; الأسرة: العدد 521 | مجلة المجتمع

العنوان الأسرة: العدد 521

الكاتب بدرية العزاز

تاريخ النشر الثلاثاء 24-مارس-1981

مشاهدات 18

نشر في العدد 521

نشر في الصفحة 44

الثلاثاء 24-مارس-1981

.. وللمرأة رسالة خطيرة

 

قال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «والله إنا كنا في الجاهلية ما نعد النساء أمرًا حتى أنزل الله فيهم ما أنزل في أمر ائتمره إذ قالت لي امرأتي: لو صنعت كذا وكذا. فقلت لها: ومالك أنت ولما ههنا؟ وما تكلفك في أمر أريده؟

 

فقالت لي: عجبًا لك يابن الخطاب! ما تريد أن تراجع أنت. وابنتك تراجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يظل يومه غضبان؟

 

قال عمر: فآخذ ردائي ثم أخرج من مكاني حتى أدخل على حفصة.

 

فقلت لها: يا بنية، إنك لتراجعين رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يظل يومه غضبان؟ فقالت: والله إنا لنراجعه».

 

ولا نريد أن نفيض من معاني العدالة والنبل التي نص عليها شرع المسلم، فالمعاني واضحة وإنما نريد التذكير.

 

ولقد كانت المسلمات يذهبن إلى النبي عليه الصلاة والسلام يشكون ما فُضّل به الرجال في ميادين الجهاد فينزل الله عز وجل قوله: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ ۖ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ۖ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّنْ عِندِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ﴾. (آل عمران: 195).

 

وينزل قوله: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾. (الأحزاب: 35).

 

إذن فلتجاهد المرأة ما وسعها الجهاد في ميادينه الحافلة، وسبله القاصدة وشعابه الواسعة.. ولتذكر ما واتتها القدرة على الذكر، وإن أفضل الذكر العلم.. والفقه بالتفقه، ومن يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، ولا فرق في ذلك بين ذكر وأنثى.

 

«بعضكم من بعض»

 

ولكن ينبغي ألا نغفل أو ننسى أن الإسلام حين أعطى الحريات وأحسن الفكاك إنما وضع سياجًا من الأخلاق والآداب والقيم تمنع الفتنة ولا تسمح بالإثارة وتقفل الباب أمام كل فساد.

 

وأعطى المرأة من الإمكانات والمزايا ما يتيح لها فرصة التفوق في البناء والتعمير في مجالات خاصة، تتفق وطبيعتها وأنوثتها.. وأولها تربية جيل وأجيال تحمل الأمانة وتنهض بالمسؤولية وتواجه زحف الشرق والغرب.. وتعيد للأمة مجدها.

 

اتقوا الله واعدلوا في أولادكم

 

من الظواهر التي تستلفت النظر في هذا العصر وتتصل من قريب بكيان الأسر.. ظاهرة تفضيل الآباء لبعض أبنائهم في العطية وتمييز البنين على البنات في الهبات. وغالبًا ما يُحدث هذا شروخًا في جدار الأسر ويعمل على الشقاق والفراق ويغرس الحقد والكراهية، ومهما يكن من أسباب تدفع الآباء إلى مثل هذا التصرف فإنه ينبغي ألَّا يشيع ذلك الأمر بين الأسر المسلمة؛ لأنه مخالف لهدي رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، وإذا ما اتصل بالميراث فإنه يخالف شرع ربنا سبحانه وتعالى.

 

وإن من يراجع سيرة سيدنا رسول الله يجد واقعة مشابهة لذلك روتها كتب الأحاديث والسنة بروايات متعددة يظهر منها الحكم والوصف والعلة والدليل.

 

ففي صحيح الإمام مسلم - الجزء الرابع باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، وردت الأحاديث من رقم 9 الى رقم 18 تعالج في وضوح هذا الأمر الذي حدث نظيره للنعمان بن بشير قال: تصدق أبي عليّ ببعض ماله فقالت أمي عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلق أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على صدقتي، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفعلت هذا بولدك كلهم؟ قال: لا. قال: اتقوا الله واعدلوا في أولادكم. فرجع أبي فرد تلك الصدقة.

 

- ولو أننا رجعنا إلى أقوال الفقهاء - لوجدنا بعضهم قال: إن التفضيل في الهبة بين الأولاد يكون حرامًا واحتجوا برواية «لا أشهد على جور».

 

- وبعضهم قال بأنه يكون مكروهًا وليس بحرام واحتجوا برواية «فأشهد على هذا غيري»، ولو كان حرامًا أو باطلًا لما قال هذا الكلام.

 

- وقال آخرون إنه مكروه كراهة تنزيه؛ لأن الجور هو الميل عن الاستواء والاعتدال.

 

وبالرغم من اختلاف الروايات التي ورد بها الحديث يتبين بكل الوضوح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتبر التفضيل في الهبة بين الأولاد جورًا.

 

«إلى كل فتاة تؤمن بالله واليوم الآخر»

 

شعر: أبو حافظ – فلسطين

 

كنت دومًا يا فتاتي                     أنت رمز التضحيات

 

ترتدي جلباب طهر                    لا كزي العاريات

 

تختشي من هتك ستر               في حجاب المؤمنات

 

فاحذري شرًا وبيلًا                  يوم عرض الكائنات

 

حينما لا شيء يغني                   غير فعل الصالحات

 

إنه القرآن نادی                        يا لتعس الغافلات

 

من سعت للنار سعيًا                   في دروب مظلمات

 

فارتدت ثوبًا صفيقًا                    واقتدت بالكافرات

 

أين أنت اليوم من                      دأبها دأب العصاة

 

هل ترى أن لا مماتًا                      أم هروبًا من ممات

 

جددي لله عهدًا                         كي تفوزي بالنجاة

 

واتركي ما أنت فيه                        لبس كل المغريات

 

يابنة الإسلام قومي                      واستفيقي من سبات

 

واسمعي للحق صوتًا                    فيه كل المكرمات

 

إنما الدنيا سراب                        فاقبلي مني عظاتي

 

دون سابق إنذار

 

دعيت لتناول العشاء في منزل إحدى الزميلات، وحين قُدم لي العصير في كأس جميل، سقط مني ذلك الكأس على الأرض محدثًا صوتًا ودويًّا بانكساره المفاجئ..

 

تقدمت مني زميلتي لتزيل قطع الزجاج المتناثر في كل مكان، ونظرتُ إلى تلك القطع الزجاجية، ثم سألت زميلتي فيما إذا كانت متوقعة لذلك الكأس بالانكسار، فأجابت بالنفي، فقلت لها إن ما حدث ليذكرني بأمر هام في حياتنا.

 

إنه يذكرني بما يحدث لابن آدم حين يختطفه الموت فجأة، دون سابق إنذار، فتركت زميلتي ما بيديها ونظرت إليّ محدقة بي فأكملت حديثي بقول الله تعالى ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ (آل عمران: 185). أي إننا سنموت عاجلًا أم آجلًا، وإنها لنعمة من الله حين تذكرنا هذه الحادثة بالموت لكي نعمل منتهزين هذه الفرصة المتاحة قبل أن يأتي ذلك اليوم ﴿يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ﴾ (الشعراء: 88). فتذكري هذا الكأس الذي أعددته لخدمتك في الحفل، والذي ما لبث أن انكسر كابن آدم حين يستعد لعمل مَّا، فكم من فتاة اختطفها الموت ليلة زفافها، وكم من دابة فقدت راكبها في سفره، وكم من مشروع في انتظار أحد يكمله بعد أن غادر صاحبه هذه الدار.

 

فلنعتبر من هذا كله، وليكن استعدادنا للموت بتوبة نصوح، دعوة إلى الله بقلب صاف وإخلاص دائم، حيث يذكرنا الله تعالى في كتابه العزيز بقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾. (لقمان: 34).

 

المجتمع النسوي

 

مع الشهيدة بنان الطنطاوي

 

عندما أقدم المجرمون... عملاء نظام العمالة والسفالة على اغتيال السيدة بنان الطنطاوي زوجة الأخ عصام العطار في المجمع السكني الذي تقطن فيه مع زوجها... طلب هؤلاء السفلة من امرأة تسكن المبنى نفسه أن تقرع جرس شقة السيدة بنان، وبعد أن أشهروا مسدساتهم في وجهها أرغموها على قرع الجرس.. لما أقبلت السيدة بنان لاستقبال من ظنتها (ضيفة) فتح المجرمون النار على الفور حين فتح الباب فكان أن سقطت السيدة بنان الطنطاوي على طريق الشهادة لتكون واحدة من اللواتي قتلهن نظام دمشق كما أشرت في العدد الماضي.

 

وقد ذكر أنه قبل الحادث المشين بيوم واحد تلقت الشهيدة مكالمة تلفونية أبلغها فيها محدثها أنه من هيئة التلفونات وأنه سيحضر لإجراء بعض الإصلاحات في التلفون، إلا أن الشهيدة كشفت كذب المخابرة عندما اتصلت بهيئة التلفونات التي أخبرتها بأن ذلك غير صحيح، ولما أبطلت الشهيدة مفعول هذه الحيلة السافلة، لجأوا إلى المكر.. وفعلوا فعلتهم لترزق السيدة بنان الشهادة.. وذلك بعد أن أمضت عمرًا مدته (37 سنة).

 

رحم الله الشهيدة بنان، وأسكنها مع أمهات المؤمنين في جنات الخلد، وألهم أخانا عصام العطار وذوي الشهيدة الصبر والسلوان والأجر على الله، أما السفلة فيمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.

 

أم سدرة

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

نشر في العدد 40

13

الثلاثاء 22-ديسمبر-1970

نشر في العدد 332

23

الثلاثاء 11-يناير-1977

نشر في العدد 718

17

الثلاثاء 21-مايو-1985