; شبابنا هل هو مدلل.. وإلى أين يتجه؟ | مجلة المجتمع

العنوان شبابنا هل هو مدلل.. وإلى أين يتجه؟

الكاتب أبو هالة

تاريخ النشر الثلاثاء 15-يونيو-1971

مشاهدات 20

نشر في العدد 64

نشر في الصفحة 20

الثلاثاء 15-يونيو-1971

شبابنا

هل هو مدلل.. وإلى أين يتجه؟

تحقيق: أبو هالة

· يجب أن يدفع القادرون مصاريف التعليم.. بينما يعفى منها غير القادرين

· إتاحة الفرصة أمام التلميذ الفاشل باستمرار، يشجعه على التهاون والاستهتار

كيف نستثير تعاون البيت مع المدرسة أو الشعب مع الحكومة؟

 

· دخل مكتبي فتى من شباب هذه الأمة، تبدو في سحنته علامات الجدية والنشاط،

وتلمح في نظراته القلقة آثار اضطرابات انفعالية، وجلس أمامي وأخرج ورقة وقلمًا، حسبته في أول الأمر يكتب سؤالًا وجوابًا، لكن رأيته طوال فترة الحديث يخط بالقلم على الورقة حتى جعلها قطعة سوداء من أثر الخطوط هنا وهناك.

 

تدليل الشباب الكويتي

قال الفتى:

قرأت في إحدى الصحف المحلية لكاتب فيها يتهم شباب الكويت بأنه مدلل، وأن إحساسه بالمسؤولية يكاد يكون مفقودًا، وأن المظاهر تكاد تعصف بكل ما درسه وتعلمه، وجئت إليكم اليوم لأقول: إن هذا الاتهام صحيح في العموم لا في الخصوص، ولكن ما هي الأسباب؟ ما هو أصل المشكلة؟

واستطرد الفتى قائلًا:

لقد تعودنا الأخذ لا العطاء، وما يؤخذ سهلًا يترك بطريقة أسهل، والعيب ليس في العطاء ذاته، ولكن في كيفية العطاء ومادة العطاء.

ولأضرب لك مثلًا: أن الدولة فرضت التعليم إجباريًا في أولى مراحله، وجعلته بالمجان في بقية المراحل، وتقديرًا منها لضرورة التعليم وأنه أساس البناء الحضاري لكل أمة، وأنه حق لكل مواطن استنادًا إلى شريعة الله وكل القوانين الحديثة حتى جاء في المادة السادسة والعشرين من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

ما يلي:

1- لكل شخص الحق في التعلم، ويجب أن يكون التعليم في مراحله الأولى والأساسية على الأقل بالمجان، وأن يكون التعليم الأولي إلزاميًا، وينبغي أن يعمم التعليم الفني والمهني، وأن ييسر القبول للتعليم العالي على قدم المساواة التامة للجميع وعلى أساس الكفاءة.

وجاء في الفقرة الثانية من نفس المادة:

يجب أن تهدف التربية إلى إنماء شخصية الإنسان إنماء كاملًا.

 

عناصر الشعب

لكن هذا الاتجاه، وهذه الجهود التي تبذلها الدولة تلقى في مجتمعنا نوعًا من عدم التقدير، فكثير من الطلاب يذهبون إلى المدارس ليقال إنهم طلبة، وهم في المدارس عناصر شغب وتشويش، لا يهمهم أن يدرسوا وينجحوا، لأن أبواب «الدور الثاني» والإعادة مفتوحة مهما كان السن، ووسائل الغش في الامتحانات تتجاوز حتى كان «البرشام» من أيسر الطرق للسطو على النتائج بالنجاح، والمدرس طول العام لا يملك سلطات الحرمان أو التقدير الذي يؤثر في النتائج العامة، وحرمانه من سلطته مع افتراض حسن اختياره آفة هذا المجتمع

فالمدرسة عاجزة في إدارتها أن تأخذ بأيدي أمثال هؤلاء إلى طريق الجادة، والبيت الذي يرتبط بالطالب أصلًا وحاضرًا ومستقبلًا، لا يستطيع أن يكون له الأثر الفعال في توجيه أبنائه لسببين:

أولًا: الأمية والجهل الذي لا يمكن البيت من معرفة ما يقوم به أولادهم.

ثانيًا: عدم شعور أولياء الأمر بمقدار التكاليف التي تنفق على أولادهم ونحن شعب في أصوله تجار، يحرص على أمواله أن تربح وصفقاته أن تثمر، ومن ثم لو كان الآباء وخاصة القادرين يدفعون جزءًا من مصاريف أولادهم، لساروا وراءهم يتتبعون خطى سير تعليمهم ودراستهم.

 

رفع المجانية عن مراحل التعليم الثانوي والعالي

قلت له: كأنك ترى أن ترفع الدولة المجانية عن بعض مراحل التعليم؟

قال: نعم.

قلت له: أما قرأت أن التعليم كالماء والهواء لا يمكن أن يحال بينهما وبين أي إنسان؟

قال: بلى، إن إتاحة الفرصة التعليمية أمام الجميع هي المقصودة، إن تكافؤ الفرص بحيث لا يمنع الراغبون وييسر الأمر للطالبين هو الأساس.

إن مطلبي هو أن يدفع مصاريف التعليم القادرون، ويعفى منها غير القادرين بشرط عدم الرسوب مرتين مثلًا، ما دمنا نأخذ في تعليمنا بالطريقة الغربية.

بهذا نستطيع أن نستثير تعاون البيت مع المدرسة أو الشعب مع الحكومة، وتبدأ بذلك مرحلة من غرس المسؤولية في نفوس الناشئة.

وبشيء من القراءة الدقيقة للفقرة الأولى من المادة السادسة والعشرين السابق ذكرها نرى:

وأن ييسر القبول للتعليم العالي على قدم المساواة التامة للجميع، وعلى أساس الكفاءة.

فهي لا تعني أن تفتح الأبواب على مصراعيها ليلجها كل راغب وغير راغب، كل جاد وهازل،

إن هذه العناصر تعتبر وبالًا على الآخرين، وجرثومة وباء لا بد أن تكافح.

وإذا ما استمرت طريقتنا هذه على ما هي عليه فسيتكوم في ميدان الأمة جيل من حملة الشهادات بالحق والباطل، يملكون زمام الأمور بجهالة، ويصبحون نكبة على الدولة.

· وانصرف الفتى بعد أن ألقى بالعبء الفكري الذي أقلقه على ساحة العرض، ليكون مثار الدراسة والمناقشة.

 

الاتهام صحيح

وكان لقائي الأول مع السيد حسين يوسف العبد المحسن ليسانس وماجستير في التربية من الجامعات الأمريكية.

ويشغل وظيفة ناظر مدرسة متوسطة.

- قرأت عليه الاتهام، بأن الشباب الكويتي مدلل في عمومه.

وعرضت عليه ما يراه أحد الشباب من بداية للعلاج.

فقال السيد حسين:

الاتهام صحيح إلى حد كبير، وتحت يدي من الوقائع ما يزيد عن الحصر وإليك هذا المثال:

وجدت طالبًا يشرب الدخان، فأخذته ووجهته إلى مضاره الجسمية والأخلاقية، ولكن الطالب لم يكترث بقولي ونصحي فأحسست بأن وجوده بين الطلاب مفسدة، فاستدعيت والده، وأسمع الحوار الطريف المحزن:

- ابنك وجدناه يدخن

- هل تدفعون له شيئًا، إنه من حلال أبيه

وبالصبر الواجب اتجاه هؤلاء:

- إن المسألة ليست في هذه الوجهة، بل مضرة الولد ومفسدة الآخرين

- ولكن الوالد استمر:

طول ما أنا حي وموجود لا يحرمه أحد من شيء

وبعد وقت طويل قلت له:

أراني مضطر لفصله وإبعاده عن زملائه

فقال:

كيف تفصلونه ؟، وأنا كويتي؟ ولو فصلتموه لا يهمني، أنا عندي جنسية وسيعمل في الحكومة.

مثال آخر

مستخدم يتقاضى راتبًا شهريًا ما يزيد عن 80 دينارًا وذلك بوظيفة حارس، لكن وجوده في محل عمله معدوم ويعطي زميله عشرة دنانير ليسد مكانه، ولما جاء وقت مساءلته، كان اعتراضه على أنه كويتي، وأن آخر يقوم بالعمل مكانه.

- لذلك أؤيد الرأي القائل بأن يكون التعليم بمصاريف يدفعها أولياء الأمور.

- إلا أنه مرحليًا أرى تأجيل هذه الخطوة حتى تتكامل مع خطوات أخرى.

- والمسؤولون في الدولة يعلمون ذلك، ولكنه لو أخذ بهذا الرأي الآن لانصرف كثير عن التعليم، فلتكن النسبة الضئيلة مكسبًا في هذه الفترة.

 

تحريم الوظائف على الجاهلين

لقد رأيت في بعض البلاد الأجنبية عامل المصعد «الأسانسير» يحمل شهادة، فلو منعت الدولة التوظيف في أي مرفق على الأرض لسعى الناس إلى العلم من أجل لقمة العيش على الأقل.

باستخدام وسائل الإعلام المختلفة، يمكن أن نساعد في الشعور بالمسؤولية.

 

منع القبول في الجيش للأميين.

وأرى كذلك ألا يقبل في القوات المسلحة والشرطة الجاهلون بل يمكن أن نجعل حدًا أدنى «الشهادة المتوسطة»، وأن تكون مواعيد التقدم في العطلة الصيفية، فلقد حدث أن تقدم للقوات المسلحة حوالي 200 من الطلبة أثناء العام الدراسي.

 

تحديد السن.. ومرات الرسوب

- ومما يزيد في مظاهر التدليل تسهيل الأمور أمام الناس بصورة غير مستساغة، حتى لتجد الطالب فاقد الشعور بالرسوب وأثره على الأسرة والدولة والمجتمع، إذا ما شعر بأن الفرصة متاحة أمامه إلى ما لا نهاية، لأن النظام الحالي لا يحرم طالبًا من التعليم مهما تكرر رسوبه،

- وكذلك مما يساعد على سريان هذه الظاهرة قبول الطلاب في صف واحد مع فوارق -السن الكبيرة حتى لتجد طالبًا في سن الثالثة عشرة مع آخر في سن العشرين.

وودعت الأستاذ حسين يوسف لأعرض المشكلة أمام كل ذي رأي من الغيورين من أبناء هذا البلد، ليدلي كل واحد برأيه، عسانا نهتدي إلى الطريق السوي لتكوين جيل جاد يحمل الأمانة بصدق وعزم، ويبني حضارة الأمة على أساس متين لا تعصف به رياح الزمن، وحتى لا يخدعنا المظهر البراق، فنكتشف بعد مرور الوقت جهالة مقنعة أسلمنها لها القياد.

والمرجو أن تصل آراء القراء على العنوان الآتي:

مجلة المجتمع ص.ب 4850 ويكتب على المظروف مشاكل الشباب.

والله ولي التوفيق.

أبو هالة

 

 

الرابط المختصر :