العنوان لا.. لصفقة المدرعات البريطانية
الكاتب المحرر المحلي
تاريخ النشر الثلاثاء 03-أغسطس-1993
مشاهدات 22
نشر في العدد 1060
نشر في الصفحة 7
الثلاثاء 03-أغسطس-1993
تسربت معلومات في الأسبوع الماضي عن نية وزارة الدفاع الكويتية شراء ناقلات جنود مدرعة بريطانية الصنع من نوع «وريور» في المنافسة القائمة مع الجانب الأمريكي لتزويد الجيش الكويتي بـ400 آلية مدرعة لسلاح المشاة والتي عرض فيها الأمريكان بيع الكويت ناقلات مدرعة من نوع «برادلي».
وكانت الأيام التي سبقت هذا الخبر قد شهدت اتصالات ساخنة من كل من لندن وواشنطن مع الكويت وعلى مستويات عالية لم يتردد فيها كل من جون ميجور رئيس وزراء بريطانيا وألبرت غور نائب الرئيس الأمريكي وغيرهم من إجراء مكالمات هاتفية مع المسؤولين في الكويت لتدعيم فرص الصناعة في بلادهم للحصول على الصفقة!
وعلق على «سخونة» هذه الاتصالات السيد أحمد السعدون رئيس مجلس الأمة الذي اعتبر أن مثل هذه الاتصالات تحركًا مشروعًا من بريطانيا وأمريكا لتدعيم مصالحها الصناعية، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن تحقق الصفقة المزمعة مصالح الكويت الأمنية والحالية.
والحديث عن «مصالح» الكويت في هذه الصفقة يحتاج إلى مزيد من الإيضاح حول تفاصيلها، فبالرغم من تكتم وزارة الدفاع الكويتية عن هذا الموضوع فإن المصادر العسكرية والصحفية تؤكد على ضخامة حجم الصفقة وارتفاع أسعارها والصفقة تتضمن أكثر من 400 آلية مع قطع غيار وبرامج إسناد وتشغيل وصيانة وتبلغ قيمة الصفقة حوالي بليون دولار ونصف بليون دولار سوى التكاليف الأخرى غير المباشرة أو اللاحقة لوصول هذه المعدات للكويت.
وتزمع وزارة الدفاع تمويل الصفقة من مخصصات ما يسمى بتعزيز الدفاع البالغة 3.5 بليون دينار «12 بليون دولار» والتي يمتد أجلها إلى عام 2002 واعتمد صرف ما يربو عن ثلثها خلال السنتين الماضيتين!
وحسب المصادر فإن «مخصصات الدفاع» ستسدد ثمن معدات تم شراؤها خلال الاحتلال وتكلفة إعادة إعمار المنشآت العسكرية، وصفقة دبابات إبرامز البالغة 1.2 مليون دولار وصفقة قادمة لطائرات ف- 18 وصفقة لطائرات عمودية قتالية وصفقات أخرى تشمل المدفعية والدفاع الجوي وغيرها.
وكما يقول خبراء ماليون في الدولة فإن المبالغ التي ستسدد ضمن مخصصات تعزيز الدفاع ليست متوافرة فعليًا وإنما سيتم توفيرها ضمن خطط الكويت للاقتراض من الخارج والتي شملت حتى الآن بلايين الدولارات.
كل هذا يدفعنا ونحن نتحدث عن مصالح الكويت الاقتصادية والأمنية أن نعيد النظر مرارًا في كل دينار يدفع لشراء السلاح، كما لا يفوتنا في صدد الحديث عن صفقة ناقلات الجنود أن نركز على الملاحظات التالية:
أولًا: إن الصفقة ستستنزف حصة كبيرة من الأموال المخصصة للدفاع وحصة غير قليلة من الأموال المتوافرة للدولة بشكل عام، لذا فإن إبرامها يجب ألا يتم قبل التحقق من الحاجة الماسة لهذه المدرعات وعدم توفر بديل لها بأسعار منافسة وبشروط أفضل.
ثانيًا: أن تحقق الصفقة العتاد المطلوب للدفاع عن البلاد بالسعر والتكلفة المناسبين ضمن الأسعار العالمية المعروفة بأن يتم اختيار المدرعات الأفضل والأصلح للبيئة الكويتية والأسهل في الاستخدام مقابل سعر وتكلفة منطقيين.
ثالثًا: أن يتم استبعاد أدنى شبهة لقبض عمولات أو رشاوي على الصفقة، فبعض الأوساط تتحدث عن عمولة تصل إلى 350 مليون دولار، وهو شيء إن صح فإنه سرقة وفضيحة أخرى من فضائح المال العام الكويتي.
ونحن في هذا الشأن نؤيد التوجه البرلماني للحصول على تعهدات من الدول الموردة للسلاح بمنع العمولات والرشاوي بأنواعها من الدخول طرفًا في تكلفة المعدات المشتراة للجيش الكويتي، ونطالب بأن تعقد كل الصفقات عن طريق الحكومة والحكومة الموردة للسلاح وبدون وجود أي وسيط محلي.
رابعًا: أنه في الوقت الذي اتخذ فيه موقف الدول المعارضة للسلاح من حرب تحرير الكويت عنصرًا في تحديد الطرف الفائز في صفقات السلاح، فإننا نطالب بأن يكون موقف حكومات تلك الدول من القضايا الإسلامية عنصرًا آخر في هذا الصدد.
وهنا لا يفوتنا أن نستذكر الموقف السيئ لحكومة رئيس وزراء بريطانيا الحالي من قضية البوسنة والهرسك، وإنه ليغيظنا أن يستخدم جون ميجور صفقة المدرعات للكويت كورقة إيجابية لصالح حكومته في الوقت الذي تحارب فيه هذه الحكومة حق المسلمين في البوسنة في الحصول على السلاح وتقف منهم موقفًا عدائيًا.
خامسًا: إننا نقترح تشكيل لجنة لإدارة مناقصات من رجال الكويت الفنيين المختصين والمتمتعين بالأمانة والسمعة الحسنة ليشاركوا في الإشراف على هذه الصفقات الضخمة. ويقوموا بالاتصالات المناسبة مع أسواق السلاح الدولي للحصول على الأسعار المناسبة للمعدات مع ضمان الملائمة والجودة.
وكما يستخدم الغرب بيع السلاح كأداة سياسية للتمييز بين حلفائه وخصومه فإننا نطالب أن تكون سياستنا في شراء السلاح أداة للتمييز بين الدول التي تقف موقفًا إيجابيا مع قضايانا وقضايا المسلمين من تلك التي تؤازر أعداءنا وقاتلي أبناءها ومخربي ديارنا.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل