العنوان الأحاديث الشريفة ميزان دقيق للفصيح من القول
الكاتب أيمن بن أحمد ذو الغنى
تاريخ النشر السبت 18-أغسطس-2007
مشاهدات 15
نشر في العدد 1765
نشر في الصفحة 46
السبت 18-أغسطس-2007
أجمع العرب على أن النبي ﷺ أفصح من نطق بالضاد، وأنه أوتي جوامع الكلم، وأن كلامه أبلغ كلام بعد كلام الله المعجز القرآن الكريم، ومن هنا كانت سنته القولية مصدرًا رئيسًا من مصادر العربية، وميزًانا دقيقًا للفصيح من القول، ومثالًا يحتذى لطالب البيان وناشد التبيين.
وإن تعجب فعجب أن يتطرق اللحن إلى أحاديث النبي ﷺ، لأنها ميزان، وإذا اختل الميزان وقع من الفساد ما يهول، فالحرص على أداء ألفاظ السنة النبوية على الوجه الصحيح واجب شرعي وعلمي.
ومما يلحنون فيه من حديث النبي ﷺ قوله: «لا يفرك مؤمن مؤمنة»، إن كره منها خُلقًا رضي منها آخر، «أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة» فيضبطونه: «يفرك» بضم الراء وهو خطأ مفسد للمعنى والصواب في ضبطه: «يُفرك» بفتح الراء، ومعناه: يبغض، يقال: فرك الرجل امرأته يفركها: إذا أبغضها، وأما «يُفرك» فمعناه: يدلك ويحت.
السام والسام
ومن ذلك أيضًا: ما يقع في ضبط الحديث: الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام «متفق عليه من حديث أبي هريرة»، فيضبطونه: «إلا السام» بتشديد الميم، ظنًا منهم أن المراد بها: ما فيه السم وجذرها «س م م» وليس بذاك، والصواب فيها أنها مخففة الميم، أي: «إلا السام» وهو الموت من الجذر «س و م» والألف فيها منقلبة عن واو.
ومما يلحن فيه بعض الناس ويخطئون في ضبطه من حديث رسول الله ﷺ قوله: «إن روح القدس نفث في روعي، أن نفسًا لن تموت حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب» «أخرجه ابن أبي الدنيا في القناعة والبيهقي في شعب الإيمان، من حديث ابن مسعود».
فيضبطونه في روعي بفتح الراء وهو ضبط مفسد للمعنى والصواب: ضم الراء «في روعي» لأن الروع هو القلب والنفس والذهن والعقل، والمراد أن روح القدس -وهو جبريل عليه السلام- نفت أي: نفخ -وحيًا وإلهامًاـ في قلب النبي ﷺ ونفسه بالأمر المذكور.
وأما الروع بالفتح فهو: الفزع والخوف، وهو غير مراد هنا.
ومن ذلك أيضًا: قوله ﷺ في بيان أهمية الدعوة إلى الله وعظم أجر من يهدي الله به الشاردين الضالين مخاطبًا علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
«فو الله لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من حمر النعم» «متفق عليه من حديث سهل بن سعد».
فيضبطونه: «النعم» بكسر النون المشددة لتوهمهم أنها جمع نعمة والحق أنها «النعم» بفتح النون المشددة، وهو جمع لا واحد له من لفظه، يطلق على جماعة الإبل والبقر والغنم وأكثر ما يطلق على الإبل خاصة، والمراد بحمر النعم كرائمها وخيارها، قال الفيومي: «وهو مثل في كل نفيس المصباح المنير» «ح م ر».
الحُزن والحَزن
علمنا رسول الله ﷺ هذا الدعاء:
«اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلًا، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلًا» «أخرجه ابن حبان من حديث أنس».
والحَزْن «بفتح الحاء، وسكون الزاي»: ما غلظ من الأرض وخشن وارتفع، ومعناه في هذا الحديث كل أمر شاق وعر، وهو ضد السهل الهين.
وأما الحَزَن «بفتح الحاء والزاي» والحُزن، فهو بمعنى: الهم والغم، ومنه قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ۖ﴾ (فاطر: ٣٤).
مَطل ومًطل
ومما يقع الوهم في ضبطه من حديث النبي ﷺ قوله: «مَطل الغني ظلم» «متفق عليه من حديث أبي هريرة».
فيقولون: مُطل «بضم الميم»، والصواب: مطل «بفتحها» والمطل: هو تأجيل موعد الوفاء بالحق وتسويفه مرة بعد أخرى.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل