; بلا حدود.. وجاء دور (( الكروات)) | مجلة المجتمع

العنوان بلا حدود.. وجاء دور (( الكروات))

الكاتب أحمد منصور

تاريخ النشر الثلاثاء 25-مايو-1993

مشاهدات 17

نشر في العدد 1051

نشر في الصفحة 19

الثلاثاء 25-مايو-1993

“ الكروات أدركوا اللعبة وتقاسموا البوسنة مع الصرب، بحيث يحصل الصرب على سبعين في المائة، والكروات على ثلاثين في المائة ”

وقف أعضاء مجلس الأمن الذي أوفد إلى البوسنة مؤخرًا وفدًا لتقصي الحقائق حول جرائم الكروات ضد مسلمي البوسنة والهرسك مذهولًا ومشدوها أمام منزل محترق في أعلى تل في قرية «أهينتشي» البوسنية المسلمة، فعند بوابة المنزل المدمر كانت ترقد جثتان محترقتان، يمكن التعرف عليهما بصعوبة شديدة، وهما للأب والابن، وكان يبدو أنهما قتلا وأحرقا فيما كانا يستعدان لصد المهاجمين الكروات، أما في قبو المنزل فقد كانت ترقد جثث الأم وأربعة من الأطفال محترقين تمامًا في صورة مرعبة، فقد كان اثنان من الأطفال ملتصقين بصدر أمهما، فيما أحرق الاثنان الآخران وأيديهما ملتصقة إلى وجهيهما، مما يؤكد أن الجميع أحرقوا وهم أحياء حيث إن الطفلين وضعا أيديهما على وجهيهما رعبًا وهولًا. 

استدار وفد مجلس الأمن عائدًا إلى نيويورك بعدما رأی مناظر أخرى لاتقل بشاعة عن المنظر السابق . حيث كان الكروات قد دمروا قرية أهيتشي عن آخرها وحرقوا سكانها المسلمين، وعاد الوفد مثل وفود كثيرة سبقته ليدبج تقريرًا قرأه تیرنس أوبریان سفیر نیوزلندا لدى الأمم المتحدة وكان مما قاله فيه : «كنا نعلم أن هذه الأمور وقعت، وقرأنا عنها في وسائل الإعلام وشاهدناها، لكن أن نشهدها وجهًا لوجه فإن هذا يسبب صدمة عميقة جدا». 

وقد جاء الهجوم الكرواتي الكاسح الذي شنه الكروات ضد المسلمين في مناطق وسط البوسنة مؤخرًا؛ ليحذو حذو الصرب المجرمين في جرائمهم ضد المسلمين، ويسجلوا كذلك جرائم ضد المسلمين لا تقل بشاعة عن الجرائم التي سجلها الصرب، وهم متأكدون تمامًا أن الغرب كله يقف من ورائهم، وأقصى ما يمكن أن يفعله هو عدة قرارات من الإدانة لا تحرك ساكنًا ولا تمنع جريمة، ومادام الضحايا هم المسلمون فهذا هو المطلوب، ومادام التطهير لقرى المسلمين ومدنهم فإن الأمر سيمضي دون عقاب، ومع الدور المزيف الواضح للأمم المتحدة في البوسنة والهرسك، فإن ظاهرة أخرى أكثر تزييفًا أبدتها كثير من وسائل الإعلام الغربية لاسيما الأوروبية تجاه المجازر التي يرتكبها الكروات ضد مسلمي البوسنة، ففي الوقت الذي كانت ولازالت تسلط فيه هذه الوسائل - لاسيما النمساوية والألمانية - الضوء على جرائم الصرب الأرثوذكس ضد المسلمين، وتبدي تعاطفًا مع الجانب المسلم، فإنها عتمت كليًا تقريبًا على جرائم الكروات الكاثوليك ضد المسلمين أو قامت بعرضها بصورة مشوهة مزيفة بحيث تظهر المسلمين بمظهر المعتدين والكروات بمظهر المدافعين عن حقوقهم، هذا في الوقت الذي أشارت فيه بعض وسائل الإعلام الغربية الأخرى عن أن جرائم الكروات في حق المسلمين لا تقل بشاعة عن جرائم الصرب، وقد نشرت صحيفة "الجارديان" البريطانية تقريرًا نقله مراسلها إيان تراينور عن الجرائم البشعة التي ارتكبها الكروات ضد المسلمين في وسط البوسنة، وتحديدًا من مدينة فيثيز والقرى المجاورة لها، ونقل تراينور عن الكولونيل بوب ستيوارت قائد القوة البريطانية التابعة للأمم المتحدة في المنطقة أن عائلات مسلمة بأكملها تم قتلها وأن جنوده رأوا أطفالًا قتلى .

 وقد أطلق عليهم الرصاص وهم على أذرع أمهاتهم. وقال مارتن روترز المتحدث الرسمي باسم القوة البريطانية في البوسنة: «إن ما حدث للمسلمين مؤخرًا على أيدي الكروات لم يره أحد من قبل» وأضاف «أن الجنود البريطانيين الذين شهدوا هذه الفظائع الوحشية لن يتمكنوا من نسيان الصور البشعة للمذابح التي ارتكبها الكروات ضد المسلمين في المنطقة» 

وقال مراسل الجارديان:« إنه لم ير بيتًا مسلمًا واحدًا نجا من الدمار والحرق على أيدي الكروات، حتى المساجد تم تدميرها وحرقها ولم يعد هناك أثر للحياة سوى لبعض الدجاج وعدد من الماشية » حتى أن الضابط البريطاني بوب ستيوارت حينما رأي هول هذه المذابح لاسيما مناظر الأطفال المحترقين خرج من أحد المنازل وهو يصرخ غاضبًا ويقول: «هؤلاء الأوغاد كيف يفعلون ذلك بالأطفال؟ إلا أنه فوجئ بمقاتل كرواتي مخمور يقول له : أيها الضابط .. دعك مما جرى وأخبرني من الذي سمح لك ولقواتك بدخول هذه المنطقة؟ هل لديكم تصريح مسبق؟

 صمت ضابط الأمم المتحدة الذي يعلم أنه وقواته يقومون بدور مزيف، وسحب جنوده ورجع حتى دون أن يبدي قدرته على الاعتراض.

 لقد أدرك الكروات اللعبة القذرة التي يلعبها الغرب في البوسنة، كما أن مطامعهم القديمة في البوسنة تدل عليها خريطتهم الغريبة التي تحيط بالبوسنة وتطوقها من الغرب وتمنع أي نفوذ لها على البحر، ومع بداية حرب الإبادة التي يشنها الكروات على المسلمين، أكدت مصادر عديدة حقيقة الاتفاقية السرية التي وقعها مؤخرًا في النمسا كل من الرئيس الصربي سلوبودان ميلوزوفيتش، والرئيس الكرواتي فرانكو تودجمان، والتي تقضي بتقسيم البوسنة والهرسك بين الصرب والكروات بحيث يحصل الصرب على سبعين في المائة من مساحتها. وقد حصلوا بالفعل - ويحصل الكروات على ثلاثين في المائة ، أما المسلمون الذين بلغت خسائرهم حتى الآن. من جراء الجرائم الصربية البشعة - نصف مليون بين قتيل وجريح و ۱۷۰ ألف معوق إلى الأبد و ٥٠ ألف امرأة مغتصبة وأكثر من مليون مشرد، فعلى الكروات أن يبيدوا من بقي منهم . ومع استمرار دور الصرب .. فقد جاء دور الكروات... وعليكم رحمة الله يا مسلمي البوسنة.

الرابط المختصر :