العنوان الأسرة (العدد 412)
الكاتب بدرية العزاز
تاريخ النشر الثلاثاء 19-سبتمبر-1978
مشاهدات 14
نشر في العدد 412
نشر في الصفحة 42
الثلاثاء 19-سبتمبر-1978
- شعارنا
﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (النحل:97)
- كلمة الأسرة
إلى متى يا آدم..؟!
أم أنس العتيقي
كنت أتبضع من السوق ذات ليلة, ويا لهول ما رأيت أكداس من اللحوم البشرية تمشي هنا وهناك, وكأنني في مسلخ للحوم البشر, فتيات حاسرات عاريات يجبن الشوارع على طريقة- الهييز-, شباب متخنفس يلاحق تلك الفتيات دون رادع له يردعه عن أفعاله, ويطاردهن بسيارات من أحدث طراز ويدعوهن للركوب, فما كان مني إلا أن دنوت منهن أحدثهن, وأخذتني الغيرة على بنات جنسي, ولكن هيهات بحواء أن تسمع لي, وكأن لسان حالها يقول: لست أنا المسؤولة؛ فهي تبحث عن شريك لها في المسئولية، مسئولية خروجها عن طريق الحشمة والصون إلى متاهات العري الفاضح, بل لكأني بها تشير بأصبعها إلى الرجل متهمة مغاضبة, ولسان حالها يقول لي: لماذا لا تهمسين في أذنه كما همست في أذني؟ لماذا لا تصارحينه بالحقيقة بما صارحتني؟ ولماذا لا تقولين له: إن المرأة- أيا كانت- لا تعدو أن تكون بنتًا للرجل أو أختًا أو زوجًا؟ وكما أن الناس على دين ملوكهم فكذلك النساء على دين رجالهن؛ فالمسؤولية إذن هي مسؤولية الرجل أخًا أو أبًا أو زوجًا؛ فلو شاء لحزم أمره, وستر أهله, وحفظ عرضه, لكنه لا يشاء ولا يبالي، بل إنه أخذ يشجعها على ذلك؛ حتى بات يتيه بعريها, ويباهي بتبذلها وتبرجها.
فكمْ من أخ يجوب الشوارع إلى جانب أخته الحاسرة المتهتكة! يماشيها كما يماشي خليلته, أو القيس ليلاه, وكم من أب يتخطر في الحدائق والأسواق والطرقات ومعه بناته الكاشفات المتزينات المائسات!
وكمْ من زوج يتأبط ذراع زوجته متنقلًا بها بين النوادي, والمحافل الساهرة, والمسابح, وهي في تمام زينتها, وكمال غوايتها, وإغرائها رافع الرأس من عزة!
كلام بديع ومعقول, وحجج قوية لا ريب أنها تعكس الوجه الثاني للمشكلة, بل للمأساة مأساة المرأة المتعرية في مجتمعنا الإسلامي, المرأة التي سلكت كل طريق وعر, وركبت كل مركب خشن يخيل إليها معه أنه هو الذي يجذب إليها الأنظار, ويرضي عنها ذوق الرجال.
وإنا لنقول: نعم, إن الرجل مسؤول, وإنه لمدان إدانة تدمغه وتأخذ بتلابيبه دون أن يكون له فكاك.
إن هذه الإدانة لتخولنا أن نصرخ في وجهه أنها تبيح لنا أن نسأله بأعلى صوتنا وملء حناجرنا: أين الرجولة؟ أين أين المروءة؟ أين النخوة العربية؟ أين الغيرة الإسلامية؟ أين التقاليد الشرقية؟ أين حياء المؤمن؟ أين خجل الإنسان؟
ماذا أصابكم أيها الشباب؟ ماذا دعاكم أيها الآباء والأزواج إلى هذا الحضيض تدنيتم؟ إذا كنتم قد فقدتم نخوة العربي, وغيرة المسلم, وحياء المؤمن, وخجل الإنسان فماذا بقى لكم؟
الله- عز وجل- ستر إناث البهائم, وجملها بالصوف أو الشعر, بالريش أو الوبر أما إناثكم فقد خلع عليهن ثوب الحياء, فاذا كنتم قد رضيتم لهذا الثوب أن يهتك, وإذا كنتم تستجرون لابساته إلى أن يمزقنه ويرمينه, فأين إناثكم من إناث البهائم؟
إن الرجل الذي لا يغار على أخته أو ابنته أو زوجة هو في عرف أمتنا وفي شرعة ديننا وتقاليدنا- ديوث- محقور من البشر, ومحروم من رحمة الله؛ قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مكتوب على الجنة أنت حرام على البخيل, ومانع الزكاة والديوث- قبل يا رسول الله وما الديوث؟ قال: الذي يرى القبيح على أهله ويسكت.
وعلى هذا فالذين لا يستحيون ولا يغارون هم دخلاء على أمتنا, إمعات في أوطاننا، هم سفراء القيم المتفسخة المنتنة للحضارة الغربية في بلادنا, وحاشا أن تكون الدياثة من طبائع رجالنا أو أخلاق شبابنا.
وما أحسبني مبالغة في القول إذا قلت: إن المرأة- الجنس- هي إحدى حاكمين اثنين يحكمان العالم بأسره:- المرأة والمال- ولا يخفى أن الحاكم هو أعظم مسؤولية من الرعية.
وإذا لا تعجبي يا حواء, إذا أنت خوطبت قبل الرجل؛ فالقضية قضيتك, والمأساة مأساتك, أنت التي تملكين زمام أمرك, فضلًا عن زمام غيرك, أنت التي ترقصين في وليمة ذبحك ولا تدرين.
إن- جميلًا- أحب ذات يوم- بثينة- وإن- قيسًا- أحب ذات زمن- ليلاه- لقد كان هذا الحب, وسيبقى على مر الأزمان مضرب الأمثال في الطهر والإخلاص, ونموذجًا فذًا في التفاني, تفاني المحب في ذات المحبوب.
ولكن اليوم هيهات, فليس من قيس يسمع, ولا من جميل يجيب. إن المبذول مبخوس لا محالة, وإن الممنوع مرغوب, وتلك طبائع البشر أن الرجل مسؤول, وأن الرجل شريك ولكنه شريك له- الغنم- وليس عليه- الغرم- يأكل من الربح ولا يدفع من الخسارة, وهذا هو واقع الحياة المؤلم اليوم.
فهلا فهمت هلا صحوت يا حواء؟؟ وهلا أفقتم؟ هلا انتخيتم یا رجال یا آباء يا أخوة یا أزواج؟؟
- من ظواهر المجتمع الكويتي
- ظاهرة سلبية
لوسائل الإعلام في أي بلد من بلدان العالم الأثر الكبير في المجتمع؛ فهي إما أن تكون أداة ذات تأثير سلبي, أو تكون ذات تأثير إيجابي, ونحن إذا نظرنا إلى وسائل إعلامنا في المجتمعات العربية نجد أن لها الأثر السلبي في حياة شعوبها؛ فمثلًا نلاحظ أن ظاهرة السهر في الليل ظاهرة سلبية بدأت تغزو مجتمعنا, وتساعد وسائل الإعلام بكل أسف على انتشار هذه الظاهرة, وللسهر سلبيات كثيرة فمنه أنه مضيعة للوقت، ويأتي بجانبه الملل والفراغ, فإذا ألقينا نظرة سريعة على كل فرد من أفراد الأسرة وحاولنا دراسة أثر السهر عليها نجد الآتي:
- الأطفال: عندما يسهرون ويجلسون أمام التلفاز إلى ساعة متأخرة من الليل ينعكس عليهم في الصباح؛ فنجدهم يقومون کسالی متثائبين, وخصوصًا ونحن الآن على أبواب عام دراسي جديد, وتكون أيضًا قدرة الاستيعاب والفهم خاملة لديهم.
- رب الأسرة إذا قضى الليل ساهرًا نجده في الصباح أيضًا يقوم متكاسلًا لم يؤد واجبه الديني ليست لديه القدرة للعمل.
-ربة الأسرة وهي العمود الفقري سواء كانت عاملة أو ربة بيت تقوم متأخرة لا تستطيع الحراك, ولا تؤدي واجباتها المنزلية على أتم وجه, وكذلك يتبعها الخدم وغيرهم من في المنزل.
لذلك لو حبذا نظمت هذه الأسرة مواقيت عملها وراحتها, ونحن نقول: إن العبء الكبير يقوم على وزارة الإعلام, والمشرفين على وسائل الإعلام, لو أنها حددت مواعيد بثها, وجعلتها قصيرة ومختصرة, وأن تكون أيضًا هذه البرامج تحمل الخير وتكون منوعة وهادفة؛ حتى تحقق الأثر الإيجابي للمجتمع.
- ظاهرة إيجابية
وهذه الظاهرة تكمن في قدوتنا لرسولنا الكريم, ولاتباعنا السنة النبوية, وتعاليم ديننا, وأمورنا الشرعية؛ فنجد أن الإسلام حرص على تنظيم الوقت والعمل والراحة, ودعا الرسول- صلى الله عليه وسلم- إلى الحرص على الاستيقاظ المبكر.
فنجد أن ظاهرة السهر والتعب تناظرها ظاهرة الاستيقاظ والنشاط, وتحرص الأسرة المسلمة على أداء صلواتها بأوقاتها, وتحرض أبناءها على ذلك.
لذلك تنظم الأسرة المسلمة أولًا صلواتها, ثم تأتي أوقات الراحة تبعًا لما جاء في القرآن, وهي من قبل صلاة الفجر, وبعد صلاة الظهر, وبعد صلاة العشاء.
لذلك فهي تعطى الكثير لمجتمعها ولنفسها؛ فتكون لديها القدرة الكافية, وتقوم بعملها على أتم وجه, ولا تنسي أختي المسلمة أن تقومي مبكرة, وأن توقظي زوجك لصلاة الفجر؛ فإن لك الأجر الكبير عند الله- عز وجل-.
- أمور يجب مراعاتها عند زيارة المريض
حين يصاب أحدنا بمرض تصبح قدرته قليلة على توجيه تصرفه, والتحكم في سلوكه, وهناك أصول يجب اتباعها حين نقوم بزيارة مريض من معارفنا فزيارتنا للمريض قد تضيف البهجة إليه, وقد تجعل صحته أكثر سوءًا.
ومن الأخطاء الشائعة البدء بالسؤال على المرض وتطوره؛ ففي هذا إجهاد فكري للمريض وإرهاق له, فلم لا يكون حديثنا جذابًا؟ وإذا تطرقنا للمرض من غير قصد؛ فباستطاعتنا الانتقال إلى مواضيع أخرى؛ فتكون هذه المواضيع مخرجًا لنا، أو نعمل على تخفيف خطورته؛ لكي نبعد الوساوس عن المريض، والأشد سوءًا أن بعضنا يضعون الكآبة أمام المريض؛ وهذا بلا شك له خطورته أكثر من المرض نفسه.
ولزيارة المريض آداب يجب مراعاتها؛ فغالبا ما تكون هدايا المريض باقات زهور أو علب الشكولاتة، ولكن ماذا يفعل بهذه الزهور حين تتكدس وتذبل؛ فيحسن بنا اختيار الهدايا؛ لكي نشعره بأنه ما زال بيننا، فإذا كان ممن يهتمون بالقراءة؛ فلتكن هديته عبارة عن كتاب يجهد في اختياره, وإذا كان أبًا فعلى الأم أن تنقل له أخبار أولاده السارة؛ لتبعث في نفسه الراحة والطمأنينة, وهذا أهم ما يحتاج إليه المريض.
هذا قليل من كثير من التصرف الذي يمكنك أختي المسلمة اتباعه مع المرضى, كما يمكنك التفكير ماذا تفعلين للمريض قبل الذهاب إليه؟ وماذا تقولين له
- آفاق..
في العدد الماضي تحدثت عن الشك والتشاؤم، وقلت: إن التشاؤم يحول حياة الإنسان كلها إلى سواد، إلى ظلام، مما يجعلها- أي الحياة- عذابًا لا مفر منه إلا بالموت. وإن فاض الكيل تعجل الإنسان ذلك الموت المنقذ بطريقة أو أخرى, وغاب عن الإنسان أن يعالج تشاؤمه بمبادئ الإسلام الشافية؛ ففيها دواء لكل داء؛ لأنها آتية من رب العالمين, ألم يصف الله نفسه بالرحمة؟ وهل الرحمة لغير عباده وخلقه؟
المسلم يسلك طريق النجاة، ولا يسرف في حزنه ولا يستسلم لآلامه، ولا تسكره السعادة إلى حد الثمل وضياع العقل، ولا تطير به الفرحة بأجنحة النشوة والسرور، المسلم معتدل في كل الأمور, وحياته خاضعة لمنطق معقول يهدف إلى جلب الخير في الدنيا، ونيل الجنة في الآخرة, وما الأمراض الموجودة في عصرنا إلا نتيجة حتمية للجاهلية التي يعيش فيها الناس. ومن سوء حظهم أنهم يظنون أنهم يأخذون نصيبهم من الحضارة والتقدم، ونسوا أن الحضارة وحدها بلاء على الجميع, أما إذا كانت الحضارة معناها أنها نعمة من الله، وأنها لا تزين لأصحابها طرق الشيطان، فهي حضارة نافعة، وهي ثمرة العقل البشري الذي خلقه الله وألهمه، وهي دليل وجوده- سبحانه وتعالى-، وهي نور يسطع وليست نارًا تحرق، وهي تدعو إلى مزيد من الإيمان، ولا تنقص شيئًا منه.
ولذلك الانتحار نوع من الكفر، واليأس والقنوط لا وجود لهما في صفات المؤمن الواثق من رحمة الله.
إن الإسلام أيها الناس مدرسة عالية، من يتخرج منها ينجح في الحياة، الإسلام مدرسة متفوقة على كل مدارس الدنيا، تعلم الإنسان كيف يتصل بالله في كل وقت وفي كل لحظة؟ وكيف يمسك لسانه عما يغضب الله، ويطلق لسانه في تسبيح دائم صامت وشكر؟
الإسلام مدرسة أستاذها رسول الله- صلى الله عليه وسلم-, تعلم فيها الصحابة والتابعون والمؤمنون الذين يأتون بعد ذلك في كل العصور، إلى أن تقوم الساعة. لماذا إذن نجد في مجتمعاتنا السخط أو إلياس أو ذلك التشاؤم الشديد؟ ولماذا إذن نجد أيضًا بعض الجالسين على موائد اللهو والسكر؟ ولماذا إذن نجد مساجد الله خالية أو كالخالية؛ لأن الذين يذهبون إليها نفر قليل؟ هي جاهلية حديثة أکثر ظلامًا من الجاهلية القديمة رغم الحضارة والتقدم.
ع.ع
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل