العنوان الأسرة (115)
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 29-أغسطس-1972
مشاهدات 24
نشر في العدد 115
نشر في الصفحة 31
الثلاثاء 29-أغسطس-1972
شروط تكوين الأسرة
أبعث إليكم هذه الرسالة لأشكركم على جهودكم المبذولة تجاه مجلة «المجتمع» التي تنير للمجتمع والفرد طريقه في الحياة.. وكم هي مفيدة للإنسان. كما أعجبني الباب المختص بالأسرة. وكم هو مفيد وأتمنى لو تزداد صفحات «المجتمع» وباب الأسرة.. وتوضع مسابقات لنساهم في حلها.
وأقدم تحياتي للعاملين فيها وللأخت التي تنشر لنا قصة الأسرة وطريقة الزواج لتعيدنا إلى طريق النور وطريق الإسلام. ولذلك أود أن أبعث اليكم موضوعًا دار في خلدي لعله يحوز إعجابكم وأراه ينشر في صفحات المجلة في باب الأسرة وتقرؤه كل ربة أسرة وربة بيت، والموضوع هو:
شروط تكوين الأسرة
إن تكوين الأسرة أمر ضروري على مر الزمان واختلاف المكان؛ فالأسرة هي عبارة عن لبنة بالنسبة للمجتمع… ومجموعة أسر تكون مجتمعًا كاملاً، والأسرة هي مرآة تعكس صورة المجتمع، وكرامة المجتمع من كرامة الأسرة.. وهيهات أن يكون المجتمع كريمًا والأسرة مهانة أو الأسرة كريمة والمجتمع مهانًا. ولن نجد مجتمعا قوي الساعد مهيب الجانب متقدمًا إلى الأمام إلا إذا كان كل فرد يشعر بالاعتزاز والكرامة نتيجة لتكوين الأسرة.. إذن الاهتمام بالأسرة أمر مهم لتكوين مجتمع كامل. فالأمر هنا أن نراعي شؤون الأسرة لتكون سورًا قويًا، والوالدان هما أساس تكوين الأسرة ونبراس الحياة فيها.. وهما السبب المباشر في تكوين الأبناء وظهورهم على الأرض.. وإن أحسن الوالدان تربية أبنائهم فقد ساهما في بناء مجتمع صالح، ولكن وللأسف الفساد بدأ يدب في الأسر العصرية في هذه الأيام وبدأ الشباب في الانحراف عن الطريق المستقيم نتيجة التربية الفاسدة من الأهل وعدم الاهتمام في تربيتهم وتنشئتهم، ولا أقصد كل الشباب أو كل الأهل بل أقصد قطاعات منهم.
ويعود ذلك إلى أسباب كثيرة منها:
السبب المباشر والمهم هو أن المرأة كانت تكرس حياتها، وجهودها، في سبيل أداء واجبها على أكمل وجه لجميع أفراد الأسرة من ناحية زوجها وأبنائها ومنزلها وتهيئة جو الهدوء والأمان ليحيط بأفراد الأسرة. أما بعد النهضة الحديثة والخروج للعمل خارج المنزل للإسهام في بناء المجتمع وهذا عمل جليل من المرأة في العمل على نهوض مجتمعها ووطنها وسيره في ركب التقدم والحضارة والرقي وإزالة التخلف الذي كان يحف به من جميع الجهات - ولكن لا يجب أن يطغى عملها خارج المنزل على عملها داخله؛ لأن في خارج المنزل وطنها ومجتمعها والشعب، وفي داخل منزلها أبناؤها وهم العمود الذي يقف عليه المجتمع.. وهم في أمس الحاجة إلى رعايتها وحنانها.. وهم في أول درجة من سلم الحياة.. يجب أن تغدق عليهم عطفها وإرشاداتها ليصبحوا في المستقبل شبابًا صالحين. وإن هي أساءت تربيتهم وتوجيههم وتنمية حب الوطنية في قلوبهم فقد تكون هدمت أسرتها ومجتمعها ولا جدوى من أعمالها ما دام الوطن بدون شباب.. لأن الشباب هم عماد الوطن وهم أقدامه التي يسير عليها ولا يمكن لشخص السير بدون أقدام.. والوطن لا يمكن أن يتقدم بما يتوفر لديه من أموال ولكنه يتقدم بما يملك من شباب صالح محب للوطن وتنبع من قلبه روح الوطنية الصادقة والولاء له والدفاع عنه، مقبل على العلم وهو السلاح الفعال في هذا العصر.
وإن طغيان أعمال الأم خارج المنزل جعلها في عزلة عن أبنائها وفلذة كبدها كما يقال.. ولكي تقضي على هذه المتناقضات بدأت في الاعتماد على المربية لتربية أبنائها، وهذا هو السبب الثاني في تخلف الأسرة.. وهو الاعتماد على المربيات؛ لأن المربية لا يمكن أن ينبع من قلبها الحب والحنان تجاه الطفل الذي تتولى تربيته كما تنبع العاطفة من قلب الأم الحقيقية، وهي في هذه الحالة لا تهتم الاهتمام البالغ في تربيته وتنشئته على تحمل المسؤولية تجاه الحياة وحب العلم والعمل وبذل الجهود تجاه الوطن وسوف تسقيه شيئًا من عاداتها وتقاليدها البعيدة كل البعد عن عادات وتقاليد والديه.. مثلا تكون هندية كما هو منتشر هذه الأيام، أو أي مربية أخرى من بلد غير بلد الطفل وتفسد أخلاقه لجهلها ويكون شبه منعزل عن مجتمعه لأنه يخالفه في العادات والتقاليد واللغة والأخلاق، وبذلك ينشأ الطفل غير نشأة والديه. وكثيرا ما يفضل الطفل المربية على أمه في مثل هذه الحالات لأنها قامت بتربيته وقضت معظم أوقاتها بجانبه تحقق رغباته، أما الأم فهي منهمكة في عملها لا تعلم شيئًا عن أبنائها.
إن استعمال المربية ليس أمرا خاطئا كمبدأ.. فالمرأة في هذا العصر زادت على عاتقها أعباء الحياة ولا تستطيع التوفيق بينها فيجب عليها استخدام المربية، ولكن يجب أن تُعيّن وقتا في اليوم للاجتماع بأبنائها لتسقيهم عطفها وحنانها وتشعرهم بحبها تجاههم ولا تجعل تربية المربية ولغتها وعاداتها تسيطر على قيم وأخلاق الأم والمثل يقول «من زرع حصد».
ثالثا: كثير من الأمهات يعتمدن على الخدم في تنظيم المنزل حتى لا يكاد الزوج يشعر بأنه متزوج من امرأة توفر له الراحة وتكرس جهدها في سبيل تكوين جو هادئ يسعد أفراد الأسرة.. ويشعر الزوج أن الخادم أو الخادمة هي أساس تكوين أسرته فيحس بالضيق تجاه ذلك وخاصة عندما يرى أطفاله يتجهون لهم أكثر من والدتهم.
رابعا: الاعتماد على الطباخ في إعداد الطعام.
وهذا الوضع يجعل الطباخين هم عماد الأسرة وخاصة عند الأطفال؛ حيث إنهم يعتقدون بأن الطعام هو أساس الحياة ويجدون والدتهم تخرج في مجال العمل والخدم يعدون لهم الطعام.
خامسا: عدم احترام مسؤولية الزوج وحقوقه.
إن البعد عنه في سبيل العمل يشعره أنه أعزب ومحاط بأطفال يتعبونه ويرهقونه عند عودته من العمل أو كأنه أرمل يحمل أطفالاً توفيت والدتهم ولا يجد من يعينه على تربيتهم وتوجيههم؛ لأنه لا بد من وجود الأم والأب في تربية الأبناء وتنشئتهم لاستقبال متاعب الحياة المقبلة، وإذا تُركوا بدون توجيه نشئوا على الفساد والفوضى والمشكلة الصغيرة لا تظل صغيرة بل تكبر على مر الزمان.
وأهم حل لهذه المشاكل والمتناقضات هو على المرأة والرجل وليس المرأة فقط التوفيق بين مختلف الواجبات وتنظيم الأوقات ولا يتركون أعمالاً تسيطر على الأخرى؛ لأن تكوين المجتمع محتاج لشعب والشعب يخرج من عتبة الأسرة.. والأسرة محتاجة إلى مدرسين يخرجون أبناء صالحين.
«فتاة مسلمة»
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل