; الأسرة و المجتمع (العدد 1044) | مجلة المجتمع

العنوان الأسرة و المجتمع (العدد 1044)

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 06-أبريل-1993

مشاهدات 16

نشر في العدد 1044

نشر في الصفحة 52

الثلاثاء 06-أبريل-1993

للداعيات فقط

شرف النساء

قد يتساءل البعض قائلًا: من شرف النساء هذه؟

شرف النساء امرأة مسلمة لكنها تميزت بميزتين قل أن تتميز بهما النساء عادة!! شرف النساء هي أميرة هندية وابنة أحد ملوكها العظماء، ولكن ليست هي الميزة التي نحن بصدد الحديث عنها، فسواها من صاحبات الإمارة والجاه كثيرات.

تميزت شرف النساء بحبها وتعلقها بالقرآن الكريم الذي كان ربيع قلبها وضياء وحشتها، تلك كانت الميزة الأولى، أما الثانية فهي أنها كانت لا تحمل القرآن بيد إلا وتحمل السيف باليد الأخرى إيمانًا منها بأن القرآن لابد له من سلطان يطبقه ويحكم به في الناس شريعة ومنهاجًا. رغم أن هذه الأميرة كانت تأتي إليها الدنيا بزينتها وزخرفها إلا أنها أعرضت عنها ولئن كانت النساء تتزين بالجواهر واللآلئ فإنها لم تكن تقبل سوى القرآن زينة لها.. علمًا وخلقَا وسلوكًا. أمنت شرف النساء أن الملك من ملك شهوته وإن لم يملك من الدنيا شيئًا، وأن العبد من غلبته شهوته وإن ملك الدنيا. هكذا عاشت شرف النساء حياتها، القرآن في يمناها والسيف في يسراها تذود به عن القرآن، حتى انتقلت الى جوار ربها ودفنت كما أوصت والسيف الذي كانت تحمي به القرآن إلى جوارها. وإننا اليوم إذ نفخر بامرأة كشرف النساء نفتقر كذلك إلى هذه المرأة القدوة التي ندرت مثيلاتها. وما أحوجنا إلى نساء يتزينَّ بالقرآن! ما أحوجنا إلى نساء يعزفن عن الدنيا وزخرفها. ما أحوجنا إلى نساء يؤمنّ بأن الإسلام ينطلق من ميدان الجهاد كما ينطلق من المحراب. أن شرف النساء ليست قدوة لبنات جنسها فقط بل هي للرجال كذلك فأهل القرآن ليسوا هم الذين انزووا في زوايا المسجد، لكنهم أولئك الذين جمعوا بين المحراب والميدان، فإن القرآن والسيف صديقان حميمان ومتى ما انفصل أحدهما عن الآخر وقع المسلمون فريسة لهجمات الأعداء الذين ينتظرون تلك الغفلة منهم. متى ما ترك المسلمون الجهاد في سبيل الله، أصبحوا لقمة سهلة لكل جائع! رحم الله شرف النساء ورزقنا فقه القرآن الذي تميزت به.

 

سعاد الولايتي

الوفاق الفكري بين الزوجين هل هو ضروري لنجاح الزواج؟؟!!

الحياة الزوجية فن جميل وهام قل من يعرفه فتحدث المشكلات والأزمات بين الزوجين نتيجة الجهل بهذا الفن، وتتعرض الأسرة إلى هزات عنيفة كثيرًا ما تؤدي إلى زعزعة أركانها وتشريد أطفالها!. ففي اعتقادنا أن من أهم الأمور لنجاح الزواج هو الوفاق الفكري بين الزوجين حيث إن هذا الأمر ضروري جداً لنجاح الزواج، ترى ما هو رأي الأزواج بالوفاق الفكري بين الزوجين وهل هو ضروري لنجاح الزواج !!

ما هو الوفاق الفكري الزوجي في نظر الزوجة؟! هل تشعر الزوجة أنها متفقة فكريًا مع زوجها؟! ما مظاهر هذا الوفاق الزوجي هل هو في أحاديثكم المشتركة أو في اهتماماتكم أم في همومكم المتبادلة.. «إلخ» هل تشعر الزوجة أن الفارق الثقافي بين الزوجين كبير بينهما بحيث يؤثر على الوفاق الفكري بينهما؟! ما مظاهر عدم الوفاق الفكري بين الزوجين؟! حول هذا الموضوع أجرينا عدة لقاءات مع عدد من الزوجات لاستطلاع آراءهن حول الوفاق الفكري وضرورته لنجاح الزواج. تقول السيدة «أم ابراهيم» «مدرسة في منطقة الجهراء التعليمية» إن الحب والتفاهم هما أساس الوفاق الفكري بين الزوجين وهي تشعر بأن هناك وفاقًا فكريًا بينها وبين زوجها من حيث إن من مظاهر هذا الوفاق أنني أشعر به قبل أن يتكلم فأحس بأحاسيسه وأعرف متى يتضايق ومتى يرضى وأحاول جاهدة أن أعمل ما يرضيه وأتجنب غضبه. فبالرغم من الفارق العلمي بيني وبينه حيث إنه حاصل على الشهادة المتوسطة وأنا حاصلة على الشهادة الجامعية إلا أنه على قدر كبير من الثقافة توصله إلى مستوى المتعلمين حيث إن ثقافته وتجاربه بالحياة تتفوق على الفارق العلمي الذي بيننا أما بالنسبة للوفاق الفكري فبلا شك هناك توافق بيننا في تفكيرنا للمستقبل وطريقة تربيتنا لأطفالنا حيث إنه يجب أن يحظى بقدر من تفكيرنا واهتمامنا كزوجين وبذلك يتحقق الوفاق الفكري. ولابد للحياة الزوجية من بعض الأمور التي لا يتفقان عليها ولكنها باعتقادي تائهة إذا ما فكرت الزوجة بها واستطاع الزوج إقناعها بها فمثلًا في بداية زواجنا كان لدى زوجي اعتقاد شديد بضرورة لبسي للعباءة وكانت مشكلة بالنسبة لي كعروس لكن مع مرور الأيام اقتنعت بوجهة نظره وبضرورة هذا الأمر وأصبح شيئًا عاديًا بالنسبة لي.

اللقاء الثاني مع السيدة «مي إبراهيم إخصائية اجتماعية» تقول إن الوفاق الفكري هو في أن أفكاري وأفكاره تكون متماثلة حتى لا يحدث تصدع في الأفكار وبالتالي يحدث شرخ في الحياة الزوجية وأن هناك وفاقًا فكريًا بيننا حيث إن أحاديثنا وهمومنا مشتركة وكوني أعمل إخصائية اجتماعية فبطبيعة دراستي أستطيع أن أفهم الشخص قبل أن يتكلم وبالتالي أفهم ما يريده زوجي مني قبل أن يحدثني به أما بالنسبة للفارق الثقافي فلا يوجد أي فارق في المستوي الثقافي والعلمي لأننا الاثنين

حاصلان على الشهادة الجامعية.. وبالتالي فأنا أجد أن الوفاق الفكري ضروري إلى حد ما لنجاح الحياة الزوجية لأنني أجد الكثير من الزواج الناجح دون أن يكون هناك وفاق فكري وذلك بأن الزوج يعطي للزوجة الحق في التعبير عن رأيها وهي الأخرى تعطيه الفرصة نفسها وبالتالي يقتنع كل منهما بالآخر.. والحمد لله يوجد وفاق بيننا لأننا تقريبًا متفقون في كثير من الأمور.

لقاؤنا الثالث مع السيدة أم عبد الله التي تقول إن الوفاق الزوجي هو أن يكون فكر الزوج والزوجة متفقين أي أن يقتنع بآرائها وتقتنع بآرائه دون أي اختلاف في الرأي ودون أي شجار وهي تعتقد أنها متفقة فكريًا مع زوجها نوعًا ما، ففي بعض الأمور أتفق معه والأخرى لا اتفق معه فمثلًا لديه قناعة بأن المرأة لا يجوز لها التعامل مع الرجل بأي حال من الأحوال فمثلًا لا يصح لها أن تحضر بنفسها عاملًا لتصليح أي عطل في البيت وأنا أصر على عدم الانتظار إلى أن يقوم هو بعمل اللازم أو إحضاره بنفسه وبالتالي يصر على أنه لا يدخل رجل غريب المنزل في غيابه حتى وإن وجدت الخادمة معي فهو يريد الإشراف عليه بنفسه.

أما بالنسبة لهمومنا تقريبًا مشتركة ولكن الفارق العلمي بيننا كبير فهو حاصل على المتوسطة وأنا حاصلة على الشهادة الجامعية وكثيرًا ما اختلفنا في هذا الأمر حول إكمال دراسته وتعليمه حتى يتغير وضعنا المادي ولكنه لا يوافقني للرأي حيث إنه ليس لديه الرغبة في ذلك منذ الصغر وأنا أرى أن الوفاق الفكري ضروري لنجاح الزواج لتحقيق التفاهم والاتفاق في الرأي.

لقاؤنا الأخير مع الأخت عواطف عبد اللطيف وترى هذه الأخت أن التفاهم والمعاملة والاحترام بين الزوجين هما الأساس في تحقيق الوفاق الفكري وبصراحة لسنا متفقين فكريًا على طول الخط كما تقول الأخت ولكن أحيانًا نتفق وأحيانًا أخرى نختلف في كثير من المواضيع فمثلًا أي مواضيع خاصة بأهله أو بموضوعات سياسية فهو يريدني أن أكون بعيدة كل البعد عنها ولكنه يناقشني ويتكلم معي في أمور العمل كالواسطات في الوزارات وغيرها وعن المشاكل التي تواجهه كموظف في الجمارك بخصوص هذه المشكلة. أما بالنسبة للفارق العلمي فهناك فارق علمي فأنا حاصلة على الدبلوم وهو حاصل على المتوسطة وأرى أن الوفاق الفكري ضروري لنجاح الحياة الزوجية.

بعد استماع لآراء الزوجات في الوفاق الفكري وضرورته لنجاح الحياة الزوجية نرى أن الجميع أجمع تقريبًا على كون هذا الأمر ضروريًا لنجاح الزواج لأن الوفاق الفكري هو اتفاق في الأفكار والمشاعر والآراء وتفاهم واحترام بين الزوجين وبذلك تكون الحياة الزوجية ناجحة وبالتالي تؤتي ثمرتها أبناء لا يعانون من أي حالات انشراخ في الحياة الأسرية وصدق الله العظيم حيث يقول في محكم كتابه ﴿وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦٓ أن خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا لِّتَسْكُنُوٓاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إن فِى ذَٰلِكَ لَءَايَٰتٍۢ لِّقَوْمٍۢ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ (الروم: 21)

فمن هذه الآية نعرف أن الله خلق للزوج الزوجة ليسكن إليها والسكن أمر نفساني وسر وجداني يجد فيه المرء سعادة تشمل المجتمع بأكمله.

قصة من السيرة

مهاجرة إلي الجنة «أم حرام بنت ملحان»

صامت.. وقور.. هكذا كان سمته من أول يوم عاد إليّ فيه بعد تلك الرحلة.. ابتسامته شفافة تعكس لي ضوء قلبه الذي أشرق بشيء ما لم نعرفه من قبل..

«عبادة» ماذا أصابك؟!.. هكذا كنت أسأله ببلاهة عن تلك اللحظة التي حادت بخطاي وخطاه إلى أرض جديدة.. يده لم تعد تلك اليد التي أعرفها بل صارت أرضَا ممتدة تحت قوافل المهاجرين.. يده لم تعد يده من يوم أن لامست كف محمد -صلى الله عليه وسلم- وبايعت مع أول المبايعين يوم العقبة.. أيام تتسابق ونحن نصلي خلف مصعب يؤم شطري الأنصار في صف واحد ويلحم شقي الرحى بلحام لا تنفصم عراه..

﴿ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِى ٱلْأَرْضِ جَمِيعًا مَّآ أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ﴾(الأنفال: 63)

من قال إنا كنا نفتح قلوبنا! بل هي التي كانت تنفتح رغمًا عنا.. فنستقبل وفودًا فارة بدينها إلى أحضان يثرب.. أيام تمر وما في المدينة حديث إلا عن نور يسطع في أفقها. طاردوه في الفيافي.. تآمروا عليه. زجوا عليه فتيان القبيلة.. أخرجوه من أرضه وهو قادم إلينا.. وعلى أسطح البيوت كنا ننتظره.

«طلع البدر علينا من ثنيات الوداع..» وأي بدر كان.. كنا نتحسس خطاه.. نصلي

خلفه.. عشقنا تراب يثرب من يوم أن عرفت طريقها إلى قدمه.. وتآخينا.. ضمنا بيت واحد كبير.. ثقيفة وحجرات.. مسجدنا الذي كنا به نتعلم ونصلي. وينزل به الوحي.. ويأوي إليه المسكين.. وتخرج منه الصفوف وتعلو الرايات.. آه! ما الذي يجعل كل هذه الذكريات تتدافع في مخيلتي الآن.. إنه الحنين إليها.. قمت ألملم شعث ذكرياتي، وأجر طرف ثوبي.. وأنظر إلى نخلتنا التي حملناها إلى بلاد تعف عن النخيل.. وحملنا معها يثرب كلها مجسدة في أعطافها.. وما إن فتحت باب الدار حتى لمحته ساهم العينين.. مالك يا ابن الصامت؟.. عبادة ما الذييجلسك هكذا؟! لم يرد.. لكن صمته ثقل حملي وفك حزامجلدي فانفطرت دموعي.. وقلت له: عبادة أشم ريح يثرب.. أريد أن أزور قبره.. «عبادة» إلى متى سنظل هاهنا.. وبكيت وهاجت في نفسي الذكريات.. بدر، أحد، فتح مكة، ثم مؤتة.. وعلا نحيبي فتركني عبادة ومضى.. هكذا عهدته.. صامت.. وقور.. جلد لا يحب أن يراه أحد في موقف ضعف حتى ولو كانت زوجته.. وفي الليل تلاقينا صامتين بل طال بنا الوجوم أكثر من يومين وفي الثالث فاجأني بقراره:

سنرحل.. أعدي عدتك.. وضحك كل شيء في فلم أر حلاوة هذه الأرض إلا ساعتها.. ودهشت في نفسي.. فالشام على غناها وروحها وريحانها لا تعادل عندي حفنة من تراب يثرب.. فليهنأ من غرقوا في خيراتها واطمأنوا إليها.. أما أنا وهو فغريبان لم تألفنا هذه الأرض ولم نألفها. ومع الفجر كان كل شيء جاهزًا.. الزاد والزواد ومضينا عائدين.. وفي الطريق تضمنت فرحتي بالعودة همًّا كان يحمله عبادة.. يحمله وحده ويأبى أن يشركني فيه.. لكنني ألححت.. مالك يا عبادة أستحلفك بالله إلا أجبت.. وقال كلمة واحدة عرفت بعدها حجم معاناته.. «معاوية» وعرفت ساعتها أنه غاضب لسياسته في بلاد الشام..

غاضب من إمرته على الناس.. كنت أعرف.. وصمت طويلًا ثم قال: عاهدت رسول الله ألا أخشى في الله لومة لائم.. تلك هي القضية إذن.. أما التفاصيل فلا

أعرفها.. ربما يكونان اختلفا.. أو آثر عبادة الخروج على الاصطدام بصحابي مثل معاوية. وحين وصلنا إلى المدينة نسينا همومنا وعانقنا ذكريات الأيام التي لم يعرف الكون كله أصفى ولا أجمل ولا أطهر منها.. تذكرنا وضحك عبادة وأنا أذكره برحلته الأولى إلى مكة وحلفه مع يهود.. وضحك أكثر وهو يتلوها

﴿ وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ (المائدة: 56)

 أما يكفيك أنها نزلت فيك يا عبادة حين تبرأت من حلفك القديم وقلت أتولى الله ورسوله.. وانشرح قلبه لعطر المدينة الرائق.. ومثلما لقيناها لاقتنا بالفرحة والمودة.. حططنا رحالنا واستقبلنا مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذهب عبادة ليلحق الجماعة خلف عمر. رضى الله عنه. وتحسست أنا الحجرات أسلم على أمهات المؤمنين ثم دلفت إليه.. السلام عليك يا رسول الله.. وبكيت وأنا أتذكر خطوه يكحل ترب داري.. وأجلسه وأبسط تحت قدميه فراشًا فينام.. متعب، مجهد أنت يا خير رسل الله.. ثم يفيق مبتسمًا من حلمه ويستبشر في وجهي.. ويدخل علي عبادة قائلًا: أمرنا أمير المؤمنين بالعودة.. ويحكي لي.. فعل وغضب عمر وقال: قبح الله بلدًا ليس فيها عبادة.. اذهب فلا أمرت لأحد عليك.. أنت أمير نفسك يا بن الصامت.. هكذا أقرها عمر.. وأمره أن يعود.. وسألني متى تحبين الرحيل؟ وأجبت بلهفة: غدًا.. «تزورين أهل!!» لا ليس لي بعده من أهل.. جافة وقاحلة من بعد فراقك يا رسول الله.. فلا هي طيبة ولا هي نخلها يطاول السماء ولا خيرها يفترش الأرض حتى ولو كان عمر فيها.. ونمضي مثلما أتينا لكننا نجافي هذا البلد البعيد.. نشعر فيه باغتراب.. فنتوسد سفينة الفتوحات ونمضي.. وفي منامي كل ليلة أراه..، يا أم حرام..

أنت من هؤلاء، أنت من هؤلاء نعبر البحر إلى تلك الجزر الغارقة في بياض بحر الروم وفي كل ليلة يأتيني طيفه.. حتى ذلك اليوم حين اغتسلت وتطيبت وحملت ماء السقاء على دابتي لأسقي المجاهدين.. لكنها تقلصت وحرنت وظلت تجري كالمجنون الذي أصابه المس.. وتلاحق الناس حولي وحولها لكنها كانت تصارع المجهول وتمضي بي الى حتفي المقدر.. فجمعت رحالي ومضيت إليه وهناك لقيته.. السلام عليك يا رسول الله.. قد وجدت ما وعدتني حقًا.. ووجدت ما وعدني ربي حقًا.

القاهرة – ميرال الطحاوي

النهج التربوي في ظل الإسلام الحلقة 4

غرس الأعمال الطيبة

قال ابن مسعود رضى الله عنه: «تعود الخير فإن الخير عادة» هذا الشعار ليس للترديد فقط ولكن للتطبيق. ما هي أساليب المحافظة على العلم:

١- العلم بالتعليم: وهو أن ينشر المرء ما تعلمه ويعلمه لغيره.

٢- تطبيق العلم: كان الصحابة رضوان الله عليهم يحفظون عشر آيات من كتاب الله ويطبقونها ثم ينتقلون لحفظ غيرها. 

الآية التي تقول: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَدْخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِىِّ إِلَّآ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَٰظِرِينَ إِنَىٰهُ﴾ (الأحزاب: 53)

الحكم التي نستخلصها من الآية السابقة هي:

١- توجيه غير مباشر.

٢- الصبر على الموقف

٣- التركيز على الفعل وليس الفاعل.

٤- تجاهل الخطأ عند وقوعه وكظم الغيظ والتقليل من الغضب.

لابد من رسم سياسة عامة للأسرة بحيث يدرك الطفل أن هناك حدودًا لا يجوز أن

يتعداها، وشيء طبيعي أن يخطئ الطفل، لكن المهم أن نعمل على ألا يكرر هذا الخطأ في المستقبل، وعلى الأم أن تحاول قدر الإمكان أن يكون التوجيه غير مباشر وأن تتحين الفرصة للتوجيه فمثلًا إن شعرت أن طفلها يتكاسل عن أداء الصلاة تتحين فرصة يحدثها فيها ولدها عن رجل فاسق شارب للخمر فتخبره أن سبب ذلك هو تركه للصلاة لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر. 

عنصر الاحترام مهم في العملية التربوية ويجب أن يكون متبادلًا بين الأم وطفلها، وعلى الأم أن تعامل هذا الطفل كما تعامل صديقة لها.

إعداد الطفل لمحاسبة النفس:

إذا حدث وأحضر الطفل نتيجة الامتحان وهو متضايق من الدرجة التي حصل عليها هنا يجب على الأم أن تفرح بذلك فهذه علامة على أن الطفل قد بدأ يحاسب نفسه على تقصيره وبدلًا من أن تلومه أو تقول له: ألم أقل لك افعل كذا وكذا.. هنا عليها أن تحسن الاستماع إليه، وتظهر مشاركتها له في حزنه ثم تقوم بعرض البدائل مثل يمكنك تعويض ذلك في المرة القادمة أو يمكنها تأجيل عرض البدائل إلى يوم آخر.

مشكلة الطفل

هناك فرق بين المشكلة والشكوى فإذا كان الطفل متضايقًا من شيء ما ولا يعرف الهدف منه أو الحل له فهذه شكوى أما المشكلة فتختلف عن ذلك بأنه يعرف الحل لما يزعجه أو يضايقه لكنه لا يعرف كيف يصل لذلك الحل.

كيف تتصرف الأم إذا ما صارحها الطفل بمشكلته؟

١- أن تحسن الاستماع إليه وتتفاعل معه.

٢- أن تعرض عليه بدائل لحل المشكلة ثم مناقشته في مدى فاعليتها مثلًا تعرض عليه: حل (أ) - حل (ب) - حل (ج) ثم تبدأ بمناقشة كل حل على حدة.. هل تعتقد أن (أ) ستحل لك المشكلة؟ ثم تنتقل إلى (ب) وهكذا حتى تقيم الجميع، دور الأم هنا هو فقط تدريب الطفل على التفكير واتخاذ القرار، هذا إذا كانت المشكلة متعلقة بالطفل ولكن ماذا إذا كانت المشكلة متعلقة بالأم نفسها؟ أو بمعنى أصح كيف أحدد أن المشكلة متعلقة بالأم أو الطفل؟ يضرب لنا أحد علماء الغرب مثال قصة الفرد التي قد تجيب على سؤالنا والقصة باختصار في أن ناظرة إحدى المدارس قد التقت بالساحة بمدرسة تواجه مشكلة ما وشبه المشكلة هنا بقرد على ظهر المدرسة حيث أخذت المدرسة تحكي المشكلة للناظرة كأن القرد يضع قدمًا على قدم الناظرة. وأخرى على قدم المدرسة حين انتهت المدرسة من سرد المشكلة أجابتها الناظرة بأنها ستفكر في حل لها وهكذا انتقل القرد إلى ظهر الناظرة وارتاحت المدرسة منه. وهكذا بعض الأمهات مع أطفالهن، فكل واحدة منهن تصر على أن تحمل قرد الطفل على ظهرها بدلًا من أن يحمله هو أي الأم هي التي تفكر في حل مشكلة الطفل ولا تدع الطفل يتدرب على حل مشاكله بنفسه فمثلًا إذا ما تشاجر الطفل مع أخيه يفضل ألا تتدخل الأم لحل الشجار بل تدعهما يحلان مشكلتهما بنفسيهما وهكذا. ومن المهم كذلك أن يعرف الطفل الفرق بين التصرف ونتيجة التصرف فمثلًا أم تقوم ببعض الأعمال المنزلية في المطبخ بينما أطفالها يلعبون في الصالة ويصدرون ضجيجًا وهي غير عابئة بضجيجهم لكن حين يدق جرس الهاتف وتذهب للرد عليه يزعجها ضجيجهم لتصرخ فيهم طالبة الهدوء هنا الطفل لا يدرك لماذا كان ضجيجه مقبولًا في المرة الأولى وغير مقبول في المرة الثانية وعلى الأم أن تشرح له الفرق وتخبره لماذا يزعجها ضجيجه.

مشكلة الأم

كثيراً ما تستعمل الأم عبارة «أنت» مع الطفل وهي غالبًا تحمل اتهامًا له بأمر ما مثل: أنت كسلان.. أنت وسخت ثيابك.. أنت لم تهتم بكذا.. إلخ.. وهذه غالبًا عديمة الجدوى في العملية التربوية وحبذا لو قامت الأم بإيضاح الهدف للطفل بدلًا من اللوم فمثلًا حين تشتري له ثيابًا جديدة فيخرج ليلعب بها بالشارع فتتسخ أو تتمزق هنا لا يحبذ أن تستعمل عبارة «أنت مهمل لأنك مزقت ملابسك الجديدة وأنت لا تدرك قيمة.. إلخ.. يفضل عندما أسلمه الملابس الجديدة أن استبدل عبارة «أنت» بأنا مثال: لقد اشتريت لك ملابس جديدة، وأنا بصراحة أتضايق عندما أراك تلعب بملابسك الجديدة في الشارع فتتمزق كذلك ليس بمقدوري شراء ملابس جديدة لك في كل مرة.. إلخ.. مهم أن توضح الأم مشاعرها له ثم النتيجة لما سيحدث بعد ذلك.

خواطر زوجية

قال تعالي: ﴿ وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا لِّتَسْكُنُوٓاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ (الروم: 21)  صدق الله العظيم

إن من أعظم آيات الله وأجلها خلق الله سبحانه وتعالى لهذا الإنسان، العجيب في

تصرفاته، المبهر في بديع خلقه، المعجز في أحسن صورة خلقه.. ولكن الأعظم من هذا خلق هذا الإنسان البديع على زوجين أحدهما ذكر والآخر أنثى ولم يكن هذا إلا لعدة أسباب قدرها الله الخالق وشاء أن تحدث وتتحقق بقدرته سبحانه وتعالى وإرادته التي لا تعلوها إرادة. ومن هذه الأسباب هي أن جعل الله لكل جنس ذكراً كان أم أنثى سكنه وراحته للجنس الآخر فالزوج والزوجة مثلًا نجد أن الزوج سكنه وراحته وهدوء باله هي زوجته التي تحبه وتبعد عنه كل ما يزعجه ويثير أعصابه وتبحث عن راحته في أي مكان أينما وجدتها، أو في أي نصيحة أينما وجدت من نصحها بها عملت على أثرها حتى يجد زوجها العش الهادئ المطمئن فيأوي إليه ويسكن عنده. وكذلك الزوجة.. عندما تبحث عن سكنها وراحتها واطمئنانها تجده في زوجها.. الذي يحبها ويكون دليل محبته لها بنصحها عند رؤيته ما لا يعجبه منها بالطريقة الحسنة اللبقة التي لا تنفرها منه ويكون أيضًا الزوج سكنًا لزوجته عندما يصبر معها في ألمها ومرضها ولا يتضجر منها عند عدم قيامها بأعمال المنزل بسبب مرضها، بل يصبر معها إلى أن تشفى. وأنتقل من هذه المقدمة إلى حديث أو بالأصح إلى خطأ كبير قد تقع فيه بعض النساء وهو أن الزوج عندما يخرج إلى العمل وهو فى قمة نشاطه فإن المشكلة مرتبطة بالزوجة عند عودة زوجها من العمل وهو منهك وقد صارعته متاعب العمل وأذهبت قواه وجعلته جسدًا بلا قوى.. في هذه الحالة يريد عندما يعود إلى البيت أن يجد البيت الهادئ، والزوجة التي تنتظره وتبسط له كفوفها لراحته وتكون قد حققت هذا بتوفيرها البيت الهادئ ولبسها أحسن الملابس لاستقباله وبأن تجعل من نفسها البستان ذوي الأنهار والتي تفوح برائحة العطور الجميلة، واستقباله بالابتسامة الصادقة الجميلة التي تذهب عنه متاعب وهموم العمل وتنسيه كدرة العمل وتعيد له صفو الحياة الهادئة الجميلة التي يتمناها ويحلم بها. ولكن نجد في بعض النساء العكس هو الذي يطبق فنجدها وقد تركت أبناءها دون نظافة ويكون البيت يعج بضجيج الأطفال ومحاربتها معهم وكأنهم في ساحة معركة لا في بيت الزوجية الهادئ وعندما تستقبل زوجها فإنها تستقبله برائحة الطبخ وتستقبله أيضًا بالوجه العبوس المتكدر ليل نهار من غير زينة ولو سألناها.. لم لا تتزينين لزوجك تقول.. بسبب الأطفال وتعبهم.. وكأن من رزقت بالأطفال لم يكونوا لها نعمة بل أصبحوا لها نقمة.. ولكن هذا خطأ فقد جعل الله الزوجة سكنًا وراحة بال وهدوء حال.. حتى إذا مل الزوج من متاعب العمل جاء إلى بيته ليجد لذة الراحة مع زوجته وأبنائه وملاعبتهم بعد فترة شاقة قضاها مع متاعب العمل فيجد هذا كله يطفئ متاعبه وينسيه همومه.

أم مصعب

عائشة العامودي

أيها -السعودية

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

لقلبك وعقلك - العدد 14

نشر في العدد 14

31

الثلاثاء 16-يونيو-1970

لعقلك وقلبك (31)

نشر في العدد 31

26

الثلاثاء 13-أكتوبر-1970

المجتمع التربوي.. العدد 1078

نشر في العدد 1078

16

الثلاثاء 07-ديسمبر-1993