; أين أنصار الله ؟ | مجلة المجتمع

العنوان أين أنصار الله ؟

الكاتب عبد الباري محمد الطاهر

تاريخ النشر السبت 10-مارس-2001

مشاهدات 12

نشر في العدد 1441

نشر في الصفحة 57

السبت 10-مارس-2001

 

كثر في زماننا هذا المتشدقون المتفيهقون الذين ينسبون أنفسهم للإسلام، وهو منهم براء لأن قلوبهم مضطربة، وعقولهم مشتتة وضمائرهم خربة، وعيونهم تدور دوران الرحى، لا يرقبون في أنفسهم ولا في أهليهم ولا في بني ملتهم إلا ولا ذمة، ثقتهم في كل شيء مزعزعة، وأفكارهم موزعة وأحاسيسهم مضعضعة، يحسبون كل صيحة عليهم تراهم تعجبك أجسامهم ويغريك منطقهم، ويبهرك لسانهم يخفون بل يعلنون أحياناً مودتهم لأعداء الله ورسوله، يخاطبون بني ملتهم بلين القول ومعسوله، ولا يتبعونه بعمل قضاياهم مائعة، وأوقاتهم في اللهو ضائعة، والنميمة بل الخيانة بينهم شائعة.

هؤلاء الذين سبقت بعض أوصافهم يعرفهم كل مسلم غيور على دينه يعرفهم في لحن القول يعرفهم في اضطراب مشاعرهم يعرفهم في عدم تطبيق ما يقولون يعرفهم في مصاحبتهم وموالاتهم لأعداء الله.. يعرفهم بحسه الإيماني المرهف، فالمؤمن يرى بنور الله.

فهؤلاء هم الذين يتشدقون اليوم باسم الحرية وحقوق الإنسان ومصالح الشعوب والسلام والكلام وهم من كل هذه الأفكار براء، ولا علاقة لهم بها لا من قريب ولا من بعيد وأعجب من هذا أنهم يدعون لأنفسهم أنهم أنصار الله، أنصار الحق والعدل وبهم تستقيم - كما يخيل إليهم - أمور البشر، ودونهم فالحياة إرهاب، ونكد، وضياع، وبهم تنقذ البشرية من السقوط.

فهل هؤلاء حقاً أنصار الله؟؟

ومنذ البداية أقرر أن هؤلاء الأدعياء ليسوا أنصار الله، ولا أنصار شيء إلا ذواتهم ونزواتهم، وشياطينهم وهم على طرف نقيض من أنصار الله، فمن هم أنصار الله حقاً؟ من هم الذين وعدهم الله تعالى بالنصر وبالغلبة على عدوهم، وبالتثبيت لأقدامهم، وبعدم الخوف أو الحزن، وبالتمكين في الأرض وإعمارها؟

إن قول الحق جل وعلا ﴿ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُركُم وَيُثَبِّت أَقدَامَكُم﴾ «محمد 7» يحتاج إلى بيان من هؤلاء الذين خاطبهم رب العزة والجلال، الذين يستحقون هذا النصر والتأييد. إن أنصار الله تعالى هم أنصار دينه الداعين له الذين يتحملون الصعاب من أجل تبليغه الذين ينتصرون على شهواتهم ورغباتهم الدنيوية ويدحرون شيطانهم، الذين ينصرون دعوة الحق ويبذلون حياتهم لتظهر الذين ينصرون الله بالقيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ﴿ ٱلَّذِينَ إِن مَّكَّنَّٰهُم فِي ٱلأَرضِ أَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَمَرُواْ بِٱلمَعرُوفِ وَنَهَواْ عَنِ ٱلمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَٰقِبَةُ ٱلأُمُور﴾ «الحج 41»، ﴿ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ﴾ «يونس 63» ﴿إلا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَتَوَاصَواْ بِٱلحَقِّ وَتَوَاصَواْ بِٱلصَّبرِ﴾ «العصر 3». ﴿ ٱلَّذِينَ يُؤمِنُونَ بِٱلغَيبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقنَٰهُم يُنفِقُونَ﴾ «البقرة 3».

هذه بعض أوصاف أنصار الله تعالى، والقرآن الكريم في العديد من سوره وآياته يحدد سماتهم، ويبرز علاماتهم، ويدعو للالتزام بطريقتهم، والاعتصام بطريقهم الذي هو الصراط المستقيم، وهو غير صراط المغضوب عليهم والضالين.

فهل يمكن أن يتحقق فينا بعض هذه الأوصاف ليأتي النصر الذي تتوق إليه أمتنا الإسلامية اليوم؟

أسأل الله ذلك.

الرابط المختصر :