; الاسرة و المجتمع (1063) | مجلة المجتمع

العنوان الاسرة و المجتمع (1063)

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 24-أغسطس-1993

مشاهدات 15

نشر في العدد 1063

نشر في الصفحة 54

الثلاثاء 24-أغسطس-1993

للداعيات فقط

الأمن في بلادنا

تفضل الكثير من الأسر الكويتية قضاء عطلة نهاية الأسبوع في منطقة الشاليهات «بنيدر» و«الخيران» بحكم أنها مناطق هادئة نوعًا ما، وتتميز بأنها مناطق خاصة بالأسر، ولكن مع الأسف الشديد هذه السمعة الطيبة لمنطقة الشاليهات قد بدأت تسوء تدريجيًا، فقد عرف بعض الشباب الضائع طريقة الوصول إليها، وصار يفسد على الأسر هناك تلك الإجازة الهادئة التي يتطلعون إليها.

هؤلاء في الغالب قد حضروا برفقة أسرهم، ولكنهم يمارسون هواياتهم المشبوهة من مضايقة النساء في غفلة من الأهل وبعيدًا عن رقابتهم!!

إن هذه الجرأة التي صارت معلمًا واضحًا في أولئك الشباب، تجعلنا نتساءل ما الذي أفسد أخلاقهم بتلك الصورة!!

وكيف يتجرؤون على تلك التحرشات علانية ودون خوف من أحد!!

الإجابة على سؤالنا ذاك يتطلب وقفة طويلة منا، فمثل أولئك الشباب لم ينالوا تربية سليمة داخل أسرهم تحميهم مستقبلًا من ذلك المنزلق، وبالإضافة إلى التربية الواهية التي تلقوها، فإنهم يرون أمامهم فتيات يسرن أمامهم بثياب فاضحة، وكأنهن يدعوهن جهارًا للتحرش بهن، كل ذلك يحدث أمام ذلك الأب الساذج أو تلك الغافلة التي ترى ابنتها تسير في تلك الثياب الفاضحة فلا يحرك هذا فيها ساكنًا ولا يتمعر وجه الأب خجلًا من مظهر ابنته!!

السبب الثالث أن المنطقة تخلو من دوريات الشرطة التي تخالف مثل تلك التصرفات الشائنة التي لا تحترم تقاليدنا التي تقلق في الوقت ذاته راحة الأسر الفاضلة هناك، ولسنا ندري السبب الذي يجعل وزارة الداخلية تغفل عن إرسال من يحفظ الأمن هناك، ويضرب بيد من حديد على من تسول له نفسه بالمجاهرة علانية باستهزائه بالقيم!!

لقد كثرت الجرائم في الآونة الأخيرة، وهذا يدفعنا لمعاقبة الجناة من هؤلاء الشباب المستهتر ليكونوا عظة وعبرة لغيرهم!!

سعاد الولايتي

متفرقات

·    أظهر استفتاء للنساء الحوامل في فرنسا أن بعضهن كان يتخوف من ممارسة رياضة السباحة خوفًا على تطور نمو الجنين، غير أن التجارب أثبتت أن ممارسة رياضة السباحة والتمرينات الرياضية خلال الشهور الأولى للحمل، يمكن السيدة من مواصلة فترة حملها بشكل صحيح وسليم، وبهذا تستعد استعدادًا سليمًا للولادة. وكل ما في الأمر أن تبقي السيدة الحامل، ولمدة ثلاثة أرباع الساعة في ماء دافئ (۲۹ -۳۰) درجة مئوية، وتقوم في الربع ساعة الأخير بتجفيف نفسها من الماء، والسباحة تؤدى إلى عملية ارتخاء في الجسم وتقليل انفعال المرأة وتقوية جسمها وانتظام التنفس لديها وتحميها من آلام الظهر والبطن.

·    اكتشف في اليابان أن الفلفل الأخضر يحتوي على مزايا علاجية عديدة لاحتوائه على مادة «الكاباسين» التي تعالج صعوبة البلع عند المسنين، والتي قد تصيبهم في مرحلة الشيخوخة، وتعرض الكثيرون منهم لأمراض سوء التغذية والالتهابات الرئوية. وينصح الباحثون بإضافة جرعات من هذه المادة مع الأغذية السائلة والصلبة للمسنين.

عالم غريب

أرادت مجلة «دير شبيغل» الألمانية أن تظهر الفروق المخفية أو السرية بين الرجل والمرأة، فقامت ببحث اشترك فيه عدد من الأخصائيين في علم الاجتماع، ومن بين هذه الفروق المخفية التي نشرتها المجلة ما يلي.

·    إذا سألت شخصًا مثلًا: من أين اشتريت التفاح؟ فإذا قال «الشخص» المذكور: لماذا؟ فهو امرأة.... وإذا قال لك «الشخص»: إنه من المحل الفلاني فهو رجل.

·    إذا سرت بجوار «شخص» في الظلام فرأيته يسير بخطى واثقة فهو أقصد هي امرأة، وإذا رأيته مترددًا فهو رجل، فالنساء أحد بصرًا من الرجال في الظلام.

·    إذا سرت مع شخص ذاهب إلى منزله، ووجدته يستعد بإخراج المفاتيح قبل الوصول إلى المنزل فحضرته رجل. أما إذا انتظر حتى باب المنزل.. فحضرتها امرأة.

وهكذا نرى أن هذه الفروق مع بساطتها إلا أنها تؤكد مساواة المرأة للرجل واختلافها عنه.

ماهر السعيد

السعودية -أبقيق

 

  • كيف يلتزم طفلي بمواعيد الصلاة؟

سميرة دعبول «أم ربيع» تجيب على هذا السؤال:

  • موجهة العلوم الشرعية بقطر: الأساليب التي تجعل الطفل الصغير يلتزم بمواعيد الصلاة تعتمد على التربية الروحية الإيمانية والأخلاقية التي يربي عليها الطفل

الدوحة -حسن على دبا

أب ملتزم وأم ملتزمة، وأسرة ملتزمة بالإسلام فكرًا وخلقًا وعملًا، لكن الأبناء قد لا يكونون على الدرجة نفسها. وإذا كانت الهداية من عند الله سبحانه وتعالى، فإن على الوالدين أن يراجعا دائمًا أساليب التربية التي يمارسونها مع أولادهم...

نتوقف اليوم مع مربية فاضلة أفادت الأخوات كثيرًا منها فيما تلقيه عليهن من كلمات، وهي الأستاذة سميرة دعبول «أم ربيع» كما يعرفها الجميع في الدوحة وهي موجهة العلوم الشرعية بوزارة التربية القطرية، وقد سألناها عن الأساليب التي تجعل الطفل الصغير يلتزم بمواعيد الصلاة بصورة غير مباشرة.

قالت: تعتمد الأساليب التي تجعل الطفل يلتزم بمواعيد الصلاة على التربية الروحية الإيمانية والتربية الأخلاقية التي يُربى عليها الطفل.

ومن وسائل هذه التربية الروحانية تعويد الطفل في سن التمييز الخشوع في الصلاة، وعند سماع القرآن الكريم وهذا ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصحابه الكرام -رضى الله عنهم والسلف الصالح.

قد يجد المربي في تعويد الطفل على الخشوع صعوبة ومشقة.. فكيف يمكن التغلب على ذلك في التنبيه تارة والمثابرة أخرى، والتأسي ثالثة.. يصبح الخشوع خلقًا أصيلًا في الطفل، وطبعًا كريمًا من طباعه وأخلاقه.

وليعلم المربي طفله الإخلاص لرب العالمين في أقواله وأفعاله، وليشعره بأن الله سبحانه وتعالى لا يقبل منه أي عمل إلا إذا قصد من ورائه وجه الله، وابتغى مرضاته فإذا ما تعود الطفل على مراقبة الله تعالى، يصبح من السهل عليه الالتزام بمواعيد الصلاة بعد أن يتعلم كيفيتها وأركانها وواجباتها... وذلك بعد سن السابعة...

ما الوسائل التي تعين على المداومة على الصلاة؟

أولًا: اصطحاب الطفل إلى المسجد وربطه به، فأداء الصلوات الخمس مع أبيه في المسجد يشعره بأهمية المبادرة إلى الصلاة في أول وقتها، والمثابرة على ذلك تجعله قادرًا على التعود عليها والتزامها حتى في غياب والده.

ثانيًا: اصطحابه إلى صلاة الجمعة، وفي ذلك فوائد جمة منها: تُكوّن تغذية إيمانية وشحنًا روحيًا على إقامة الصلوات الخمس، وطاعة الله بين الجمعة والجمعة.

ويتعرف أيضًا على علماء الأمة ودعاتها، مما له كبير الأثر في كبره، كما يحصل له بناء شخصية بكامل عناصرها العقيدية والعبادية والاجتماعية والعاطفية والعلمية والجسمية والصحية.

ولا يفوتنا أن نشير إلى أن بعض الأطفال ينشئون على عادة الالتزام بمواعيد الصلاة تلقائيًا لما يجدون في بيتهم أو مجتمعهم... وهذه عادة حميدة وفى مثل هذه الحال، يكون سعينا للارتقاء يجعل هذه العادة ذات مضمون واعٍ متبصر لغاياتها ومنزلتها في الدين والحياة، ونهيها عن المنكر، وما إلى ذلك من فضائلها المعروفة في الحياة الإسلامية.

 

 

التكافل الاجتماعي

د. خليفة العسال الأستاذ

 بكلية الشريعة جامعة قطر

من أهم سمات الأمة الإسلامية ولازم من لوازمها بل هو من أهم لوازمها، وهو شعور الأفراد جميعًا بمسئولية بعضهم عن بعض، وإن كل واحد منهم حامل لتبعات أخيه ومحمول على أخيه، يُسأل عن نفسه ويسأل عن غيره، وهذا في الواقع قانون من قوانين الاجتماع الراقي وعنصر من عناصر الحياة الطيبة يتوقف عليه كمال السعادة، بل هو الأساس في حياة الأمم وبقائها عزيزة كريمة، متمتعة بهيبتها قائمة بواجبها، ولا يتحقق التكافل إلا بتعاون الأفراد بعضهم مع بعض في دفع الشر عنهم وجلب الخير لهم قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ (المائدة: ٢).

وقال صلى الله عليه وسلم: «أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ ولَا يُسْلِمُهُ، ومَن كانَ في حَاجَةِ أخِيهِ كانَ اللَّهُ في حَاجَتِهِ، ومَن فَرَّجَ عن مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرُبَاتِ يَومِ القِيَامَةِ، ومَن سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ. وَاللَّهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ،» رواه البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود. (البخاري:2442)

والتكافل نوعان: مادي ومعنوي

فالمادي يتحقق بإعانة المحتاج وإغاثة الملهوف وتفريج كربة المكروب، وتأمين الخائف وإشباع الجائع، والمساهمة العملية في إقامة المصالح العامة، وقد دعا القرآن الكريم إلى هذا النوع من التكافل وحث عليه واستنهض الهمم فيه، وأطلق عليه جملة من العناوين المحببة فيه الداعية إليه كالإحسان والزكاة والصدقة والإنفاق في سبيل الله وغيرها، وأوجبه في أصناف المال كله نقده وزرعه وماشيته، أوجبه للفقير على الغنى وأوجبه للفقير على الفقير تدريبًا للفقير على الإعطاء ومساهمة في سد الحاجات بقدر ما يستطيع، وأوضح شاهد على ذلك ما شرعه الإسلام في نهاية شهر رمضان من كل عام مما يسمى بزكاة الأبدان أو صدقة الفطر، وقد شرعها الإسلام طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين.

 وللتكافل المادي مظاهر متنوعة يتضح من خلالها التعاون بين الفرد وأسرته فهو ثابت في محيطها؛ لأنه قوامها الذي يمسكها. والأسرة هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع، وتقوم على الميول الثابتة في الفطرة الإنسانية وعلى عواطف الرحمة والمودة وفقًا للضرورة والمصلحة وما تقتضيه ظروف الحياة قال تعالى: ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ (الإسراء: ٢٣) (النساء: ٣٥) (الأنعام: ١٥١).

وقال تعالى: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾ (الأنفال: ٧٥)، و(الأحزاب: ٦).

وإذا تجاوز الفرد محيط أسرته وجد نوعًا آخر من التكافل بين الفرد وبين أبناء مجتمعه، وليكن مع جيرانه أولًا فعليه أن يرعاهم ويواسيهم ويعاونهم في الخير ودفع الشر، ولا يكون منه لهم إلا ما يكون به صلاح أمرهم، ولقد اعتبر النبي صلى الله عليه وسلم إيذاء الجار يتنافى مع الإيمان فقال: «واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ. قيلَ: ومَن يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: الذي لا يَأْمَنُ جارُهُ بوائقه.» (رواه البخاري:6016)

أي لا يأمن من أسباب الأذى الذي يأتي إليه منه، وذلك يشمل الجار في أي مكان -في الدار والشارع والمزرعة والمركبة أثناء السفر وفي دواوين الحكومة أو المؤسسات العامة وغير ذلك. ولقد قرن الله تعالى الإحسان إلى الوالدين والأقارب بعبادة الله كما قرن الإحسان إلى الأقارب بالإحسان إلى الجار فقال سبحانه: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا﴾ (النساء: ٣٦).

والإحسان إلى الجار يكون بأنواع شتى أدناها منع الأذى عنه وأعلاها مشاركته في السراء والضراء، وروى أنه صلى الله عليه وسلم قال: «مَن أغلَقَ بابَه دونَ جارِه؛ مَخافةً على أهلِه ومالِه؛ فليسَ ذاكَ بمُؤمِنٍ، وليسَ بمُؤمِنٍ مَن لم يأمَنْ جارُه بَوائقَه، أتَدْري ما حَقُّ الجارِ؟ إذا استَعانَكَ أعَنتَه، وإذا استَقرَضَكَ أقرَضتَه، وإذا افتَقَرَ عُدتَ عليه، وإذا مَرِضَ عُدتَه، وإذا أصابَه خَيرٌ هَنَّأْتَه، وإذا أصابَتْه مُصيبةٌ عَزَّيتَه، وإذا ماتَ اتَّبَعتَ جِنازَتَه... إلخ» رواه أحمد(البيهقي:3136/7)

ولقد شدد الرسول صلى الله عليه وسلم في الوصية بالجار فقال: «ما زالَ يُوصِينِي جِبْرِيلُ بالجارِ، حتَّى ظَنَنْتُ أنَّه سَيُوَرِّثُهُ.» رواه البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود(البخاري:6014)..

وهذه الوصية واسعة في معناها ومرماها حتى تصل إلى تكوين المجتمع كله وترابطه لا فرق في ذلك بين المسلم وغير المسلم والقريب والبعيد؛ ومن هنا تنوع الجار إلى ثلاثة أنواع: جار مسلم ذو رحم له حق الجوار وحق الإسلام وحق القرابة، وجار مسلم له حق الجوار وحق الإسلام، وجار مشرك له حق الجوار.

وإذا تجاوزنا الجيران في المجتمع الصغير إلى المجتمع الكبير في الأمة، وجدنا التكافل الاجتماعي على أساس بنيانها تتعاون كل طوائفها في جهودها المختلفة لتتلاقى تلك الجهود في رفعة شأن الأمة وإعلاء قدرها، والأمة مسئولة عن حماية الضعفاء فيها ورعايتهم، فعليها أن تدافع عنهم عند اللزوم وتحميهم قال تعالى: ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هذه الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا﴾ (النساء: ٧٥).

كما أنها مسئولة عن أموال اليتامى والمحافظة عليها حتى يرشدوا لقوله تعالى: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ۖ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُوا﴾ (النساء: ٦)

وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «السَّاعِي علَى الأرْمَلَةِ والمِسْكِينِ، كالْمُجاهِدِ في سَبيلِ اللَّهِ، أوِ القائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهارَ.» رواه البخاري ومسلم وأحمد وابن ماجه. (البخاري:5353)

كما أنها مسئولة عن فقرائها ومعوزيها أن ترزقهم بما فيه الكفاية، فإذا بات فرد واحد منها جائعًا فالأمة كلها تبيت آثمة ما لم تتحاض على إطعامه، قال تعالى: ﴿ كَلَّا ۖ بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ، وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ، وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَّمًّا، وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا، كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا، وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا، وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ ۚ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّىٰ لَهُ الذِّكْرَىٰ، يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي، فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ﴾ (الفجر: ١٧: ٢٥).

وأما المعنوي منه فيتحقق فيما يكون بين الفرد وذاته، بتطهير النفس وتزكيتها وإبعادها عن الشهوات، ولا يلقى بها إلى التهلكة، بل يسلك بها طريق الصلاح والنجاة قال تعالى: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا﴾ (الشمس: ٧: ١٠).

كما يتحقق بتكافل المسلمين جميعًا بالتعاون المعنوي فيما بينهم بالتعليم والنصح والإرشاد، وقد أعطاه القرآن الكريم اسمًا كريمًا يحببه إلى النفوس ويغري به العقول والقلوب فسماه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا شك أن كلمة المعروف عنوان أخاذ يجذب إليه القلوب ويحمل على الأمر به، كما أن كلمة المنكر من شأنها أن تشع الشر والفساد وأن تثير النفوس عليهما.

والإسلام يجعل هذا التكافل المعنوي فرض كفاية على الأمة الإسلامية من القادرين عليه الواقفين عند حدود الله، ورتب عليه الفلاح المطلق قال تعالى: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ (آل عمران: ١٠٤).

 -وقال صلى الله عليه وسلم: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ. قُلْنا: لِمَنْ؟ قالَ: لِلَّهِ ولِكِتابِهِ ولِرَسولِهِ ولأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وعامَّتِهِمْ.» رواه مسلم والترمذي وأبو داود. (مسلم:55)

 وتحقيقًا لهذا الأمر يجب على الأمة الإسلامية أفرادًا وجماعات أن تعمل في محيطها على منع الظلم وحماية الفضيلة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انْصُرْ أخاكَ ظالِمًا أوْ مَظْلُومًا. فقالَ رَجُلٌ: يا رَسولَ اللَّهِ، أنْصُرُهُ إذا كانَ مَظْلُومًا، أفَرَأَيْتَ إذا كانَ ظالِمًا، كيفَ أنْصُرُهُ؟ قالَ: تَحْجُزُهُ -أوْ تَمْنَعُهُ- مِنَ الظُّلْمِ؛» رواه البخاري وأحمد والترمذي. (البخاري:6952)

ذلك لأن الأمة الإسلامية جسد واحد يحس إحساسًا واحدًا، وما يصيب عضوًا منه يتألم له سائر الأعضاء، وقد رسم له الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الصورة الجميلة المعبرة فقال: «مثلُ المؤمنين في تَوادِّهم، وتَرَاحُمِهِم، وتعاطُفِهِمْ. مثلُ الجسَدِ إذا اشتكَى منْهُ عضوٌ تدَاعَى لَهُ سائِرُ الجسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى» رواه البخاري وأحمد. (البخاري:6011)

كما رسم للتكافل بين المؤمنين صورة دقيقة معبرة عن دخيلة المؤمن نحو أخيه فقال صلى الله عليه وسلم: « المُؤْمِنَ للمؤمنِ كالبُنْيانِ يشدُّ بَعضُهُ بعضًا » (رواه البخاري:6026) وذلك أسمى ما يتصوره الخيال للتعاون والتكافل في الحياة، مما يمكن الأمة الإسلامية أن تحيا حياة كريمة بعيدة عن التبعية التي تجر عليها أسباب الخزي والندامة، وتعرضها للانهيار والانكسار بما تواجه به من مؤامرات سرية وعلنية، قد تتطور إلى حمل السلاح وجهًا لوجه مع أعداء الإسلام، ولا سبيل للنصر عليهم إلا باتباع الإسلام نصًا وروحًا فكرًا وعملًا بذلًا وجهادًا؛ حتى تعلو كلمة الإسلام وتتحقق الحرية، ويجد الناس تحتها ما لم يجدون في أي نظام أو مكان.

 وبهذا يتبين أن التكافل يحقق السعادة للأمة، ويبعدها عن التبعية، ويكفل لها الأمان والاطمئنان، ويبعدها عن شبح التدهور والانحطاط، كما يبعد القلوب عن الكراهية والبغضاء

والله ولي التوفيق!!

 

أوائل المؤمنات

أول من أخبرت النبي صلى الله عليه وسلم بأمر دار الندوة

بقلم: حلمي الخولي

·    هي رقيقة بنت صيفي –وقيل: بنت أبي صيفي -بن هاشم بن عبد مناف، عمها عبد المطلب بن هاشم، وهي والدة «مخرمة بن نوفل» والد: «المِسْوَر بن مخرمة» وقد أدركت النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت أشد الناس على ابنها «مخرمة» قبل أن يسلم.

·    ولما أدركها الإسلام كانت قد تطاول عليها القدم وجاوزت حد الهرم، والتاريخ الإسلامي يحفظ لها وقفة مع الإسلام ونبيه الكريم صلى الله عليه وسلم وكثيرًا ما يغفلها المؤرخون، فقد كانت ترقب ما يدور على الساحة من حولها، وترى أن عدد المسلمين في ازدياد دائم، وكذلك عذاب المشركين يحمى وطيسه كلما أسلم مشرك، وفى دار الندوة اجتمع كبار المشركين ليلًا ومعهم -إبليس اللعين في صورة شيخ نجدي -وانتهى أمرهم إلى أن يقتلوا النبي صلى الله عليه وسلم في داره، بيد فتية من كل قبيلة فتى فيتوزع دمه في القبائل.

·    تلك المرأة المسنة -رقيقة- هي التي استشفت خبر قريش يوم ائتمروا بالنبي صلى الله عليه وسلم.. وذهبت العجوز تجر أثقالها حتى انتهت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وحذرته من المبيت في داره، وأشارت عليه بالنقلة والرحيل، وحدثته بحديث القوم الذي لا يعلمه إلا الله ومن تآمروا عليه.

·    ذهبت العجوز التي أنافت على المائة وأشرفت على ثنية الوداع لتنقل الخبر، ولم تأمن على نقله ابنها «مخرمة بن نوفل» وهو من لُحمة -النبي صلى الله عليه وسلم- ومن ذوي صحبته، وإن الشك فيها وهي العجوز المسنة مستبعد لدى المشركين، وقد نزل جبريل عليه السلم بعد ذلك بأمر ربه يأمر نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم بالهجرة وألا يبيت الليلة في داره.

·    ففارق النبي صلى الله عليه وسلم لساعته وطنه الأعز، مدرج طفولته، ومعقد ألفته ومهبط نبوته، ومرتقى مناجاته وعبادته، وترك ربيبه وابن عمه «على بن أبي طالب» كرم الله وجهه فنام مكانه في فراشه، وتسجى ببردته، وشغل بنومه جماعة المتآمرين المترصدين الضاربين النطاق حول داره.

·    ولعل قائلًا يقول: وأي عظمة تجدها في امرأة سمعت خبرًا فألقته كما سمعته؟ ذلك قول من لم يستبطن الأمر ويتبين دخيلته، فإن فئة قليلة العدد خطيرة الغرض من هامات القوم وأشداء فتيانهم، بيتوا أمرهم واحتجزوا خبرهم عن بقيتهم والمالئين لهم، وتعاهدوا، وتعاقدوا ألا يذيعوه حتى يمضوه، فئة ذلك شأنها، وتلك غايتها، ليس بالهين اليسير كشف أمرها والوقوف على ذوات نفوسها، واستنقاذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من كيدها وشر غائلتها، هذا يجعل «رقيقة» تنفرد بأنها أول من أخبرت النبي صلى الله عليه وسلم، وأنها أول مشاركة بخبرها هذا في البدء الفعلي للهجرة المباركة، وسيظل ذكرها مع ذكر الهجرة على مر العصور.

 

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

نشر في العدد 1

794

الثلاثاء 17-مارس-1970