; خان يونس .. مدينة «المجازر »شاهد على وحشية شارون | مجلة المجتمع

العنوان خان يونس .. مدينة «المجازر »شاهد على وحشية شارون

الكاتب وسام عفيفة

تاريخ النشر السبت 08-ديسمبر-2001

مشاهدات 16

نشر في العدد 1480

نشر في الصفحة 28

السبت 08-ديسمبر-2001

  • حرب الشراك الخداعية والخلايا الضوئية والمكعبات الأسمنتية المفخخة

لو كانت هناك صفة يمكن أن تطلق على مدينة خان يونس لوصفت بمدينة المجازر فهي تدفع ضريبة بطولة وصمود أهلها؛ حتى أصبحت تمثل في قاموس الاحتلال الصهيوني تحدي المقاومة. 

فبأشلاء أطفالها سيجت حدودها التي تحتلها المستوطنات وصنعت من دماء الشقيقين محمد وأكرم، ثم الشقيقين عمر وأنيس وابن عمهم محمد الأسطل نصبًا جديدًا لذكرى مجزرة قد يكون أبرز شاهد فيها إنها مجزرة شارونية.

وفي خان يونس، اختلطت أشلاء التلاميذ الخمسة بحقائبهم ودفاترهم ثم اختلطت بأشلاء الرضيعة إيمان حجو وبدماء الطفل مهند محارب.

ودعت «خان يونس»، أشلاء تلاميذها الخمسة، في الوقت الذي لم تتمكن أمهات الشهداء من إلقاء نظرة الوداع على جثمان أطفالهن بعد أن حول الإجرام الصهيوني أجسادهم إلى أشلاء اختلط بعضها ببعض فلم يعد بمقدور المرء التمييز بين هذا الطفل وذاك، فقد فصل الانفجار الرؤوس عن الأعناق والأيدي والأرجل عن الأبدان وحول الأجساد النضرة إلى أكوام من اللحم الغارق في الدماء. 

زملاؤهم جمعوا أشلاءهم:

وبدل أن يقطفوا الزهور أو أن ينشغلوا بأقلامهم ودفاترهم انشغل زملاء وإخوة الشهداء الخمسة بجمع أشلائهم بعد أن انتشروا في منطقة الانفجار المحاذية لمستوطنة نفيه دكاليم، الأطفال عرضوا بقايا الأشلاء وبقايا دفاتر وحقائب ممزقة ومحترفة أمام عدسات المصورين الصحافيين، وقد رفعوها بأيديهم وحالهم يقول: اشهد يا  كل العالم على هذه الجريمة بحق زملائنا، وكل تلميذ كان يمر من المكان في طريقه إلى مدرسة «عبد الله صيام» يقول في نفسه: كان يمكن أن أكون في مكان إخواني الشهداء الخمسة. 

أحد هؤلاء هو الطالب جهاد الأسطل ١٦ عاماً الذي قال: كنت على بعد نحو 150 متراً من مكان الانفجار، وكنت أنادي عليهم: انتظروني لنذهب معًا إلى المدرسة، وفجأة حدث انفجار كبير وملأ الدخان المكان. بعدها شاهدت جثث وأشلاء زملائي

 وأضاف: كنت أسير معهم كل يوم وكان يمكن أن أكون أنا أيضاً شهيدًا، ووصف جهاد زميله محمد نعيم الأسطل، وقد بترت قدماه ودمه ينزف من كافة أنحاء جسده قائلاً أمسكت به في البداية، وكانت به بعض أنفاس، لم أعرف ماذا أفعل سوى الصراخ، وقد شاهدت أيضًا رأس عمر إدريس الأسطل مفصولاً عن جسده، لقد عرفته بسرعة لأننا كنا كل يوم معًا، وبالتأكيد لن أنسى طوال حياتي هذا سير المشهد.

ذهبوا إلى المدرسة ولم يعودوا:

ولا يمكن تصور حالة أب فقد فلذتي كبده بهذه الصورة البشعة، ولكن رغم ذلك تحدث إلينا نعيم عبد الكريم الأسطل ۳۹ عاماً، والد الشهيدين ٣٩ الطفلين محمد ١٤ عاماً وأكرم ٦ أعوام وقال: لقد كانوا يذهبون سويًّا يوميَّا إلى المدرسة، وكانت آخر مرة رأيتهم فيها الساعة الخامسة والنصف من صباح ذلك اليوم، حيث أيقظت محمد الصلاة الصبح بعد عودتي من العمل في نقل الخضراوات إلى السوق. ثم توقف عن الحديث وهو يمنع الدموع من عينيه - لقد جاءتني زوجتي توقظني من نومي وتخبرني أن محمد وأكرم انفجرت بهما عبوة في طريقهما للمدرسة، خرجت إلى هناك ووجدت الإسعاف قد نقلهما للمستشفى. الوالد نعيم يتذكر طاعة أبنائه وخصوصاً محمد الذي كان في الصف الثاني الإعدادي، لقد كان له ٤ أبناء و5 بنات واليوم فقد اثنين من أبنائه، نعم.. لن ينتظر عودتهما من المدرسة كما تعود، وإن انتظرهما فلن يعودا، فقد اختطفتهما يد الإجراء الصهيوني من أحضانه سلطان الأسطل ٣٧ عامًا فقد ابنه محمد ۱۱ عامًا الذي كان معهم كالعادة في الطريق للمدرسة،  وكل ما يعلمه الآن أن لغمًا انفجر بولده وقتله بل مزقه أشلاء وعندما سألناه: هل رأيت جثا محمد أجاب: وماذا عساني أن أرى وقد تحول ولدي إلى أشلاء؟! - لا لم أشاهده لم أشاهده جدة محمد وأولاد عمه كانوا على بعد ۱۰۰ متر من مكان الانفجار حيث كانوا يعملون في زراعة الأرض، وهي مهنتهم التي ورثوها أبًا عن جد.. أما اليوم فقد انهرست أشلاء محمد في هذه الأرض التي رويت بدمائه واختلطت بعرق والده وأجداده، أما الحاج إدريس الأسطل الذي استشهد نجلاه أنيس وعمر فلم يقل إلا: لا حول ولا قوة إلا الله حسبي الله  ونعم الوكيل ... أحتسبهما ما عند الله عز وجل شهيدين. 

مدينة الأطفال الشهداء:

وقد اعترف الصهاينة بارتكاب جريمة قتل الأطفال الخمسة، ونشرت صحيفة معاريف العبرية نقلاً عن مصادر عسكرية أن وحدة خاصة من الجيش زرعت عبوة ناسفة في المكان بهدف قتل المسلحين الذين اعتادوا مهاجمة موقع الاحتلال الذي يبعد ۲۰۰ متر عن المنطقة. وانتقد أقارب الشهداء وسكان من المنطقة السلطة الفلسطينية واتهموها بالتقصير؛ لأنها لم ترسل الخبراء المختصين بحثاً عن المزيد من العبوات أو الألغام الأخرى أو حتى إجراء تحقيق ومعرفة حقيقة ما جرى في المكان. من جانبه قال الدكتور يونس الأسطل من قيادات حركة المقاومة الإسلامية «حماس»: إن ما حدث يؤكد النية المبيتة لدى الصهاينة على القتل سواء كان القتلى من الأطفال أو المقاومين فهم عندما زرعوا العبوة الناسفة للمقاومين لاصطيادهم يعلمون أن هذا الطريق يسير فيه الأطفال والنساء والمزارعون، لذلك فالجريمة مضاعفة وأضاف الأسطل:

 إن هذه الجريمة الجديدة تؤكد أن الاحتلال يسخر من وقف إطلاق النار ويوجه رسالة للشعب الفلسطيني في ظل الحديث عن العودة لطاولة المفاوضات ومسيرة السلام وأكد الشيخ أحمد نمره من القيادات الإسلامية في المدينة أن هذه الجريمة رسالة دم من شارون، داعياً إلى ضرورة مواصلة المقاومة وتصعيدها، وأن هذه الجريمة توضح للجميع أنه لا يوجد وقف لإطلاق النار، وأنه لا مكان لهذا الوقف ودعا نمر السلطة الفلسطينية للتراجع عن مواقفها من المقاومين والعمل في خندق المقاومة والجهاد.

ألغام وشراك خداعية:

على أية حال فإن الاحتلال يبتكر كل يوم أساليب قتل واغتيال للمواطنين والمقاومين، وإحدى هذه الوسائل هي الألغام والشراك الخداعية التي استخدمها الاحتلال على نطاق واسع خلال انتفاضة الأقصى ومازالت جرائمه شاهدة على ذلك.

وكانت قوات الاحتلال قد نفذت مجزرة جماعية بنفس الطريقة التي استشهد بها الأطفال الخمسة، وكانت ضحية المجزرة أربعة من عناصر المقاومة الشعبية برفح في أبريل الماضي، حيث قامت قوات خاصة بنصب مكعبات إسمنتية مفخخة في مناطق التماس بين جنوده والمسلحين الفلسطينيين، ولم تستبعد مصادر فلسطينية نصب كاميرات تصوير في هذه المناطق لرصد حركة المسلحين بهدف تصفيتهم عند اقترابهم من مناطق التماس، وقد انفجر أحد هذه الأجسام المشبوهة، وأدى إلى استشهاد الأربعة في رفح، وقد تكرر نصب هذه المكعبات على الحدود المصرية الفلسطينية في منطقة رفح التي تعتبر أكثر مناطق قطاع غزة توترًا إلى جانب خان يونس، كما نصبت ألغام وشراك في محيط المستوطنات وبالقرب من المناطق الصناعية اليهودية في قطاع غزة. 

وكان من بين ضحايا هذه الألغام الطفلة هنية سليمان النميلي الطالبة في الصف الثامن، والتي اغتال الحقد الصهيوني طفولتها عندما انفجر فيها لغم قرب منزلها شرق مـعـسـكـر البــريـج 9/۱/۲۰۰۱م والذي أفقدها كلتا ساقيها. ويبدو أن إلقاء الأجسام المشبوهة في طريق الأطفال سياسة عدوانية ينتهجها جيش الاحتلال لقتلهم والتسبب بإعاقة أكبر عدد ممكن منهم. وكان ضابط في الدفاع المدني قد أكد لـ المجلي أن قوات الاحتلال يمكن أن تقوم باستخدام أي جسم أو أداة، وليس أدل على ذلك من لغم على شكل قفازات انفجر، وأدى إلى استشهاد الشيخ عيد في مدينة رفح، ويكفي لذلك جرام من مادة متفجرة؛ لتحدث إصابة شديدة للضحية. وأضاف أن قوات الاحتلال تضيف إلى الأجسام المفخخة خلايا ضوئية للتعرف على الأفراد المستهدفين، وهي التقنية التي استخدمتها غالبًا قوات الاحتلال في الكتل الأسمنتية التي يتم تفجيرها ضد الضحايا.

بلغ عدد الشهداء في صفوف الشعب الفلسطيني ۸۳۱ شهيدًا منذ اندلاع انتفاضة الأقصى، فيما أصيب ما يزيد على أربعة وعشرين ألفًا بجراح، من بينهم حوالي ألفين يعانون إعاقات دائمة. بالإضافة إلى الحرب التي شنتها حكومة الاحتلال ضد الأرض والأشجار والممتلكات والمباني.

الفئة

العدد

الأطفال

قوات الأمن الفلسطيني

عمليات الاغتيال و التصفية 

تصفية و اغتيال علي أيدي وحدات الموت  (المستعربون)و عن طريق المروحيات

سقطوا علي أيدي المستوطنين الإسرائيليين

 أطباء 

عاملون في الصحافسة

196

133

70

 

98

25

5

3

الرابط المختصر :