقة هي مصارعة طاقات وقدرات عقلية ونفسية وجسدية معطلة محبوسة، وقد تجنبت التربية الإسلامية مرض المراهقة حين أوجدت للشباب مثلًا أعلى يصرف طاقاته خلال الجهاد في سبيله» (7).

ويقول الدكتور عبد الرحمن العيسوي: «لا يؤدي النمو الجنسي بالضرورة إلى أزمات، لكن النظم الاجتماعية الحديثة هي المسئولة عن أزمة المراهقة»، وكما تقول مارغريت مد: «في المجتمعات البدائية تختفي مرحلة المراهقة، وينتقل الفرد من الطفولة إلى الرشد مباشرة بعد احتفال تقليدي» (8). 

ويقول الدكتور العيسوي: «للمراهقة أنواع أحدها المراهقة السوية الخالية من المشكلات والصعوبات»، ثم يقول تحت عنوان «أسطورة العاصفة»: «هناك عدد كبير من المراهقين الأسوياء، وتؤكد الدراسات الحديثة أن المراهقة ليست بالضرورة وبالطبيعة مرحلة عواصف وضغوط، وفي بعض الدراسات لم تزد نسبة المضطربين منهم على (20%) وغالبية المضطربين تنحدر من أسر غير سعيدة» (9).

نخلص من عرض آراء المفكرين المسلمين إلى أن المراهقة ليست مرحلة حتمية للاضطرابات والعواصف.

رابعًا: مرحلة الرشد عند الفقهاء:

يبدأ سن الرشد بالبلوغ، وعلامته الاحتلام «خروج المني»، أو إتمام الخامسة عشر عامًا هجريًا، وقد عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم أبناء الخامسة عشرة معاملة الرجال الراشدين في أهم ميدان من حياة الصحابة رضوان الله عليهم وهو ميدان الجهاد، فقد ورد في سيرة ابن هشام ما يلي: «وأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ (يوم أحد) سمرة بن جندب ورافع بن خديج، وهما ابنا خمس عشرة سنة...»، ورد رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد، وعبد الله بن عمر، وزيد بن ثابت، والبراء بن عازب، وعمرو بن حزم، وأسيد بن ظهير، ثم أجازهم يوم الخندق وهم أبناء خمس عشرة سنة (10).

ومن المعلوم أن سن التكليف الشرعي يبدأ بالبلوغ، وتفرض الصلاة والصوم والحج وسائر فروض العين على المسلم البالغ، ويحاسب على تركها كما يحاسب الراشد في الدنيا والآخرة، وقبل البلوغ يدرب الصبي على هذه العبادات ليتعود عليها قبل أن تفرض عليه، وفي إقامة الحدود البالغ كالراشد لا فرق بينهما، وكذلك في تولي المسئولية، فقد ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد على جيشه لمحاربة الروم وهو في الثامنة عشر أو دونها. 

وفي إمامة الصلاة يشترط الأحناف البلوغ للإمام، كما يشترط الحنابلة البلوغ لإمام المفروضة، بينما أجاز الشافعية إمامة الصبي المميز للراشدين في الصلاة مطلقًا (11)، قضية واحدة فقط لم يعامل الشرع فيها البالغين كما يعامل الراشد وهي قضية المال، قال تعالى: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا* وَابْتَلُوا الْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ (سورة النساء: 5) ويقول الطبري رحمه الله: «السفهاء لفظ يعم الصبي الصغير والرجل الكبير، ذكرًا أو أنثى، الذين لم يكتمل رشدهم» (12) ومن المعلوم أن الشريعة الإسلامية تمنع السفيه «صغيرًا كان أو كبيرًا» من التصرف بالمال، لأن للمال وظيفة اجتماعية تخص الأمة كلها، ويذكر الباحث أن السفه المقصود ليس مرتبطًا بالسن، وإنما هو ضد الرشد. 

مما سبق يصل الباحث إلى أن المعنى الشائع للمراهقة غير صحيح، لأنها ليست مرحلة حتمية للاضطراب، بل هي مجرد مرحلة انتقالية يمر فيها الفرد بسرعة، وعندما تستثمر طاقات الفرد المتدفقة في هذه الفترة وتصرف في أبواب الخير للفرد والمجتمع، في الدنيا والآخرة، عندئذ تكون المراهقة مرحلة سوية وعادية نسميها المراهقة الهادئة.

خامسًا: البحث الميداني:

انتقى الباحث خمسين أسرة ملتزمة بالإسلام تقيم في مكة والمدينة المنورة، ووزع على الآباء استمارة بحث للتعرف على مدى إصابة أبنائهم بالقلق والاضطراب في فترة المراهقة، فكانت نتائج البحث كما يلي:

1 – 84% قالوا لم يتمرد أبناؤهم على أسرهم ولم يظهر عليهم القلق والاضطراب، بينا قال (16%) إن قليلًا من أولادهم حاول التمرد وظهر عليه بعض القلق. 

2 - 90% لا يرون المراهق مريضًا نفسيًا، بينما 6% يرى ذلك، وامتنع 4% عن الإجابة. 

3 – 66% لم يروا أي اضطراب عند أولادهم بينما 30% رأوا اضطرابًا عند قليل منهم و4% رأوه عند بعضهم فقط (13).

المراجع:

1 - حامد زهران، علم نفس النمو، 1986 م ص 291.

2 - عبد الرحمن العيسوي، سيكولوجية المراهق المسلم المعاصر دار الوثائق بالكويت 1987م، ص 14.

3 - حامد زهران ص 289.

4 - العيسوي ص 14.

5 - العيسوي ص 12.

6 - حامد زهران ص 292.

7 - ماجد عرسان الكيلاني، فلسفة التربية الإسلامية مكتبة المنارة بمكة، 1987، ص 112.

8 - العيسوي ص 39.

9 - العيسوي ص 50.

10 - تهذيب سيرة ابن هشام ص 203.

11 - هذه المعلومات أجوبة للشيخ محمد علي مشعل المدرس بالمعهد العالي للدعوة الإسلامية سابقًا.

12 - محمد علي الصابوني تفسير آيات الأحكام ص 439.

13 - خالد شنتوت، تربية الشباب المسلم، نشر دار المجتمع بجدة، 1993م ص 109.

قصة من الواقع

عهد على الفجر

  • يرجى من الإخوة والأخوات الذين يرسلون موضوعات أو رسائل للمجتمع كتابة أسمائهم الصحيحة مع العناوين ونعتذر عن عدم الالتفات بعد ذلك لأي رسالة تأتي مكتوبة بالكنية

 وسط جموع الطالبات رأيت هند لأول مرة، كانت شاحبة اللون هزيلة الجسم يبدو على ملامحها الحزن والأسى. كان هذا اللقاء في إحدى المسابقات التي تجريها المدرسة وهي مسابقة أوائل الطلبة، كانت هند مختلفة فالكل مبتسم وفي سعادة إلا هي، كانت في هدوء تام شدني منظرها فسالت إحدى زميلاتي عنها فجاءت الإجابة: هند تدرس في الصف الثالث الثانوي كانت متفوقة مبتسمة مقبلة على الحياة لكنها فجأة تغيرت وتحول التفوق إلى تأخر في الدراسة والابتسامة إلى حزن يملأ نفسها ولا أحد يعرف السبب.

بعد هذه المعلومات قررت التعرف عليها ومحاولة مساعدتها. بعد نهاية المسابقة توجه الجميع إلى المصلى لأداء صلاة الظهر قبل الانصراف إلى المنزل. رأيتها تدخل وتؤدي ركعتي السنة بخشوع وطمأنينة. وبعد انصراف الجميع اقتربت منها، وكانت لا تزال تجلس في المصلى، سلمت عليها فردت السلام قلت: كيف حالك يا هندـ نظرت إلى باستغراب.

وقالت: بخير والحمد لله، هل تعرفينني؟! قلت: نعم.. ومن لا يعرف هند الفتاة الملتزمة المتفوقة في مدرستنا.. تنهدت وقالت: أصبح ذلك كله فعلًا ماضيًا.. قلت: ولماذا لا تجعلينه فعلًا مضارعًا؟ قالت: صعب جدًا، بعدها استأذنتني وانصرفت بسرعة. 

وفي اليوم التالي قررت الجلوس معها، استدعيتها، وعندما دخلت قالت: ماذا تريدين يا معلمتي؟ قلت: أريد أن أسألك وبكل صراحة ماذا بك؟ لماذا كل هذا الحزن ونظرة الأسى التي تملأ عينيك؟ أنا معلمتك وبمثابة أختك صارحيني بكل ما في نفسك عسى أن أجد لك حلًا وتأكدي أن كل حرف تنطقين به سوف أعتبره سرًا من أسراري الخاصة. 

قالت والدموع تملأ عينيها: إنني مخطوبة.. قلت: هذا خبر جيد لا يدعو إلى الحزن.. قالت بل إنه سبب.. قلت.. وكيف؟ قالت: لقد خطبني أحد أقرباء أبي وهو شاب من أسرة غنية يعمل في إحدى الشركات.. قلت: وهل الجميع موافق عليه؟ قالت: أبي متحمس جدًا وأمي تشارك أبي الرأي أما أنا فأرفضه لكن لا أحد يسمع، قلت: وما هي أسباب الرفض؟ قالت: إنه شاب غير متدين ليس له لحية طويل الثوب يحمل سيجارة في يده لا تكاد تفارقه باختصار يعيش في بؤرة من الفساد من سماع أغانٍ ومشاهدة الأفلام وغيره من المعاصي.

وأنا فتاة ملتزمة أبحث عن شخص ملتزم مثلي يساعدني على بناء أسرة إسلامية صغيرة. 

قلت: معك كل الحق لكن لماذا لم تعترضي؟ قالت: أبي رجل صاحب كلمة مسموعة في المنزل ولا يريد أن يعارضه أحد حتى لو كان على خطأ، وأمي مغلوبة على أمرها لا تكاد تملك من الأمر شيئًا، وأنا لا أستطيع أن أتفوه بكلمة واحدة والوقت يداهمني.. قلت لماذا؟ قالت: لأنهم سوف يعقدون القران هذا الأسبوع وأنا محتارة ماذا أفعل.. صمت قليلًا وقلت: خذي هذا الكتاب واقرئي قصة زواج الصحابية أم أنس بن مالك من أبو طلحة الذي كان مشركًا وهي مسلمة مشترطة المهر إسلام أبي طلحة، وفعلًا أسلم أبو طلحة. 

لقد فهمت هند ما قصدت وأخذت الكتاب وانصرفت، بعدها اتصلت بي في المنزل لتخبرني بما فعلت فقالت: إنها اشترطت مهرها أن يحافظ على الصلاة جماعة في المسجد وخاصة الفجر، فوافق على هذا.

حمدت الله على فطنتها وحسن تصرفها. 
بعدها انتهت الدراسة وتزوجت وغابت عني أخبارها. ثم بعد حوالي شهرين اتصلت بي ففوجئت بصوتها عبر الهاتف وهي تقول: أريد أن أزورك هذه الليلة، فقلت: أهلًا ومرحبًا أنا في انتظارك في الساعة الثامنة، وفي الموعد إذا بالباب يطرق، وعند فتحه وجدت الغالية هند لكنها تبدو غير التي عرفت، مظهر حسن، ابتسامة مشرقة فرحة تملأ جوانحها، ازداد شوقي لمعرفة أخبارها فبادرتني بقولها: لقد نجحت يا معلمتي فعلًا نجحت في إعادة زوجي لطريق الحق والنور، كانت فترة صعبة جدًا لكني صبرت وصبرت وكنت أطلب العون من الله في كل صلاة على أن يهدي زوجي.. وكان الشرط دور عظيم فمنذ أول ليلة لزواجنا خرج لصلاة الفجر بعد أن ذكرته بالشرط ورويدًا رويدًا استطعت تبديل كل ما لديه من أشرطة ومجلات وقصص ماجنة إلى أشرطة وكتب ومجلات إسلامية فتحول البيت من بيت خاوٍ إلى بيت عامر بذكر الله وطاعته ولله الحمد والمنة، وأعيش معه في غاية السعادة ونحن ننتظر مولودنا الأول الذي سوف يأتي إن شاء الله بعد ثمانية أشهر. 

بعدها ودعتها وأنا في غاية السعادة وحمدت الله على ذلك وتمنيت لها حياة موفقة وسعيدة.

نحو القرآن

أثناء استماعي لبرنامج إذاعي يستضيف بعض الطلبة غير العرب ممن يحفظون القرآن لاحظت كما لاحظ غيري الصعوبة الشديدة التي يقرأ بها هؤلاء القرآن، فهم يحتاجون أن يتعلموا اللغة العربية حرفًا حرفًا، ويتعلموا مخرج كل حرف وطريقة نطقه والتغيرات التي تطرأ عليه حين توضع عليه علامات التشكيل.

ونظرًا لتعود اللسان على اللغة الأصلية للقارئ، فإن هذا يزيد من صعوبة النطق، أما عن معاني هذه الآيات فلا شك أنهم يحتاجون إلى ترجمة التفسير إلى لغتهم الأصلية حتى يفهموا معاني ما يرددونه من آيات كريمة.

فلله درهم كم من العناء يلقون في سبيل حفظ سورة من سور القرآن الكريم، ومع هذا نجد الكثير منهم يحفظ القرآن كاملًا، ألا يجعلنا هذا نتفكر في أنفسنا يا من نزل القرآن بلغتنا، ألا يجعلنا نحاسب أنفسنا على تقصيرنا تجاه كتاب الله، فنحن نجيد قراءة الحروف العربية ونستطيع أن نفهم معاني الآيات بمجرد استماعنا أو قراءتنا لها إلا ما له معاني خفية تحتاج إلى تفسير ولكننا إجمالًا نستطيع فهمه دون عناء شديد.

أما عن حفظه وإخراج حروفه كما يجب فحدث ولا حرج عن مدى إهمالنا وتقصيرنا بحق أنفسنا فأكثرنا لم يحفظ شيئًا من القرآن منذ أيام الدراسة، وبعضنا تمر به السنون دون أن يحفظ ولو آية من كتاب الله، كما أن هناك من يكرر ثلاث سور قصيرة في جميع صلواته.

وقد قارنت في البداية بيننا وبين هؤلاء الأعاجم من المسلمين الذين لا يجيدون العربية ومع ذلك يحفظون القرآن. فماذا لو قارنا بيننا وبين المضطهدين من المسلمين الذين كانوا يعيشون تحت الحكم الشيوعي حيث يحرم عليهم وجود ولو نسخة واحدة من المصحف في بيوتهم، ويحرم عليهم قراءته أو الاستماع إليه وحفظه فكانوا يتحفظونه في خنادق تحت الأرض ويتوارثون النسخة الواحدة من المصحف حتى تذوب صفحاته بين أيديهم ومع كل هذا يخرج منهم من يحفظ القرآن ويحمله في صدره. 

فماذا نقول نحن والمصاحف بين أيدينا ميسرة وبدل النسخة الواحدة عشرة نسخ في البيت الواحد وبخطوط وأحجام مختلفة والأشرطة كذلك متوفرة فهل من مستمع؟ هل من قارئ وحافظ؟

فيا أختي المسلمة العربية هيا إلى كتاب الله يؤنسنا في حياتنا ويكون صاحبنا في قبورنا وطريق لعلو الدرجات في الجنات. هيا بادري لحفظ كتاب الله قبل أن يحال بينك وبينه من كبر في السن أو مرض في العين أو تسلط من أحد يمنعه عنك؟

فاطمة البدر

أوائل المؤمنات

بقلم/ حلمي الخولي

أول من أرضعت النبي

هي «ثويبة الأسلمية» وتكني «أم مسروح» كانت جارية لعبد العزى المعروف بأبي لهب، وهي التي نقلت خبر ولادة النبي صلى الله عليه وسلم إليه فأعتقها.

والمعروف أن عبد الله بن عبد المطلب والد الرسول صلى الله عليه وسلم عندما توفى حزن عليه كل إخوته، لأنه لم ينجب، ولم يترك من يحمل اسمه في الدنيا، وكان الأمل معقودًا على ذلك الجنين، الذي في بطن زوجته «آمنة بنت وهب» وبعث الأهل في طلب «أم عثمان الثقفية» إلى بيت «آمنة بنت وهب» التي كانت تعني بأمور الولادة في قريش، وحضرت «أم عثمان» وكان مع «آمنة» في هذا الوقت «ثويبة». 

وحقق الله آمال المنتظرين، ولبي رجاءهم، فقد جاء المولود ذكرًا، وحملت ثويبة الخبر السعيد إلى سيدها عبد العزى الذي فرح كثيرًا بهذه البشرى، فقد صار لأخيه «عبد الله» الذي وافته المنية في ريعان شبابه ابن يحمل اسمه ونسله.

وكانت فرحة عرب الجاهلية لا تعادلها فرحة بإنجاب الذكور، ولهذا أعتق «أبو لهب» جاريته «ثويبة الأسلمية» ووهبها حريتها جزاءً لهذه البشرى السعيدة.

وانتظرت أم النبي صلى الله عليه وسلم «آمنة بنت وهب» مراضع بني سعد، لتدفع بوليدها إلى إحدى المرضعات تملشيًا مع عادة أشراف العرب من أهل مكة، وحتى تجيء المراضع دفعت السيدة «آمنة» بالطفل المبارك إلى «ثويبة الأسلمية» التي أصبحت حرة لترضعه، فقد كانت ترضع طفلًا لها اسمه «مسروح» وهو الذي كانت «ثويبة» تكنى به فأرضعت بلبنها النبي صلى الله عليه وسلم أيامًا قبل أن تقدم السيدة «حليمة» السعدية.

وبعدما كبر النبي صلى الله عليه وسلم كان يحمل لثويبة وفاءً كريمًا، وكان يعرف لها قدرها ويحترم أمومتها، ويحفظ الود لها، فبعدما هاجر إلى المدينة ظل يصلها ويرسل لها بالهدايا بقدر ما تتيحه الظروف.

ولما تم فتح مكة كانت «ثويبة» وابنها «مسروح» من أول الأشخاص الذين سأل عنهم النبي، وحين علم بموتهما حزن من أجلهما، وسأل عن قرابتهما فلم يجد أحدًا حيًا، وكانت «ثويبة» وابنها قد أسلما، ثم توفيا في السنة السابعة من الهجرة.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

نشر في العدد 1080

16

الثلاثاء 21-ديسمبر-1993

نشر في العدد 1077

18

الثلاثاء 30-نوفمبر-1993

نشر في العدد 1093

23

الثلاثاء 29-مارس-1994