العنوان إقــراض المحتَاج واجب
الكاتب أحمد بزيع الياسين
تاريخ النشر الثلاثاء 17-مارس-1970
مشاهدات 652
نشر في العدد 1
نشر في الصفحة 9

الثلاثاء 17-مارس-1970
القروض في الإسلام مبنية على قواعد من العدل المتين فلا استغلال ولا غبن.
ومن أهم أنواع القروض:
القرض الحسن: وهو أن يقرض المحتاج للمواد الاستهلاكية والضرورية، ويجب أن
يجد من يقرضه من أبناء المجتمع تكافلا وتضامنا، وإرساء لقواعد المحبة بين الناس،
وتجنب العداوة والحسد بين الميسر والمعسر.. وفي حالة تعذر وفاء القرض فمن زكاة
المسلمين يسدد القرض. النوع الثاني القرض للاستثمار «وهو القراض»: وذلك بأن يشترك
الممول مع من يجيد العمل بالتجارة أو الصناعة أو الزراعة أو المقاولات هذا بماله
والآخـر بجهده والنتيجة بينهمـا أن يتقاسما الربح حسب النسبة المتفق عليها وإذا
حدثت خسارة فلا خسارة على العامل إلا وقته وجهده، وبذلك يكون سليما من أن يذله
الدَّين لصاحب المال. والخسارة المادية تقع على المال فقط وربما أن الربح يتحقق في
أكثر الحالات لذلك كان من صالح الممول أن يتعامل بهذه الطريقة حيث سيكون له النصيب
الأكبر في الربح وهذه طريقة سليمة مريحة نفسيا ومربحة ماديا ونجحت في التجارب
الماضية والحاضرة ولو طبقناها بصورة أوسع وأعم لوجدنا الخير كل الخير ولقضينا على
القلق المادي وهزاته العنيفة الناتجة المعاملات بالفوائد المعينة سلفا في المدد
المحددة على الطريقة المعمول بها حاليا في كثير من بلدان العالم.
صورة المجتمعات الأخرى النظام الرأسمالي يقول: إن المال يجب أن يلد مالا بعد
مدة من اقتراضه سواء لغرض استهلاكي أو لغيره حتى ولو لسد رمق الجوع أو لغرض
استثماري حتى ولو حدثت على المقترض خسارة فادحة لظروف قهرية. وكلنا يعلم أن المال
بدون عمل عقيم فكيف يلد العقيم؟ وحرم الإسلام هذا النوع من المعاملة لفقده روح
التعاون بين الناس وذلك لأنه يفرض على المقرض رد المال وفائدته في حال حدوث خسارة
حتى ولو أوجب الأمر بيعه بيت سكناه وأثاثه ولا يتنازل الممول عن ماله إلا إذا حرم
المقترض من حقوقه المدنية في مجتمعه وفي ذلك تحطيم لمعنوياته وإنسانيته والإسلام
الحنيف يحافظ على الإنسانية لأنها أثمن وأغلى من المادية وعلى هذا الأساس حرم
الفائدة المعينة بالمدة المحددة والتي تسمى شرعا «بالربا».
النظم المقابلة تقول لا ملكية للفرد وهذا نظام يتنافى مع النظرة الآدمية
التي فطر الله عليها العبـاد فعندما يولد الطفل صائحا يسكت راضيا عند ملكيته
للطعام بالرضاعة. ويترعرع وتنمو غرائزه المادية معه ثم يصطدم بهذا النظام فيقتل
فيه الطموح فلا يتطلع إلى حياة أفضل ومستقبل أزهر فتكسوه الكآبة والتمرد وعدم الرضا
وهذا حرام في الإسلام لفقد الإنسانية ممارسة حريته التي وهبها الله في استغلال
طموحه في إطار العدل والنظام.
وعند مقارنة النظام الإسلامي بالنظم الأخرى المعمول بها شرقا وغربا نجد أن
نظام القروض في الإسلام نظام وسط عدل كفيل عند تطبيقه بإسعاد البشرية حيث فيه دواء
لجميع العلل فهو يقر الملكية في حدود الإنسانية ولخدمتها ويأمر بالتعاون فهو نظام
تعاوني إلى أبعد الحدود وأقصاها فما بالنا معشر المسلمين نذهب يمنة ويسرة متخبطين
ولدينا السلامة والسلام.
موضوعات متعلقة
مشاهده الكل

