العنوان ماليزيا.. آمال بانتعاش أهم اقتصادات جنوب شرق آسيا
الكاتب عبدالكريم حمودى
تاريخ النشر السبت 17-أغسطس-2002
مشاهدات 11
نشر في العدد 1514
نشر في الصفحة 48
السبت 17-أغسطس-2002
اقتصاد يملك قاعدة صناعية وتقنية متقدمة تمكنه من تجاوز الآثار السلبية للأزمات العالمية
خطة لتعزيز النمو بالاعتماد على تنشيط الاستثمارات. محاربة الأموال الساخنة وتوطين رؤوس الأموال الخارجية
تعرض الاقتصاد الماليزي خلال العام الماضي، إلى نكسة هي الأخطر منذ الأزمة الحادة التي ضربت اقتصادات جنوب شرق آسيا عامي ۱۹۹۷ و۱۹۹۸م، فقد أدى الركود الذي تعرض له هذا الاقتصاد خلال الربعين الثالث والرابع من العام الماضي -نتيجة ركود الاقتصاد العالمي، والأحداث العسكرية والسياسية التي شهدها العالم -إلى هبوط معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي إلى أدنى مستوى له، إذ لم يتجاوز هذا المعدل ٠,٤ مقارنة مع نمو بلغ معدله ٨,٥% خلال عام ۲۰۰۰م، أي أن التراجع في معدل النمو بالناتج المحلي الإجمالي زاد على 8%!
تراجع الناتج الإجمالي: كانت التوقعات الرسمية المعدل النمو في الناتج الإجمالي-خلال العام الماضي-تتراوح بين 5% و6%، ومع دخول الاقتصاد في دائرة الركود، انخفض معدل النمو إلى أقل من ذلك بكثير، وجاءت البيانات الأخيرة لتقول: إن معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي لم تتجاوز خلال العام الماضي ٠.٤% مقابل ٨.٥% حققها الاقتصاد الماليزي عام ۲۰۰۰م، وهي قريبة من النسب المرتفعة التي حققها طوال الثمانينيات والتسعينيات التي بلغت في المتوسط 8% سنويًا.
بالنسبة للعام الجاري كانت التوقعات السابقة تشير إلى نمو يتراوح بين 3 و3.5%، إلا أن رئيس الوزراء محاضير محمد، أكد في الأول من يونيو الماضي إمكان رفع هذا المعدل إلى أكثر من 4% في ضوء بيانات تشير إلى انتعاش اقتصاد الولايات المتحدة الشريك التجاري الأكبر لكوالالمبور بعد اليابان، بالإضافة إلى عودة الاستثمارات الأجنبية للعمل، وإن كانت بوتيرة أقل من السابق.
كما تحسنت أسواق العقارات والأسهم بصورة ملحوظة، وعادت الصادرات إلى الارتفاع، وتحسن التصنيف الائتماني لماليزيا من قبل المؤسسات الدولية، ودخلت الدولة في سلسلة من المشروعات الضخمة، وزادت من الإنفاق عليها لتحفيز النمو ورفع معدلاته.
وأشارت بيانات البنك المركزي الماليزي عن أداء الاقتصاد في شهر مايو الماضي، إلى أن الانتعاش الاقتصادي في ماليزيا يسير في الاتجاه الصحيح فإجمالي الناتج المحلي حقق في الربع الأول من هذا العام نموًا بلغت نسبته ١.١ % بعد انكماشه في ربعين متعاقبين
وأضاف البنك أن معدلات التضخم ظلت منخفضة عند ١,٤ %، بينما واصلت البلاد العمل ضمن خطة العمالة الكاملة برغم فقدان أكثر من عشرة آلاف شخص وظائفهم في الربع الأول من العام الجاري.
أسباب الركود: لم يكن من المستغرب أن يتعرض الاقتصاد الماليزي للركود خلال العام الماضي كغيره من الاقتصادات العالمية بسبب الأحداث العسكرية والسياسية والأمنية والاقتصادية التي وقعت لكن الجاذب للنظر حجم التراجع الذي هبط إليه معدل النمو في الناتج الإجمالي الذي زاد 8% على خاصة بعد أن نجح الاقتصاد الماليزي في تجاوز آثار الأزمة الاقتصادية التي ضربت دول النمور الآسيوية بأسرع وقت دون الاعتماد على المساعدات الخارجية، أو وصفات صندوق النقد الدولي، وانطلاقًا من هذه المعطيات يعتقد الخبراء أن التراجع الحاد الذي شهده الاقتصاد الماليزي لا تنحصر أسبابه في ركود الاقتصاد العالمي، ولكن تعود نتائجه في بعض منه إلى الإصلاحات والإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها ماليزيا للخروج من أزمتها السابقة، ومع سرور الوقت تعمقت بعض العوامل السلبية، وأدت إلى هذا التراجع الحاد في النمو.
وفيما يلي أعرض لأهم أسباب الركود، سواء الناتجة من عوامل متراكمة، أو تلك الناشئة عن العوامل التي حدثت بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر الماضي.
تعرض قطاع تكنولوجيا المعلومات على الصعيد العالمي إلى خسائر كبيرة خلال العام الماضي، وخاصة في النصف الأول منه، وهو ما تسبب بأضرار باهظة لحقت بهذا القطاع الحيوي في ماليزيا.
تعرض العديد من القطاعات الاقتصادية إلى خسائر باهظة، بسبب الأحداث العالمية، ومنها قطاع النقل الجوي، والسياحة، إذ تستقبل ماليزيا سنويًا نحو 7 ملايين سائح، كما تضرر قطاع الصناعات التصديرية وغيرها من القطاعات.
تراجع حجم التجارة الخارجية، فماليزيا هي الدولة رقم ۱۷ في العالم من حيث حجم التجارة الخارجية، إذ تبلغ قيمة صادراتها السنوية ١٠٠ مليار دولار، لكن ركود الاقتصاد العالمي بشكل عام والأمريكي، والياباني بشكل خاص، انعكس سلبًا على الصادرات المالية، وأدى إلى تراجعها بشكل كبير.
انحسار تدفق رؤوس الأموال الأجنبية وبخاصة اليابانية، إذ يمثل الناتج الاقتصادي للشركات اليابانية في ماليزيا ٣٣%من الناتج المحلي الإجمالي، أما أهم الدول الموردة للاستثمارات إلى ماليزيا، فهي الولايات المتحدة وسنغافورة، وهونج كونج.
استمرار الصراع مع المؤسسات المالية الدولية بعد أن رفضت ماليزيا الروشتة المعروفة للإصلاح المالي، وقررت الاعتماد على الذات في مواجهة الأزمة الطاحنة التي تعرضت لها وعدم اللجوء إلى مساعدات صندوق النقد الدولي، وغيره من المؤسسات الدولية.
حالة عدم الاستقرار السياسي التي شهدتها ماليزيا خلال الأعوام الماضية على خلفية الخلافات التي حدثت بين رئيس الوزراء محاضير محمد ونائبه أنور إبراهيم.
تضارب بعض السياسات النقدية الجريئة مع سياسات الانفتاح، والعولمة، وتحرير الاقتصاد، كما أن الحرب التي شنتها ماليزيا على تجار العملة الذين يتمتعون بقوة كبيرة في الأسواق العالمية، كان لها آثار سلبية، فحجم تجارة العملات يبلغ عشرين ضعف حجم تجارة السلع والخدمات المتداولة في أسواق العالم، وهذه الإجراءات قوبلت بهجوم خارجي غير مسبوق.
جربة الإصلاح النقدي، برغم بريقها واستحواذها على الاهتمام في الخارج، لتمايزها عن وصفات صندوق النقد الدولي، لا تزال تواجه تحديات كثيرة، إذ إنه من غير المألوف في عالم اليوم، وفي دولة بحجم الاقتصاد الماليزي، أن تكون عملتها غير متداولة في الخارج، وغير قابلة للتحويل، وكان الرينجت قد فقد ٤٠% من قيمته خلال الأزمة المالية إلى أن تم تثبيته إداريًا «الدولار ۳,۸ رينجت» مقابل الدولار الأمريكي منذ سبتمبر عام ١٩٩٨م. وهو التثبيت الذي قد يحمل كثيرًا من المخاطر الاقتصادية.
عوامل الانتعاش
على الرغم من الخسائر التي لحقت بالاقتصاد الماليزي خلال العام الماضي، فإن المسؤولين الماليزيين لا يشعرون بالقلق على مستقبل اقتصاد بلادهم، وهو ما تعكسه التصريحات والبيانات الرسمية التي صدرت خلال الفترة الماضية، فهذا الاقتصاد يملك من عوامل القوة ما يمكنه من تجاوز الآثار السلبية، إذ يملك قاعدة صناعية وتقنية متقدمة.
ومن أجل التغلب على الأسباب التي أدت إلى الركود، سارعت الحكومة إلى اتخاذ سلسلة من الخطوات لتعزيز النمو الاقتصادي، منها:
تنشيط قطاع الاستثمارات الخارجية، ومحاولة إعادته إلى معدلاته السابقة، وذلك من خلال منح حوافز ضريبية، إذ تبلغ نسبة الضرائب على المشروعات الصناعية والتجارية ٢٨% من جملة الأرباح. وفي هذا السياق ومن أجل تعزيز الاستثمارات الأجنبية، أقدمت الحكومة على إقامة مركز ضخم للنفط والبتروكيماويات في ولاية تيرينجانو الشمالية الشرقية، يهدف إلى تحقيق الاستخدام الأمثل لموارد ماليزيا من الغاز الطبيعي. وقد اجتذب هذا المركز الذي تقيمه شركة النفط الماليزية الحكومية بتروناس بالفعل كبرى شركات النفط والصناعات البتروكيماوية مثل: شركتي إكسون موبیل و داو کمیکال.
وسيتم استثمار نحو ٧٠ مليار رينجت «١٨,٤مليار دولار» في المركز على مدى عشرين عامًا، ليحول القرية الهادئة، التي كانت تعتمد على الصيد إلى منطقة للصناعات النفطية.
ويسهم الأجانب بنحو ٤٠ مليار رينجت من إجمالي استثمارات المشروع، مما يجعله أكبر مركز في البلاد للاستثمارات الأجنبية المباشرة.
ويمتد المجمع على مساحة أربعة آلاف هكتار وهو مصمم لمعالجة ملياري قدم مكعب من الغاز الطبيعي يوميًا، ويضم ستة منشآت المعالجة الغاز الطبيعي، ومصفاة للنفط، و١١ مصنعًا للبتروكيماويات المعتمدة على الإثيلين.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن ماليزيا تمتلك احتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي تعادل أربعة أمثال ما لديها من نفط إذ بلغت احتياطيات الغاز القابلة للاستخراج ٨٤.٤ تريليون قدم مكعب في يناير عام ۲۰۰۰م، بالمقارنة مع احتياطيات النفط التي بلغت ٣,٤٢ مليارات برميل.
وينتج المجمع حاليًا نحو ٧٠ من وقود الغاز الطبيعي المستخدم في محطات توليد الكهرباء في ماليزيا. وقد بلغت صادرات المجمع من النفط والمنتجات البتروكيماوية في العام الماضي ما قيمته ثمانية مليارات رينجت.
الاستمرار في تنفيذ مجموعة من الإجراءات الحمائية، ومحاربة ظاهرة الأموال الساخنة، وهي الأموال سريعة الحركة التي تستثمر عادة في البورصة، إذ سنت مجموعة تشريعات للحد من وجود هذه الأموال في أسواقها.
ويعتقد العديد من الخبراء أن من الأدلة على انتعاش الاقتصاد الماليزي عودة ماليزيا إلى شراء السلاح، فقد أعلنت الحكومة في أبريل الماضي أنها ستباشر العمل في برنامج كبير مؤجل لتحديث الأسلحة، وتشتمل قائمة مشتريات السلاح الماليزية على صواريخ للدفاع الجوي روسية، وبريطانية وطائرات هليكوبتر، وبنادق هجومية، ودبابات بولندية، تقدر قيمتها بمئات الملايين من الدولارات.
كما تنوي الدولة أيضًا شراء ثلاث غواصات فرنسية الصنع، وسرب من الطائرات المقاتلة متعددة الأغراض، لتضيفها إلى طائرات ميج ٢٩ الروسية الصنع التي اشترتها أثناء الازدهار الاقتصادي كما تحاول ماليزيا توسيع دائرة تعاونها وعلاقاتها الخارجية، لزيادة فرص التصدير أمام منتجاتها المختلفة، وبالتالي دعم اقتصادها، ورفع معدلات نموه السنوي
بكلمة أخيرة فإن الخسائر الباهظة التي تكبدها الاقتصاد الماليزي خلال العام الماضي. سرعان ما بدأت بالتراجع مع تغير الظروف الاقتصادية الدولية، فكل المؤشرات والبيانات تؤكد اتجاهه للانتعاش السريع، والعودة إلى تسجيل معدلات نمو جيدة، مقارنة مع غيره من الاقتصادات المشابهة، وهو ما يؤكد مكامن القوة في الاقتصاد الماليزي، وتحرره إلى حد ما من السيطرة، والتحكم الخارجي.
بيانات عامة عن ماليزيا
الدولة | ماليزيا | الاقتصاد | اقتصاد السوق مع بعض الخصوصيات | السنة |
العاصمة | كوالالمبور | قيمة الناتج الإجمالي | 223.7مليار دولار | 2000 |
المساحة | 229.750ك.م2 | معدل نمو الناتج الإجمالي | 8.6% | 2000 |
عدد السكان | 22.229.040
نسمة /يوليو 2001 | نصيب الفرد من الناتج عدد الذين يعيشون تحت خط الفقر | 10.300 دولار6.8
% من السكان | 2000
1997 |
|
| تويع الناتج الإجمالي في المائة | 14زراعة 44 صناعة 42 خدمات | 2000 |
نسبة النمو السكان | 1.96%عام2001 | معدل التضخم | 1.7% | 2000 |
المصادر الطبيعة | النفط الخشب، النحاس، الغاز الحديد | الديون الخارجية الميزانية –الدخل –الإنفاق العملة «الرينجيت» | 41.8 مليار دولار 16.4 مليار دولار 17.8 مليار دولار الدولار=3.8 رينجيت | 2000 2000 2000 2000 |
المنتجات الزراعية | المطاط، زيت النخيل ـ الكاكاو ـ الأرز ـ الفلفل | الصادرات الواردات مستخدمو الإنترنت | 97.9 مليار دولار 82.6 مليار دولار 1.5 مليون شخص | 2000 2000 2000 |
أخطار طبيعية | فيضانات انهيارات أرضية | قوة العمل نسبة البطالة الإنفاق العسكري | 9.6 مليون عامل 2.8% 1.69 مليار دولار 2.02% من الناتج القومي | 2000 2000 2000 |
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلوفد إسلامي من جنوب تايلاند: ٤ ملايين مسلم يحكمون أنفسهم بأنفسهم
نشر في العدد 10
30
الثلاثاء 19-مايو-1970