; الفقه والمجتمع (العدد 1084) | مجلة المجتمع

العنوان الفقه والمجتمع (العدد 1084)

الكاتب أ.د. عجيل جاسم النشمي

تاريخ النشر الثلاثاء 18-يناير-1994

مشاهدات 10

نشر في العدد 1084

نشر في الصفحة 60

الثلاثاء 18-يناير-1994

عميد كلية الشريعة جامعة الكويت

الأوقات المنهي عن الصلاة فيها

السؤال: ما هي الأوقات المنهي عن الصلاة فيها؟

الجواب: الأوقات المنهي عن الصلاة فيها يمكن حصرها في الأوقات التالية:

١- الصلاة بعد صلاة الصبح والعصر.

فالصلاة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس منهي عنها وكذلك بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس. لحديث أبي سعيد الخدري رضى الله عنه إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس» أخرجه البخاري ٤١/٢ ومسلم ١١٢/٦.

وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الصلاة في هذين الوقتين مكروهة ولو كان للصلاة سبب إذا كانت الصلاة نفلًا، أما الفرض فيجوز بالإجماع قضاؤه في هذين الوقتين لحديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم «من نسى صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك» البخاري ١٩٣/٥ ومسلم ٣٧/٤.

٢- الصلاة وقت طلوع الشمس واستوائها وغروبها: فقد روى عقبة بن عامر قال: «ثلاث ساعات كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو نقبر فيهن موتانا حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب» أخرجه الجماعة. واتفق الفقهاء على أن صلاة النفل لا تصح في هذه الأوقات وذهب الجمهور إلى جواز قضاء الفرض.

وذهب الحنفية إلى عدم جواز الفرض في هذه الأوقات، والشافعيـة قالوا: يكره النفل الذي لا سبب له في هذه الأوقات، أما الفرض مطلقًا والنفل الذي له سبب فلا يكرهان.

٣- الصلاة بعد طلوع الفجر:

تكره الصلاة بعد طلوع الفجر وقبل صلاة الصبح إلا ركعتين سنة الفجر لحديث حفصة رضي الله عنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا طلع الفجر لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين» أخرجه مسلم٦/٢.

واجب النصيحة

السؤال: امرأة حسنة السمعة ومتدينة عندها ابنة شابة، اكتشفت جارة المرأة وصديقتها أن ابنتها لها علاقة مشبوهة والأم غافلة لا تعرف شيئًا، فقامت الجارة بنصح هذه البنت لكنها لم تتعظ فهل واجبها أن تبلغ الأم أم تتستر على البنت؟

الجواب: حسنا فعلت المرأة عند نصيحتها للبنت وهذا الستر المطلوب دون تشهير ولا إخبار لأحد، ولكن إذا كانت هذه الفتاة لم تتعقل ولم تأخذ النصح فينبغي أن تخبري والدتها بما تعرفين ليتم علاج الموضوع قبل أن تكبر ويصعب تداركه. وهذا لا إثم فيه بل هو الواجب لأنه من باب النصيحة. وكما قال الإمام على رضى الله عنه «المؤمنون قوم نصحة ينصح بعضهم بعضًا، والمنافقون قوم غششة يغش بعضهم بعضًا».

إمامة غير البالغ

السؤال: ما حكم صلاة الشاب البالغ بشاب آخر غير بالغ؟ هل تعتبر هذه الصلاة صحيحة أم يجب إعادتها؟

الجواب: جمهور الفقهاء لا يجوزون أن يقتدي بالغ بغير بالغ في صلاة الفريضة، ويصح هذا الاقتداء مع الكراهة عند الشافعية إذا كان الصبي مميزًا، واحتجوا بحديث عمرو بن سلمة بأنه «كان يؤم قومه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ست أو سبع سنين «فتح الباري ٢٢/٨» وأما إذا كان الاقتداء في صلاة نافلة فجوزه المالكية وبعض الحنفية.

وجوب تكبيرة الإحرام

السؤال: شخص يقول إن كثيرًا من المصلين إذا دخلوا المسجد والإمام راكع يركعون معه بتكبيرة واحدة ويتركون تكبيرة الإحرام، فهل هذا الفعل صحيح؟

الجواب: يجب على من جاء والإمام راكع أن يكبر تكبيرة الإحرام وهو قائم غير منحنٍ فإن انحنى دون أن يكبر قائمًا فصلاته باطلة عند كثير من الفقهاء لأن تكبيرة الإحرام من أركان الصلاة.

وأركان الصلاة هي تكبيرة الإحرام، وقراءة الفاتحة والقيام والركوع حتى يطمئن والاعتدال منه حتى يطمئن والسجود حتى يطمئن والاعتدال بين السجدتين حتى يطمئن، والتشهد في آخر الصلاة والجلوس له والسلام وترتيب الصلاة على حسب ما ذكرناه في الأركان. فإن ترك شيئًا منها عمدًا بطلت صلاته، وإن تركه سهوًا ثم ذكره في الصلاة أتى به، وإن ذكره بعد الصلاة فإن طال الفصل بطلت صلاته وأتى بها مرة ثانية، وإن قصر الفصل أكمل النقص وصلاته صحيحة.

مشروعية عقوبة السجن

السؤال: هل يبيح الإسلام عقوبة السجن، أم أن هذه العقوبة مستحدثة وليست من الإسلام؟

الجواب: السجن مشروع باعتباره عقوبة تعزيزية، أي ليست عقوبة منصوصة لفعل معين، ولها دلائل من الكتاب والسنة.

فعن القرآن قوله تعالى: ﴿وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا﴾ (النساء: ١٥) فالإمساك ههنا هو الحبس أو السجن، وكذلك قوله تعالى في عقوبة المحاربين: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ (المائدة : ٢٣) فقدٌ فُسر النفي في الآية بالسجن.

وكذلك ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم حبس أناسًا في المدينة في تهمة قتل، وقد أجمع الفقهاء على مشروعيته، وفعله عمر رضى الله عنه حين سجن الحطيئة على ما كان يقوله من الهجاء، وسجن عثمان رضى الله عنه ضابئ بن الحارث، وكان من اللصوص، كما ثبت أن عليًا رضى الله عنه سَجَنَ وهو في الكوفة.

قراءة القرآن على المريض

السؤال: هل يجوز أن يقرأ القرآن على مريض بقصد أن يشفيه الله تعالى، وأي الآيات أو السور يمكن قراءتها؟

الجواب: لا خلاف بين العلماء في أن القرآن الكريم شفاء ورحمة للمؤمنين لقوله تعالى: ﴿وننـزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارًا ﴾ (الإسراء: 82).

لكن العلماء اختلفوا في موضوع المرض الذي يشفيه القرآن هل هو مرض البدن، فبعض الفقهاء قال: إن المرض المقصود في الآية هو مرض القلب يدل على ذلك قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ﴾ (يونس: 57).

وذهب جمهور الفقهاء إلى أن القرآن شفاء لأمراض القلب وأمراض البدن أيضًا، وهذا القول هو الصحيح الذي تدل عليه الأحاديث والآثار.

وقد ثبت أن أبا سعيد الخدري رقى سيد قوم من العرب لدغه عقرب فقرأ عليه الفاتحة سبع مرات فشُفى وأقره النبي صلى الله عليه وسلم على فعله، وقد ورد الاستشفاء بسائر آيات القرآن وبالمعوذتين على سبيل التخصيص، فروى أن النبي صلى الله عليه وسلم «كان يتعوذ من الجان وعين الإنسان حتى نزلت المعوذات، فأخذ بها وترك ما سواها» فهذا دليل على جواز الاستشفاء بآيات القرآن الكريم عامة وبالمعوذتين خاصة.

وكما يجوز الاستشفاء بالقرآن الكريم يجوز أيضًا الاستشفاء بالدعاء والذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم لما روت عائشة رضى الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم «كان يعوذ أهل بيته يمسح بيده اليمنى ويقول: لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سَقَمًا» «البخاري ٢٠٦/١٠» وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان بن أبي العاص رضى الله عنه وقد شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ألمًا كان به «ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل: بسم الله ثلاثًا، وقل سبع مرات أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر» انظر: الموسوعة الفقهية ٢٧/١٣).

وليس معنى هذا جواز امتهان علاج الناس بحيث يصبح ذلك عملًا يتخصص به أناس ويأخذون عليه الأجر - ويستغلون حاجة الناس - فالقرآن أكرم من أن يكون وسيلة كسب، ومنع ذلك من باب سد الذريعة لئلا يمتهن القرآن الكريم ويستغله ضعاف النفوس، وقد ثبت بتكرار الأحداث أن الأشخاص الذين يُجري الله على أيديهم الشفاء بآيات القرآن الكريم رجالًا أو نساءً يتصفون بصفة الصلاح والتقوى، فيجري الله على أيديهم وبسبب بركة القرآن العظيم الشفاء، ولذا لا يمكن من عرف بالكذب وفساد الحال من أن يستغل القرآن الكريم، لأنه في هذه الحال مشعوذ، يمتهن القرآن الكريم لسمعة لا يستحقها، أو للتكسب. وإذا ثبت ذلك فلولي الأمر أن يمنع أمثال هؤلاء المشعوذين من استغلال البسطاء من الناس.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

المجتمع التربوي (1323)

نشر في العدد 1323

14

الثلاثاء 27-أكتوبر-1998