; السلطات الإسرائيلية تدفع للحرب الأهلية في فلسطين المحتلة | مجلة المجتمع

العنوان السلطات الإسرائيلية تدفع للحرب الأهلية في فلسطين المحتلة

الكاتب عاطف الجولاني

تاريخ النشر الثلاثاء 05-يوليو-1994

مشاهدات 10

نشر في العدد 1106

نشر في الصفحة 23

الثلاثاء 05-يوليو-1994

دفع الأمور باتجاه الفتنة والحرب الأهلية بين الفلسطينيين كانت منذ البداية أحد الأهداف الرئيسية لسلطات الاحتلال الإسرائيلي من وراء اتفاقات الحكم الذاتي التي أبرمتها مع قيادة منظمة التحرير، وقد سعت سلطات الاحتلال بشكل حثيث إلى دفع الأمور بهذا الاتجاه عبر عدة وسائل وأساليب كان آخرها استخدام ورقة العملاء من أجل إغراق الساحة الفلسطينية في حلقة من العنف الداخلي.

سار المخطط الإسرائيلي في استغلال العملاء لتحقيق هذا الهدف في اتجاهين، كما كشفت الأحداث الأخيرة التي تلت دخول السلطة الفلسطينية إلى مناطق الحكم الذاتي.

الاتجاه الأول: يتمثل في قيام العملاء الفلسطينيين بأعمال اغتيالات لشخصيات بارزة في صفوف حركة حماس وحركة فتح، وإشاعة أن كل طرف هو الذي قام بتصفية رموز الطرف الآخر بهدف دفع الطرفين إلى الصدام والأعمال الثأرية، ولا شك في أن هذه الخطوة لو كتب لها النجاح كانت ستؤدي إلى دخول الساحة الفلسطينية في حالة من الفوضى والاقتتال الداخلي نظرًا إلى أن حماس وفتح تشكلان الثقل التنظيمي الأكبر في الأراضي الفلسطينية والخلاف بينهما كبير بسبب الموقف السياسي من عملية التسوية، ولكن هذا المخطط الخطير لم يكتب له النجاح، فقد علمت حركة حماس بتفاصيله قبل أن يدخل حيز التنفيذ بعد أن اعترف العميلان عبد الوهاب راضي وحسام الدوش بأنهما كانا يعتزمان القيام باغتيال الدكتور محمود الزهار أحد رموز حركة حماس في قطاع غزة وذياب اللوح أحد القادة البارزين لحركة فتح في القطاع.

فشل المخطط الإسرائيلي في هذا الاتجاه دفع سلطات الاحتلال إلى البحث عن بدائل أخرى لتحقيق أهدافها، وقد تمثلت الخطوة الإسرائيلية الجديدة في تحريض عائلات العملاء الذين تمت تصفيتهم على أيدي أبطال الانتفاضة خلال الأعوام السابقة، ودفعهم للثأر لأقاربهم العملاء، ومن أجل ذلك فقد قامت السلطات الإسرائيلية بإبلاغ عائلات العملاء بأسماء المعتقلين الذين أفرج عنهم مؤخرًا ممن لهم علاقة بقتل أقربائهم من العملاء.

وقد أدى هذا التحريض الإسرائيلي المقصود والمخطط له بعناية إلى تزايد التهديدات من قبل بعض عائلات العملاء بانتقام لمقتل أبنائهم وأقاربهم، مما أثار حالة من القلق الشديد في أوساط المعتقلين المفرج عنهم وعائلاتهم بعد أن تلقى عدد منهم مثل هذه التهديدات، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد أقدمت عائلة أحد العملاء القتلى ويدعى عبد الفتاح علوان على خطف الشاب ناصر صلوحة (۲۲ عامًا) وهو من نشطاء حركة حماس في مدينة غزة يوم الأربعاء ٢٢ يونيو «حزيران» الفائت والذي عثر عليه مقتولًا صباح اليوم التالي.

وقد حذر الدكتور إبراهيم اليازوري أحد مسئولي حركة حماس في قطاع غزة من خطورة هذه الأعمال التي قد تفجر فتنة لا يعلم مداها إلا الله، كما حذر القائد الفتحاوي ذياب اللوح من مغبة ارتكاب مثل هذه الأعمال، وقال إن حركة فتح تنظر بعين الخطورة البالغة لهذا الحادث.

وفور الإعلان عن نبأ استشهاد ناصر صلوحة عمت قطاع غزة حالة من الغضب العارم احتجاجًا على هذه الحادثة الخطيرة وخرج ما يزيد على ٥٠ ألف فلسطيني في مظاهرة احتجاج نظمت في قطاع غزة ووصفت بأنها أكبر مظاهرة تنظمها حركة حماس في القطاع.

محسن أبو عطية أحد رموز حركة حماس أشار إلى الأصابع الإسرائيلية وراء هذا الحادث الذي قال: «إنه يكشف عن المخطط الذي رسمته أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية للدور الذي سيلعبه العملاء في فترة الحكم الذاتي تحت شعار الثأر من قتلة العملاء أو تصفية الحسابات».

واتهمت حركة حماس أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بتدبير هذه الأعمال وقالت: إن هناك دوافع ماكرة وشريرة تقف خلف هذه الحادثة تكمن في أنه مخطط مخابراتي لعين يستهدف زرع الفتنة بين عناصر الشعب الواحد الذي أرهق بنضالاته جنرالات رابين الحقير، كما يستهدف إثارة النعرات الجاهلية التي تستهدف تدمير أصالة هذا الشعب المسلم.

وقد حذرت حركة حماس من أنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام تلك المؤامرات التي كان أولها اغتيال الشهيد ناصر صلوحة، وقالت إنها ستلاحق القتلة في أحضان أمهاتهم، ما لم يكن للشرطة موقف يتناسب وحجم هذه الظاهرة والجريمة البشعة.

وأضافت حماس في بيان أصدرته في ٤ يونيو «حزيران» في الأراضي المحتلة: «نقول لكل المشبوهين والأقزام ممن يطلقون التهديدات والتصريحات من أقارب العملاء ظانين أننا نجهلهم.. سيصلكم ردنا سريعًا وساعتها لن ينفعكم الندم.. نحن في حركة المقاومة الإسلامية حماس ننظر إلى هذه الظاهرة على أنها بداية إعلان حرب على حماس فلينتظر العملاء غضبة حماس.

ومن جانبها فإن الشرطة الفلسطينية لم تتخذ أية إجراءات عملية في حق المجرمين الذين عرفت أسماؤهم، وتشير بعض المصادر إلى أنها ربما تقوم بترحيلهم خارج مدينة غزة، وقد أدى هذا الموقف الضعيف من الشرطة الفلسطينية التي كان قائدها نصر يوسف قد أعلن استعداده للتضحية بمائة شرطي من أجل إلقاء القبض على قتلة العميلين راضي والدوش، إلى حالة من الاستياء والغضب في أوساط الفلسطينيين.

وحملت حركة حماس في بيان صدر عن مكتبها الإعلامي، الشرطة الفلسطينية مسئولية دم الشهيد ناصر صلوحة، وقالت إن السلطة الفلسطينية أتاحت المجال للعابثين من العملاء ليتطاولوا على أبناء شعبنا المجاهدين وادعت الشرطة أن مسئولية الأمن وظيفتها بينما هي غير معنية بأمن شعبنا، في حين تحرص على توفير الأمن للمستوطنين وجنود الاحتلال والعملاء إن الأحداث المتلاحقة تؤكد حقيقة الأهداف الخبيثة التي تحرك رابين والمسئولين الإسرائيليين الذين يتسابق البعض إلى اللقاء بهم ويكيل لهم المديح، وهي في الوقت نفسه تكشف حقيقة الدور المرسوم للسلطة الفلسطينية وقوات أمنها، وإلا فما معنى أن تسكت عن السلاح في أيدي العملاء في الوقت الذي تسعى فيه إلى نزعه من أيدي المجاهدين، وما معنى أن يستفز قائد الشرطة الفلسطينية لمقتل عميلين ويسكت عن قتل أحد أبطال الانتفاضة سلطات الاحتلال لن تدخر وسعًا في الوصول إلى أهدافها وفي مقدمتها إغراق الساحة الفلسطينية في حرب أهلية، فهل ينساق الشعب وراء هذه المخططات الخطيرة أم ينجحفي تجاوزها كما أفشل العديد من الخطط والمحاولات الإسرائيلية السابقة؟؟

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

يوميات المجتمع (29)

نشر في العدد 29

106

الثلاثاء 29-سبتمبر-1970

المجتمع الإسلامي (194)

نشر في العدد 193

98

الثلاثاء 26-مارس-1974