; استمرار القتال والصمود بعث حضاري شامل | مجلة المجتمع

العنوان استمرار القتال والصمود بعث حضاري شامل

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 16-أكتوبر-1973

مشاهدات 45

نشر في العدد 172

نشر في الصفحة 26

الثلاثاء 16-أكتوبر-1973

إن نشوب المعركة في شهر رمضان المبارك شهر المعارك الإسلامية الكبرى.

معركة بدر والخندق والفتح وعين جالوت ودخول صلاح الدين الأيوبي بيت المقدس. كذلك فإن الإصرار على الصمود من قبل الجنود والقادة الزعماء برغم التضحيات. وأيضًا النتائج السريعة والمتتابعة -عبور قناة السويس- واسترداد مواقع في هضبة الجولان.

هذا الموقف لم يكن مباغتًا لقادة العدو وللرأي العام العالمي. بل أيضًا كان يفوق توقعات وتفاؤل المواطن العربي وفي وسط جو المعركة المشحون بالانفعال والعاطفة المتأججة. ومن خلال الحماس والبلاغات العسكرية. لا بد لنا أن نضع نصب أعيننا هذه الحقيقة او هذه الاستراتيجية.

الإصرار الدائم والمستمر على القتال مهما كانت النتائج والتضحيات ومهما طال الأمد

وهذا المعنى هو أن لا حضارة ولا تقدم ولا رخاء إلا من نتاج حرب دائمة في الأمة وتنشئ روح القتال بين رجالها أن جميع الحضارات السالفة؛ إنما هي نتاج لحروب وقتال

الحضارة الرومانية والإغريقية وحتى المصرية القديمة هي نتاج لحروب. فهي في الأصل قتال في سبيل الاستعمار وتوسيع الرقعة.

حتى الحضارة الإسلامية إنما هي في واقعها نتاج إعلاء كلمة الله في الأرض بواسطة الجهاد وحب الاستشهاد بين المؤمنين. وحين فقدت الأمة معنى الجهاد خبت الحضارة الإسلامية وبدأت تفقد إشعاعها لولا أن الخلافة العثمانية أعادت إلى أبناء الأمة روح الجهاد. فكانت من أكبر دول العالم حينذاك.

إن نظرة سريعة إلى الدول المعروفة بالكبرى الآن إنما هي دول من نتاج الحرب العالمية الثانية وبقدر التضحيات والصعوبات التي مرت على هذه الدول بعد تقدمها وإعلاء شأنها.

روسيا وأمريكا وفرنسا وبريطانيا. . . . دول كلها من نتاج حرب ألمانيا واليابان. .

إن استمرار القتال والصمود والصبر هو حل لمعاناة الأمة العربية لمدة طال أمدها منذ بداية هذا القرن منذ الهجرة اليهودية إلى فلسطين.

مع بداية هذا القرن ومع الهجرة المستمرة ليهود العالم إلى فلسطين وإقامة المستعمرات كانت الدول العربية تعاني حالة غير ثابتة فكانت الأيدلوجيات والأفكار الغربية قد بدأت في الانتشار. وكانت في حالة سلم دائم. فإذا باليهود يبدأون إعلان الحرب ضد العرب.

وفي الفترة بين عام ٥٦ إلى ٦٧ وبرغم المناطق الجديدة التي حصلت عليها إسرائيل والتي أتاحت لها الانفتاح على أفريقيا. في هذه الفترة بدأت الأمة العربية تشغلها مجموعة من الأماني كانت أكبر من قدرات الأمة مثل القومية والوحدة والتقدم التكنولوجي فإذا باعتداء عام ٦٧ على العرب وهم في حالة سلم كامل وهكذا دائمًا.. . العرب في حالة سلام واليهود في حالة حرب دائمة. إذًا فإن وقف القتال سيؤدي بالعرب إلى حالة من السلام يعقبها حرب مفاجئة رادعة من إسرائيل وذلك تمشيًا مع أطماعها أو سيؤدي إلى العودة إلى حالة اللاسلم واللاحرب.

وهي حالة مائعة ليس فيها إلا الضرر كل الضرر للعرب. ولقد مارسها العرب بالفعل منذ عام ٦٧ حتى ٧٣ .

في الحروب وأثناء استمرارها تزداد كفاءة القدرات لدى الإنسان والمجتمع والدولة استجابة لغريزة البقاء واستمرارية الحياة ضد أخطار الحروب.

إن الأمة العربية بما لديها من رقعة متسعة وأعداد هائلة من السكان تستطيع أن تتحمل تضحيات كبيرة وهذا ما حدث بالفعل. ولكن الجميع يدرك بما فيهم قادة العدو أن الجبهة المعادية لا تتحمل هزيمة واحدة.

وهزيمة الجبهة المعادية لا تتركز في احتلال عاصمتها فحسب ، ولكن في الإصرار والصمود من قبل العرب على القتال واستمراره أطول مدة ممكنة.

فهذا وحده كفيل بهدم أركان الجبهة الصهيونية اقتصاديًّا واجتماعيًّا.

إن كانت ظروف المعركة الحالية جيدة بالنسبة للعرب فيجب استغلالها لأقصى مدى. وهذا الاستغلال لا يتم إلا باستمرار المعركة وذلك أيضًا يتحقق مع تفوقنا الأكيد على الجبهة المعادية.

وخلاصة القول هنا أن المعركة قد بدأت في ظروف ملائمة لصالح الأمة العربية.

فإن كانت الأمة العربية تتطلع إلى :

١- تغيير حضاري شامل في مضمون وشكل المنطقة.

۲ - إيجاد مواطن عربي يعرف معنى التضحيات وبالتالي إلى خلق روح الإحساس بالمسئولية والحفاظ على منجزاته.

وضع الوحدة العربية الشاملة في محك الممارسة الفعلية والتجاوب الحقيقي بين الشعارات والتطبيق إن كانت الأمة العربية تحتاج إلى كل ذلك. فهذا لم يتم من خلال الفلسفات العقيمة. ولا من استيراد فکر وتجارب الغير من الأمم. ولا من خلال عمل سياسي نقرأ نتائجه من صحف الصباح اليومية.

ولكن يتم ذلك من خلال القتال والاستمرار فيه مهما كانت النتائج والتضحيات.

وهنا أذكر حقيقة دائمة ثابتة وخاصة في مجال الدول العربية: إن العدو الخارجي والإحساس بالخطر الدائم يوحد الصفوف ويقوي العزائم ويلغي النزاعات والتناقضات.

ولا بد أن نشير إلى أن أي صوت يدعو أو يناشد الجماهير العربية بالسلام والحب والكلمات المعسولة وإيقاف القتال والعودة مرة اخرى إلى ردهات الأمم المتحدة والمراقبين الدوليين.

إن مثل هذا الصوت يجب أن يدرك سلفًا وقبل أن يرفع شعاره على الجماهير العربية.

يجب أن نوقن أن مثل هذا الشعار يدل على احتمالين: إما إنه شعار الاستسلام وإلى الأبد ، أو إنه شعار طعن المقاتلين من الخلف.

محمد عبد الفتاح


 

العدو رقم ( ۱ )

﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ۖ. . ( المائدة : ٨٢)

لكي لا تفسد الأرض

﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ( البقرة : ٢٥١)

الرابط المختصر :