العنوان الأسرة والمجتمع ( العدد 1051)
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 25-مايو-1993
مشاهدات 16
نشر في العدد 1051
نشر في الصفحة 52
الثلاثاء 25-مايو-1993
للداعيات فقط
مناظر لا تليق بنا
في صباح أحد الأيام صحبت أطفالي لأحد المنتزهات البحرية لأجل الترفيه عنهم بعد أيام الامتحانات، وقد هالني ما رأيته من نظافة المكان، وطريقة إعداده وتجديده بعد التحرير، فقد كان كما يقال متعة للناظر وراحة للنفس ولكن راحتي تلك لم تطل مع الأسف الشديد. ففي تلك الساعة المبكرة من صباح ذلك اليوم فوجئنا بحافلة كبيرة تحمل أعداد كثيرة من إحدى الجاليات الآسيوية تضم الجنسين معا، وما لبث هؤلاء حين تركوا الحافلة أن ارتدوا ثياب البحر الفاضحة.
الرجال والنساء على السواء، وراحوا يتجولون بها على طول الشاطئ، وعرضه ويأتون بحركات ماجنة لا يقبلها أي مسلم شریف ما كان مني بالطبع إلا أن غادرت المكان مشمئزة مما رأيت متأسفة في الوقت نفسه على قيم بلادنا وتعاليم ديننا الحنيف والتي تنتهك من قبل مجوعة دخيلة وقدت إلى بلدنا للعمل دون أن تراعي هذه الجالية أي احترام أو اعتبار لعاداتنا وتقاليدنا.
إن أفراد هذه الجالية ليسوا الملومين وحدهم بل اللوم كذلك على من أتى بهم دون أن ينبههم إلى مراعاة تقاليد البلاد وكما يقول المثل الدارج من أمن العقاب أساء الأدب.
إننا اليوم بحاجة إلى وقفة حازمة مع أمثال هؤلاء ممن لا يحترمون عقيدتنا ويسيئون في الوقت نفسه إلى أخلاق شبابنا ويكونون عاملا من عوامل انتشار الفساد الأخلاقي في هذا المجتمع ليت أولئك الذين يعارضون قيام لجنة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يعملون على تسخير أقلامهم لمحاربة هذا المنكر والعمل على عدم انتشار الفساد في مجتمعنا فهذا أجدر بهم وأكرم من مهاجمة هيئة كريمة تسعى للخير لأجل بلادنا.
سعاد الولايتي
أطفالنا واتباع السنة
إعداد: أمل سالمين
لا شك أننا كمسلمين مدركون لأهمية اتباع السنة في حياتنا بشكل عام من حيث أنها المصدر الثاني للتشريع الإسلامي ونحن من منطلق الحديث الشريف: "لقد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا أبدا، كتاب الله وسنتي" لذلك نحن نحرص اليوم على أن نعض على سنته بالنواجذ آملين من خلال ذلك، الفوز بمحبة الله- عز وجل- ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم ولكن كيف هو الوضع مع أطفالنا؟
هل يستشعرون أهمية السنة كما نستشعرها؟
هل علمناهم كيفية تطبيقها في حياتهم اليومية؟
ما هو دور الأسرة والمدرسة في إرشاد الطفل لتطبيق السنة؟
حول هذا الموضوع كان هذا التحقيق لأجل الحصول على نتائج دقيقة وواضحة فقد اخترنا عينة عشوائية من طالبات وطلاب المرحلة المتوسطة وبالتحديد الفصل الأول المتوسط وقد أخذنا عينة من الأولاد من طلاب مدرسة النجاة الخاصة، بينما تم اختيار البنات من مدرسة الإسراء المشتركة للبنات.
شمل الاستبيان أسئلة تتعلق بتعريف السنة ومن هو الذي حث الطالب على تطبيقها؟ وما هي الأمور التي يطبقها في حياته اليومية؟ وأخيرا أسئلة تاريخية تتعلق بالسيرة النبوية وهي أسئلة بسيطة جدا يفترض أن الطالب قد عرفها منذ سنواته الأولى في المرحلة الابتدائية.
أظهرت نتائج الاستبيان تفوق الأولاد الواضح على البنات فقد تمكن خمسة عشر طالبًا من تعريف السنة تعريفا صحيحا بينما لم تتمكن من ذلك سوى ثلاث طالبات فقط وقد بدا دور وجهد الوالدين والمدرسة واضحًا في هذا الأمر حيث أرجع عشرة طلاب الفضل في تلك التوعية الدينية للأم، وفئة أخرى ١٤ طالبا نسبتها للأب بينما صرح ثلاثة عشر طالبا الفضل للمدرسة.
في المقابل ذكرت أربع طالبات أن توعيتهم الدينية مصدرها الأم.
وثلاث طالبات نسبن الأمر للأب بينما ثماني طالبات صرحن بدور المدرسة في ذلك وبمقارنة المعلومات التاريخية لسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم لدى الفريقين فقد برز تفوق طلاب مدرسة النجاة الخاصة حيث أن الغالبية منهم نالوا درجات نهائية في الموضوع بينما نالت طالبة واحدة فقط الدرجة الكاملة، وكانت درجات الطالبات الباقيات دون المستوى المطلوب.
وقد كان لنا هذا اللقاء مع بعض الطلبة الذين شملهم الاستبيان.
- الطالب فواز الغربللي من الفصل الأول متوسط رابع يقول: أنه حريص على اتباع السنة دائما والفضل في ذلك لوالده ومدرسته حيث تعلم من الجانبين تلاوة بعض الأدعية اليومية مثل دعاء النوم والأكل والحمام وركوب السيارة وهو كذلك حريص على شهود صلاة العيد مع والده، أما معلوماته التاريخية مما يتعلق بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم من حيث تاريخ مولده، ومكان هجرته وأسماء والديه وزوجاته وأولاده - وكانت معلومات الطالب ممتازة في هذا المجال.
- أما الطالب عبد الله خليفة من الفصل الأول متوسط رابع فيذكر لنا أن السنة كما يفهمها هي كلام الرسول وقراراته وهو حريص على اتباع السنة والفضل في ذلك لوالده ومدرسته ومجموعة من الشباب الذين يلتقي بهم في أنشطة المسجد، كانت معلومات الطالب المتعلقة بالسيرة النبوية صائبة باستثناء إجابة واحدة فقد ذكر أن أول معركة ضد الكفار كانت غزوة أحد.
- الطالب مشاري الجاسر من الفصل الأول متوسط ثاني يقول إنه حريص على اتباع السنة لينال الأجر بذلك من الله تعالى وينسب الفضل في ذلك لمدرسته والتي حرصت كثيرة على إرشاده لتطبيق السنة في أمور كثيرة من خلال إرشادات مدرسية أو الأنشطة الدينية المتعددة التي تقيمها المدرسة بين فترة وأخرى وقد كانت معلوماته التاريخية فيما يتعلق بالسيرة النبوية ممتازة بل وقد أضاف لها تفصيلات ملحوظة لمن هو في مثل سنه.
بالنسبة لنتائج استبيان الطالبات فقد أخطات خمس عشرة طالبة في تعريف السنة أو إدراك معناها،
- وقد كانت الطالبة هناء غانم الغريب من الفصل الأول متوسط أول هي الوحيدة التي قدمت تعريفا جيدا لمفهوم السنة وقد ذكرت أنها حريصة على اتباع السنة ونسبت الفضل في ذلك لوالدتها وقالت أنها تحرص على اتباعها كي تنال الأجر من الله لكن معلومات الطالبة فيما يتعلق بالسيرة النبوية لم تكن بالمستوى المطلوب فقد أخطات في العديد من الإجابات منها أنها ذكرت مولد الرسول صلى الله عيه وسلم في عام ١٤١٣هـ.
- الطالبة فرح الفهد من أولى متوسط ثاني لم يكن من السهل عليها تعريف السنة رغم أنها أكدت حرصها على تطبيقها ونسبت الفضل في ذلك لمدرستها إلا أنها لم تتمكن من الإجابة على باقي أسئلة الاستبيان من حيث أمور السنة التي تتبعها في حياتها اليومية وفيما يتعلق بالأسئلة التاريخية من حيث معرفة أسماء والد الرسول صلى الله عليه وسلم أو زوجته أو حتى مكان مولده.
- لقاؤنا الأخير كان مع الطالبة حصة عبد الله من الفصل المتوسط الثاني وقد ذكرت بأنها تحرص على اتباع السنة أحيانا وليس دائما وإن كانت لم تتمكن من تعريف السنة إلا إنها نسبت الفضل في اتباعها للسنة لمدرستها وفيما يتعلق بالأسئلة التاريخية فقد كانت لها أخطاء لا يستهان بها منها أنها ذكرت أن والد الرسول صلى الله عليه وسلم هو علي بن أبي طالب!!
ختاما، فقد أردنا من خلال هذا التحقيق أن نتبين حرص أطفالنا على تطبيق السنة ومدى جهود الوالدين والمدرسة في ذلك وقد تبين لنا من خلال التحقيق أن جهود الوالدين والمدرسة قد أثمرت واضحة من خلال إجابات الأطفال بينما اتضح تقصير الجهتين نفسيهما لدى الفئة الأخرى من الأطفال ولعله من الجدير هنا أن نشيد بجهود مدرسة النجاة التي حرصت على هذا الأمر من خلال أنشطتها المختلفة وجهود العاملين بها وإننا لنتمنى أن - تسير المدارس الأخرى على نهجها، وإننا هنا لا نلقى العبء على المدرسة وحدها بل لابد من تعاون البيت كذلك فقد اتضح تقصير كامل من جهة الأم أو الأب في هذا المجال بحيث أن بعض الطالبات قد عجزن عن الإجابة عن أسئلة بسيطة جدًا يمكن لطفل مرحلة الحضانة أن يجيب عليها بسهولة تامة لذا فإننا نهيب بأولياء الأمور والعاملين في حقل التعليم من مدرسين ومدرسات أن يكونوا قدوة حسنة لأبنائنا في تطبيق السنة وأن يحثوا طلبتهم على اتباعها كذلك.
رسالة
وداعا يا كشة العرفج
طمرات رقص الموت تطمرها شعارات (التخلف) التي تدعو إلى عري المرأة المسلمة في بلدنا المسلم.. عندما قالتها مسلمة من بلدنا (وداعا عباءة سوداء) ...
أقول لك يا من خلقك ربك من نطفة وأحياك في ملكه، وحفظك بلطفه وهو الذي بیده قبض روحك بغتة.
حياء وأدبا مع الله، كان أولى لك أن ترفعي هذا الشعار في زمن كنا نعد المتحجبات على أصابعنا.
أما الآن فالحمد لله على رجوعهن إلى سترهن وعفافهن إلى قول رب البشر من فوق سبع سماوات ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى (الأحزاب) لا إلى قول آبائهن ولا شيوخهن - كما تدعين - ولكن قول ربهن وقول رسولهن عليه أفضل الصلاة والسلام حيث يشبه المتبرجات فيقول رؤوسهن كأسنمة البخت.. نعم فإذا ضعف الجمل ومال سنامه إلى الهزال، هكذا يصور رسولنا الكريم رأس المرأة المتبرجة فكلما ضعف إيمانها مال رأسها والحديث الآخر يصفهن بالتناقض حيث أنهن يدعين الإسلام والإيمان، ومن خلال سلوكهن ومظهرهن وعريهن يناقضن ادعاءهن، فيقول عليه السلام نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات فكيف تكون كاسية وفي نفس الوقت عارية، إلا في حالة التناقض في المظهر والجوهر، ونسألك الآن من هي المرأة المتخلفة في نظرك؟
أهي المرأة المتعلمة الفقيهة القارئة الحافظة الواعية الطائعة لله والذاكرة لله كما وصفهن الله والذاكرات»،
أم هي تلك الفتاة التي حفظت كل الأغنيات والماركات وكل همها أحدث الموضات فقط لاغير، كحياة البهائم أكل ونوم وإشباع للشهوات ياراكضا في ميادين الهوى مرحا
وزاهيا في ثياب الفن نشوانا
مضى الزمان وولى العمر في لعب
يكفيك ما قد مضى قد كان ما كانا
وإذا كانت العباءة من أصل تركي!! فهل «الميكروجوب» و «الميني جوب» من أصل عربي؟!!
فما معنى هذا الكلام؟ وأخيرًا... لا آخرًا لنهتف بصوت واحد، وداعًا يا كشة العرفج، وأهلا بزمن الستر والعفة.
حنان أحمد القطان – الكويت
آفة المتدينين
بقلم: عبد الله بن علي بصفر
إمام وخطيب جامع الشعيبي
جدة _ السعودية
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين. قد يكون من العجيب جدا أن يخرج الإنسان من الظلمات ليعود إلى الظلمات مرة أخرى مع أنه كان من الطبيعي أن يخرج من الظلمات إلى النور ومن العذاب إلى الرحمة ومن المعصية إلى الطاعة.
فنحن نرى أناسا كثيرين أصبحوا في حال لا يحسدون عليها من المعصية لله تعالى والمجاهرة بالذنوب ولكن رحمة الله تنتشلهم من الظلمات إلى النور. إذا فهي نعمة كبيرة تستحق من الإنسان الشكر الدائم حتى الموت والصبر على الطاعة وعن المعصية حتى لقاء المولى جل وعلا.
ولكن ما الذي يحدث وما الذي يجعل بعض الناس يخرجون من الظلمات ليعودوا فيها ومن المعاصي ليقعوا فيها ومن الذنوب ليعيثوا فيها.
إن الذي أقصده من هذا هو أن الكثير من المتدينين المتمسكين بسنة رسوله الأمين يغتاب بعضهم بعضا والأدهى والأمر من ذلك أن يغتابوا علماء المسلمين وأولياء الله الذين قال الله تعالى عنهم في الحديث القدسي: «من آذى لي وليًا فقد بارزته بالمحاربة» وهذا هو القرآن الكريم يخبرنا عن أذية المؤمنين،
فيقول تعالى:
﴿والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا﴾
نعم أيها الأخوة الكرام الأحبة إنه إثم مبين واضح لكل صاحب قلب مبصر (فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) فإذا قال قائل: فما هي الغيبة وما حدها فنجيبه بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم تكفل بالإجابة على هذا السؤال حتى لا يكون هناك عذر لأحد من الناس حيث قال- صلى الله عليه وسلم- من حديث أبي هريرة- رضى الله عنه-: "أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول قال إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته، فهو على كل حال آثم سواء كانت الصفة التي ذكرها في غيابه من سجاياه أم لا. وهذا الحديث لم يترك مخرجًا لأحد من الناس فيتطاول عليهم في غيابهم بحجة الإصلاح والإرشاد.
وهناك حديث آخر يبين لنا كيف نتعرف على الغيبة فلنستمع ولنعِ ولنطبق بعد ذلك.
قال- عليه الصلاة والسلام-: «ما كرهت أن تواجه به أخاك فهو غيبة» ما أدق هذا التعبير وما أروعه! فإنك أخي المسلم لو وزنت الكلمة التي قلتها في عرض أخيك المسلم فرأيت أنك لن تستطيع ذكرها أمامه فإن هذه هي الغيبة بعينها وبالغ العلماء رحمهم الله في حد الغيبة حتى قالوا: (الغيبة هي أن تذكر أخاك المسلم بما يكرهه لو بلغه سواء ذكرته بنقص في بدنه أو نسبه أو خلقه أو فعله أو في دينه أو دنياه حتى في ثوبه ودابته وكذلك التعريض مثل التصريح والإشارة والإيماء والغمز بالعين والكتابة ومثل ذلك المحاكاة والتمثيل) عافانا الله من كل ذلك.
ثم ها هو عليه الصلاة والسلام يحذر كافة المسلمين والمنافقين والمرائين ويوبخهم أعنف توبيخ فيقول- صلى الله عليه وسلم-: «يا معشر من أسلم بلسانه ولم يدخل الإيمان في قلبه لا تذموا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإن من يطلب عورة أخيه المسلم هتك الله سره وأبدى عورته ولو كان في ستر بيته» فلا يدعي مدعٍ بعد ذلك المحافظة على الصيام والزكاة والحج ثم هو يغتاب عباد الله خاصة الصالحين منهم وحقيقة الصلاح لا يعلمها إلا الله تعالى وقال بعضهم أدركنا السلف وهم لا يرون العبادة في الصوم ولا في الصلاة ولكن في الكف عن أعراض الناس رحم الله أقواما فهموا الإسلام حق الفهم وهدى الله أقواما لم يفهموا من الإسلام إلا القشور بل لم يريدوا أن يفهموا من الإسلام إلا ذلك وأوجه صرختي هذه إلى كافة المتدينين الذين أرادوا طريق رسول الله- صلي الله عليه وسلم- طريقا لهم أصيح فيهم أن اتركوا غيبة إخوانكم من العلماء والصالحين والمتدينين كائنًا من كانوا ما لم يجاهروا بكفر فإن الله تعالي أعلم بحالهم وحالكم.
واحذرهم ذهاب الإيمان عند الاحتضار وخسارة الدنيا والآخرة كيف يكون ذلك بعد المحافظة على الصلاة جماعة في المسجد وبعد صيام رمضان والنوافل وبعد كل ذلك تذهب الأعمال سدى. نعم كل ذلك بجوار غيبة المؤمنين والوقوع في أعراضهم هلاك وأي هلاك وخسران وأي خسران والسبب في ذلك أن لحوم العلماء والصالحين والمتدينين الصادقين عمومًا مسمومة فإذا كانت الغيبة هي أكل لحم أخيك المسلم، فكيف تكون نتيجة من يأكل لحم أخيه المسلم إذا كان مسموما!!! استمع أخي المسلم إلى نصيحة عامل عارف بالله تعالى وهو يحذرني ويحذرك:
قال الإمام الحافظ أبو القاسم بن عساكر- رحمه الله تعالى- اعلم يا أخي - وفقنا الله وإياكم لمرضاته وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته- أن لحوم العلماء مسمومة وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة وأن من أطلق لسانه في العلماء بالسلب ابتلاه الله تعالى قبل موته بموت القلب فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم.
كل ذلك حتى تبتعد عن الغيبة التي تزعم أنها نصحا ولو كانت نصيحة لكانت في السر لا على رؤوس الملأ وحتى تبتعد كذلك عن تخطئة العلماء وتجريحهم والتنقيص من قدرهم وعلمهم بغير برهان من الله وكذلك إخوانك المتدينين المحافظين على دينهم وصلاتهم هم داخلون في ذلك كله.
ثم اعلم أخي المسلم رحمني الله وإياك أن من تدبر في نفسه فإنه لا شك سوف يجد فيها عيوبا فهل من العقل أن يشتغل بعيوب غيره وينسى عيوب نفسه وهل من الدين أن تصلح غيرك وتنسى داء نفسك.
يقول الرسول الكريم- صلى الله عليه وسلم-: «طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس».
ويقول الحسن البصري- رحمه الله تعالى-:
«إذا رأيت الرجل يشتغل بعيوب غيره ويترك عيوب نفسه فاعلم أنه قد مكر به». فلنتق الله أيها الإخوة الصالحون ولنحافظ على أخوتنا التي ضيعها أعداؤنا ونضيعها نحن بغيبتنا لبعضنا البعض وليكن قولنا دائما كما قال مولانا جل وعلا: لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين.
ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم.
______________________________
أسباب القلق وعلاجه
فواز العتيبي _ الرياض
نشهد في العصر حضارة كبرى لم يشهد لها التاريخ مثيلا جعلت الإنسان يعيش في راحة كبيرة ولكنها تلك الحضارة قصرت خدمتها على الجانب الجسدي وأهملت الجانب الروحي الذي يتميز به الإنسان عن غيره من الكائنات وكان أحد إفرازات هذه الحضارة مرض (القلق) الذي أدى بكثير من الناس في الغرب إلى مشاكل نفسية وعصبية ثم إلى كراهية الحياة ثم إلى ماذا؟ إلى الانتحار ولم يجدوا له حلا غير تلك الحبوب المهدئة، وللأسف لقد انتقل آثار ذلك الداء إلى بلاد المسلمين عندما قصروا في أمور دينهم وعاشوا بعيدا عن ذكر الله تعالى وطاعته.
وأسباب القلق كثيرة لكن تذكر أهمها:
۱ - ضعف الإيمان: فالمؤمن قوي الإيمان لا يعرف القلق، قال تعالى: (ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة) ويقوى الإيمان بعمل الطاعات وترك المعاصي وقراءة القرآن وحضور مجالس الصالحين وحبهم والتفكير في خلق الله تعالى.
٢ - الخوف على الحياة وعلى الرزق:
فهناك من يخاف الموت فيقلق بسبب ذلك ولو أيقن أن الآجال بيد الله لما حصل ذلكم القلق والبعض الآخر يخاف على الرزق ويصيبه الأرق وكأنه ما قرأ قط قوله تعالى: ﴿إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين﴾ ولم يسمع قوله تعالى: ﴿وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها﴾ حتى النمل في حجره يرزقه الله تعالى ولا يعني ذلك أن يجلس في بيته ينتظر.. ما تمطر السماء ذهبا، بل يسعى ويفعل الأسباب امتثالا لقوله تعالى: ﴿فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه ويتوكل على الله ومن يتوكل على الله فهو حسبه﴾.
- المصائب: من موت قريب أو خسارة مالية أو مرض عضال أو حادث أو غير ذلك لكن المؤمن شأنه كله خير إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له وجزاء الصبر أن الله يأجره ويعوضه خيرا عما أصابه، فيجب أن يعلم أن ذلك بقدر الله وقضائه، وما قدره الله سيكون لا محالة لو اجتمع أهل الأرض والسماء أن يردوه ما وجدوا إلى ذلك سبيلا، عندما ترسخ. هذه العقيدة في نفس الإنسان فإنه يرضى وتكون المصيبة عليه بردا وتكون المحنة منحة ولقد شاهدنا أنه كم من مشكلة صارت بإنسان جعلت منه رجلا قويا صامدا وعلمته التحمل بعد أن كان في نعمة ورغد لا يتحمل شيئا وغيرت في نظرته للحياة وأصبح سدا أمام المعضلات.
٤- المعاصي: وهي سبب كل بلاء في الدنيا والآخرة وهي سبب مباشر لحدوث القلق والاكتئاب قال تعالى: ﴿وما أصابك من سيئة فمن نفسك﴾ وقال: ﴿ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون﴾ والبعض يقول:
نريد أن نذهب القلق (والطفش) فيفعل المعاصي لكنه في الحقيقة يزيد الطين بلة وهو كالمستجير من الرمضاء بالنار.
5- الغفلة عن الآخرة والتعلق بالدنيا: فمن يتفكر ويتصور نعيم الجنة بكل أشكاله فإنه تهون عليه المشاكل وينشرح صدره وينبعث الأمل والتفاؤل عنده.
وأخيرًا كيف نتخلص من القلق؟!
قال تعالى: ﴿إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم﴾ فالعلاج هو في كتاب ربنا وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فخذ أخي هذه الوصفة الطبية الشافية وجرب وأنت الحكم.
١ - الصلاة: واستعينوا بالصبر والصلاة وكان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ويقول لبلال:
(أرحنا بالصلاة يا بلال) ويقول - جعلت فداه- وجعلت قرة عيني في الصلاة فما من مسلم يقوم فيصلي بخشوع وتدبر وحضور قلب ورغبة والتجاء لله تعالى إلا ذهبت غمومه وهمومه أدراج الرياح كأن لم تكن.. فالصلاة على اسمها صلة بين العبد وربه.
۲ - قراءة القرآن: العلاج لكل داء وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين فلنقو صلتنا بهذا الكتاب العظيم ولنتدبر آياته ولا نكن ممن يهجره فهو ربيع القلب ونور الصدور وجلاء الأحزان وذهاب الهموم والغموم.
3- الدعاء: سلاح المؤمن الذي يتعبد الله به فمن كان له عند الله حاجة فليفزع إلى دعاء من بيده ملكوت كل شيء ومجيب دعوة المضطرين وكاشف السوء الذي تكفل بإجابة الداعي ﴿وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان﴾ وليتحر ساعات الإجابة كالثلث الأخير من الليل بين الآذان والإقامة.
4- الذكر: أنيس المستوحشين وبه يطرد الشيطان وتستنزل الرحمات.
5 - شغل الوقت بالعمل المباح: فإن الفراغ مفسدة ويجلب الأفكار الضارة والقلق وغير ذلك.
أساله تعالى أن يرزقنا الإيمان الكامل والعمل الصالح ونسأله حياة السعداء وموت الشهداء، إنه جواد كريم.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل