; ماذا جرى في اليمن الجنوبي؟ | مجلة المجتمع

العنوان ماذا جرى في اليمن الجنوبي؟

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 06-مايو-1980

مشاهدات 18

نشر في العدد 479

نشر في الصفحة 14

الثلاثاء 06-مايو-1980

 ● ماهي الظروف التي خضعت لها تغيرات اليمن الجنوبي؟

● ليس هناك من تغيير في سياسة الروس من اليمن الجنوبي بعد محاولة الإقالة.

على الرغم من اضطراب الأخبار التي نقلتها وكالات الأنباء بخصوص تفسير سياسي لما حصل في منتصف الشهر الماضي في «اليمن الجنوبي» تلك القاعدة السوفياتية التي قال عنها بعض المراقبين.. إنها جمهورية سوفياتية جديدة يحكمها «عبد الفتاح ستالين». على الرغم من اختلاط الأوراق الصحفية واضطرابها في نقل الصورة الحقيقية التي تمخض عنها الوضع العدني بإقالة «عبد الفتاح إسماعيل» وحلول «علي ناصر محمد» مكانه على سدة رئاسة الجمهورية. فإن المؤشرات الدولية والعربية والمحلية لليمن الجنوبي تعطي التحليل السياسي دفعة نحو الكشف عن حقيقة ما جرى في عدن عبد الفتاح ستالين. 

تقول مجلة الوطن العربي الصادرة في يوم 25/4/1980: «يسود عدن جو من الغموض الهادئ السلمي الذي فاجأ المراقبين بإزاحة السيد عبد الفتاح إسماعيل من منصبه المهيمن كأمين عام للجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني، وكرئيس لهيئة مجلس الشعب الأعلى لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وذلك بعد أقل من أسبوع من عودته من طرابلس، حيث شارك بصفته رئيسًا للجمهورية وأمينًا عامًّا للحزب في مؤتمر جبهة الصمود والتصدي». 

وإذا شاء الدارس أن يربط هذا القول الذي لا يعدو كونه رأيًا صحفيًّا بحادث الطائرة التي حملت عبد الفتاح إسماعيل من مطار عدن إلى مطار طرابلس الغرب في ليبيا، ذلك الحادث الذي كاد يودي بحياة الرئيس الأسبق، فإننا نقف أمام السؤال التالي:

● هل يمكن للمراقب اعتبار ما حدث من انقلاب أبيض في اليمن الجنوبي هو البديل عن اغتيال أو قتل أو إماتة عبد الفتاح إسماعيل بحادث الطائرة الذي نجا منه الرئيس اليمني الأسبق؟

لقد قال بعض المراقبين:

«إن أحد الحوافز التي عجلت في نهاية عبد الفتاح إسماعيل يكمن في الفقرة السادسة عشرة من بلاغ قمة الصمودوالتصدي بتكليف العقيد معمر القذافي بالاتصال بالاتحاد السوفياتي باسم الجبهة لبحث إمكانية تطوير العلاقات بين الاتحاد السوفياتي والجبهة بما يؤدي إلى مزيد من الدعم السياسي والعسكري، وإلى إعادة التوازن العسكري والسياسي إلى المنطقة». 

والذين ذهبوا إلى ما ذهب إليه المراقب الدولي، برروا هذا الرأي بأن موسكو لم تنظر بعين الرضا إلى مشاركة عبد الفتاح إسماعيل في توقيع هذه الفقرة التي قد تحرج الاتحاد السوفياتي بدون مبرر مع بعض الدول العربية، وتجعله طرفًا في صراع المحاور العربية».

وبعد الربط بين هذه النصوص وما ذكرته جهات عربية ديبلوماسية في بيروت يوم 23/4/1980 من أن السوفيات هم الذين أرادوا أن يتخلصوا من عبد الفتاح إسماعيل. وما حصل في اليمن الجنوبي إنما هو بمعرفة السوفيات القطعية، عند هذا الربط نستطيع الإجابة على السؤال السابق بالقول:

«إن الانقلاب الذي سمي أبيضًا وأزيح به عبد الفتاح إسماعيل وسط ظروف «عدن» الدولية والعربية والمحلية يرجح لدينا أن فكرة التخلص من الرجل فكرة قديمة نسبيًّا،ولعل ثبوتها في ذهنية السوفيات يرتبط بالكره الشعبي الذي يحمله شعب اليمن الجنوبية لرئيسه الأسبق عبد الفتاحإسماعيل».

أما الظروف التي جعلت السوفيات يعملون لتبديل الرئيس اليمني هي نفسها الظروف التي جعلت الروس الشيوعيين يبدلون نور محمد تراقي ويحضرون بدلًا منه رئيسًا لأفغانستان حفيظ الله أمين، حيث إن الكره الإسلامي الشعبي لعملاء الروس الكفرة من حكام العالم الإسلامي يخيف الاتحاد السوفياتي من قيام ردات فعل عنيفة تودي بأصدقائهم من على عروش العمالة، وذلك كما كاد أن يحصل في أفغانستان المسلمة. ولعل الظروف الدولية والعربية والمحلية بحسب ما أشار المراقبون للوضع اليمني لعبت دورًا كبيرًا في إزاحة عبد الفتاح إسماعيل بعد أن قام بالدور المنوط به.

● فمن الناحية الدولية:

1- يمثل اليمن الجنوبي بقيادة عبد الفتاح إسماعيل القاعدة الأساسية «سياسيًّا وعسكريًّا» للسوفيات في المنطقة العربية.

2- شارك عبد الفتاح إسماعيل بترسيخ الاستراتيجية الروسية الشيوعية في بعض زوايا أفريقيا وذلك مثل موقفه المشين الذي وقفه مع حكومة الشيوعي الصليبي «منغستو» حاكم أثيوبيا ضد الشعب الصومالي المسلم.. ثم الشعب الإرتيري المجاهد ضد نفوذ أثيوبيا على الشواطئ الشرقية للقارة الأفريقية.

3- رسخ الرئيس الأسبق عبد الفتاح إسماعيل استراتيجية السوفيات البحرية في المحيط الهندي والخليج العربي الغني بالنفط بمنحه القواعد الحربية والبحرية للروس الشيوعيين. حيث فتح هذا الباب على مصراعيه أمام السوفيات.

ومن هذه الظروف الدولية التي عاشتها اليمن تحت حكم عبد الفتاح إسماعيل نشأ موقف عربي وموقف يمني محلي من سياسة عبد الفتاح إسماعيل في عدن.

● فعرب الجزيرة العربية الذين يعادون بفطرتهم كل ما هو شيوعي يقفون على خط يعادي الخط الذي يسير عليه الرئيس عبد الفتاح إسماعيل ويشمل هذا الموقف الشعوب والحكومات.

● وسياسة الدول النفطية باتت حذرة من سياسة الرئيس إسماعيل، ذلك الذي جعل بلاده قاعدة تيسر للروس الوصول إلى نواياهم التي تدفعهم للحصول على قسمة معينة من نفط الخليج. 

● أما في عدن.. فإن سياسة الرئيس عبد الفتاح إسماعيل تضيق العداء على محورين:

الأول: وهو المحور الرسمي الذي يعارض في الارتماء الكلي للسياسة العدنية في أحضان السوفيات.

الثاني: وهو المحور الشعبي الذي يمثله غالب أبناء اليمن الجنوبي بدافع إسلامهم وعقيدتهم، حيث إن فطرة أهل عدن تصطدم وما يفعله الرئيس عبد الفتاح إسماعيل.

وهذان المحوران يشكلان خطرًا أساسيًّا على وجود النفوذ الروسي في عدن يعود بسببه إلى وجود عبد الفتاح إسماعيل كرئيس متطرف.. رمى بنفسه وبشعبه وبمقدرات بلده في أحضان السوفيات، وذلك بطريقة ممجوجة لم يقبل بها حتى بعض أنصاره وهنا يمكن لنا أن نقول: 

إن موقف الاتحاد السوفياتي لم يتغير في اليمن الجنوبي. وإنما الذي تغير هو موقف عصابة الكرملين من الرئيس عبد الفتاح إسماعيل الذي يخشى أن يفلت زمام الأمر من يده بسبب النقمة العربية والمحلية على سياسته.

وهذا يعني أن الروس الشيوعيين الذين خبروا نفسية شعوب المنطقة ورغباتها وجدت في وجود عبد الفتاح إسماعيل على رأس السلطة في اليمن الجنوبي عائقًا في توسيع النفوذ السوفياتي. فكان إبداله بعلي ناصر محمد هو بمثابة العمل الذي يخضع للقول العامي الشائع «وجهان لعملة واحدة».

وبعد هذا لا بد للمراقب من ملاحظة السلوك السياسي لحكومة عدن في الأسابيع القليلة القادمة ليخرج برؤية واضحة قد تؤكد رأي من قال «إن سقوط عبد الفتاح إسماعيل يأتي في أعقاب تطورات مهمة تمر عبر التفاهم مع جمهورية اليمن العربية «صنعاء» على إجبار مباحثات الوحدة، وعلى وصل ما انقطع من علاقات مع السعودية».

ولعل ما ذكرته الوطن العربي الصادرة في الأسبوع الماضي يؤيد ما ذهبنا إليه من حيث ظروف اليمن الجنوبي بالنسبة للوضع العربي، فقد ذكرت: «لعب علي ناصر محمد دورًا رئيسيًّا قِيل إنه كان بإيحاء من الاتحاد السوفياتي لتطمين السعودية وللتخفيف من مخاوفها من الاندفاعة السوفياتية إلى بحر العرب ومنطقة الخليج. بعد هذا لابد من طرح التساؤل الملح:

● إلى متى سيظل بعض الحكام العرب ألعوبة في أيدي القوى الدولية التي لا تهتم إلا بمصالحها فقط. وإلى متى سيظن هؤلاء الحكام أن شعوبهم لا يعرفون ماذا يحصل وراء الكواليس؟ نعم.. إذا استمر هذا الشعور لدى أولئك البعض من رجالات الأنظمة العربية.. فمعنى هذا أن الغباء يعشعش في ذهنية بعض من يتصدرون العروش في العواصم العربية الثورية!

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

نشر في العدد 7

32

الثلاثاء 28-أبريل-1970

نشر في العدد 11

39

الثلاثاء 26-مايو-1970

نشر في العدد 17

29

الثلاثاء 07-يوليو-1970