; حوار مع قارئ | مجلة المجتمع

العنوان حوار مع قارئ

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 23-يناير-1979

مشاهدات 18

نشر في العدد 429

نشر في الصفحة 22

الثلاثاء 23-يناير-1979

مجاهدة

«... أكتب إليك هذه السطور، وأنا في حيرة وقلق عظيمين، لا أدري المخرج منهما. 

أنا شابة في المرحلة الثانوية، نشأت على حب الدين وأهله، وكانت تربيتي في أسرة محافظة، وأنا -كما يقولون- على قسط وافر من الجمال، ويتقدم لخطبتي كثير من الشباب المتمسك بدينه، الداعي إليه، لكن أبي -سامحه الله- يردهم؛ لأنه ليس بينهم صاحب المال الوفير، والجاه العظيم، فإذا تقدم لخطبتي من كان ذا مال وجاه.. رضي به، وعرض الأمر عليّ، فأرفض خطبته، مبررة ذلك برغبتي في متابعة دراستي.

والدي محافظ، ولا يرضى لي زوجًا إلا المحافظ، ويرى أن المحافظ هو المتدين، وإن لم يكن يصلي!...

وأنا لا أحلم بزوج لي، وأب لأطفالي فحسب، بل أحلم أيضًا، بشريك لي في الدعوة إلى الله، وحب دعاته، والتحرق لنصرته، أريده شابًّا يبرق في عينيه حب الله، ويدمي قلبه لما يصيب المسلمين في أي مكان من الأرض، هكذا أريد زوجي؛ لأنني كذلك.

وما أخشاه أن يضيق والدي ويزوجني من أحد هؤلاء الذين يرضاهم لي».

التوقيع

حائرة

ماذا أقول فيك؟ وماذا أقول في أبيك؟

أنت نموذج فريد للفتاة المؤمنة الداعية، لم يصرفها جمالها إلى حب الدنيا، وحب أهل الدنيا.. ولم يفتنها مال الخاطبين وجاههم فترضى بهم.

أما أبوك، فهو صورة مكررة لكثير من آباء هذه الأيام، لم يمتثلوا لأمر الرسول القائل: «إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض».

لم يسمعوا بقصة سعيد بن المسيب، حين رفض ابن الخليفة وقد تقدم لخطبة ابنته، ثم زوّجها إلى تلميذ من تلاميذه الفقراء، وأخذ ابنته إلى بيته بنفسه.

لم يؤمنوا حق الإيمان، بأن الله هو الرزاق، يغني من كان فقيرًا، ويفقر من كان غنيًا، إذا شاء.

ألا يعلم هؤلاء، أنهم يشاركون في هذا الفساد العريض، الذي انتشر في مجتمعنا، وحذّر منه الرسول الكريم؟ وأنهم مسؤولون يوم القيامة عن ذلك: ﴿وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ﴾ (الصافات: 24).

وأنت يا أختي، أدعوك إلى الثبات على موقفك، ومتابعة رفضك لمن لا تجدين فيه بغيتك، ومن حقك في الإسلام أن لا تتزوجي إلا ممن ترضين به.

وثقي يا أخت، أن الله لن يضيع أجرك وجهادك، فأنت مجاهدة، تجاهدين نفسك، ومجتمعك وأسرتك التي لا تفهمك حق الفهم.

 

الرابط المختصر :