العنوان إلى شعب مصر العظيم: استمروا في ثورتكم حتى تتحقق جميع أهدافكم
الكاتب عوض بن محمد القرني
تاريخ النشر السبت 26-فبراير-2011
مشاهدات 12
نشر في العدد 1941
نشر في الصفحة 29
السبت 26-فبراير-2011
{فَقُطِعَ
دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الأنعام:
45)
تهنئة وتحية وإجلال واحترام لشعب مصر العظيم، الذي توجه إلى قاعدة الاستبداد والظلم والعمالة والخيانة والفساد بكل صوره وأشكاله، والحرب لله ورسوله.. فزلزل بنيانها وهز أركانها، وجعل عاليها سافلها، وقدم في سبيل ذلك من التضحيات الغالي والنفيس بصورة حضارية راقية بهرت العالم، وأصبحت معلمًا تفخر به أمتنا في تاريخ البشرية المعاصر.
لقد خلطت هذه الثورة الكثير من الأوراق، وأعادت
النظر في كثير من المفاهيم، وغيّرت ترتيب كثير من الأولويات.
لقد فاجأ الشعب المصري النظام الظالم ومريديه من
الفاسدين والمجرمين، ومناصريه الإقليميين من الجهلة الساذجين والخائفين، وأسياده من
الصهاينة والمستعمرين.. فأتاهم الله جميعًا من حيث لم يحتسبوا، وأعلن الشعب العظيم
من أول يوم أهدافه المتمثلة في سقوط النظام، وإلغاء قانون الطوارئ، وتعديل الدستور
أو تغييره، وحل المجالس المزوّرة، وإطلاق السجناء السياسيين.. فواجههم النظام
البائد بالاعتقال والحديد والنار، وإطلاق وسائل إعلامه بالكذب والافتراء على
الأخيار الأبرار من شباب مصر، واتهمهم بالعمالة لقوى خارجية، وأجندة أجنبية، ووقفت
الأمة كلها وراء شعب مصر العظيم ووراء ثورته المجيدة، إلا شراذم قليلة من الساسة
والإعلاميين الذين أرادوا أن يطفئوا نور الحق بظلام الباطل، لكن عصر ثورة
الاتصالات والفضائيات كشفت الحقيقة وكانت همزة الوصل بين أفراد الشعب المصري،
وكذلك مع مناصريهم في كل مكان.
ومارس النظام من الأساليب القمعية الإجرامية ما لم
يخطر على بال أحد؛ مما زاد حماس الناس والتفافهم حول أهداف الثورة النبيلة،
واستنصر النظام البائد وأشياعه في المنطقة بأمريكا وخوفهم بأن البديل هو الفوضى أو
الإسلاميون، وألقت «إسرائيل» والصهيونية بثقلها وراء النظام العميل، وترددت
أمريكا بين الانحياز للشعب للحفاظ على ما يمكن الحفاظ عليه م ن م صالحه ا، أو الانحياز
إلى ضغوط الصهيونية وأنصار «حسني مبارك» في المنطقة؛ ولذلك اضطربت قراراتها؛ مما
أوهم رأس النظام العميل أن في إمكانه المناورة والبقاء وقمع الشعب وثواره النبلاء،
لكن ذكاء الثوار وزخم الجماهير وصلابة إرادتهم وقبل ذلك توفيق الله؛ أسقط كل
المناورات، حتى سقط رأس النظام، وتحققت أولى الثمرات التي نادى بها الأحرار، وفي
هذا المقام أوجه الرسائل الآتية:
الرسالة الأولى لشعب مصر وثورته المجيدة:
أنتم الأساتذة، لكنها مشاعر نحوكم أيها النبلاء، إن
الفرحة بسقوط الطاغوت عظيمة، لكن لا يجوز أن تشغلكم الفرحة عن الاستمرار في ثورتكم
حتى تتحقق جميع أهدافكم، لقد أنجزتم هدم أكثر بنيان الباطل وزيغه وزيفه، لكن
مخالبه القذرة وشباكه الخفية مازالت قائمة، وستحاول أن تسرق منكم إنجازكم وتضيع انتصاركم
وتدخلكم في متاهات وصراعات لا حدود لها، تدعمهم قوى عالمية وإقليمية وطوائف محلية.
الرسالة الثانية للشعوب العربية والإسلامية:
لقد أثبت الشعب المصري أنه مهما كان جبروت
الظالم، ومهما كان بطشه، ومهما كان الدعم له من الأعداء؛ يتلاشى أمام صبر وثبات
وتضحيات الشعوب.
الرسالة الثالثة إلى حكام العرب والمسلمين: أقول لمن كان منهم
له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد: اصطلحوا مع ربكم وشعوبكم وتاريخكم وأصالتكم،
وانفضوا أيديكم من الركون لـ«إسرائيل» وأنصارها في الغرب، وأغلقوا آذانكم
وأبوابكم في وجوه الفاسدين من بطانة السوء، والتفتوا لمصالح شعوبكم وحاجاتها
وقضايا أمتكم وآمالها، واعلموا أن أمر الله إذا جاء لا راد له، وأن أمريكا لا
يهمها عملاؤها، إنما يهمها مصالحها.
الرسالة الرابعة إلى الغرب وبخاصة عقلائه من الساسة
والمثقفين:
الغرب الذي شكل غطاء وحماية للاستبداد والفساد
والظلم في منطقتنا مقابل قبول هذه الأنظمة ب «إسرائيل» علنًا أوسرًّا، حتى لو كان
ثمن ذلك باهظًا من مستقبل الشعوب ومصالحها.
أقول لهؤلاء الغربيين: إنكم بهذا السلوك الخاطئ
تجنون على مستقبل مصالحكم ومصالح شعوبكم في هذه المنطقة المهمة من العالم.
إن شعوبنا لن تقبل باستمرار أن يصادر حقها في
الانتماء لهويتها وثقافتها، والدفاع عن قضاياها ومصالحها ومستقبلها ووحدتها
ونهضتها.
إن أمتنا لن تقبل من الغرب دعمه للاستبداد والفساد
وانتهاك الحقوق ونهب الثروات.
إن احترام خصوصيتنا، والقبول بالشراكة معنا،
والتخلي عن روح الهيمنة، وإعطاءنا حق تقرير مصيرنا كعرب ومسلمين، وعدم ازدواج
المعايير في التعامل معنا ومع قضايانا؛ هو الضمانة الوحيدة لقيام علاقة سليمة
ونظيفة وطبيعية بين منطقتنا والغرب وبخاصة أمريكا.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل