; استسلام المسلمين للغرب إلى أين؟ | مجلة المجتمع

العنوان استسلام المسلمين للغرب إلى أين؟

الكاتب د. توفيق الواعي

تاريخ النشر الثلاثاء 27-فبراير-2001

مشاهدات 11

نشر في العدد 1440

نشر في الصفحة 45

الثلاثاء 27-فبراير-2001

معالم على الطريق

استسلام المسلمين للغرب شيء يدعو إلى العجب، وخضوعهم إلى أوامره وإلغاؤه شخصيتهم أمر محير ويدعو إلى الدهشة وانقيادهم لزمزماته ومكره وخبثه شيء ليس له تفسير، أو تعليل، إذ كيف تعلل أو تفسر انقياد الذبيحة وسيرها وراء الجزار والصيد وراء الصياد، مع أن الجزار مفضوح أمره وفي يده السكين والصياد معروف قصده وفي يده البندقية، وليس هذا فحسب، ولكن الضحية هائمة في حبه عاشقة لفعله تدعو غيرها إليه وتقوم هي بالمهمة نيابة عنه، وليس هذا وحسب بل تخنق النصاح، وتهلك من يريد أن يحجز بينها وبين الهلاك، ويمنعها من الهاوية وينقذها من الوقوع في شفير جهنم.

هذا الذي ترك الأفهام حائرة

 

وصير العالم التحرير زنديقا

أقول تعليلًا لهذا الأمر وتفسيرًا لهذا اللغز: لعن الله الهوى، وحب الذات، وعبادة المناصب ولعن الله الشعوب الميتة والجهل الفاضح وفقدان العزيمة والحمية، وضياع الهوية، هذا هو الذي يقود الشعوب إلى الكوارث، ويجعل عندها القابلية للاستعمار والانقياد وراء تجار النخاسة ما الذي يمنع كبرى البلاد الإسلامية من النهوض وما الذي يحول بين باكستان وتركيا ومصر وغيرها وبين التقدم والريادة، وعندهم الموارد البشرية والصناعية والزراعية الضخمة، إن تركيا مثلًا بلد يصل تعداد سكانها إلى ٧٦ مليون نسمة ونسبة النمو السكاني فيه أكثر من 3% ، وهي أكبر نسبة نمو في أوروبا، وعندها من العلماء والطاقات الفنية العدد المهول، وعندها من الخامات الصناعية مثل الفوسفات والمنجنيز وغيرهما ما لا يتوافر عند كثير من الدول المتحضرة، وعندها من الأنهار ما يدر المياه الضخمة الزائدة على الحاجة، والأراضي الزراعية الخصبة ما يجعلها سلة غلال وجنات أوروبا والشرق، هذا فضلًا عن قوة روحية جبارة، فالإسلام يختلط بدماء أبنائها ويفخرون به ويؤمنون بضرورة سيادته للحياة حتى تعود تركيا إلى سابق عهدها دولة عظمى قوية ورائدة وهي مؤهلة لذلك، ويعرف هذا القاصي والداني، وقد شعر بهذا الغرب الصليبي الحاقد، عدو المسلمين فرسم لها مخططًا من سبع نقاط ووقف وراءه يحميه ويطوره ويعممه على أقطار المسلمين:

1- استعمال اليهود ومن يدور في فلكهم من العملاء والمأجورين، وقد تم استخدام يهود الدونمة لذلك الغرض منذ ٤٠٠ سنة.

2- إهلاكها بالحروب والمنازعات حتى تفقد قوتها و تتلهى عن التنمية، والتقدم والتربية والتعليم فدخلت تركيا في هذا القرن ثلاث حروب الحرب العالمية الأولى، وحرب البلقان، والحرب العالمية الثانية، وخرجت من كل ذلك منهكة قد فقدت أملاكها وقسمت ديارها وضاعت مواردها، بل قد احتلت من قبل أعدائها، وليتها ظلت محتلة. وحررها أبناؤها، بل سارع الاستعمار إلى مفاوضة مصطفى كمال على إعطاء تركيا استقلالها ولكن بشرط تخليها عن إسلامها وعقيدتها وجاءت بمن نزع من تركيا روحها وهويتها وتركها وصيرها سقطًا مشوهًا تائهًا لا حراك به.

3- الأحزاب المصطنعة: بعد أن استولى مصطفى كمال على الحكم لم يكن أمامه إلا أن يقتدي بالغرب الغازي، وأفهموه أن هذا هو الطريق، وأوحوا إليه بنظام التعددية الحزبية ولكنها ليست كتعددية الغرب وإنما تعددية من لون آخر، تدور في فلك الاستعمار وتعمل له، شاءت أم أبت ولها دستور آخر يهمشها ويبطل عملها، وقد لاحظنا هذا النموذج الغريب في بلادنا هذه الأيام وهي بهذا تضمن إلهاء الأمة بمسوخ مشوهة وشركات هزلية.

4- ضرب الأحزاب الإسلامية والتوجه الإسلامي الفاعل، فقد قام في تركيا مثلًا: حزب النظام الإسلامي عام ١٩٦٩م وتم إلغاؤه بانقلاب عسكري عام ١٩٧١م.

وتأسس حزب السلامة بعد ذلك وقوى هذا الحزب الإسلامي وشارك في الحكومة من ٧٤- ۱۹۷۸م ووصل رئيسه إلى نائب رئيس الوزراء، واستطاع أن يتدخل لحماية قبرص الإسلامية ولكنه تم حل الحزب بانقلاب عسكري عام ١٩٨٠م.

وفي عام ۱۹۸۳م تأسس حزب الرفاه الإسلامي الذي تولى تشكيل الحكومة عام ١٩٩٦م ولكن العسكر انقلبوا عليه وحاكموا بعض رموزه، وتم حل الحزب ومنع رئيسه من مزاولة السياسة.

ثم تكون حزب الفضيلة الإسلامي، وهو الآن يلاحق بالقضايا ويطالب بحله أسوة بسابقيه.

5- تشجيع الفساد وإعطائه حصانة حتى تتكون مافيات لا يستطيع أحد مقاومتها خوفًا على مستقبله السياسي، وحين تولى حزب الرفاه الحكم وجد تلاعبًا من تلك المافيات بالميزانية بلغ ۲۸ مليار دولار، وتم التلاعب فيها تحت بنود معينة وهمية، لكن الرفاه استطاع ضبط الأمور ووقف الإهدار وسد الباب على المافيا وتمكن من زيادة الرواتب بنسبة 50% بعد أن نظم الدخل القومي وأنشأ 4 محافظ مالية قيمة كل منها ١٠ مليار دولار، وهذا قلل من الهدر الذي كان يضيع سدى، وقد ساهمت أيضًا في خفض الدين الداخلي من ۲۱ مليار دولار إلى ١٧ مليارًا، وأصبحت الميزانية في سنة واحدة وللمرة الأولى متوازنة، ولا أثر فيها للديون أو الضرائب المجحفة، كل ذلك حرك الأعداء لهدم الحزب وإسقاط الحكومة.

6- الوقوف أمام الإصلاح، لما رأى الاستعمار أن تركيا المثقلة بالديون قد بدأت تتعافى حرك زبانيته ضد حزب الرفاه في الداخل والخارج وبدأت الصحافة والإعلام الماسوني اليهودي التحرك والتشويش على هذا الإصلاح، خاصة وقد رصدت الخارجية الأمريكية أمورًا ثلاثة تشكل خطرًا على مصالحه:

أ‌-      تحسين الوضع الاقتصادي التركي، وهذا لا شك يجعل تركيا تستغني عن أمريكا.

ب - إنشاء تكتل الثمانية الاقتصادي المسلم شكل محورًا خطرًا من 8 دول إسلامية، وهذا قد عليها.

جـ - اتجاه تركيا إلى التصنيع الذي يجعلها تكتفي ذاتيًّا في الزراعة والصناعة والتجارة.

7-   خوف الغرب من الدولة النموذج الإسلامي، كل ذلك عجل بالضربات الموجعة للإسلاميين.

هذا هو الغرب، وهؤلاء هم المسلمون، وهذه هي القضية التي ما أصبحت تخفى على أحد وتنفذ في المحيط الإسلامي المستسلم، فهل سنظل كذلك؟ نسأل الله السلامة؛ آمين.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

النيجر

نشر في العدد 197

13

الثلاثاء 23-أبريل-1974

ليس بالنبوت تحيا الشعوب!

نشر في العدد 1177

16

الثلاثاء 28-نوفمبر-1995