; أحداث باكستان.. لماذا وإلى أين؟ | مجلة المجتمع

العنوان أحداث باكستان.. لماذا وإلى أين؟

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الأربعاء 15-يونيو-1977

مشاهدات 13

نشر في العدد 354

نشر في الصفحة 28

الأربعاء 15-يونيو-1977

1- كانت 90 بالمئة من مظاهرات المعارضة تخرج من المساجد بعد أداء الصلاة وقد أوعزت الحكومة إلى بعض المتاجرين باسم الإسلام أن يقولوا للشعب إن المساجد أماكن للعبادة فقط وليست للسياسة فردت عليهم المعارضة بأن المسجد هو المكان الذي اتخذه الرسول الكريم وخلفاؤه الراشدون مركزًا لدين الدولة ولسياستها ومنه كانت تصدر الأوامر الدينية كما كانت تصدر الأوامر السياسية والعسكرية.

2- شاركت جميع طبقات الشعب في المظاهرات فكانت هناك مظاهرات للعمال، وأخرى للطلاب، وغيرها للعلماء والمحامين. ولأول مرة في تاريخ باكستان تخرج المرأة الباكستانية، وأطفال باكستان بمظاهرات كبيرة مؤثرة تطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية وتهتف بأن لا إله إلا الله محمد رسول الله، وأن المرأة المسلمة لا يمكن أن تصوت للاشتراكية وإنما تصوت للإسلام وفي مدينة راولبندي خرجت بتاريخ 5-4-77 أكبر مظاهرة نسائية عرفتها باكستان بلغ طولها ثلاثة كيلومترات وشاركت فيها الطالبة، والمعلمة والطبيبة، وربة البيت، الشابات منهن والكبيرات في السن وكان لهذه المظاهرة مثيل في الكثير من مدن باكستان مثل كراتشي 31-3 ولاهور 9-4-77. كما خرج أطفال باكستان في مظاهرات تؤيد مطالب المعارضة وذلك يوم 15-4-77 وقد نظم تلك المظاهرات اتحاد الأطفال الباكستانيين.

3- كانت الحكومة تحسب ألف حساب ليوم الجمعة من كل أسبوع حيث كانت أكبر المظاهرات وأقواها تخرج بعد صلاة الجمعة لتلقى رجال البوليس والحماية الفدرالية في انتظارهم لتسقط منهم في ذلك اليوم المبارك أكبر عدد ممكن من الشهداء.

4- لأول مرة منذ تأسيس باكستان يتناسى العلماء فيها خلافاتهم الفرعية ويقفون وجميعًا خلف التحالف الوطني ليدعموا أهدافه الرامية إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، ولأول مرة منذ سنين عديدة يتناسى أبناء القبائل في إقليم الحدود الشمالية الغربية خلافاتهم ومنازعاتهم على الأراضي والزعامات وتسود روح الأخوة والتسامح فيما بينهم من جديد، وباختصار فإن الوحدة بين أبناء الشعب الباكستاني بجميع فئاته لم تتجل كما تجلت من خلال الفترة التي تلت الانتخابات.

5- بدأت علائم التصدع في حزب الشعب في الظهور حيث استقال من الجمعية الوطنية ومن الحزب سكرتيره العام الدكتور مبشر حسن وزير المالية في الحكومة السابقة وأحد الشخصيات البارزة في الحزب، كما استقال سبعة أعضاء آخرين وشكلوا حزبًا جديدًا أسموه حزب عوامي الديمقراطي الباكستاني وبرزت مجموعة جديدة من أعضاء حزب الشعب الذين تم إعلانهم فائزين في انتخابات الجمعية الوطنية مؤلفة من سبعة أعضاء بزعامة السيد شوكت حياة طالبت باستقالة بوتو وإعادة الانتخابات وقد استقال السبعة من الحزب واستقال ثلاثة منهم من عضوية الجمعية الوطنية، كما استقال عضوان من أعضاء الحزب من عضوية الحزب ومن عضوية المجلس الإقليمي للبنجاب وآخر من السند، وأيد جميع هؤلاء المعارضة في مطالبها بإعادة الانتخابات التي تم تزويرها.

6- أعلن المسئول العام عن الانتخابات بطلان انتخاب ستة من أعضاء حزب الشعب إلى الجمعية الوطنية من بين هؤلاء وزير سابق هو حفيظ تشيما والسيدان تشودري غلام بني وسردار أحمد علي والسيد ممتاز خالون وهو وزير سابق في حكومة إقليم البنجاب.

كما أعلن عن بطلان انتخاب عضوين من أعضاء حزب الشعب إلى المجلس الإقليمي للبنجاب.

وقال المسؤول العام في بيانه إنه ثبت بالأدلة أن هؤلاء قاموا بتزوير الانتخابات لصالحهم في الحلقات الانتخابية التي ترشحوا عنها.

وعندما أصبح بوتو أمام الأمر الواقع صرح في إحدى مؤتمراته أن بعض المسؤولين في الحكومة استغلوا مناصبهم ولكن الحكومة لم تزور الانتخابات.

7- نفذت جميع ما في البلاد من قنابل مسيلة للدموع بعد حوادث يوم 9-4 في لاهور وقد طلبت الحكومة رسميًا من شركة بريطانية تزويدها بكميات كبيرة منها خلال مدة ثلاثة أيام وإلا ألغت العقد معها وتعاقدت مع شركة أخرى، والجدير بالذكر أن نقابة الأطباء الباكستانيين أصدرت بيانًا قالت فيه إن القنابل المستعملة من النوع الذي يترك تأثيرات سيئة على العيون والجهاز التنفسي إلى جانب إسالتها للدموع.

 

التعليق

إن الأمر الذي لا يختلف فيه المراقبون للأوضاع في باكستان هو أن البلاد تواجه محنة عصيبة لا تقل خطورة وصعوبة عن المحنة التي واجهتها عام 1970-1971 والتي أدت إلى انفصال جناحها الشرقي.

وعندما صحت البلاد من نومها بعد سقوط ذلك الإقليم، وجد المخلصون لباكستان أن فيما بقي من أرض دولتهم بذورا مشابهة لتلك التي أدت إلى انفصال الإقليم الشرقي، فأدركوا أنه لا علاج لهذا الداء إلا العودة الصادقة إلى العامل الأساسي الذي التقى وتآخى على أساسه من أقاما دولة باكستان، وماذا يكون ذلك العامل غير الإسلام؟ 

وعندما بدأ هؤلاء حركة توعيتهم للجماهير، وبدأوا يطبقون بعضًا من أحكام الإسلام حيث كانوا يحكمون في كشمير، وإقليم الحدود الشمالية الغربية، وجدوا الطاغية الديكتاتور يضرب على أيديهم بيد من حديد، حتى ظن في اعتقاده أنه لن تقوم لهم قائمة من جديد.

وجاء الإعلان عن الانتخابات، وهبت الجماهير على أصوات المخلصين وهم يرفعون شعار الإسلام ويقدمونه حلًا لمشاكل باكستان التي طالما حلم الشعب بحلها والتخلص منها منذ أمد بعيد.

وأذهل التأييد الشعبي المطلق للتحالف الوطني أعداء الإسلام في داخل وخارج باكستان، وأدركوا أنه هو الفائز لا محالة، وأن فوزه يعني انتصار الأفكار والمبادئ التي رفعتها الجماعة الإسلامية القائد والمنظم الأول للتحالف الوطني، ومعنى هذا الانتصار والقضاء على كل المخططات التي وضعت لتجعل مما بقي من باكستان أكثر من بنغلاديش جديدة، ومعنى هذا الانتصار بروز باكستان القوية بما لديها من مصادر طبيعية ومعدنية وطاقات بشرية فتكون ببروزها ذلك حافزًا لبقية شعوب العالم الإسلامي الذي لا يزال بأكمله يرزح تحت سيطرة أعداء الإسلام من شرقيين أو غربيين ولم يجد هؤلاء للخروج من مأزقهم هذا وسيلة أفضل من تزوير الانتخابات لتعود بالطاغية الظالم المتآمر إلى التحكم من جديد ليحقق شهوته الجامحة في التحكم بمصير البلاد والعباد لأمد طويل، ويستمر في تنفيذ ما يريده أساتذته في واشنطن من أمريكان ويهود.

وكان التزوير، وكانت الثورة الشعبية العارمة التي قادتها المعارضة بعد أن قررت أن لا تسمح للمزورين وأعداء الشعب من طغاة وظالمين بالاستمرار في حكمهم للبلاد مهما كلفها من تضحيات.

وحاول الديكتاتور القضاء على تلك الحركة بكل الوسائل التي في يده فماذا فعل وإلى أين وصل؟

هدد وتوعد وضرب واعتقل، قتل وجرح، فلم يزد النار إلا تأججًا ولم يزد الجماهير إلا صلابة وعزمًا وقوة وتصميمًا.

فلجأ إلى الحيلة من جديد. أدرك حب الجماهير للأستاذ المودودي وثقتها فيه فزاره في بيته وخرج من بيته ليصفه بالحكمة وليعرض عليه عضوية مجلس العقيدة الإسلامية رغم ما قد أطلقه أثناء فترة حكمه من أكاذيب ضد الإنسان الكريم الصابر المحتسب. وأعلن عن منع الخمور والقمار وإغلاق النوادي الليلية ... وهو أحد شاربيها ومروجيها وأعلن عن تشكيل مجلس العقيدة الإسلامية لتطبيق الشريعة الإسلامية خلال ستة أشهر بعدما كان عدوًا لها لخمس سنين، وزاد في رواتب العمال والموظفين ليسكت الأفواه الجائعة بعدما سرق هو وأعوانه نتائج جهودها أيضًا لخمس سنين.

فهل انطلت الحيلة على الجماهير؟ بالطبع لا وكيف لها أن تكون؟

فلجأ أخيرًا إلى الملجأ الأخير الذي يلجأ إليه طغاة هذا الزمان وكل زمان. لجأ إلى الجيش ليحمي كرسيه المهتز من السقوط وهو يعلم علم اليقين بأن نهايته لن تكون بأحسن من نهاية رفيقة كفاحه في القمع والإرهاب والظلم والتسلط ابنة نهرو في البلد القريب، ولذلك لجأ تحت ظل الهدوء المزعزع إلى التنازل عن الكثير لقادة المعارضة الذين يقودون الشعب، والذين بيدهم اليوم مستقبل بوتو كزعيم.

بيد أن علينا أن لا ننسى أن الذين هم وراء مصائب باكستان من الدول الكبرى قد أحست أن نجم بوتو إلى أفول إن لم يكن اليوم فذلك كائن بعد حين ولذلك لجأت وفي الآونة الأخيرة إلى دفع عملائها من انتهازيين، وشيوعيين وانفصاليين، إلى تأييد مطالب التحالف الوطني، وركب الموجة الإسلامية حتى إذا ما وصلت بهم إلى بر السلامة مع الواصلين تمكنوا من إشعال نار الفتنة بين المتحالفين، حتى يسهل لهم الوصول بدلًا عنهم إلى الحكم وقطف ثمرة جهادهم وتضحياتهم كما يحصل في الكثير من بلدان العالم الإسلامي المنكوب.

ترى إلى أين تسير باكستان اليوم: أإلى الحرية والإسلام، أم إلى حكم الانتهازيين والشيوعيين والانفصاليين، أم إلى حكم الفرد بالحديد والنار من جديد، هذا ما ستجيب عنه الأيام القادمة، وإن غدًا لناظره لقريب…

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

لم كل هذه الحرب؟

نشر في العدد 2

38

الثلاثاء 24-مارس-1970

مفهومات خاطئة 4

نشر في العدد 14

24

الثلاثاء 16-يونيو-1970