العنوان صورة الإسلام في الخطاب الغربي (۹) الخطاب التنصيري يكشف حقيقة حوار الأديان
الكاتب د. محمد عمارة
تاريخ النشر السبت 06-أغسطس-2005
مشاهدات 24
نشر في العدد 1663
نشر في الصفحة 66
السبت 06-أغسطس-2005
لم تكن مقاصد الخطاب الغربي خطاب الهيمنة الموجه إلى العالم الإسلامي المعاصر، بأفضل كثيرًا من خطاب الغزوة الاستعمارية في العصر الحديث. بل ربما كان الأمر أسوأ في كثير من مفردات هذا الخطاب. فالخطاب الكنسي اللاهوتي، الذي طمح -بل وطمع- إلى تنصير كل المسلمين، قد تحدث عن الإسلام. في وثائق مؤتمر كولوارد و سنة ١٩٧٨م، فقال:
«إن الإسلام هو الدين الوحيد الذي تناقض مصادره الأصلية أسس النصرانية. والنظام الإسلامي هو أكثر النظم الدينية المتناسقة اجتماعيًا وسياسيًا. ونحن بحاجة إلى مئات المراكز، لفهم الإسلام، ولا ختراقه في صدق ودهاء ولذلك لا يوجد لدينا أمر أكثر أهمية وأولوية من موضوع تنصير المسلمين.
لقد ولدنا العزم على العمل بالاعتماد المتبادل مع كل النصارى والكنائس الموجودة في العالم الإسلامي. إن نصارى البروتستانت في الشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا. منهمكون بصورة عميقة في عملية تنصير المسلمين. وعلى المواطنين النصارى في البلدان الإسلامية وإرساليات التنصير الأجنبية العمل معًا، بروح تامة من أجل الاعتماد المتبادل والتعاون المشترك لتنصير المسلمين. إذ يجب أن يتم كسب المسلمين عن طريق منصرين مقبولين من داخل مجتمعاتهم. ويفضل النصارى العرب في عملية التنصير. إن تنصير هذه البلاد سوف يتم من خلال النصارى المنتمين إلى الكنيسة المحلية، ويتم ذلك بعد تكوين جالية محلية نصرانية قوية» (1)
وبعد هذا التخطيط لاختراق الإسلام في «صدق. ودهاء»، تحدث قساوسة وبروتوكولات التنصير هذه عن ضرورة صناعة الكوارث في بلاد الإسلام، لإحداث الخلل في توازن وضحايا هذه الكوارث، باعتبار ذلك هو الشرط الضروري لتحول هؤلاء الضحايا من الإسلام إلى النصرانية. معتبرين ذلك نعمة كبرى و معجزة تهيئ لهم تنصير المسلمين!! فقالوا: «لكي يكون هناك تحول إلى النصرانية، فلابد من وجود أزمات ومشكلات وعوامل تدفع الناس. أفرادًا وجماعات خارج حالة التوازن التي اعتادوها. وقد تأتي هذه الأمور على شكل عوامل طبيعية كالفقر والمرض والكوارث والحروب، وقد تكون معنوية كالتفرقة العنصرية، أو الوضع الاجتماعي المتدني. وفي غياب مثل هذه الأوضاع المهيئة فلن تكون هناك تحولات كبيرة إلى النصرانية» (٢). ولقد كشف هذا الخطاب التنصيري عن المقاصد الحقيقية من وراء ما يسمونه الحوار بين الأديان، فإذا بهذه المقاصد في التمهيد للتحول القسري. نعم القسري إلى النصرانية. وبنص عباراتهم يقولون إن بيانات مجلس الكنائس العالمي التي تشدد على حرية الإقناع والاقتناع، لا تلزم المجلس. فالحوار. عند مجلس الكنائس العالمي. ليس بديلًا عن تحويل غير النصارى إلى النصرانية. وهذه البيانات عن حرية الإقناع والاقتناع. لا تعني تخلي المجلس عن مواقفه المناصرة، للجهود القسرية والواعية والمتعمدة والتكتيكية لجذب الناس من مجتمع ديني ما إلى آخر...؟ (۳).
• وإذا كان هذا هو الخطاب الكنسي البروتستانتي، إزاء الإسلام والمسلمين، فإن خطاب الكاثوليكية الغربية يقطر هو الآخر بالعداء للإسلام.
فالمونسنيور، جوزيبي برنارديني، يصرح بحضرة بابا الفاتيكان يوحنا بولس الثاني في ۱۹۹۹م فيقول: إن العالم الإسلامي سبق أن بدأ يبسط سيطرته بفضل دولارات النفط. وهو يبني المساجد والمراكز الثقافية للمسلمين المهاجرين في الدول المسيحية، بما في ذلك روما عاصمة المسيحية، فكيف يمكننا ألا نرى في ذلك برنامجًا واضحًا للتوسع، وفتحًا جديدًا. (٤).
وفي نفس التاريخ. يتحدث الكاردينال «بول بوباز» مساعد بابا الفاتيكان. ومسؤول المجلس الفاتيكاني للثقافة إلى صحيفة الفيجارو، الفرنسية، فيقول إن الإسلام يشكل تحدياً بالنسبة لأوروبا وللغرب عمومًا. وإن المرء لا يحتاج إلى أن يكون خبيرًا ضليعًا لكي يلاحظ تفاوتًا متزايدًا بين معدلات النمو السكاني في أنحاء معينة من العالم، ففي البلدان ذات الثقافة المسيحية يتراجع النمو السكاني بشكل تدريجي، بينما يحدث العكس في البلدان الإسلامية النامية.
إن التحدي الذي يشكله الإسلام يكمن في أنه دين وثقافة ومجتمع وأسلوب حياة وتفكير وتصرف في حين أن المسيحيين في أوروبا يميلون إلى تهميش الكنيسة أمام المجتمع، ويتناسون الصيام الذي يفرضه عليهم دينهم، وفي الوقت نفسه ينبهرون بصيام المسلمين في شهر رمضان. (٥).
ويمضي هذا الخطاب الكنسي الكاثوليكي ليرفض التعايش بين الإسلام والمسيحية في أوروبا. فيقول الكاردينال «جاكومو بيفي». أسقف مدينة «بولونيا». بإيطاليا. في رسالته يوم 13/9/2000م. داعيًا إلى استئصال المسلمين من أوروبا «فإما أن تتحول أوروبا إلى مسيحية فورًا، وإلا ستكون إسلامية مؤكدًا» (6)!
هذا هو الخطاب الكنسي الغربي إزاء الإسلام، وتلك هي صورة الإسلام في هذا الخطاب البروتستانتي منه والكاثوليكي في الواقع المعاصر الذي نعيش فيه. والسابق على قارعة سبتمبر لسنة ٢٠٠١م، التي ألمت بأمريكا.
الهوامش
(۱) (التنصير: خطة لغزو العالم الإسلامي). الترجمة العربية لوثائق مؤتمر كولورادو- ص ٤٥٢، ٢٢، ٢٣، ٧٩٧٨٩ ۱۲۷٥٠٤٠٥٦.٥٣ ۳۸۳۰۱۳۰. ٨٤٥ طبعة مركز دراسات العالم الإسلامي... مالطا - سنة ١٩٩١م.
(۲) المصدر السابق، ص ۲۴۲ ۸۲۷ ٢٨٧، ٠٤٦٩ ٢٦٤، ٠١٤٧
(3) المصدر السابق، ص ۷۷۰
(٤) صحيفة الشرق الأوسط، في ١٩٩٩/١٠/١٣م.
(5) صحيفة الشرق الأوسط، في ۱۹۹۹/۱۰/۱م.
(6) صحيفة العالم الإسلامي في ٢٠٠٠/١٠/٦م.