العنوان في مجرى الأحداث.. الأمم المتحدة على «عمود كهرباء»
الكاتب شعبان عبد الرحمن
تاريخ النشر الثلاثاء 06-يونيو-1995
مشاهدات 9
نشر في العدد 1152
نشر في الصفحة 21
الثلاثاء 06-يونيو-1995
حتى ولو قرر حلف الأطلنطي تشكيل قوة للتدخل السريع لتعزيز قوات الأمم المتحدة في البوسنة.. وحتى ولو دفعت أمريكا بحاملات الطائرات، وبريطانيا بخمسة آلاف جندي إضافي لقواتها هناك، فإن ذلك لن يمحو من الأذهان صورة الأمم المتحدة وهي «مصلوبة» على أعمدة الكهرباء في البوسنة.. لقد لقن همج الصرب المنظمة الدولية درسًا مزريًا، وغرسوا كبرياءها في الوحل باختطافهم 364 من جنودها العاملين هناك «22470 من 38 دولة» وكبلوا عددًا منهم في الأعمدة «بالكلابشات»، تكررت صورهم على شاشات التليفزيون على مرأى من الدنيا وهم مطأطئو الرؤوس في حسرة على المصير الذي دفعتهم إليه دولهم.
الدرس جاء من الصرب تأديبًا للأمم المتحدة على تجرؤ ست من طائرات حلف الأطلنطي «الناتو» بقصف ملجأين للذخيرة تابعين للصرب بعد رفضهم تسليم الأسلحة الثقيلة التي استولوا عليها عنوة من الأمم المتحدة.
وبينما كان جنود الأمم المتحدة مكبلين في الأعمدة كانت صواريخ الغدر الصربية تدك مدينة «توزلا» البوسنية لتوقع فيها مذبحة مروعة راح ضحيتها 76 شهيدًا و150 جريحًا من المدنيين الأبرياء، ثم تتبعها باغتيال وزير خارجية البوسنة وست من رفاقه في حادث إسقاط طائرة.
المسألة واضحة ولا تحتاج المزيد من الشرح، وهي أن برابرة الصرب بصقوا بكل وقاحة في وجه العالم أجمع وصفعوا الغرب بالأخص بعد أن داسوا كل معاني الإنسانية وهم يواصلون اجتثاث شعب البوسنة من الوجود واغتيال دولته الوليدة.
والغرب بكل جبروته لم تحرك حميته كل هذه الأحداث سوى تحسس مواضع الصفع ويتعامل بكل برود مع الحدث.
فبطرس غالي ما زال يدرس الخيارات المتاحة للتعامل مع الأزمة!
وويلي كلاس- أمين عام حلف الأطلنطي - يؤكد أنه ليس لدى الحلف نية ليكون طرفًا في صراع البوسنة.
وهيلموت كول وجون ميجور- رئيسا وزراء ألمانيا وبريطانيا- استنجدا بالرئيس الروسي بوريس يلتسين لحل الأزمة «أزمة رهائن الأمم المتحدة».
وآلان جوبيه - رئيس وزراء فرنسا - يؤكد هو الآخر أن فرض الحل العسكري هو عمل أحمق.
والكل يدعو لترضية الصرب والمسح على رؤوسهم إمعانًا في تدليلهم.. السبب معلوم وهو أن «الصرب» يقومون بالأصالة عن أنفسهم وبالنيابة عن أوروبا بالقضاء على الإسلام في البوسنة نهائيًا، وفي سبيل ذلك يهون كل ما يفعله الصرب حتى ولو كان صلب جنودهم على أعمدة الكهرباء، وهو هو نفس الدور الذي يقوم به بوريس يلتسين في «الشيشان».
إذا كان الغرب يطارد الإسلام في كل مكان خارج دائرته، فهل ينتظر منه الرحمة بمسلمي البوسنة وهم بين مخالبه؟!
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل