العنوان اكتب يا قلم.. ملحمة النصر في مصر!
الكاتب د. سامي محمد العدواني
تاريخ النشر السبت 26-فبراير-2011
مشاهدات 15
نشر في العدد 1941
نشر في الصفحة 19
السبت 26-فبراير-2011
آن لك يا قلمي.. أن تكتب بعد أن حُبست أنفاسك مثلي أسبوعين كاملين وأكثر، استجديتك مرات ومرات أن تخط تعبيرًا أو تحليلًا أو حتى تسجيلًا لموقف، لكنك بقيت مثلي مشدوهًا مشدودًا تلجمك الأحداث، وتزاحم الأضغاث في أحلام مبعثرة وخيالات متناثرة!
اكتب يا قلمي.. ملحمة النصر في
مصر، ذلك الشعب الذي ما خذلنا يومًا في أمتنا، ولا نكس رأسًا لجبروت الطغاة برغم
هول ما أثخنوا فيه، فسنوات الصبر وجلد الأيام ما فتت عزيمته، ولا ذلت شكيمته ولا
أناخت أحلامه.
اكتب يا قلمي.. لحظة الإشراق التي انتشرت فعمت
القفار والآفاق، لتعلن عهد الصعود بعد دهر الصمود الذي لبّد أرجاءنا وسربل
كبرياءنا بالهواجس والظنون، فتلاشت صرخات المخاض الطويل بصيحات الوليد الجديد!
اكتب يا قلمي.. وخذ من مداد
دموعي، ومن عرق جِلْدي وجَلَدي؛ لتصوغ التعبير تلو التعبير، كزفرات لاهبة اختزلت
الغيض والغضب على حر الأيام الضائعة من رصيد أمتنا، وسنوات الإرعاب التي أرهقت
مسيرتنا، ونكلت بحضارتنا وعراقتنا حفنة من الرعاع اللاهين بالفت، واللاهثين على
الفتات.
اكتب يا قلمي.. بل اصرخ يا قلمي
وردد كما كنت تزمجر في مرجل قلبي:
سقط النظام، هرب الظُلاّم، استيقظ النُوّام، تحققت الأحلام كنا نتلهى صغارًا بقصة «فانوس علاء الدين»، لم
نكن ندرك أن المارد المحبوس في الفانوس هو أنت أيها الشعب العظيم!
اكتب يا قلمي.. عن الفرق بين
الرقمين (52 ، 25)؛ فهي أكثر من أن تحصيه ذاكرة، ف الأول ف ي عمر السنوات، والثاني
بالأيام، الأول عسكر الأمة بسياط وجلاد، والثاني أيقظ الأمة من سبات ورقاد، الأول
شرذم الناس وفرقهم، والثاني جمع الناس ووحدهم، الأول طغى واستبد، والثاني أعاد
الأمل واسترد الغد!
سجّل يا قلمي.. فعل الشباب الشداد،
الذين قزموا مخاوفنا، وناضلوا بأعمارهم وأحالمهم وصرخات أهلهم؛ ليكونوا درع الركب
وصدارة الموقف في مهمة مستحيلة، خرجوا لها بأجسادهم النحيلة وتجاربهم القليلة،
همهم أن يتوقف النزف الهادر من أنني الوطن المكلوم، فكان لهم ما أرادوا واستجاب
لهم البشر والقَدَر! عبّر يا قلمي.. عن نضال أخت الرجال، لم تكن ظالً في ملحمة
النصر، بل كانت قائدة رائدة في رباطها وجلدها وجهادها إلى جانب إخوانها، شاركت بالفكرة
والكلمة، بالصورة واللوحة، بالتغذية والخدمة، بالحوار والإقناع، ترد الشائعات
وتطرد التخذيل، تثبت القلوب وتستمطر النصر بالصبر والدعاء، بل سقت من دمها وقود
الشموع في ساحة التحرير.
- تاقت نفوس علمائنا لمجد أمتنا المفقود؛
فاستشرفت في نبوغ هذا الجيل ما يعيد لها عزتها ويرجع لها كرامتها، وتجاوزت الثلة
التي أراقت ماءها على أبواب السلاطين! فزاحمت أكتاف الشباب في الميادين وحناجرهم
صيحات العلماء وهتافات الحكماء، فأضافت لمفاخر النصر صفحة تليدة ترصعت بنبلهم
وتضحياتهم.
دوِّن يا قلمي.. ما فعل المغتربون
العاملون في أرض الله من أبناء مصر، من سعوا طلبًا للرزق الذي حال بينهم الفساد،
أو لاذوا هربًا من سطوة الاستبداد، منهم من ترك ما في يده من عمل وغادر والتحق
باعتصامات الأبطال ميادين العز والشرف، ومنهم من خاض المظاهرات وسيّر المسيرات وحاور
الفضائيات، وحشد المناصرين في «النت» وعبر الشبكات، قلوبهم وجلة على بلدهم وأهلهم،
لكنهم حوّلوا الانفعالات إلى أفعال!
سطِّر يا قلمي.. صرخاتك لا على ورق
أو كتاب بل في كل ميدان وجدار وسحاب، في كل قصر أو بيت مسكون أو خراب، سطر كلماتك
وانشرها في كل موقع «نتٍ » أو قناة تلفزٍة أو صوت مذياع يشدو ويهتف: «فجر الصبر يا
مصر صار إلى صباح!
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل