; البث الإعلامي العالمي المباشر شر غائب ينتظر!! | مجلة المجتمع

العنوان البث الإعلامي العالمي المباشر شر غائب ينتظر!!

الكاتب عبد العزيز محمد الجبرين

تاريخ النشر الثلاثاء 02-مارس-1993

مشاهدات 14

نشر في العدد 1040

نشر في الصفحة 18

الثلاثاء 02-مارس-1993

•    الإعلام الناجح يقتضي حرية الكلمة! 

•    لسنا على مستوى المواجهة مع الإعلام الغربي!

•     يجب أن نتعامل مع البث المباشر ضمن استراتيجية أوسع 

د. أحمد سيف الدين

ابن عثيمين : إذا كان يثير الغرائز ويدعو للتنصير فان وسائل استقباله محرمة بيعا وشراء

•    التأثير في المعلومات والاتجاهات والسلوك. أبرز الآثار ومن شأنها تغيير المار !! 

د. سعيد آل زعير

ابن جبرين : بث الفتنة والتشكيك في الدين ونشر الجريمة يقتضي تحريم استقباله

•    الواجب على الحكومات والشعوب التناصح والتعاون بهذا الصدد 

ابن باز

لماذا لا تُسَخَّر الدراسات الجادة والإمكانات الضخمة للأمة في المواجهة؟! 

د. أبو عباة

* د. المعشوق: ليس هناك بثٌ مباشرٌ بالمعنى الدقيق البت عبر الأقمار الصناعية ليس جديدا... ولكن…

* د. ناصر العمر: التربية أهم وسائل العلاج... ونحتاج وقفات جادة!

من أبرز القضايا التي أثيرت ومازال النقاش فيها محتدما بين المفكرين وأصحاب الرأي حول كيفية الاستفادة منها أو مواجهتها والصمود في وجهها قضية «البث المباشر».

فمن قائل بأنه يوسع دائرة الاختيار أمام المشاهد؟ ومن قائل بأن ذلك البث يتعارض مع حقوق الإنسان الثقافية والفكرية؟، ومنهم من يصف البث المباشر بأنه تمهيد جديد للسيطرة الغربية على العالم عن طريق الثقافة والفكر والإعلام عبر الأقمار الصناعية.

ومن واصف البث المباشر بأنه غزو فكري من البوابات المشرعة، ومنهم من وصفه بأنه انفتاح على ثقافات جديدة يتطلع الكثير من المواطنين إليها في عالمنا الإسلامي وأنه يتيح لهم التخلص من الكبت الإعلامي الذي يعانونه والانعتاق من تجيير الكلمة واحتكارها.

ومن واصف ذلك البث بأنه آت لا محالة وداخل عقر كل دار رغم أنف من سيأبي وأن لدينا من الحصانة ما يكفي لأن نأخذ ما نريد وندع ما يخالف.

وهناك من أكد أننا نحتاج إلى بناء تربوي جديد لنستطيع المواجهة كما أن المنادين بمنع دخول الأجهزة التي تيسر سبل دخوله على رأس قائمة المتفاعلين والمطالبين.

وقد اتفق الجميع على ضرورة اتخاذ موقف من القادم المنتظر وإن اختلفت منطلقات تلك المواقف بين أقصى اليمين وأقصى اليسار.

وجاءت آراء ترفض بمرارة التعامل مع ذلك البث لأننا فشلنا في التعاون على إصلاح البث المحلي في الدول المساهمة.

ومن الآراء المطروحة محاولة الضغوط لتحريك القرار السياسي على المستوى العربية رغم كل محاولات المحلي والدولي لاتخاذ إجراءات تكفل عدم التعرض للهجوم، الإعلامي القادم بید أن هناك من الطروحات ما بالغت في التنظير والخيال والأحلام الأكاديمية متجاوزة كل ظروف الواقع المر الذي نعيشه.

ولذلك فقد طرحنا هذه القضية على بعض المهتمين والمختمين من العلماء والدعاة عبر عدد من المحاور يمكن أن نجملها في الأسئلة التالية: 

-  ما هو البث المباشر ؟
-  وما حقيقة كونه خطرا داهما يخترق كل بيت ورغم كل أنف؟
- وفي حال تحققه ما أنواع التأثير التي يمكن أن يتركها كإعلام يخترق المجتمع أو قطاعات منه. 
- ثم هل نحن حقيقة على مستوى المواجهة وعلى مستوى التحدي لو أردنا أن ندخل مضمار التحدي؟
- وبعد ذلك كله أين يقع موقف التشريع الإسلامي عبر كلياته وأصوله العامة من هذه القضية؟
- ثم ما هو الحكم الشرعي الذي يفتي به العلماء حيال ما من شأنه أن ييسر وصوله والتقاطه واستقباله؟
- وأخيرا نخلص إلى الحلول المقترحة للمواجهة عبر الرأي الفني والمتخصص والتربوي..

وقد شارك في الآراء المطروحة في هذه القضية كل من:

-  سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبدالله بن باز الرئيس العام للرئاسة العامة للإفتاء بالسعودية.
-  فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين / الأستاذ بكلية الشريعة بالقصيم وعضو هيئة كبار العلماء.
-  فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - عضو الإفتاء بالرئاسة العامة للإفتاء.
-  الدكتور ناصر بن سليمان العمر / الداعية والمربي المعروف والأستاذ المشارك بجامعة الإمام.
-  الدكتور سعيد بن مبارك آل زعير - الداعية والأستاذ المشارك بقسم الإعلام بجامعة الإمام.

الدكتور إبراهيم بن محمد أبو عباة - الكاتب المعروف والHستاذ المشارك بجامعة الإمام. 

-  الدكتور أحمد سيف الدين تركستاني - رئيس قسم الإعلام بكلية الدعوة والإعلام بجامعة الإمام.
- الدكتور خالد المعشوق - الأستاذ المساعد بكلية الهندسة بجامعة الملك سعود.
- الدكتور بشر بن البشر - المحاضر بكلية الدعوة والإعلام في جامعة الإمام بالرياض.

يعرف الدكتور أحمد سيف الدين رئيس قسم الإعلام بجامعة الإمام هذه القضية فيقول: البث المباشر هو إمكان استقبال الإشارات التلفزيونية المرسلة عبر الأقمار الصناعية مباشرة إلى أجهزة التلفاز دون المرور بمحطات أرضية تملك أن تتحكم بنوع من الرقابة عليها. وذلك نتيجة للتطور التقني الكبير في مجال الاتصالات والأقمار الصناعي.
ليس مباشرًا ولكن!

ولكن ما هي حقيقة كونه مباشرا؟ وكيف يكون ذلك البث من الناحية الفنية الهندسية البحتة؟

يجيب الدكتور «خالد المعشوق» الأستاذ المشارك «بكلية الهندسة-بجامعة الملك سعود» بالرياض، بأنه ليس هناك في حقيقة الأمر بثا مباشرا وإنما الذي يحدث هو أنه لا يمكن للبث التلفزيوني الوصول إلى مناطق بعيدة، ولذلك تكثر المحطات الأرضية التي تعيد البث داخل الدولة الواحدة خاصة إذا كانت مترامية الأطراف، فيحتاج الأمر لإيصال البث إلى مناطق شاسعة أن ترسل ذبذبات البث إلى أقمار صناعية محددة لتعيد بدورها إرساله إلى أي بقعة في الأرض حسب تقويم القمر.

والاستقبال من الأقمار الصناعية يحتاج إلى تقنية خاصة من أبرزها هوائي الطبق ومكبرات وخافض ترددات، فالتلفاز العادي لا يمكن الاستقبال المباشر بسبب اختلاف التردد.

وإذا كان القمر غير موجه المنطقة محددة فمن الصعوبة النقاط بثها بغير أجهزة ضخمة والحقيقة أن البث من المحطات الأرضية إلى الأقمار الصناعية وإعادة ذلك البث مرة ثانية أمر ليس بالجديد، ومعروف قبل أكثر من -عشر سنوات- وهو كمفهوم متعارف عليه منذ ما يزيد على «ثلاثين عاما»، ويضيف الدكتور المعشوق مفصلا وشاشة التلفاز يمكن أن تعرض ما تستقبله من المحطات كالتالي:

-  أولًا: البث المحلي من نفس الدولة وهذا أمر مفروغ منه.
-  ثانيا: الاستقبال المحطات أجنبية عن غير طريق القمر الصناعي مباشرة وغير استخدام للأجهزة الخاصة بالاستقبال من القمر مباشرة وذلك عن طريق إعادة البث عبر محطات أرضية متخصصة كبعض المحطات في الخليج على بوارج سفن أو عن طريق بعض الدول كالاستقبال التي تعيد بثه دولة البحرين لبعض المحطات العالمية.
-  ثالثا: الاستقبال عن طريق الأطباق التي تركب عبر الأفراد والمؤسسات.
-  رابعا: الاستقبال غير المرغوب أحيانا والذي يكون عن طريق تسربات إلى المناطق المجاورة وهذا قد يكون بتعمد من المستقبل الأصلي سواء كان فردا أو مؤسسة أو قطاعا.

متى يستقبل المواطن العادي البث؟

وقد أكدت ما ذكره «الدكتور المعشوق» دراسة فنية متخصصة أعدت بواسطة مركز البحوث بكلية الهندسة بجامعة الملك سعود بالرياض بالتعاون مع الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية وقد ركزت هذه الدراسة على الإمكانات الفنية لوصول ذلك البث من عدمه وخلصت إلى نتائج من أبرزها:

     •    لاستقبال البرامج التلفزيونية من الأقمار الصناعية نحتاج إلى محطة أرضية تتكون من
الطبق وجهاز مضخم الإشارات وجهاز الاستقبال القمري.
   •  الهوائيات التلفزيونية العادية لا يمكنها استقبال موجات الميكرويف وبالتالي لا يمكنها استقبال البرامج التلفزيونية من الأقمار الصناعية بالإضافة إلى ضعف الإشارة القمرية الهابطة على الأرض والتي يستحيل على هذه الهوائيات التقاطها مهما تم تقوية أو تضخم هذه الإشارات بأجهزة البوستر المعروفة.
    •    يستطيع المواطن استقبال البث التلفزيوني المباشر بواسطة جهاز التليفزيون العادي في حالة واحدة، وهي أن يكون هذا المواطن ضمن منطقة محددة يتم فيها إعادة البث التلفزيوني ضمن نظامي VHF وUHF التي تمكن جهاز التلفزيون العادي من استقباله. 

التأثير في المعلومات والاتجاهات والسلوك:

    •    ولتحديد خطورة تأثير البث المباشر في الحياة الاجتماعية العامة فإنه لابد من معرفة مدى التأثر والتأثير الذي يتركه فيهم الإعلام بشكل عام، ولذلك فإننا نطرح على «د. سعيد بن مبارك» إلى « زعير الأستاذ المشارك» بقسم الإعلام بجامعة الإمام هذا السؤال: ما هو تأثير الإعلام في حياة الناس؟
    •     أولًا: لابد من أن نحدد مفردات السؤال كي نستطيع الإجابة عليه بدقة:

- ما الأثر؟ إنه ذلك الذي يبقى بعد ذهاب الأصل وما الإعلام؟ إنه العمليات الفنية التي تعد وتنتهي إلى الجمهور عبر الرسالة الإعلامية، فكل الجهود التي تبذل حتى تصل الرسالة الإعلامية إلى الناس وهو ما نعني به مصطلح الإعلام، وأما المقصود بحياة الناس؟ فإن الحياة في مفهومها الشرعي العام المأخوذ من قوله تعالى: ﴿ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلْمَوْتَ وَٱلْحَيَوٰةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ (الملك- 2)

فيكون مفهوم ما سبق جميعا هو ما تبديه الرسائل الإعلامية التي تصل إلى الجمهور بعد ذهابها في معارف الناس واتجاهاتهم وسلوكهم.

- والجزء الأساسي من تلك الآثار هو: المعلومات بغض النظر عن صحتها أو خطئها. وهذه المعلومات التي تتناولها وتحملها الرسالة الإعلامية تتناول كل ما يتعلق بالوجود الإنساني ولا شك أن تلك المعلومات تؤثر في حياة الإنسان من حيث -الكم والكيف والنوع- وتؤثر في اتجاه الإنسان إلى الهدى أو الضلال.

- والجزء الثاني من الآثار هو: التأثير في الاتجاهات ولا يخفى أن إرادة الإنسان ونيته التي تسبق الفعل تتأثر بما لديه من معلومات حول الأمور التي يريد التعامل معها، بل إن المعلومات إذا تواترت وبلغت درجة كبيرة من الثقة عند الإنسان فإنها قد تغير النية والعزيمة والاتجاه السلبي الذي عند الإنسان وهذا ولا شك يدل على أهمية المعلومات التي تقدم للجماهير عن الأشياء في الحياة إذ إنها لا تبقى جامدة بل تتفاعل مع العمليات النفسية لدى الفرد كالتخيل والتصور والتذكر على سبيل المثال.

-والجزء الثالث من الآثار هو: التأثير في السلوك وهو قمة ونهاية التأثير، وإذا أراد قطاع الإعلام أن يحقق هذا المستوى من التأثير فإنه يعد قد حقق معظم أهدافه بنسبة عالية من الإتقان.

التأثير الاجتماعي

ويواصل د. آل زعير موضحًا حاجة الإنسان الملحة للمعلومات التي هي لب الرسالة الإعلامية قائلا وكل الأمور المتعلقة بوجود الإنسان بل والأمور السابقة لحياته والتي تؤثر فيها والتي ستترتب على حياته من الجزاء العاجل أو الآجل، يحتاج الإنسان إلى معلومات حولها، وهو لا يستطيع بمفرده أن يلاحق ما يحتاج إليه من معلومات وهذا هو الذي مكن للإعلام من أن يبرز وأن يكون ضرورة لتلبية حاجة الإنسان إلى المعلومات وأن تتنافس في ذلك الجهات التي ترغب في إرسال رسائل إعلامية محددة، وأن تتفنن في عرضها وفي الإغراء بها بل وتتوسل بشهوات الإنسان لتحقيق موادها والتأثير الذي تريده تلك الجهات في اتجاهات الإنسان غير المرغوبة وإيجاد اتجاهات ومواقف جديدة بل ومحاصرته ليسلك السلوك المطلوب ونضرب على ذلك بالتأثير الاجتماعي كمثال:

التأثير الاجتماعي:

حياة المجتمع هو الجانب التطبيقي والسلوكي لعقيدته وأعرافه وقيمه وثقافته وتقاليده وأخلاقياته فهو الانعكاس في قلوب وعقول أفراد ذلك المجتمع من معاني.

ولا يخفى أن المجتمعات تختلف في معظم تلك الجوانب في عقائدها وأخلاقها وأعرافها وعاداتها، فإذا بدأ الإعلام في تقديم ما يؤيد ويؤكد ويتوافق والقيم المهتدية فسيكون للإعلام الدور البارز في استقرار المجتمع وتماسكه وفي ثبات قيمه وسيكون سببا في تحقيق الأمن في حياة الناس.

أما إذا أصبح الإعلام نافذة مشرعة تدخل منها رياح التغيير لعقائد الأمة وأخلاقها وقيمها من خلال تقديم التصورات الضالة والسلوك الضال والبعيد عن عقائد الناس فإنه يسبب في المجتمع اضطرابا واضحا فليس من السهولة كما قد يتصور البعض أن يمر المجتمع بمراحل التأثير الثلاث دون اضطرابات أو قلاقل ومحن!!

وغير المتخصص قد يظن أن من السهولة السيطرة على الجماهير من خلال الإعلام وما يمليه دون قلاقل، وذلك في الحقيقة جهل بحقيقة النفس البشرية وحقيقة العقائد وطبيعتها!

لا نملك مقومات الإعلام الناجح!!

ويبدأ الدكتور أحمد سيف الدين تركستاني رئيس قسم الإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية حديثه عن تصوره لفكرة التحدي في الإعلام العالمي فيقول:

البث المباشر يأتي ولا شك ضمن التطورات العالمية الكبرى في المجالات الصناعية والثقافية نظرا لما يحويه من محتويات ثقافية، وهو تحد ليس بالجديد للأمة المسلمة لأن ذلك التحدي بدأ منذ أن دخل الاستعمار إلى بلاد المسلمين فواجهت الحضارة الغربية بنزعاتها الاستعمارية والانتهازية على مختلف ميادين السياسة والاقتصاد والتعليم والتصنيع.. إلخ. والبث المباشر يأتي في ظل هذه الظروف وهو – ولا شك – إضافة جديدة للتحديات التي تواجه الأمة.

وسألنا الدكتور أحمد سيف الدين عما إذا كان من الواقعي طرح فكرة المشاركة الندية فنسيطر على جزء كبير من الإعلام العالمي عبر الأقمار الصناعية ونستثمر من خلاله التقنية فقال: البعض يظن أن بإمكاننا وبكل بساطة أن نقوم بإطلاق قمر صناعي في الفضاء وأن نبدأ بإطلاق الخطب والمواعظ من خلاله فنكون بذلك أسهمنا في إيجاد إعلام إسلامي، وهذا في واقع الأمر يناقض السنن التي تسير عليها الحياة، فإذا أردنا أن يكون لدينا ذلك الإسهام في الإعلام العالمي فلابد أن نملك مقومات هذا الإعلام وأولها وجود النظرة الصحيحة، نظرة أيديولوجية وهدف واضح تسخر له الإمكانات وتقوم عليه المؤسسات ثم حينئذ تسخر له الطاقات وترصد له الأموال وحينها يقدر له أن يقوم وينتعش وأن يصبح قادرا على العطاء. أما في ظل هذه المرحلة التي نعيش ظروفها فإننا - وللأسف – لا نملك مقومات الإعلام الأساسية، فمثلا الإعلام الناجح لا يمكن أن ينشأ في جو مظلم راكد لا يتعرض للهواء الطلق المتجدد، بل الإعلام الناجح هو كالبذرة التي تحتاج إلى ماء متجدد وشمس وهواء وأفق رحب، أما أن يطارد دعاة الإسلام من جراء كلمة الحق ويحاكم هؤلاء في ديارهم بسبب تبنيهم لمبادئه ومفاهيمه، ونطالب معه بعمل إعلامي متميز فإن ذلك من تبسيط وتهميش التفكير الواقعي السليم، وكيف نرجو أن يخرج من هذا المجتمع من يدعو إلى الحق والفضيلة على المستوى المطلوب ومن يتحدى الأعداء بشتى وسائلهم تحديا حضاريا وفكريا فاعلا ونحن أول من يواجهه ويطمس جهوده!!؟

ونحن وإن كنا نمتلك الإمكانات البشرية والفكرية والمادية الهائلة ونمتلك الرسالة الإعلامية التي يتعطش لها الجميع إلا أن تجاربنا في هذا المجال ما تزال في واقع الأمر غير مشجعة سواء منها العربية كالأقمار العربية التي أطلقت قديما أو حديثا أو الإسلامية كالأقمار التي أطلقت من إندونيسيا..

ولا أدري لماذا بدأت مصر بالقناة الفضائية المصرية ثم تبعتها الكويت وربما تتبعها كل من الإمارات ثم البحرين؟ أهو حقا تنافس على المشاهد العربي أم أنه موجة تقليدية؟ وما الذي يحمله ذلك البث وما الأهداف التي وضعت له؟

المواجهة والاستراتيجية الأوسع

وبصراحة ووضوح يكشف الدكتور تركستاني ما يحسه من مرارة تجاه واقعنا الإعلامي ويحدد موقفه بجلاء من قدرتنا في مواجهة البث بحصانتنا الذاتية فيقول دعنا نكن صرحاء مع أنفسنا فنحن للآن لسنا في موقع المواجهة ولا المجابهة مع الإعلام الغربي الطاغي، ومن الغباء أن نفتح أبوابنا مشرعة أمامه مرددين بأن الناس يملكون من الحصانة الذاتية والمقومات ما يمنعهم من الإغراء والتزييف الفكري والسلوكي.

فهذا التحدي تحد حضاري فكري لا يواجه بالآمال التي تخرج على استحياء، وإن كان الأمل هو بداية العمل ولكنه ليس كله ولا صلبه بل العمل على مراحل متعددة وهائلة وعلى شتى الأصعدة، ولا يمكن أن يكون طفرة واحدة.

والمشكلة ستبقى وإن أوصدنا الأبواب فالغبار قد يتسرب من النوافذ فليس الحل هو أن نبقي أنفسنا داخل البيوت الموصدة الأبواب وإنما أن نخرج نحن - أي محاولاتنا في العمل - وفي الوقت نفسه تحاول جهدنا أن نبقي البيت نظيفا ضد ما يهددها!! كما يجب أن نتعامل مع البث المباشر وغيره ضمن إستراتيجية أوسع، وهناك خطوات كثيرة ينبغي أن نخطوها حتى نصل إلى ما نود أن نصل إليه وإن أولها يكمن في أنه لابد من بناء الفئة المؤمنة والمجتمع المؤمن وهذا أمر متيسر وليس بصعب حتى في أحلك الظروف علينا بعد ذلك الانتظار وعدم التعجل حتى تبدو الثمار!

البث والضروريات الخمس

وقبل أن نخلص في النهاية إلى الرأي الشرعي فإنه لابد من التمهيد لذلك الحكم بمعرفة موقع هذه القضية من الفكر الإسلامي بشكل عام وكيف تتواءم أو تختلف مع الكليات والأصول العامة للشريعة ومن أجل ذلك استطلعنا رأي الشيخ بشر بن عبدالله البشر المحاضر بكلية الدعوة بجامعة الإمام فقال:

جاءت الشريعة الإسلامية الكاملة العادلة لتحقق المصالح والمنافع للعباد وتدرأ عنهم المفاسد والمضار في دنياهم وآخرتهم وقد علم ذلك بالاستقراء العام لأحكام الشريعة. وأعظم المصالح التي جاءت الشريعة لتحقيقها وحفظها الضروريات الخمس وهي حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال. وبعض العلماء يضيف العرض والنسب وهذه الضروريات اتفقت الملل على وجوب رعايتها وحفظها إذ إنه يترتب على فواتها فسائد عظمى لا تقوم معها الحياة ولذلك كان الاعتداء عليها جريمة في منظور شريعة الإسلام تستوجب العقاب الرادع.

والبث المباشر الذي ابتليت به الأمة مضر – كما أرى – غاية الضرر بهذه الضرورات التي لا قيام للأمة إلا بحفظها، ولذلك فلا عجب أن يفتي علماء الملة بتحريم وسائله التي تيسره ولا عجب أن تنطلق أصوات الناصحين بالتحذير منه.

ومعظم القنوات المستقبلة في هذا البث أعدت برامجها في بلاد الإباحية والإلحاد وأعني الغرب الكافر، وأصحاب هذه المحطات التلفازية قد استعبدتهم الأهواء والأموال فلا يقيمون في سبيلها أي وزن للأديان والعقائد والأخلاق!

أما القنوات الأخرى فهي قنوات "مستغربة" تسير على خطى الكافرين وهديهم ولذلك كان هذا البث الجديد مفسدا لأهم ما يجب حفظه وخطرًا على أعظم نجله، فضرره على الدين بالطعن في مبادئه ودعاته والاستهانة بقواعد شرائعه وبنشر الأفكار الضالة والمناهج الجاهلية في قوالب براقة على أنها المثال الذي يحتذى، وبتقديم المثل والأخلاق الغربية على أنها طريق الخلاص والرفاهية للبشرية البائسة، ثم بالقضاء المبرم على مبدأ الولاء والبراء من الكافرين ومناهجهم وأخلاقهم وأيضا ببرامج التنصير في بعض القنوات.

وأما ضرره على النفوس فيتضح من تتبع أسباب الكثير من حوادث العنف وبعض الجرائم التي تقع من الأحداث فعندما تتكرر عليهم مشاهد العنف والجريمة، وحينما يرون سباق السيارات والتهور في قيادتها أثناء التمثيل يكون سببا في القضاء على أنفسهم، ثم أفلام الجنس والعري والإباحية إذ هي سبب في الوقوع في الفواحش التي هي أول أسباب الأمراض المهلكة كالإيدز والزهري والهربز.

وأما ضررها على العقل فقد قال فيه الشاعر:

سکران : سكر هوى وسكر مدامة فمتى إفاقة من به سكران

فإذا أديرت كؤوس الخمور بين أولئك الذين يسمونهم أبطالا، كان ذلك داعيا للأحداث للمراهقين وضعفاء الدين بتقليدهم: فالسير في مناهجهم والتشبه بهم هو التقدم والحضارة والرقي الذي تغرسه هذه القنوات في نفوس المشاهدين، بالإضافة إلى النوع الثاني من السكر وهو سكر الهوى وهو الوقوع في أوحال المستنقع الجنسي الآسن.

 وأما ضرر البث المباشر على النسل والعرض فهو ظاهر لا يحتاج لبيان فهذه المحطات تدعو بلسان حالها ولسان مقالها للفواحش كما لا يخفى على أهل البصائر وأما الضرر على النفوس والعقول والنسل فمستلزم لبذل الأموال واستنزاف الثروات، كذلك الكثير مما تعرضه هذه المحطات من مسلسلات وأفلام الرعب والجريمة وفيها التعليم المبكر والمركز لطُرق الاحتيال والسرقة بطرق متقنة في أساليبها وأدوائها وكم من حدث ارتكب جريمة السرقة لأنه رأى فيلما مفسدا، والحقيقة أن دور الأحداث مليئة بهذه النماذج.

ولست في هذا العرض أقصد الحصر ولا الاستقصاء إنما أردت التمثيل مما يكون نموذجا يوضح خطورة هذا البلاء النازل ممن يوجب على الجميع التعاون لدفعه أو لرفعه أو على التقليل من وقع المصيبة.

وننتقل بعد هذه الآراء -عزيزي القارئ – التي شخصت حجم الخطر إلى الرأي والحكم الفقهي في استقدام وتركيب وسائل استقبال البث المباشر وفي مقدمتها الأطباق التي بدأت تغزو أسطح المنازل خاصة في دول الخليج.

(رأي الشيخ ابن باز)

فأما سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالسعودية فقال: بما أنه ينقل جميع ما يبث في العالم من أنواع الفتن والفساد والعقائد الباطلة والدعوة إلى أنواع الكفر والإلحاد مع ما يبثه من الصور النسائية ومجالس الخمر والفساد وسائر أنواع الشر الموجودة في الخارج بواسطة التلفاز.

وقد ثبت لدي أنه قد استعمله الكثير من الناس وأن آلاته تباع وتصنع، فلهذا وجب التنبيه على خطورته ووجوب محاربته والحذر منه وتحريم استعماله في البيوت وغيرها وتحريم بيعه وشرائه وصنعته أيضا، ويعلل سماحته ذلك الحكم بقوله: لما فيه من الضرر العظيم والفساد الكبير والتعاون على الإثم والعدوان ونشر الكفر والفساد بين المسلمين والدعوة إلى ذلك بالقول والعمل.

(رأي الشيخ بن جبرين)

كما أهاب فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين عضو الإفتاء في الرئاسة العامة للإفتاء بالسعودية في معرض فتواه بهذا الصدد بكل مسلم أن يبتعد عن الشرور وأسبابها وينأى بنفسه عن يزين ذلك له.

وأكد الشيخ ابن جبرين على أنه إذا حصل استقبال ما تبثه الدول الكافرة – عن طريق ذلك الجهاز – كاليهود والنصارى والرافضة، وحصل بسبب بثه فتنة وشك وميل إلى الحرام وفعل الجرائم من الزنا ونحوه ومن السرقة والاختلاس وإفساد المال في سبيل الحصول على المسكرات والمخدرات وغيرها وتشجيع على ذلك عن طريق تلك القنوات الإعلامية أو حصل عن طريقها نشر للشكوك في العقائد الإسلامية ونشر للشبهات التي توقِع المسلم في حيرة من دينه أو حصل بسببها تعظيم للكفار وتمجيد لأفعالهم وإنتاجهم ونحو ذلك من المفاسد فإنه - كما يقول الشيخ – حرام بيعه وشراؤه والدعاية له واستيراده ونشره لدخول ذلك في التعاون على الإثم والعدوان ولكونه يتعاطَى فعلا يجره إلى الفساد.

(رأي الشيخ بن عثيمين)

وأشار فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عضو هيئة كبار العلماء إلى أن السؤال حول هذا الموضوع قد تكاثر في الآونة الأخيرة بشكل ملفت للنظر.. ثم قال: لا شك أن الدول الكافرة لا تألو جهدا في إلحاق الضرر بالمسلمين عقيدة وعبادة وخُلقا وآدابا وأمنا وإذا كان كذلك، فلا يبعد أن تبث تلك الدول من خلال محطاتها ما يحقق لها مرادها وإن كانت قد تعرض وتدس ضمن ذلك ما يكون مفيدا من أجل الترويح والتلبيس لأن النفوس – بمقتضى الفطرة – لا تقبل ما كان ضررا محضا.

ويضيف الشيخ العثيمين لكن المؤمن عازم فطن علَّمه الله تعالى كيف يقارن بين المصالح والمفاسد وبين المنافع والمضار وعنده من القوة والشجاعة ما يستطيع به التخلص من أوضار هذه المفاسد والمضار.

ويحدد فتواه بشكل قاطع إذا كان ما يعرض عن طريق تلك القنوات فيه بعض ما يخدش الحياء أو يثير الغرائز أو الخلاعة أو الدعاية للتنصير فيقول:

فإذا كان أمرها كذلك فإنه لا يجوز اقتناء الأطباق التي تلتقط موجات محطات التلفزيون الخارجي، ولا الدعاية لها ولا بيعها وشراؤها؛ لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان المنهي عنه بقوله تعالى ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾. (المائدة: 2) 

من واجبنا

أما عن الدور المفترض القيام به فيشير سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز – حفظه الله إلى أن الواجب على كل مسلم ومسلمة الحذر من ذلك والتواصي بتركه والتناصح في تلك عملا بقول الله عز وجل ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)﴾ (المائدة: 2) ويقول سبحانه ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ (71)﴾ (التوبة: 71) وقوله صلى الله عليه وسلم «الدين النصيحة... الدين النصيحة.. الدين النصيحة.» قيل لمن يا رسول الله قال: «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» (أخرجه مسلم، والنسائي)

والآيات والأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في وجوب التناصح والتواصِي بالحق والتعاون عليه كثيرة جدًّا فالواجب على جميع المسلمين حكومات وشعوبا العمل بها والتناصح فيما بينهم والتواصِي بالحق والصبر عليه والحذر من جميع أنواع الفساد والتحذير من ذلك رغبة فيما عند الله وامتثالا لأوامره وحذرا من سخطه وعقابه.

التشويش والخسارتان!!

وفي دائرة الحلول يرى الدكتور خالد المعشوق أن التشويش على البث الموجه من أي من الأقمار الصناعية أمر ممكن من الناحية الفنية وذلك بعدد من الطرق منها التغطية على مكان البث في منطقة محددة، ولكنه يرى أن التكلفة الضخمة ذلك الحل غير منطقي بسبب التي يتطلبها التشويش، ومن غير المنطقي كما يقول د المعشوق أن تخسر الدولة التي يهمها التشويش ومقاومة البث المباشر مرتين مرة بضياع نسبة كبيرة من النفقات العامة للمواطنين في شراء أجهزة الاستقبال، ثم بضياع نسبة كبيرة من نفقات الدولة في التشويش على ما ستستقبله أجهزتهم، فالأفضل هو منع استيراد أجهزة الاستقبال منذ البداية، ثم إن منظمة الاتصالات الدولي التي تضم أغلب الدول المستفيدة من التقدم التقني في مجال الاتصالات يمكنها أن تتدخل في منع ذلك البث الموجه غير المرغوب فيه من أي دولة من الدول.

تحسين الإنتاج

وبتفاؤل يرى أن من أبرز الحلول غير ما ذكر هو أن ترقى الدول والمؤسسات الإسلامية بإنتاجها الإعلامي والفني بحيث تكون موادها أكثر جاذبية وقد خطت محطة تلفزيون (M.B.S) الشرق الأوسط خطوات جيدة من الناحية الفنية والشكلية غير أنها زادت من تراجع المحتوى والرسالة الإعلامية المعروفة في البلاد العربية!

ويؤكد على ضرورة تعاون الدول الإسلامية حيث لها ميزة التجاور فليس هناك فراغات يمكن أن تستغل وتخترق رغم إرادة الآخرين.

ومن أهم الحلول في نظرِهِ إنشاء مؤسسات إعلامية قوية تستخدم نفس السلاح لغزو المجتمعات الأخرى بنفس السلاح.

بالإضافة إلى ضرورة تربية الفرد المسلم وتحصينه ضد مخاطر الغزو الثقافي، وزيادة الدراسات التي تتناول كيفية مواجهة تلك الأخطار.

أین إمكاناتنا؟

أما الدكتور إبراهيم بن محمد أبو عباة الأستاذ المشارك في جامعة الإمام فيرى: أن مواجهة هذا الغزو لا تتم بالاسترخاء والتقاعس والتمكين لوسائل البث المختلفة من التسلل إلى بلادنا وبيوتنا وعقولنا.

إن الأمر يتطلب دراسات جادة ووقفات حازمة يقوم بها نفر من أصحاب القرار من الغيورين على دينهم والحريصين على مستقبلهم وأمتهم، والمهتمين بأجيال الأمة وثروتها الحقيقية. ثم إن إمكانات الأمة الضخمة ينبغي أن تسخر لمواجهة هذا الغزو بغزو مضاد من خلال قنوات ومجالات مماثلة لما يستخدمه الأعداء من أجل تصدير ما عندنا من قيم يتطلع إليها الآخرون.

وإن الحكومات الإسلامية وبخاصة منها القادة مسؤولة أمام الله، إن هي تركت هذا الطوفان يأخذ طريقَهُ دون مقاومة ولم تتخذ من الوسائل ما يحمي عقيدة الأمة وأخلاقها من هذا السيل الجارف الذي يهدف إلى تدمير مقومات الأمة.

وسائل المواجهة الواقعية

ومن المنظور التربوي الذي يجب أن يتقدم جميع الحلول يرى الدكتور ناصر العمر الأستاذ المشارك بكلية أصول الدين بجامعة الإمام بالرياض وأحد المهتمين بقضية البث المباشر أن أبرز وسائل مواجهة البث المباشر وتأثيره في المجتمع تكمن في التالي:

أولا: إعادة النظر في مناهج التعليم في الدول الإسلامية وذلك لصياغتها صياغة إسلامية، تربى النشء وتقوم السلوك.

ثانيا: إزالة الفجوة بين القنوات التربوية المتعددة كالمسجد والتعليم والبيت ووسائل الإعلام، إذ إن من المؤسف أننا نجد خللا وتناقضا بين تلك الوسائل، فضلا عما يتلقاه من الوسائل الأخرى، فيتعلم في المسجد آدابا يجد ما ينقضها في بعض وسائل الإعلام.

وأن موضوع التربية الشاملة المتكاملة من أهم وسائل العلاج لأمراضنا ويحتاج هذا الأمر إلى وقفة صادقة جادة تراجع فيها أوضاعنا، ونتأمل في إرادتنا دون رهبة أو خوف.

ثالثا: بذل الجهود الجماعية من قِبل الهيئات والمنظمات والجامعات لوقاية الأمة من شر هذا الأمر، وتوعيتها بخطورة ما يحاك لها وإنني أتساءل بمرارة ماذا عملنا لمواجهة هذا الخطر مع علم البعض بقدومه منذ عشر سنوات.

ومع ذلك فإن الفرصة مازالت بأيدينا، وآمل أن تبادر أقسام الإعلام في جامعاتنا بالتنسيق مع المنظمات والهيئات الإسلامية.

رابعا: إذا كان ما أشرت إليه سيحتاج إلى شيء من الوقت دراسة وتنفيذا، أو حالت دون تحققه العقبات فإن هناك وسائل ولا شك تخفف من حدة هذا البلاء تتمثل فيما يلي:

-لابد أن نعي حقيقة (احفظ الله يحفظك) ونتعامل معها، فالله جل وعلا يقول ﴿وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا﴾ (آل عمران: 120) ويتحقق ذلك بتقوى الله، وتقوية الشعور بمراقبته.

الاهتمام بالأطفال منذ الصغر فـ «كل مولود يولد على الفطرة» وخاصة إن برامج الأطفال من أخطر البرامج، ولذلك لابد من تنشئتهم تنشئة إسلامية وتوجيههم إلى حفظ كتاب الله وملء فراغهم بما يفيد، أو باللهو المباح.

وأهمس في آذان الوالدين ألا يتساهلا في موضوع تربية البنات، فإن الغالب على كثير من الآباء والأمهات العناية بالأولاد الذكور دون الإناث وهذا مكمن الخطر والداء!

-ولابد من الاهتمام بالمرأة فصلاحها صلاح للمجتمع «اتقوا الدنيا واتقوا النساء فأول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء» (أخرجه مسلم)

-إعادة دور المسجد، فهو محضن محاضن التربية وملجأ بعد الله عند الملمات.

إن المسجد ليس مكانا للصلاة فقط، بل هو مكان الصلاة، وجامعة العلم، ومقر الاعتكاف ومنطلق الدعوة وميدان من ميادين التربية بل قاعدة من قواعد الجهاد والدفاع عن الحرمات والأعراض.

ولقد أثبتت أحداث الكويت المواقف البطولية التي انطلقت من المساجد، بل إن إسرائيل تعلن حالة الطوارئ، يوم الجمعة أثناء الانتفاضة ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم كان خير مثال لذلك.

ــ إذكاء روح العزة لدى المسلم وإزالة الهزيمة النفسية وعقدة التفوق الغربي، إن الهزيمة النفسية من أبرز أسباب تخلفنا وتفوق أعدائنا وإن من أهم ما نواجه به هذا الغزو المدمر إيجاد الطاعة وتأصيل الانتماء لهذا الدين.

- تربية الأمة على الجهاد والاهتمام بمعالي الأمور، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبرنا أننا إذا تركنا الجهاد سلط الله علينا ذلًّا لا ينزعه عنا حتى نعود إليه، إننا أمة مجاهدة، والأمة المجاهدة لا وقت لديها لسفاسف الأمور والولوغ في الشهوات (ومن لم يغزُ غُزِي) وها نحن لما تركنا الجهاد ورضينا بالدنيا غزينا في عقر دارنا بالبث المباشر بل بالغزو المباشر.

- ترسيخ عُرَى مبدأ الولاء والبراء، والحب والبغض في الله فهذا من أوثق عُرَى الإيمان وإن معرفتنا بحقيقة الأعداء، وما يمكن أن يبثوه لنا تجعلنا في مأمن من شرِّهم، وهو بداية الطريق الصحيح لعدم التأثر بأساليبهم و﴿لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء﴾. (آل عمران: 28)

- القضاء على الفراغ الذي يعيشه المجتمع والأفراد وكيف تفرغ أمة متخلفة في كثير من شؤون حياتها؟!

- ضمان الأمن العقلي فهو أجدر بالأمن من أمن الأجساد والأموال والأراضي.

- التوسع في استخدام الوسائل الإعلامية البديلة كالكتاب والمجلة والشريط الإسلامي وتعاون الدعاة فيما بينهم في هذا الشأن.

-الاستمرار في عقد الندوات والمحاضرات وإجراء البحوث والدراسات حول هذا الموضوع، وذلك لبيان خطورته، وآثاره وسبل العلاج والوقاية منه وعدم اليأس أو الملل.

قالوا عن البث المباشر

(وإن إستراتيجيتنا يجب أن تتجاوز التعامل مع القادة إلى الشعوب وذلك أن القيادات قابلة للتغيير أما الشعوب فثابتة!! ومن أهم وسائل تحقيق هذا التوجه التلفزيون فهو الوسيلة القادرة بطبيعتها على السيطرة على أدمغة الشعوب.)

الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA)

-تخطيط دولة العدو الإسرائيلي لإطلاق أقمار ستغطي بالإضافة إلى فلسطين المنطقة الشمالية من المملكة والمنطقة الشرقية من مصر بالإضافة إلى الأردن وسوريا ولبنان والعراق وقد تمت الموافقة على مواقع تلك الأقمار من قبل الاتحاد الدولي للاتصالات.

- يستعد الفاتيكان لبناء محطة تلفزيونية ضخمة للبث في كافة أنحاء العالم للتنصير بواسطة ثلاثة أقمار صناعية تسمى بمشروع نومين ۲۰۰۰ ويغطي القمر الواحد ثلث مساحة اليابسة من الأرض.

د. حمود البدر

-من الملفت للنظر وجود شبكة للبرامج الدينية التي تشرف عليها الكنائس، مثل شبكة البث المسيحي (NBN) وشبكة (CBN) والشبكة الأخيرة تصل بثها إلى أكثر من ١٧ مليون عائلة وبرامجها على مدار الساعة تقدم عن طريق القمر الصناعي (SATC3) وتوجد عدة قنوات للبث الديني، واحدة منها للبث الديني اليهودي، ويصل عدد الكنائس الموصلة بشبكات البث الخاص عن طريق الأقمار الصناعية الى عدة آلاف.

د. عمر المالكي

- لو أن بلدا من البلدان عدد سكانه عشرة ملايين نسمة وعدد الذين يشاهدون التلفزيون ۲۰% فقط ومعدل الجلوس ساعتان يوميًّا فإن هؤلاء سيهدرون من الساعات سنويًّا (1,750,000,000) ساعة وتعادل (٢٥۰.۰۰۰.۰۰۰) يوم عمل ماذا لو صرفت في الدعوة الإسلامية؟!

خرج الاستعمار الفرنسي من شوارع تونس عام ١٩٥٦م ولكنه رجع إليها عام ١٩٨٩م، ولم يرجع إلى الأسواق فقط ولكنه رجع ليشاركنا في بيوتنا، والخلوة في غرفنا والمبيت في أسِرَّة نومنا عبر البث المباشر!

 كنا ننظر إليه فتمقته أما الآن فنتلذذ بمشاهدته والجلوس معه، أنه الاستعمار الجديد.

فهمي هويدي

-من وجهة نظري فإن تأثير البث المباشر لا يتوقف على إدخال عادات قبيحة على المجتمعات النامية، بل من أخطر ما يحمله هذا التوجه العالمي، هو تفتيت المجتمعات، والتقليل من أهمية ودور وسائل الإعلام المحلية التي تسير في ضوء أمر محددة وسياسات مرسومة.

د. علي النجعي

وكيل وزارة الإعلام السعودية

-إن إدخال وسائل إعلام جديدة وخاصة التلفزيون في المجتمعات التقليدية أدَّى إلى زعزعة عادات ترجع إلى مئات السنين، وممارسات حضارية وغالبا ما يصاحب فوائد الاتصالات الحديثة سلبية يمكن أن تشيع الاضطرابات بدرجة كبيرة في النظم القائمة.

عن تقرير اليونسكو

-إن احتلال الأراضي مكلف وغير ناجح وأسهل منه استعمار القلوب وهو الأبقى والأمكن والأقوى، وإن الساعات البرامجية التي تصدرها أمريكا سنويا ١٥٠ ألف ساعة برامجية، وهذه بحساب التأثير أفضل من عشرات القواعد الأمريكية العسكرية التي تكلف المال والرجال. وإن التربية أحسن وسيلة سواء وجد صاحبه عند مصادر البث أو هجم عليه البث فلا يتأثر.

 الأستاذ زين العابدين الركابي

الرابط المختصر :