; الإسلام وصل إلى اليابان عن طريق أوروبا وليس عن طريق الشرق | مجلة المجتمع

العنوان الإسلام وصل إلى اليابان عن طريق أوروبا وليس عن طريق الشرق

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 26-يناير-1971

مشاهدات 30

نشر في العدد 45

نشر في الصفحة 12

الثلاثاء 26-يناير-1971

 

الإسلام وصل إلى اليابان عن طريق أوروبا وليس عن طريق الشرق

في المؤتمر الإسلامي الذي عُقِد أخيرًا في ليبيا ألقى الدكتور عبد الكريم سايتو كلمة موجزة عن أوضاع المسلمين في اليابان ولأهمية الكلمة تحرص المجتمع على تقديمها لقرائها حتى يعيشوا مشاكل إخوانهم المسلمين في كل مكان.

إخواني وأخواتي في الإسلام، أشكر الله العلي القدير على توفيقي إلى الاجتماع بكم في الجمهورية العربية الليبية وأشكر الحكومة الليبية والشعب الليبي على ما أتاحه لي من فرصة حضور هذا المؤتمر العظيم «مؤتمر الدعوة الإسلامية» الذي يشعرني بتشجيعكم وإحساسكم الإسلامي الأخوي الكريم. ‏

وفي نطاق أهداف هذا المؤتمر ومواضيعه وغاياته، أود أن أطرح عليكم خلاصة وضع الإسلام وإمكانيات تعزيزه ونشره في بلادي. 

إذا كانت اليابان من كبريات بلاد العالم غير الإسلامية، فلماذا أهمل أمر الإسلام فيها إلى هذا اليوم عبر القرون الكثيرة الماضية منذ فجر هذا الدين العظيم؟‏ ما هي الأسباب التي حرمت العالم الإسلامي من الاتصال المباشر المجدي لرفع راية الإسلام في اليابان؟

لقد امتدّت تعاليم الإسلام عبر البر إلى شمال شرق الصين، وعبر البحر إلى الفلبين ولم يصل منها شيء إلى اليابان حتى أواخر القرن التاسع عشر. وموضع العجب هو أن وصول الإسلام إلى هذا البلد الشرقي البعيد لم يكن على يد المسلمين بل كان على يد الأوروبيين حين شرعت اليابان في اقتباس المدنية الغربية عند انتهاء سياسة الحصار التي امتدت ثلاثمائة سنة في عهد توكو كاوا شوكو ناتا.

هذا الفضل في دخول الإسلام إلى اليابان لا يستقل به الغربيون وحدهم بل تشاركهم فيه كتب الأدب الصينية التي أسهبت في ذكر الإسلام باعتباره دين قبائل الكاي كيو، وهي تركية الأصل تعيش في شمال الصين. ‏

ولا شك أن دخول الإسلام إلى اليابان بسبيل غير المسلمين كان السبب في إساءة فهم اليابانيين للإسلام منذ أول دخوله حتى اليوم. ‏ولا زال الإسلام، حسب الاعتقاد السائد بين اليابانيين عامة، دين بعض القبائل أو الأمم التي تعيش في المناطق الصحراوية ودين «القرآن أو السيف».

ظل الإسلام في نأي عن الجزر اليابانية حتى أواخر القرن التاسع عشر عندما هيأت الظروف لأول من أُعجب بالدعوة من اليابانيين المغتربين أن يتصل بالأمم الإسلامية ويعتنق الدين الحنيف. ولسوء الحظ توفي جل هؤلاء أو كلهم دون أن يعقبوا أي أُسر أو أقارب. 

كانت الحكومة اليابانية حينئذ، شأن شعبها، تتطلع كما ذكرت نحو المدنية الغربية ولم يكن بين المسلمين من يتطوع للدعوة إلى الإسلام في تلك البلاد المغضوب عليها من الشرق الأقصى.

ونحمد الله على أن عددًا غير قليل من البلاد الإسلامية أحرز استقلاله بعد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية، وتسنى لبعض الجنود والمدنيين اليابانيين ممن اشتركوا في الحرب أن يتصلوا بالشعوب الإسلامية في الفلبين والملايو وإندونيسيا والصين أيضًا.

وبسبيل هذا الاتصال أمكنهم أن يتذوقوا معنى الإسلام ويتبينوا فيه دين الله الصحيح ويعتنقوه ثم يعودوا به إلى بلادهم.

 

 

مسجد واحد في طوكيو

ومما يؤسف له أننا لا نعلم عدد هؤلاء المسلمين على وجه الدقة ولا نعلم عناوينهم.

الذي نعلمه أن بعضًا من هؤلاء أنشأ جمعية في طوكيو باسم «الاتحاد الإسلامي الياباني» وفي عام ‎١٩٦٨‏ م ‏اعترفت الحكومة رسميًا بهذه المؤسسة وأعطتها الصفة القانونية إلا أنه لم يتسنَّ حتى اليوم غير بناء مسجد واحد في طوكيو، وقد تولّت السلطات غير الإسلامية بناء هذا المسجد من أجل اللاجئين المسلمين الوافدين من التركستان السوفياتية، ولأغراض سياسية كما تم أيضًا بناء مسجد آخر في كوبي بفضل المسلمين الهنود.

يجتمع في هذين المسجدين مئات المسلمين في أيام الأعياد ولا يفد إليها أيام الجمعة إلا نفر قليل من المسلمين، كما أن نشر الدعوة إلى الإسلام بين غير المسلمين لا وجود له.

وإني أشعر بالخجل كلما فكّرت بتواضع النشاط الذي يبذل لهذه الدعوة، كما أشعر بالأسى والأسف لعجزنا دون هذه الغاية بالرغم من أننا نُقدّم أقصى المستطاع لبث الدعوة بسبيل جمع من أمكن من الناس في أيام الجمعة والأحد لتعليم الإسلام، وإيفاد المسلمين الجدد إلى القاهرة والمدينة والباكستان وإندونيسيا وماليزيا وغيرها، وترجمة القرآن الكريم إلى اليابانية بمساعدة الحاج عمر ميتا ثم إرسال الأدوية لحركة التحرير الفلسطينية والتبرعات للاجئين ومواد الإغاثة لشرق الباكستان غير أن الواجب الأهم الأول الذي يترتب علينا هو بث الدعوة الإسلامية بين الجماعات غير المسلمة.

 

قد يبلغ عدد المسلمين في اليابان اليوم ثلاثة آلاف، وهم يعيشون أشتاتًا في طول البلاد وعرضها ويكونون ندرًا يسيرًا من عدد سكان اليابان الإجمالي الذي يبلغ مائة واثنين من الملايين.

على أن آمالنا في التوفيق إلى دعوة هذه الملايين للإسلام كبيرة، والحمد لله يشجعنا على هذه الآمال ما يشعر به الشعب الياباني من فراغ ديني عظيم رغم ما أحرزه هذا الشعب من خطى سريعة على درب النهضة الصناعية. وإذا أحرز اليابانيون مكاسب مادية مدهشة فهم يفتقدون اليوم المقومات الروحانية، وهم في حاجة ماسة لعقيدة دينية يأنسون إليها.

والإسلام هو الأمل الوحيد لإنقاذ الإنسانية من إفلاسها الروحي.

ولكي تتوافر لدينا أسباب الدعوة والوسائل اللازمة للنهوض بها على وجه مجد معقول نرجو المؤتمر الكريم أن يتخذ ما يراه لتنفيذ المقترحات التالية: - 

1- تأسيس مركز إسلامي بطوكيو يكون مقرًا دائمًا للنشاط الإسلامي وقاعدة «لائقة» جذابة.

2- ‏ تعيين مرشدين من ذوي الأهلية واللياقة العلمية والأدبية الكافية لحمل كل من يتوجهون إليه على قبول الدعوة، على أن يعيش هؤلاء المرشدون «هم وعائلاتهم» بين اليابانيين ويتعلمون اللغة المحلية.

3- ‏ إنشاء مصلى وغرف للتدريب ولتعليم اللغة العربية ومقبرة وذلك خارج مدينة طوكيو على أرض اشتراها الاتحاد الإسلامي. 

4- الانتفاع بالشباب اليابانيين العائدين من التحصيل في الخارج ليسهموا ‏في الدعوة بشتى الوسائل.

5- تفضل البلاد الإسلامية بدعوة الطلاب اليابانيين لتلقي العلوم الإسلامية في معاهدها.

 هذا عرض مقتطف لما يقتضيه الإعداد اللازم للدعوة الإسلامية في اليابان، إذا شاء مؤتمركم الكريم قدّمت إليكم تفاصيله، والله يلهمنا وإياكم سبيل الرشاد لخدمته والدعوة لدينه الحنيف وتعاليم نبيه صلى الله عليه وسلم، والسلام عليكم.

الرابط المختصر :