; أدب.. عدد 729 | مجلة المجتمع

العنوان أدب.. عدد 729

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 13-أغسطس-1985

مشاهدات 21

نشر في العدد 729

نشر في الصفحة 42

الثلاثاء 13-أغسطس-1985

محطة

أيها الحائر الغريب:

هائمًا تائه الخطو في موحشات الدروب:

وحدك اليوم لا أنيس سوى الجرح والنار في زمان الخراب!!!! أن تقف.. حاصرتك الذئاب!؟

أو تسر... ضيعتك الدروب.

في متاه العذاب!!

فالتهب...

جوهر العصر التهاب

واقترب.....

عبر وهج الحراب!

يبتعد عنك كل ما زيف

السراب!!

المهاجر

 

 

حوارية

على رصيف مجلس الأمن!

بقلم: مشاري حمود العميري

كان هذا الحوار.. بين عربي وأوروبي

الأوروبي: من يكون حضرة «المستر»..؟!

العربي: طول لساني وقلة حيرتي.. يا خبراتك يا «أفندي» عن هويتي..!

الأوروبي: إذن.. أنت عربي..!

العربي: نعم.. وابن ابن عربي أيضًا.

الأوروبي: الآن أصبح شكي يقينًا..!

العربي: ماذا تقصد بذلك يا هذا..؟!

الأوروبي: لأنكم الوحيدون على هذه الأرض، كلامكم أكثر بكثير من أفعالكم..!

العربي غاضبًا: لا والله يا سيد.. لقد أخطأت بظنك هذا، فإن لنا أفعالًا كبيرة وعظيمة..

نحن الذين جاهدنا الاستعمار حتى طردناه.. و«استقللنا منه تمامًا»..!!

ونحن الذين بنينا السجون.. عفوًا –السدود..!!

ونحن الذين شققنا طريقنا «للعبور»..!

ونحن الذين جاهدنا إسرائيل «بالتي هي أحسن»..!!

ونحن الذين تكلمنا.. وكتبنا.. وبكينا.. ثم شجبنا..!

ونحن الذين بعد كل ذلك «وقفنا» و«اتفقنا» و«هادنّا».. ومِن ثَم «استسلمنا»..!!

باختصار شديد:

نحن «اللذون» صبحوا الصباحًا

يوم النخيل غارة ملحاحًا

الأوروبي: وماذا تبقى لكم من أفعال..؟!

العربي: الكرم..!

الأوروبي: تقصد إكرام الضيف..؟!

العربي: طبعًا طبعًا.

فنحن إذا ما جاءنا الضيف.. فإننا نضع له على المائدة أولًا: «المقبلات» -تبولة، فتوش، حمص، ورق عنب بابا غنوج، لبنة، باذنجان مسقعة، فاصوليا بالزيت، مجدرة عدس، باذنجان باللبن، شنكليش، جبنة خضراء، مجدرة مصفاية، زيتون أخضر زيتون أسود، كبيس، فول، سناسل، نخاعات، لسانات، كبة نية كبة محشية، بسطرما، قصبة سوداء، لوبيا خضراء، أرض شوكي، خضار مشكل، سلطة بطاطا، سردين...!!

الأوروبي: كفي، كفى.. يا «مستر».. ما هذه الأكلات العجيبة..؟ أ كل هذا كرمكم..؟!

العربي: هذه فقط «القبلات» عفوًا عفوًا «المقبِّلات».. ولم ندخل في الجد بعد..!!

الأوروبي: نحن عندما نكرم الضيف.. أو الزائر.. فأننا ندخل في الجد ابتداء..!

العربي: وكيف..؟!

الأوروبي: أولًا اعلم أن ضيوفنا إذا ما قدموا إلينا.. فإننا نقدم لهم آخر صراعات علوم العقل والفكر.. نقدم لهم من الطيران المقاتل مثلًا: الميراج، الجاكور فالكون هارير.

ومن «الهليكوبتر» نقدم لهم كذلك.

الغزال الفرنسية، البومة حاملة الجنود.. ومن «الدبابات» نقدم لهم كذلك:

الشيفتن «الإنكليزية»، والليو بارد «الألمانية»، وأسكوربيون «الإنكليزية».

ومن «الرشاشات» نقدم لهم كذلك:

«استند» مضاد الدروع «كارل غوستاف»..

باختصار: نقدم لهم كل ما هو ضروري وعصري -في زمننا الحاضر هذا.

العربي: أيوجد عندك صور لهذه «الوجبات» الغربية يا سيد «أفندي»..؟!

الأوروبي: هذه الأسلحة تعرض دومُا وتبث لدول العالم أجمع عبر الأقمار الصناعية..

فتظهر على «شاشات التلفزيون» عندهم، ألم تشاهد تلك التقنية الحديثة على «شاشات التلفزيون العربي» عندكم يا «مستر»..؟!

العربي: لا.. لا.. فقط نشاهد في بلادنا على «الشاشة»..

«وحش الشاشة العربية»..!!

«دلوعة الشاشة العربية»..!!

«فتى الشاشة العربية»..!!

«مطرب الشاشة العربية»..!!

«راقصة الشاشة العربية»..!!

الأوروبي مستغربًا: والعقول العربية.. أين هي..؟!

العربي: أما العقول العربية هذه التي تسأل عنها.. يا سيد «أفندي» فهي تظهر على «شاشات» المراقبة في السجون العربية..!!!

أقصوصة

وامتزج الدم بالدم

اقتربت أصوات الجنود يتردد صداها في أرجاء الزقاق المقفر... تنبه رئيف للصوت.. انتصب واقفًا واتجه نحو النافذة ليستطلع الخبر... وما أن وصل إلى النافذة حتى شق السكون صوت الرصاص الذي اخترق النافذة وكاد أن يصيبه.

بدأ الباب يدق بعنف في محاولة لخلعه ارتعشت أطراف رئيف على الرغم من أنه كان يلبس فروته الصوفية..

هبَّ أولاده الأربعة اضطرب قلبه المريض وتسعر مكانه بلا حراك... خلع الباب، وانتشر الجنود داخل المنزل ...ارفعوا أيديكم.. أديروا وجوهكم نحو الحائط.

سنتان بعد السنين قضاها رئيف في هذه الحياة، وها هو اليوم وبعد هزيمة السنين الطويلة وبعدما ملأت التجاعيد وجهه يرفع يديه ووجهه إلى الحائط ينتظر دوره في الموت..

كان باقي الجنود منهمكين في إخراج بقية أهل الزقاق، وكانوا يقودونهم نحو منشرة الأخشاب القريبة..

هيا اخرجوا.. تقدم رئيف الرتل وخلفه أولاده الشباب الأربعة.

كانت السماء ملبدة بغيوم سوداء داكنة تضفي رهبة على رهبة... الناس من كل حدب وصوب يتوافدون تقودهم البنادق والرشاشات تدفعهم دفعًا وأصوات تسبيح واستغفار تنبعث من هنا وهناك خافتة مكبوتة حزينة.

وصلت الجموع إلى المنشرة... الرعب يملأ المكان، ورائحة الموت تفوح، ومن بين الجموع كان رئيف وأولاده يقفون في مكان منعزل محاولين الهرب عن أعين الجنود التي لا ترحم...

لاحظ ذلك ملازم طائفي من قوات الـ(س).. أشار بطرف عينه إلى جندي بجانبه «وبما أن اللبيب من الإشارة يُفهم!!» ...انطلق الرصاص يشق الهواء نحو الأب وأولاده ومن لهف الوالد على أولاده حاول رئيف أن يحميهم بفروته الصوفية، ولكن المسافة كانت أقرب من أن يفعل ذلك المتراس البشري شيئًا فاخترقت الرصاصات جسد الأب لتستقر في أجساد أولاده... ويسقط الخمسة ويمتزج الدم بالدم.. وتكون الشرارة ويستدمي الوحوش، ويبدأ حصد الأهالي.. وتنطلق الرشاشات الشجاعة لتبيد كل من تجمع في المنشرة ومن لم يصل بعد إليها في الشوارع المجاورة..

وشيئا فشيئًا يخيم السكون وتنجلِي الموقعة عن أرواح مئات من الجثث ترتفع إلى السماء لتشكو إلى بارئها ما جنته يد الطغاة.

محمد أبو اليسر

تصحيح في معلقة

عمرو بن كلثوم

أبيات مختارة من قصيدة طيبة المعاني للشاعر الشاب «عبد المحسن حليت مسلم»، اختارها لنا القارئ أبو دجانة ياسر محمد أمين نظرًا لما فيها من معان تتفق مع حالة المسلمين الآن رأيت أن أشارك بها ليطلع عليها الشباب المسلم، والقصيدة بعنوان تصحيح في معلقة عمرو بن كلثوم..

أبيت اللعن عذرًا إن هذي***قصيدتي التي كانت جنينًا

قصيدتي التي ستظل تبكي***دمًا حرًّا أمام السامعينا

قصيدتي التي ستعيش يومًا***قصيرًا فيه تختزل القرونًا

وما ذاقت صبوحًا أو غبوقًا***ولا رشفت خمور الأندرينا

تضيف إليك شيئًا لم تقله***وتمحو كل ما قد قلت فينا

وتبدل كل بيت قيل فخرًا***ببيت يلعق الذل المبينا

أبيت اللعن كل خيوط عارى***على وجهي غدت وشمًا حزينًا

قصيدتك التي عاشت دهورًا***أراها في موازيني طنينًا

سأبصق في محيَّا كل بيت***وأشطب وجهه كي لا يكونا

وأنخر في مفاصله المعاني***وفي أعصابه حتى يلينا

أبيت اللعن فخرُك عاد قشرًا***وأصبح سلعة ركدت سنينًا

فهذا العصر لا يسبيه شعر***ترنحه شفاه المنشدينا

إذا وقفت مدافعه لتلقي***قصائدها، سمعت لها رنينًا

وقافية القذائف حين تشدو***ترنح في معانيها الحصونًا

ورجع القصف أحلى بيت شعر***تراه يهز سمع العالمينا

تقدم دع بعيرك في الفيافي***ودعه يجس في الرمل الأنينا

وقلِّب ناظريك ترَ المآسي***ودع قدميك تنتعل الشجونا

غثاء السيل نحن وكم خلقنا***لكل هزيمة سببًا متينًا

مللنا من مآسينا وصرنا***«نعيب زماننا والعيب فينا»

فكل هزائم الدنيا لدينا***تسمى نكسة، سترد حينًا

وكل كتيبة نقضي عليها***تسمى عندنا فتحًا مبينًا

ونجبن إن دعانا الثأر يومًا***ونركض للسلام إذا دعينا

ولا نبكي لأعراض الصبايا***وتُبكينا دموع العاشقينا

ونسقي بعضنا كدرًا وطينًا***لنسقي غيرنا ماء معينًا

وعند صغار شاتيلًا وقفنا***على أشلائهم متفرجينا

وصبرًا تستغيث ولا مجيب***كأن صراخها أمس لحونًا

وكل بالثأر هددنا «وقلنا»:***سنفتك بالطغاة المعتدينا

سنسحق كل طاغية حقير***ونشرب من دماء الظالمينا

ونبني من جماجمهم صروحًا***ونملأ من سباياهم سجونًا

ونطعم من لحومهم الضواري***ونرمي للكلاب الميتينا

فتركع تحت أرجلنا وتبكي***وتطلب ودَّنَا رفقًا ولينًا

أبيت اللعن هذا حال قوم***مهازلهم غدت شعرًا رصينًا

كم اقترضوا من الحداد سيفًا***وما اقترضوا له يومًا يمينًا

الرابط المختصر :