; الأهمية الحركية لغزوة بدر (الحلقة الثانية) | مجلة المجتمع

العنوان الأهمية الحركية لغزوة بدر (الحلقة الثانية)

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 31-أكتوبر-1972

مشاهدات 15

نشر في العدد 124

نشر في الصفحة 25

الثلاثاء 31-أكتوبر-1972

الأهمية الحركية لغزوة بدر

بقلم الأستاذ نبيه عبدربه

الحلقة الثانية

 

لقد حدد الله هدف معركة بدر بقوله ﴿ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ ۗ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُوا خَائِبِينَ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ

(آل عمران ١٢٦ ، ١٢٧ ، ١٢٨)

فهدف المعركة يتكون من عدة بنود:

فهو « بشرى » للمؤمنين لتطمئن قلوبهم ولترتفع روحهم المعنوية وليوقنوا أن الله أنجز لهم ما وعد ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ 

« و ﴿ لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا فينقص من عددهم بالقتل أو ينقص من أرضهم بالفتح أو ينقص من سلطانهم بالقهر أو ينقص من أموالهم بالغنيمة، أو ينقص من فاعليتهم بالهزيمة ﴿أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُوا خَائِبِين  أي يصرفهم مهزومين أذلاء، فيعودوا خائبين مقهورين ﴿ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ فإن انتصار المسلمين قد يكون للكافرين عظة وعبرة، وقد يقودهم إلى الإيمان والتسليم فيتوب عليهم من كفرهم ويختم لهم بالهداية والإسلام.

﴿أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ يعذبهم بنصر المسلمين عليهم أو بأسرهم، أو بموتهم على الكفر الذي ينتهي بهم إلى العذاب جزاء على ظلمهم بالكفر، وظلمهم بفتنة المسلمين، وظلمهم بالفساد في الأرض، وظلمهم بمقاومة الصلاح الذي يمثله منهج الإسلام للحياة »

« في ظلال القرآن » وصدق الله العظيم ﴿قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِن يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ۚ فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ ۚ نِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ (الأنفال ٣٨ ، ٣٩ ، ٤٠)

ومن مقومات التنظيم أن يكون للمعركة « استراتيجية » محددة واضحة - وتعني كلمة استراتيجية المجال والكيفية التي يمكن للجنود أن يتحركوا في إطارها - وقد نزل القرآن يحدد هذه الاستراتيجية بالصفات التالية:

الإقدام وعدم التولي يوم الزحف، فقال تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (الأنفال ١٦)

ثم الثبات والصبر فقال تعالى:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (الأنفال ٤٥ ، ٤٦)

ثم الحرص ومباغتة الأعداء والمعاهدين إذا شعر القائد منهم أية خيانة، فقال تعالى  ﴿فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَاءٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ ( الأنفال ٥٦ ،٥٧ ، ٥٨ ) .

وأساس ذلك كله إعداد العدة والقوة، قوة الصف، وقوة الخطة، وقوة الجنود، فقال تعالى ﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ( الأنفال ٦٠) .

ولما كان الهدف من المعركة هو نشر دین الله في الأرض فإن على القائد أن يقف عند هذا الهدف إذا طلب الأعداء السلم إذا كان يحقق هذا الهدف ﴿وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ( الأنفال ٦١)

وفي أول معركة مع الإسلام حيث يحتاج الإسلام لإثبات وجوده بإلقاء الرعب بالكافرين فإن قتل أسرى الحرب أفضل من الاحتفاظ بهم وفديتهم ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ ۚ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ  (الأنفال ٦٧)

ومن أسس التنظيم أيضًا ان يكون للمعركة « خطة » واضحة محددة تتعاون القيادة والقاعدة على تنفيذها بدقة، وفائدة الخطة في هذا المجال أنها تجمع القوى وتوجيهها في الاتجاه المطلوب النافع لتحقيق أهداف المعركة، وحتى تكون الخطة سليمة ومحكمة وشاملة لابد من إقرار مبدأ « الشورى » بين القائد وأركان حربه!

ولقد أرست غزوة بدر دعائم « الشورى » بين القيادة والقاعدة، وأثبتت أن رأيين أفضل من رأي واحد وأن جماعة المسلمين لن تجتمع على ضلال:

قال المقريزي في « امتاع الاسماع »!

«ومضى رسول الله عليه الصلاة والسلام حتى إذا كان دون بدر أتاه الخبر بمسيرة قريش فاستشار أصحابه فقام أبو بكر فقال وأحسن، وقام عمر فقال وأحسن ثم قام المقداد بن عمرو فقال وأحسن- وهؤلاء يمثلون رأي المهاجرين - ثم قال الرسول « اشيروا علي أيها الناس » وإنما يريد الأنصار، فقام- سيد من أسيادهم - سعد بن معاذ رضي الله عنه فقال وأحسن » ونزل رسول الله أدني بدر واستشار أصحابه في ذلك المنزل - هل يصلح للمعركة أم لا - يقول « ابن هشام » فقال الحباب بن المنذر بن الجموح: یا رسول الله أهذا منزل أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه أم هي الحرب والرأي والمكيدة، قال رسول الله «بل هو الرأي والحرب والمكيدة» قال يا رسول الله: هذا ليس بمنزل انطلق بنا إلى أدنى بئر إلى القوم فإني عالم بها وبقلبها، بها قليب قد عرفت عذوبة مائه، وماؤه كثير لا ينزح، ثم نبني عليه حوضًا ونقذف فيه الآنية فنشرب ونقاتل ونغور ما سواه من القلب، فقال عليه السلام « أشرت بالرأي يا حباب، وفعل ما أشار عليه الحباب» وبهذا يكون رسول الله « القائد » قد حدد المكان المناسب للمعركة.

ولما استقر القائد وجنده في مكان المعركة، أرسل الله صلى الله عليه وسلم « الفرقة من مخابراته العسكرية» تتحسس أخبار العدو مكونة من «علي والزبير وسعد بن أبي وقاص وبسبس بن عمرو» وبينما هم يقومون بمهمتهم قبضوا على سقاة لقريش، فجاؤوا بهم إلى رسول الله فسألهم عن أخبار قريش فأخبروه بأنها خلف الكثيب وإنها خرجت لقتاله، قال كم عددهم فقالوا لا ندري، قال كم ينحرون، قال يومًا عشرًا من الإبل ويومًا تسعًا، فقال عليه الصلاة والسلام «القوم بين الألف والتسعمائة» وهكذا عرف رسول الله أخبار عدوه وعدد قواته.

٦ـ دور القيادة في المعركة

وبدأ رسول الله ينظم جيشه ويعده للنزال، فقسمه إلى ثلاث كتائب «قلب وميمنة وميسرة» وعقد لكل كتيبة منها لواء، أما لواء «القلب» فكان يحمله « مصعب بن عمير » وأما لواء « الميمنة والميسرة » فكانتا رايتين سوداوتين كانت إحداهما مع «علي بن أبي طالب» وكانت الثانية مع رجل من الأنصار .

وبنى رسول الله مركزًا للقيادة لكي يدير منه المعركة، فبني له « عريش » في مؤخرة موقع المعركة كان معه في أرکان حربه « أبو بكر الصديق » وسعد بن معاذ في نفر من الأنصار يحرسون رسول الله يخافون عليه كرة العدو.

وبعد أن عدل رسول الله صفوف كتائبه أصدر إليهم أوامره وكانت تتلخص في أنه هاجمهم الأعداء فلينضحوهم بالنبل أولًا « فاذا اكتنفكم القوم فأنضحوهم عنكم بالنبل»، ثم رجع رسول الله إلى عرينه وأخذ يناشد ربه الذي بيده وحده النصر كما بيده وحده الهزيمة « اللهم ان تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض، اللهم نصرك الذي وعدت» وأسهب رسول الله بالدعاء حتى سقط رداؤه عن طاتقه، ثم خفق خفقة انتبه بعدها مسرورًا وهو يقول « أبشر يا أبا بكر أتاك نصر الله هذا جبريل آخذ بعنان فرسه يقوده على ثنايا النقع » .

وصدق الله العظيم ﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيَكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُنزَلِينَ بَلَىٰ ۚ إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (آل عمران ١٢٣ ، ١٢٤ ، ١٢٥).

وأقبل رسول الله على جيشه يحرض على القتال ويرفع روحهم المعنوية ويخبرهم بأن مدد الله في طريقه إليهم ثم قال « والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرًا محتسبًا مقبلًا غير مدبر إلا أدخله الله الجنة »

فقال عمر بن الحمام وكان في يده تمرات يأكلهن! بخ. بخ أفما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء ثم قذف التمرات من يده وأخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل عليه رحمة الله.

وبدأت المعركة، قال ابن إسحاق: فخرج عتبة ابن ربيعة بين أخيه شيبة وابنه الوليد، حتى إذا فصل من الصف دعا الى المبارزة، فخرج إليهم ثلاثة فتيان من الأنصار وهم عوف ومعوذ ابنا الحارث، ورجل ثالث يُقال هو عبد الله بن رواحة، فقالوا من أنتم قالوا رهط من الأنصار، قالوا ما لنا بكم من حاجة، ثم نادى مناد بهم: أن يا محمد أخرج لنا أكفاءنا من قومنا ، فقال رسول الله « قم يا عبيدة بن الحارث، قم يا حمزة، قم يا علي، فأما حمزة فلم يمهل شيبة أن قتله، وأما علي فلم يمهل الوليد أن قتله، واختلف عبيدة وعتبة بينهما ضربتين كلاهما أثبت صاحبه، فكر حمزة وعلي بأسيافهما على عتبة فأجهزا عليه واحتمالا صاحبهما فمازاه إلى أصحابه» .

ولما حمي الوطيس، أصدر القائد عليه الصلاة والسلام أوامره إلى جنوده بالهجوم على الأعداء « قال ابن اسحق » « ثم أن رسول الله اخذ حقنة من الحصباء فاستقبل بها قريش ، ثم قال « شاهت الوجوه» ثم نفخ بها وأمر اصحابه فقال « شدوا » عليهم، فكانت الهزيمة - لقريش - اذ قتل الله تعالى من قتل من صناديدها وأسر من أسر من أشرافها » وصدق الله العظيم ﴿فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ ۚ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ ۚ (الأنفال ١٧) .

لقد وعد الله المؤمنين إحدى الطائفتين - القافلة أو النصر - فاختاروا القافلة ووافقهم رسول الله على ذلك، ولكن موافقة رسول الله هذه لم تكن ارتجالا أو مجاراة لعواطف المسلمين، بل كانت عن علم ومعرفة وبعد أن درس رسول الله جميع الوقائع والملابسات المادية والمعنوية المتعلقة بالجماعة المؤمنة، فلم يخرج معه كل المسلمين، بل خرج معه نفر منهم لأنهم لم يكونوا يتوقعون معركة مع قريش، بل كانوا يأملون أن يغنموا العير بكل سهولة اذ لم يكن في القافلة سوى عشرين رجلًا بينما كان عدد المسلمين أكثر من ثلاثمائة، كما أن الاستيلاء على القافلة مغنم مادي يعين المسلمين ويقويهم بالعتاد والسلاح انتظارًا لمعركة مع قريش يحدد المسلمون مكانها وزمانها، وليس من بأس أن يقال أن رسول الله خرج يريد «اللطيمة» إذ لم يكن هدف رسول الله المغنم المادي إلا لأنه يحقق جزءًا من أهداف المعركة ألا وهو تدمير مراكز تموين العدو، - القافلة ـ وهو أسلوب اتبعه رسول الله لإضعاف قريش وكسر شوكتها، وهذا الأسلوب اليوم من الأساليب الحربية الحديثة إذ أن « الهجوم على مراكز تموين الأعداء ضرب من الدفاع » وهذا الأسلوب تستعمله أميركا اليوم في فيتنام بشكل واسع، حيث تقوم قاذفات القنابل الأمريكية بضرب مراكز تجمعات العدو ومراكز تموينه، وهكذا كان الهجوم على القافلة مقصود به الهجوم بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى التقدم والمباغتة كما يُقصد منه الدفاع بمعنى تدمير مراكز تموين العدو وهذه هي روح الإسلام الحربية فالإسلام ليس دفاعًا فحسب، ولكنه دفاع وهجوم.

 ٧ - مقومات النصر!

لا ينتهي دور القيادة بانتهاء المعركة لأن معركة الحق والباطل حتمية ومستمرة، لذلك يجب عليها أن « تقيم المعركة» بخيرها وشرها وغثها وسمينها، فتقف على نقاط الضعف لتعمل على تلافيها في المعارك المقبلة، وتقف على نقاط القوة لتعمل على تدعيمها وتعميق جذورها في نفوس الجيش قيادته وقاعدته على حد سواء.

لقد كانت نتيجة « بدر » النصر للجماعة المؤمنة، فما هي الأسباب التي أدت إلى هذه النتيجة وما هي المقومات التي بدونها لن يتحقق النصر لقد وضع الله للحياة نواميس واضحة وسننًا محددة، فمن أخذ بها وسار وفق شروطها وصل إلى أهدافه ومن جهلها أو أهملها فشل وانتكس، وهذه السنن وتلك النواميس يستوي حيالها الناس كافة مؤمنهم وكافرهم فالله يعطي الدنيا لمن يحب ولمن لا يحب، ولكنه جلت قدرته لا يعطي الدين إلا لمن أحب، فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه، والنصر سنة من سُنن الله وقدر من أقداره لا يفوز به إلا من أخذ بأسبابه وسار وفق النواميس التي وضعها الله والتي توصل إليه، والنصر نصران:

نصر رباني: - لا يمنحه الله إلا للمؤمنين - وهو نصر دائم لهم ما أخذوا بشرع الله وساروا على نهجه وتمسكوا بحبله ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ 

﴿وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلً.

ونصر إنساني: يفوز به من البشر من أخذ بأسباب القوة المادية وأظهر التفوق في المجال العسكري والتكنولوجي، إلا أنه نصر مؤقت، لأن قوة الإنسان ليس لها صفة الاستمرار والدوام، ولأن حياة الأمم لا تبقى على حال واحدة، إذ ينتابها الضعف بعد القوة وتتعرض للانكسار بعد الانتصار وصدق الله العظيم ﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ (آل عمران ١٤٠) .

للبحث صلة ..

 

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

لقلبك وعقلك

نشر في العدد 12

26

الثلاثاء 02-يونيو-1970

لقلبك وعقلك - العدد 11

نشر في العدد 11

28

الثلاثاء 26-مايو-1970

لقلبك وعقلك.. العدد 13

نشر في العدد 13

28

الثلاثاء 09-يونيو-1970