; مجلس الأمة وقانون المطبوعات | مجلة المجتمع

العنوان مجلس الأمة وقانون المطبوعات

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 24-مارس-1981

مشاهدات 28

نشر في العدد 521

نشر في الصفحة 4

الثلاثاء 24-مارس-1981

مع أن واجبات مجلس الأمة أكثر من أن تحصى باعتباره السلطة التشريعية وجهاز الرقابة على السلطة التنفيذية، إلا أن أهم هذه المهمات هي ممارسة حقه الدستوري في النظر في جميع القوانين التي صدرت منذ أن حُل المجلس وحتى بداية انعقاد دورته الجديدة، والنظر في تصورات الحكومة لتعديل الدستور، وقد كانت استجابة الحكومة لطلب المجلس الدستوري في النظر في القوانين التي صدرت في غيابه فاتحة خير لانعقاد المجلس الجديد.

وفي الجلسات القادمة ستعرض الحكومة على المجلس كافة القوانين والمراسيم التي صدرت أثناء فترة التعطيل للنظر فيها. والاتجاه السائد لدى النواب حتى الآن هو الموافقة على جميع هذه القوانين عدا قانوني المطبوعات والنشر والتجمعات العامة.

ونحن نتمنى على المجلس الذي يتفق الجميع أنه جاء ممثلًا لإرادة الشعب أن يتمهل في دراسة هذه القوانين وتمحيصها واضعًا في اعتباره عدم مخالفتها للحريات العامة التي كفلها الدستور.

وأول هذه القوانين التي ينبغي إعادة النظر فيها هو قانون المطبوعات والنشر بشكل عام والمادة 35 مكرر بشكل خاص.

قانون المطبوعات والنشر صدر لأول مرة عام 1956م، ثم أعيد النظر فيه من حيث الشكل والمضمون، وصدر قانون جديد هو القانون رقم (3) لسنة 1961م، وقد ظل ساريًا حتى الوقت الحاضر ولم يعدل إلا تعديلًا طفيفًا بموجب القانون رقم 29 لسنة 1965م بتعديل المادة (35) والقانون رقم (9) لسنة 1972 بتعديل المادة (35) أيضًا.

وعندما حُل المجلس في أغسطس 1976 صدر قانون رقم (59) لسنة 1976 بإضافة مادة جديدة إلى قانون المطبوعات والنشر وهي المادة (35) مكرر.

والحقيقة أن قانون المطبوعات والنشر كما صدر عام 1961 صالح بشكل عام وإن احتاج إلى تعديل، ففي بعض النصوص فقط وخاصة المادة (35) التي انصب عليها التعديل في القانون رقم 29 لسنة 1965 والقانون رقم (9) لسنة 1972. 

والمأخذ الأساسي الذي يؤخذ عليه هو في التطبيق أولًا وقبل كل شيء؛ ففي حين كانت نصوص القانون واضحة في جزاءات التحريض على ارتكاب الجرائم أو ما يخدش الآداب العامة أو الدين إلا أن الجزاءات طبقًا للقانون الجنائي أو الإداري بالتعطيل لم تُتخذ ضد الصحف والمجلات والمطبوعات التي نشرت مثل هذه الأمور، بل اقتصرت على بعض الصحف والمجلات التي نشرت ما فسرته الحكومة بأنه يسيء إلى رؤساء الدول أو من شأنه تعكير العلاقات مع الدول العربية أو بأنه خروج عن الغرض من الترخيص.

وهذا العيب يمكن أن يظل موجودًا حتى لو عُدّل نص القانون وفُصّل تفصيلًا دقيقًا؛ لأن العدل كما يقال في نفس القاضي وليس في نص القانون! ومع ذلك فإن يد التنقيح يجب أن تمتد لتعديل القانون بما يذهب ما فيه من تناقض ظاهر في بعض نصوصه أو بما فيه من تناقض مع نصوص الدستور خاصة المادة (37) التي تنص على أن «حرية الصحافة والطباعة والنشر مكفولة وفقًا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون».

ولقد كان القانون صريحًا في أنه لا يجوز التعرض لشخص أمير الكويت بالنقد، أما الذات العلية فلم يتعرض لها القانون من قريب ولا من بعيد، اللهم إلا ضمن «الإساءة للأديان»، وهذا الأمر لا يجوز إغفاله في بلد ينص دستوره على «دين الدولة الرسمي هو الإسلام».

وانطلاقًا من دعوتنا لجعل الشريعة مصدر التشريع، فإن قانون المطبوعات والنشر يجب تنقيحه ضمن هذا القيد. 

هذا بشكل عام، وبشكل خاص فإنه ينبغي إعادة النظر في المادة 35 مكرر وذلك لأسباب عدة:

- لأنها تخالف نص المادة (37) من الدستور ونص مواده الأخرى المتعلقة بالحريات العامة.

- لأنها سلبت القضاء سلطته في النظر في جزاءات الصحف وتعطيلها. 

فبالرغم أن المادة 35 نقحت أكثر من مرة، بحيث جعلت التعطيل الإداري للصحف راجعًا إلى مجلس الوزراء، إلا أن تلك القرارات أو قرارات إلغاء - الترخيص كانت من اختصاص القضاء وحده.

- ولأن القانون الحالي ذاته ينطوي على هذا الاتجاه كما تنص المادة (33) منه على أن دائرة الجنايات هي التي تنظر في جرائم المطبوعات، كما تنص المادتان (28)، (31) على إسناد سلطة التعديل وإلغاء الترخيص إلى المحكمة، كما تنص المادة (32) على ضرورة صدور إذن من رئيس محكمة الاستئناف العليا لإيقاف صدور الجريدة إلى حين صدور حكم من القضاء في شأنها.

وإذن فإنه حرصًا على توفير ضمانة لحرية الرأي والنشر التي كفلها الدستور، ولتشجيع كل ذي رأي على إبداء رأيه خدمة للصالح العام فإنه ينبغي على المجلس الجديد أن يركز على إلغاء المادة (35) مكرر من قانون المطبوعات، وتنقيح المادة (35) جميعها بحيث تكفل حق حرية الرأي وحرية الرقابة في آن واحد.

وبهذا الصدد نقترح ما يلي:

1- لا يجوز تعطيل أية جريدة أو إلغاء ترخيصها إلا بموجب حكم نهائي صادر من محكمة الجنايات، ولا يجوز أن تزيد مدة تعطيل الجريدة عن سنة واحدة.

2- يقدم مالك الجريدة، ورئيس تحريرها إلى المحكمة بقرار من النائب العام المختص بعد تحقيقٍ تجريه النيابة العامة بناء على بلاغ يقدم إليها من وزير الإعلام.

3- ومع ذلك يجوز لرئيس دائرة الجنايات عند الضرورة أن يقرر بناء على طلب من النيابة العامة إيقاف صدور الجريدة مؤقتًا أثناء التحقيق أو أثناء المحاكمة لمدة لا تتجاوز ثلاثة أسابيع.

وهذه الفترة حددتها المادة 35 مكرر بثلاثة أشهر، باختصار يجب أن يتولى القضاء وليس السلطة التنفيذية البت في جرائم المطبوعات.

.وأخيرا لا بد من التنبيه إلى أن تنظيم المطبوعات والنشر طبقًا لأحكام الإسلام ومبادئه العامة، وطبقًا لأحكام الدستور من شأنه أن يشيع الأمن ويزيل المخاوف من أصحاب الفكر والرأي، ويشجعهم على أن يقولوا آراءهم المكفولة دستوريًّا بحرية تامة، وهذا بحد ذاته مناخ صحي نتيجته النهائية في صالح الشعب والمجتمع.

هذا باختصار هو مطلب الشعب في تعديل قانون المطبوعات والنشر، ونحن بانتظار دور المجلس الذي نأمل أن يكون عند حسن ظن الشعب الذي اختاره.

الرابط المختصر :