; الابتكار.. طعم آخر للحياة.. الحدس | مجلة المجتمع

العنوان الابتكار.. طعم آخر للحياة.. الحدس

الكاتب د.عبدالحميد البلالي

تاريخ النشر السبت 17-مارس-2007

مشاهدات 12

نشر في العدد 1743

نشر في الصفحة 61

السبت 17-مارس-2007

تحدثنا في الحلقات السابقة عن صفات المبتكرين، ونركز في هذه الحلقة على آخر هذه الصفات، وأكثرها تأثيرًا في ولادة الأفكار الجديدة، وهي صفة «الحدس»..

دراسات 

يقول «J. L. Read» في موقعه على الإنترنت «enchanted mind.com\html» عن الحدس كصفة رئيسة للمبتكر:

 «هو أقوى جزء فعال في غالب حياة الإنسان، فنحن كبشر أكثر اعتمادًا على الومضات الصغيرة التي تظهر في داخلنا, وتقودنا إلى اتجاهات جديدة في حياتنا».

بعد عدة دراسات أجراها روبرت ستيرنبيرج عام ١٩٨٨م، واستبانات وزعها على العشرات، تبين له أن هناك مصطلحين لهما علاقة كبيرة مع الابتكار, ألا وهما:

- نفاذ البصيرة Insight 

- والحدس Intuition

وكلاهما من الصعب إثباته علميًا تحت أدلة ملموسة على أنه موجود، إلا أننا نشعر بآثاره.

تعريفات

قدم «فاناك»، و «واجبنالز»  ثلاثة تعريفات للحدس وهي:

  1. معرفة مباشرة أو الوعي بشيء، دون انتباه أو برهان أو استنتاج من مقدمات أو إدراك عقلي. 

  2. أي شيء يدرك أو يتعلم من غير انتباه أو استنتاج أو تركيز إلى آخره.

  3. القدرة على الإدراك من غير استنتاجات مسبقة أو انتباه.

 ومن الملاحظ أن جميع هذه التعريفات التي ذكرها فاناك تؤكد على معنى واحد، وهو أن الحدس ليس من ضمن علميات الإدراك, لذلك فمن الصعب إثباته علميًا.

خلاصة التعريف

ونخلص من ذلك إلى أن الحدس هو القدرة على المشاهدة من بعيد، أو هو الخيال فيما هو ليس أمامنا الآن في الفراغ أو الوقت. 

والحدس هو الحاسة السادسة التي يجب أن نهتم بها كثيرًا، لأنها تساعدنا كثيرًا على الابتكار.

وهناك معاهد في الولايات المتحدة ودول أخرى تدرب الكثير من العسكريين على المشاهدة من بعيد، بما يزيد على الثلاثين عامًا، لإعانتهم في حلبات السياسة، ومن أقدم هذه المعاهد معهد ستانفورد.

علاقته بالإلهام

وإذا كان حديث J.L.Read وفاناك وواجبنالز عن الحدس يدور حول الرؤية المستقبلية، وتوقع حدوث الأشياء، أو رؤية المشاهد من بعيد، والإحساس بوقوع الشيء قبل وقوعه، وعلاقة كل ذلك بالصلة الروحية، فإن أكثر الناس امتلاكًا لهذه الصفة هم من يملكون قدرًا كبيرًا من علاقاتهم مع الله تعالى، حيث تصفو الروح ليكشف الله لها ما لا يكشفه لغيرها فترى أمورًا وتحس بأمور, وتتوقع حدوث أمور لا يراها الآخرون. وقد تحدث علماؤنا في الصدر الأول من الإسلام عن هذه القضايا في كتب الرقائق والعقيدة, في مجال الفراسة والكرامات والرؤى, والكشف والفتوحات الربانية.

 ما هو الإلهام؟

وقبل استعراض أدلة إمكانية الإلهام فلا بد من تعريف الإلهام وهو:

 يقول شارح «تاج العروس» الزبيدي: الإلهام: ما يلقى في الروح بطريق الفيض, ويختص بما من جهة الله والملأ الأعلى, ويقال: إيقاع شيء في القلب يطمئن له الصدر، يخص به الله من يشاء من عباده.

وفي لسان العرب: الإلهام أن يلقي الله في النفس أمرًا يبعثها على الفعل أو الترك، وهو نوع من الوحي، يخص الله به من يشاء من عباده.

أدلة إمكانية الإلهام والكشف

﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ (العنكبوت: 69)

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا, وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ (الأنفال:29).

﴿أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ ۚ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ (الزمر: 22).

أثر العلاقة الربانية على الحدس

يقول الشيخ القرضاوي في كتابه: «موقف الإسلام من الإلهام والكشف والرؤى»([1]): «لا نزاع في أن الإيمان والعبادة والتقوى, ومجاهدة النفس, لها أثرها في تنوير العقل، وهداية القلب, والتوفيق إلى إصابة الحق في الأقوال والسداد في الأعمال», ويتحدث ابن القيم- رحمه الله- عن الإلهام فيقول: «وهي موهبة فطرية لدى بعض الناس تقويها الرياضة والمجاهدة، وتنميها تقوى الله تعالى، ويصقلها الإيمان واليقين بالله تعالى وبالدار الآخرة، حتى إن المؤمن لتصدق فراسته، كأنما ينظر بنور الله, وينطق بلسانه ويبصر الغيب من وراء ستر رقيق»

الرابط المختصر :