العنوان نهاية صدام الذليلة رسالة إلى كل الطغاة
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر السبت 20-ديسمبر-2003
مشاهدات 36
نشر في العدد 1581
نشر في الصفحة 9
السبت 20-ديسمبر-2003
مشهد مثير ووسط تطورات ساخنة تابع العالم يوم والاشتراكية في مشهد مثير ووسط تطورات ساخنة تابع العالم يوم الأحد الماضي أحداث السقوط الذليل لطاغية العراق صدام حسين، لينتهي بذلك وإلى الأبد واحد من أشد العهود دموية وإرهابًا وظلمًا في العراق.
سقط الطاغية وحيدًا مشردًا في حفرة ضيقة من الأرض ولم تنفعه حاشيته ولا زبانيته ولا آلته الأمنية الوحشية ولا ترسانته العسكرية، فقد زال كل ذلك وتبخر وذهب أدراج الرياح ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ﴾ (الرعد: ۱۷) وتلك هي النهاية الطبيعية لكل متجبر يعيث في الأرض فسادًا.
وبعيدًا عن الشماتة فإنا نقف أمام المشهد بكامله للتأكيد على المعاني التالية:
أولًا: إن وقائع التاريخ وأحداثه الثابتة والموثقة تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن نهاية الطغاة دائمًا ما تكون مأساوية وخاتمتهم تكون. والعياذ بالله. سوداء حالكة لكن البغاة والطواغيت لا يتعظون. فبالأمس القريب شهد العالم النهاية الذليلة لدكتاتور يوغسلافيا السابق سلوبودان ميلوسوفيتش، فبعد أن قضى عشر سنوات في حكم يوغسلافيا ارتكب خلالها أبشع مجازر الإبادة العرقية والجماعية ضد المسلمين في البوسنة وكوسوفا، كانت النهاية يوم السابع والعشرين من يونيو عام ٢٠٠٠ حين ألقى القبض عليه وحمل في طائرة مكبلًا ليلقى به في إحدى زنازين محكمة جرائم الحرب في لاهاي ومازال يتجرع سموم الذل والمهانة حتى اليوم.
وفي رومانيا مازالت نهاية تشاوشيسكو وزوجته المأساوية ماثلة في الأذهان فبعد أن حكم بلاده بالحديد والنار ما يقرب من ربع القرن (۱۹٦٥ -۱۹۸۹م) تحولت خلالها رومانيا إلى سجن كبير تمارس فيه سياسة القتل والترويع وسفك الدماء، سقط في النهاية أمام المد الشعبي الغاضب ثم حوكم محاكمة عسكرية سريعة من قبل جنوده وقواته انتهت بإعدامه وزوجته في مشهد لن ينساه التاريخ. وإن تاريخ عالمنا الإسلامي والعربي شاهد صدق على نهايات الطغاة والجبابرة الذين أذلوا شعوبهم وقتلوا وشردوا وسجنوا وعذبوا فبقيت الشعوب في النهاية وزال الطغاة إلى غير رجعة في مزبلة التاريخ وفي نهايات مأساوية. فمنهم من أخذه الله أخذ عزيز مقتدر فجأة ولم ينفعه حراسه ولا أطباؤه وراح غير مأسوف عليه تلاحقه لعنات المظلومين والثكالى والأرامل واليتامى من أبناء ضحاياه.
ومنهم من انقلبت عليه بطانته وحاشيته وحجرت عليه وعاش وحيدًا بعد أن انفض الجميع من حوله ليموت غير مأسوف عليه.
ثانيًا: إن صدام حسين ومن على شاكلته من الحكام الثوريين الذين ابتليت بهم شعوب عديدة في عالمنا العربي جاء بهم الاستعمار العالمي عبر انقلابات عسكرية مشبوهة
حاملين نظريات وأيديولوجيات فاسدة كالقومية والبعث والاشتراكية، تلك الأيديولوجيات التي سعوا عن طريق ترويجها وإكراه الشعوب عليها زرعها في بلادنا الإسلامية في محاولة للقضاء على الإسلام وتنحيته عن حياة الناس.
وتغييبه عن الحكم وقد أذاقوا الشعوب المسلمة في سبيل ذلك الويلات وشنوا حرب إبادة وحشية على كل من وقف في طريقهم أو كشف مخططاتهم الخبيثة فنصبت المشانق وعلق عليها خيرة الدعاة إلى الله وتواصلت المجازر في سجون مصر عبد الناصر وسجون البعث السوري ومازالت تتواصل هناك وفي غيرها من البلدان، كما في تونس وليبيا اللتين تمتلئ سجونهما بالمعتقلين.
ولقد قلنا وما زلنا نؤكد أن طاغية العراق كان صنيعة غربية استعمارية كغيره من الطواغيت الذين رحلوا إلى مزبلة التاريخ أو الذين مازالوا يطبقون على أنفاس شعوبهم ويذيقونها الويلات والفقر والحرمان والسجون والمعتقلات وقد أتقن الاستعمار صناعتهم وإدارتهم وتحريكهم بمهارة ثم أتقن لعبة التخلص منهم بطريقة أكثر مكرًا وخبثًا ولإثبات ما نقول نلفت الانتباه.
على سبيل المثال -إلى الوثائق والشهادات التي تواترت مؤكدة أن صدام وزمرته من حزب العبث هم صنيعة الاستعمار الغربي لضرب الإسلام فهذا على صالح السعدي نائب رئيس الوزراء العراقي الأسبق وأحد أعوان صدام يقول: إن صدام ونظامه هما صنيعة أمريكية جاءت لتحد من التيار الإسلامي المتنامي في الوطن العربي، ثم يقول: إننا وصلنا إلى السلطة بقطار أنجلو أمريكي، القبس الكويتية الإثنين 15/12/ ٢٠٠٣). وفي مقابلة أجراها الكاتب المصري محمد حسنين هيكل
مع الملك الأردني الراحل حسين بن طلال في أكتوبر من عام ١٩٦٧ قال الملك الأردني: أعلم بالتأكيد أن ما حدث في العراق كان بدعم المخابرات الأمريكية وبعض الذين يحكمون في بغداد لا يعلمون شيئًا عن هذا، ولكنني أعلم بالحقيقة، لقد عقدت عدة لقاءات بين البعث والمخابرات الأمريكية.
ويقول مروان التكريتي أحد أعمدة حكم البعث العراقي في مذكراته: «إن الحكومتين البريطانية والأمريكية أبدتا استعدادهما للتعاون إلى أقصى حد بشرطين. الأول: أن نقدم لهما تعهدًا خطيًا بالعمل وفق ما يرسمونه لنا والثاني: أن نبرهن على قوتها في الداخل. وقد وافقنا على الشرطين.
ثالثًا: أننا نتوجه إلى بقايا الطغاة الذين لا يزالون جاثمين على صدور الشعوب العربية والمسلمة أن يقفوا وقفة مراجعة مع أنفسهم ويتدبروا ويتعظوا بما جرى لصدام ويسارعوا إلى إصلاح ما أفسدته أنظمتهم الدكتاتورية الظالمة بشعوبهم ويرفعوا قبضتهم الحديدية الشريرة عن شعوبهم ويفسحوا لنسائم الحرية لتجديد الأجواء الفاسدة التي صنعوها ويعيدوا الحقوق إلى أصحابها ويشيعوا العدل والحرية في البلاد قبل أن يواجهوا المصير الأسود في الدنيا. مصير صدام، ثم يقفوا أمام الله سبحانه وتعالى المنتقم الجبار يوم القيامة يوم يعض الظالم على يديه، يوم يقول الكافر يا ليتني كنت ترابًا.