العنوان أدب (588)
الكاتب المحرر الثقافي
تاريخ النشر الثلاثاء 21-سبتمبر-1982
مشاهدات 16
نشر في العدد 588
نشر في الصفحة 42
الثلاثاء 21-سبتمبر-1982
محطة
قمر
في ظلام الزمان
وجهك الرائع
الحلو يا
نشيد الكفاح
كان فينا وراح
في متاه الليالي
نحن من بعده
مزق ضائعات
على جرحها
ترقص العاديات
وتلهو بهن الرياح!!
يا عروس الزمان
يا ضياء القلوب
ضاع منا الأمان
في خضم الخطوب
فاسمحي
أن تعودي.. فها
أفقنا لم يزل
بانتظار الصباح..
كلمات في الحضارة والانحطاط
● تلك بيروت، أطلال بائسة خربة نكدة، تحالف ضدها كل ذي وجه کالح أسود مغبر.
● من أنهكها بالعهر وجعلها محطة لكل مباءات الشرق الأوسط.
● ومن فتح أبوابها لكل لصوص الثقافات والأفكار والمبادئ.
● ومن جعل من بعض محالِّها ومكاتبها أوكارًا للجاسوسية العالمية، والخيانات الدولية والمقايضات السياسية.
● هذا الخراب الحضاري كان سابقًا على خرابها العمراني، لقد فرَّخت «أرضة» الانحطاط وباضت في جذورها الهشة حين اضطربت في ساحاتها السياسية مبادئ العلمانية، إلى جانب الطائفية السياسية والمذهبية والعرقية، حتى خلت الساحة أمام رايات نجمة داود تحملها عصبة الأراغون والهاجاناه وبقية العصابات السوداء، متحالفة مع مستنبتات الصليبية العالمية من آل الجميل وكتائبهم الفاشية، وممهدًا لها باحتلال طائفي آخر استمر سنوات عجافًا سبعًا أو كاد.
● كلهم أسقط الحضارة وداسها في بيروت الكلمة والحرية.. من باعها للسماسرة ومن خانها في شرفها، ومن لوث يديه بدمائها، ومن حالف أعداءها ومن سلم الأرض من حولها ومن جنوبها، ومن سكت على كل ذلك ولم يرفع بالاعتراض صوتًا.
● مأساة بيروت أنها ظنت أن الحرية والشرف كافيان لصنع الحضارة، ونسيت أن الإيمان والقوة ركنان رديفان لا بد منهما لصحة البناء وقوته وحمايته.
● لك الله يا بيروت، اخلعي ثوب خرابك وانهضي مرة ثانية ولكن بعد أن تكنسي للبحر أعداء الحضارة والإنسان.
قصة قصيرة
الإفلاس
بقلم: رضوان عبد الله
أطبق كتابه باضطراب، وكان آخر ما قرأ فيه قوله صلى الله عليه وسلم: «من لم يغز أو يحدث نفسه بالغزو، مات على شعبة من شعب النفاق» أو كما قال صلى الله عليه وسلم، فقال في نفسه: ولكن أين الجهاد الآن؟ أو ليست بلادنا إسلامیة؟ سکت برهة ثم استدرك: آه.. عندنا جهاد الغزاة الإسرائيليين في فلسطين.. ولكن.. مَن مِن المسلمين يفكر جادًّا في جهادهم؟
ورفع يديه إلى السماء يدعو: «اللهم اكتب لي الشهادة في...» يا إلهي! ما لي أشعر بالخوف يجسم على قلبي ويعقد لساني وكأن الموت ينتظرني؟
-ولكنك يا عبد الرحمن في مقتبل العمر، وعليك أن تتم تعليمك، وتؤسس بيت الزوجية الذي ينتظره والدك بفارغ الصبر... أين أحلامك في البيت الأنيق والسيارة الفخمة والعروس الجميلة؟ ماذا سيقول الناس والأقارب: عبد الرحمن الذي كان سيصنع كذا وكذا اختفى من دون أثر؟
-أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. يا إلهي.. ألم يوصنا الله بالجهاد ويتوعد المتخلفين؟ ألم يطبِّق رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه ذلك عمليًّا؟ أنفوسنا أكرم من نفوسهم؟ لا والله.
-مالك وهذه المناقشات؟ الجهاد بعيد الآن، وعندما يقرر الناس ذلك عندئذ لكل حادث حديث.
-«اللهم إني ﴿أَعُوذُ بِكَ مِنۡ هَمَزَٰتِ ٱلشَّيَٰطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحۡضُرُونِ﴾ (المؤمنون: 97-98).. اللهم اكتب لي الشهادة في سبيلك يا رب العالمين».
وتمضي الأيام، وعبد الرحمن كأي شاب يقضي وقته بين الجامعة والنزهات وبعض المطالعات الشخصية.. كان يتابع تطورات الأحداث السياسية دون كثير تعمق؛ فلا هي لقمة عيش ولا أغنية طرب ولا فكاهة طريفة.
وتتزايد أنباء مداعبة الصهاينة للجنوب اللبناني، فقهوة الصباح المفضلة لديهم فيه وسيكارة المساء الهادئة في رحابه.
كان يستغرب هذا السكوت عليهم.. ثم كان يذكر انشغال أهل الشمال عن أهل الجنوب فإلى الآن لم يستطيعوا أن يثأروا لأنفسهم- ومن أنفسهم- من كل أضغان الماضي وأحقاده، وكلما جاءهم من يحكم بينهم، إذا به يتحول إلى لاعب- وأساسي- في ميدانهم.
أمسك بصحيفة يقرأ فيها.. ثم قال في نفسه: سبحان الله.. كاتب هذا المقال إما ضابط إسرائیلي باسم عربی أو رجل ذو نبوءة وعلم في المستقبل.. إنه يضع خطة لما يتوقعه من اجتياح إسرائيلي للجنوب.. خطة مفصلة ومحكمة ولكن.. إذا كان ما يقوله صحيحًا أو حتى افتراضًا، فلماذا لا تأخذ الحكومة حذرها وتضع الخطة المضادة؟!
-لبنان دولة بلا جيش.. هذا واقع لا نناقش فيه.
-حسنًا.. لماذا لا تقف في جانبها بقية الأطراف؟
-سؤال متهور.. لا تسبق الحوادث.
وتمضي الأيام بطيئة.. مسرعة.. رتيبة.. متجددة.. أهل الشمال لا يدرون ما يجري في الجنوب.. فالمباراة وصلت بينهم إلى أوج حماسها.. وتحول الحكم إلى لاعب منذ زمن بعيد.. وتحول المدرب إلى وسيط.. بينما أهل الجنوب ينتظرون.
● عبد الرحمن يصحو على نبأ استبسال صيدا واجتياح صور.
● عبد الرحمن يصحو على أصوات الاحتجاجات.
● عبد الرحمن يصحو على نبأ حصار بيروت.
جميع اللاعبين انصرفوا للاستراحة ما عدا اثنين.
أصوات الجهاد تتعالى.. عبد الرحمن يمسك بكتابه القديم.. يهزه الوعيد.. وتسمو به البشرى.
-أتدع الجامعة يا عبد الرحمن؟ والشهادة التي أصبحت أمامك؟ والمستقبل؟
أتترك البيت الجميل والعروس الحسناء؟
عبد الرحمن يسمع أن هناك بابًا للتطوع، يهرع إليه.. يريد أن يجاهد.. يريد ألّا يسكت.. يريد أن يتدخل.. يريد أن يلعب ولكن أمام خصم لا أمام صديق.. يستقبله مدير المركز باشًّا: ماذا ترید يا بنی؟
-التطوع.. الجهاد.
-بارك الله فيك.. هل عندك الرغبة في القتال؟
-أجل.. أنا جاهز.
-هل تجيد استعمال السلاح؟
باغته السؤال وكأنه لم يسمع باسم السلاح لليوم.. سكت.. ثم قال بصوت
منخفض: أتدرب.
و بابتسامة يائسة: يا بني.. نحن نواجه مشكلة إيصال المُدَربين إلى ساحة المعركة فكيف بمن لم يتدربوا بعد؟ ليست عندنا إمكانية التدريب في هذه الظروف.
-ولكني أريد أن أجاهد (قالها بانفعال).
-أقدر فيك شهامتك ومروءتك.. ولكن.. ليس في اليد حيلة..
وخرج عبد الرحمن يجر أذيال الخيبة والمرارة، وهو يتساءل: هل يقبل ربي عذري؟ أنا مفلس.. هل يرضى عن إفلاسي؟ أيحاسبني؟ أَم يحاسب من عمل على إفلاسي؟ أنا مفلس من القوة.. ومن الاستعداد.. ومن السلاح.. وجاءه منادٍ يقول له: أين الإفلاس أيها الغبي؟ جيوبكم ملأى بالذهب، ومكتباتكم مكتظة بأشرطة الكاسيت والفيديو.. وأحلامكم الوردية تسعى إلى بلاد السحر والجمال.. وإذا بعبد الرحمن يصبح بصوت المجانين: لا.. بل نحن المفلسون.. نحن المفلسون.. ثم يجهش في البكاء.
لماذا السكوت؟
لماذا السكوت وإخواننا بنيران حزب الخنا يكتوون؟!
لماذا السكوت وأحبابنا تهان كرامتهم.. يقتلون
لماذا السكوت ودمع الأسى يشق دياجير تلك السجون
لماذا السكوت وصوت اليتامي يصم المسامع يدمي العيون
إلهي يقينك أودعتني.. فعهدًا إلهي سأحمي اليقين
سأحيا أجاهد بطش الطغاة وأصنع بالنور فتحًا مبين
وأمضي كريمًا رفيع المقام وأسمو شهيدًا مع الخالدين
رضاك إلهي منى خافقي.. وعفوك ربي رجا المتقين
للأخت: زمزم بنت الهدى/ الإمارات
لا تعجبي..
نظرت لفودي إذ رأته أشيبا
عجبًا، وحق لمثلها أن يعجبا
لا تعجبي يا هند من شيب بدا
في فوده بل فاعجبي إما صبا
لا تعجبي.. فلقد يشيخ الجسم من
أوصابه، والقلب في شرخ الصبا
ومشى الفؤاد يجر أثواب الأسى
متعثرًا.. ويخاف أنسام الصبا
لا تعجبي.. إن المصائب جمة
ورجال يعرب فرقوا أيدي سبا
ذلوا لأنذال الرجال وأسلسوا
لهم القياد فبات سيفهم نبا
خضعوا.. وما خضع الجبين جبيننا
يومًا لخوار العزيمة بل أبى
سجدوا لهم «لثموا الثرى» أقدامهم
ذبحوا الكرامة، مرغوا أنف الإبا
صلبوا العلا والمجد، أمجاد الأُلى
صنعوا الحياة.. وحق أن لا تصلبا
يا هند كيف يعيش حرًّا شاعر
في أرضه أو يبتغيها ملعبا
أو كيف ينعم بالحياة هنية
أو كيف يرجو من علاها مأربا
ها هم بنوها قد أباحوا ذلها
للشر ينشب في ثراها المخلبا
وعدوا عليها وهي أم أو أب
عقوا الأمومة بل وعقوها أبا
لا تعجبي فالشيب يجتاح الفتى
شأن الحوادث.. فهو منها أنجبا
«المقنع الحموي»
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل