العنوان الافتتاحية: الحصن من الفتن المهلكة
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 12-يوليو-1988
مشاهدات 16
نشر في العدد 874
نشر في الصفحة 4
الثلاثاء 12-يوليو-1988
عندما يطالب شعب الكويت - وهو شعب مسلم محافظ - بمنع أسباب الفتن، فذلك لأنه يعتقد أن تلك الفتن - سواء كانت تمس الجانب الاجتماعي أو الأخلاقي أو التربوي لهذا الشعب المسلم - تحمل في ثناياها كل الخطر على أخلاقيات هذا الشعب بل تحمل الخطر على أمنه أيضًا..
وعندما يلح المتدينون المخلصون لدينهم ولوطنهم، مطالبين بالمحافظة على قيم وعادات أهل هذا البلد.. فذلك بدافع الحرص والحب والغيرة، من أجل صفاء ونقاء الحياة فيه.
وعندما يؤكد المتدينون المخلصون على منع الفتن، بما تشمله من حفلات غنائية عابثة وسهرات راقصة ماجنة؛ فذلك أيضًا تلبية لأمر الله سبحانه الذي حرم كل هذه الموبقات ابتداءً من أشكال الاختلاط المريبة.. وانتهاءً بحفلات الرقص والسهرات الماجنة التي تذبح فيها الفضيلة!
وعندما يحذر المتدينون من خطر جلب الفرق الغنائية والراقصة من الخارج إلى هذا البلد المسلم... فلأنهم علموا ما أحدثته تلك الفرق من مجون وآثام في بلدانها التي وفدت منها تحت أسماء مختلفة، مثل: «الفن والترويح واللهو.. وما شابه ذلك؟!»
نعم... إن من شأن تلك الفرق إماتة القلب، وإشاعة الفاحشة في كل مكان تحل فيه.. وهذا هو الفسوق الذي يعقبه الدمار المهلك.. وهو الفساد الذي قد يقوده بعض المترفين، وقد خص الله سبحانه هذه القضية بعدد من آيات الكتاب
الكريم؛ تحذيرًا للمسلمين من شر هذا الفسق والفساد والإفساد، قال تعالى: ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا﴾ (الاسراء:12).
بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم حذر من هذا الهلاك عندما سأله نفر من المسلمين الذين قالوا: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟
قال: «نعم إذا كثر الخبث».
إذًا فالتحذير من الخبث والخبث هنا هو ما يشمل كل أشكال الموبقات والمحرمات ينذر بالهلاك والدمار الشامل.
من هذه المنطلقات طالبنا - وما زلنا نطالب - بمنع ذلك الفساد الوافد بأي شكل كان؛ لأنه دعوة صريحة إلى التحلل من الأخلاق الإسلامية المطلوبة، ولأنه أيضًا مجلبة لغضب الله سبحانه ولسخطه علينا.
وإذا كان بعض العابثين قد غفلوا عن الخطر الذي حذر منه الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم.. فإن من أولى واجبات المسؤولين الأخذ على أيدي أولئك الذين يحلو لهم العبث للحصول على المال أو المتع المحرمة.. ونعود في هذا المقام - لنذكر بأننا جميعًا نعيش في هذه البلد التي تحيط بها مخاطر الحرب في الخليج كأولئك الذين ضرب الرسول صلى الله عليه وسلم منهم المثل عندما قال
- كما جاء في صحيح الإمام البخاري -: «مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فصار بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها اذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أننا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذِ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعًا».
هنا يتحدد واجبنا في النصح والإبانة والكشف عن ذلك الخطر المحدق.. كما يتحدد واجب المسؤولين في ضرورة منع أولئك العابثين؛ لئلا تغرق السفينة بنا جميعًا.
على أن الالتزام بأوامر الله ونواهيه هو الحصن الحصين لهذا البلد المسلم... ولهذا الشعب المؤمن المسالم... أما تجاوز ما أمر الله به فهو التحدي لأوامر الله.. وهو الفسوق الذي ليس بعده سوى الهلاك والدمار، ولنا في أمم سادت ثم بادت عبرة وعظة... بل لنا في لبنان الذي كانت تسرح فيه فرق الرقص والغناء وتمرح موعظة قريبة.. وما هذا الدمار الذي أصاب ذلك البلد إلا بسبب العصيان واللهو والمجون الذي صرف الناس عن واجباتهم... وأبعدهم عن أولويات العمل لحماية وطنهم.... فتشتتت بهم الأهواء... وعصفت بهم الفتن والحروب.
إننا لا نريد لكويتنا المسلمة أن تعيش تجارب غيرها.. ولا نريد لها أن تبدأ في «مشاوير» الفتن من حيث انتهى غيرها.. إنما الذي نريده - ولا نريد غيره - هو المحافظة على الرونق الإسلامي الطاهر للكويت... ولن يكون ذلك إلا إذا تم منع استقدام فرق الرقص والمجون... ولن يكون هذا أيضًا إلا بالأخذ على أيدي بعض العابثين اللاهين الذين لا يهمهم سوى جني أرباح الحرام.. وذلك هو الثمن البخس لقاء ذبح الفضائل في هذا البلد المسلم.
إننا ندعو.. ونأمل من المسؤولين الذين يستجيبون لكل دعوة مخلصة أن يمنعوا كل ما يخدش صورة الكويت المسلمة.. وبذلك يمنعوا كل محرم يستجلب سخط الله والعياذ بالله... فهل نسمع قريبًا عن منع مسلسل العبث باستقدام الفرق الفنية.. نأمل ذلك... وفي هذا حصن إن شاء الله من الفتن المهلكة والدمار القاتل.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل